الأسلحة والمعدات العسكرية تدخل بسهولة إلى السودان
تبدو الحرب في السودان على أنها نزاع مسلح فقط بين جنرالين يتقاتلان على بلد بات الملايين من سكانه يعانون الجوع الحاد، لكنها أيضا حرب بالوكالة عن شبكة من الجهات الفاعلة الخارجية سهلت دخول الإمدادات والمعدات العسكرية إلى ساحة المعركة.
وتنقل صحيفة "فايننشال تايمز" أن مختلف رعاة تلك الحرب، التي اندلعت في الخرطوم في أبريل من العام الماضي، هم قوى متوسطة صاعدة في المنطقة الأوسع، بما في ذلك الخليج.
ويشير ديفيد بيلينغ، محرر شؤون أفريقيا بالصحيفة، إلى أن معركة الظل التي يخوضونها، والتي تتكرر في شبكة من جهود الوساطة المتنافسة، تجعل من الصعب فك رموز "الأهداف" المتشابكة للصراع وتجعل حلها أكثر صعوبة.
واندلعت المعارك في السودان في أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو "حميدتي".
ووجد تقرير صدر مؤخرا عن منظمة العفو الدولية أن الأسلحة والمعدات العسكرية التي قدمتها الإمارات وتركيا والصين وروسيا قد انتشرت في ساحة المعركة. وكان المدنيون هم الضحايا الرئيسيون.
ويستخدم كل جيران السودان السبعة تقريبا كطرق عبور للمعدات الفتاكة. وتقول منظمة العفو الدولية: "إن هذا الصراع تؤججه إمدادات الأسلحة التي تدخل البلد دون عوائق تقريبا".
وعندما اندلعت الحرب العام الماضي، كان القلق هو أن القوى الإقليمية ستنجر إليها، وهو ما حدث بالفعل، إذ رغم تخبطه الاقتصادي يتمتع السودان بموارد تتوق إليها بلدان أخرى: الذهب، والأراضي الصالحة للزراعة، وامتداد طويل من النيل، والأهم من ذلك، 750 كيلومترا من ساحل البحر الأحمر.
ولا يصطف الوكلاء مع كل جانب بوضوح، وينكرون بشكل روتيني تورطهم.
وخلف القوات المسلحة السودانية وقائدها عبد الفتاح البرهان تقف مصر والسعودية، فيما تدعم الإمارات وروسيا قوات الدعم السريع، فيما الرعاة الأجانب الآخرون أكثر اختلالا في دعمهم لطرف على حساب الطرف الآخر.
"آلة نهب"
واتهمت منظمة العفو الدولية وغيرها قوات البرهان بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أما قوات الدعم السريع فقد تكون أسوأ، بحسب أليكس دي وال، الخبير في شؤون السودان في جامعة تافتس، الذي يصفها بأنها "آلة نهب" ويقول إن انتصار قوات الدعم السريع، التي تتعامل لسنوات مع مجموعة المرتزقة الروسية "فاغنر"، سيجعل السودان "فرعا مملوكا بالكامل لمشروع مرتزقة عابر للحدود".
وتنفي الإمارات دعمها لقوات الدعم السريع، على الرغم من أن العديد من الخبراء المستقلين، بما في ذلك لجنة تابعة للأمم المتحدة، قدموا أدلة من الأقمار الاصطناعية وغيرها من الأدلة للإشارة إلى خلاف ذلك، ويرجع البعض موقفها إلى اشتباهها في قرب البرهان من الإسلاميين، فيما حميدتي على الرغم من اتهامات الإبادة الجماعية فقد تمكن من تقديم نفسه على أنه يقف إلى جانب الديمقراطية.
ويخلص الكاتب إلى أنه على الأرض لا يبدو أي من الجانبين قادرا على تحقيق نصر حاسم، وقد يزداد تصدع السودان كون الحروب التي تخاض بالوكالة يصعب إنهاؤها، وفق رؤية كومفورت إيرو، رئيس مجموعة الأزمات الذي يقول إن "السودان عالق في صراع سياسي هائل" ومن المأساوي أن هذا يعني أن الحرب قد تستمر لأشهر أو سنوات.
الحرة / ترجمات - واشنطن
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
أكبر هجوم بالمسيرات شنته الدعم السريع على مدينة استراتيجية في السودان ومصادر تكشف التفاصيل
وتفرض قوات الدعم السريع منذ أبريل الماضي، حصارا على العاصمة التاريخية لإقليم دارفور، قبل أن تبدأ في مايو معارك ضارية ضد الجيش والقوة المشتركة في محاولة للسيطرة على المدينة.
ويقول قادة في القوة المشتركة إن "المدينة تعرضت لنحو 131 هجوما من قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها".
وأدت المعارك بين الأطراف، علاوة على القصف المدفعي لقوات الدعم السريع، إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين وتشريد ما يزيد على 500 ألف شخص، إضافة إلى تدمير مرافق خدمية ومنازل المواطنين.
وقال المتحدث باسم القوة المشتركة في دارفور، أحمد حسين مصطفى، إن "دفاعات القوة المشتركة والجيش أحبطت اليوم أكبر هجوم بالطائرات المسيرة نفذته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر".
وكشف عن "تمكن الدفاعات الأرضية من إسقاط نحو 30 طائرة مسيرة، كانت تحمل قذائف عيار 120 و85 ملم، وأخرى استطلاعية بغرض التصوير".
وأشار إلى أن "المسيرات جابت الأحياء الشمالية الشرقية قبل أن يتم التصدي لها وإسقاطها"، ونوه بأن القوة المشتركة دمرت 14 منها، فيما دمر الجيش نحو 16.
من جانب آخر، أفاد شهود عيان بأن الطيران الحربي واصل استهداف مواقع قوات الدعم السريع في الأجزاء الشرقية والشمالية والجنوبية من مدينة الفاشر.
وأوضح الشهود أنهم سمعوا في وقت مبكر من صباح الأحد دوي انفجارات قوية وتصاعد أعمدة الدخان نتيجة القصف الذي ضرب أهدافا ثابتة ومتحركة في الجزء الشرقي من مدينة الفاشر، الذي تسيطر قوات الدعم السريع على الجزء الأكبر منه.
وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، كثف الطيران الحربي استهدافه لمدن تسيطر عليها قوات الدعم السريع في دارفور والجزيرة وسنار وولاية الخرطوم، مما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى.
وقد لاقى القصف الجوي المستمر انتقادات لاذعة من قبل قوى سياسية وحركات مسلحة وجماعات احتجاجية، دعت إلى فرض حظر للطيران ومنعه من استهداف المدنيين