حوافز القطاع الخاص والدور المأمول
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
أحد أبرز مظاهر الاقتصاد الجديد في سلطنة عمان يتمثل في الإقبال المتزايد على تأسيس المشروعات النوعية، خاصة الصغيرة والمتوسطة، والنمو المتسارع في عدد الشركات الناشئة التي تمثل جيلا جديدا من الأنشطة الاقتصادية القائمة على الابتكار والابداع والتي تواكب تطورات السوق العالمية، وتجسد فكر الشباب ورؤيته وطموحه نحو النجاح المهني والشخصي وتدعم في الوقت ذاته مستهدفات الرؤية المستقبلية 2040.
ولعل تصاعد وتيرة الإقبال على هذه الأنشطة يرجع بشكل أساسي إلى ما تهيأ لبيئة ريادة الأعمال من ممكنات وتسهيلات وأرضية تشريعية وحمائية صلبة وما يجده القطاع الخاص من دعم غير مسبوق، بدءا من حزم التحفيز التي مكنت من تخطي تبعات الجائحة والأزمات الاقتصادية التي عصفت بالعالم، وما استتبع ذلك من جهود ومبادرات عملت على تذليل التحديات التي تواجه مؤسسات وشركات القطاع الخاص وتوفير تسهيلات تمويلية وإتاحة فرص الدخول في الأسواق الجديدة.
وتعضدت تلك المبادرات بالتوجيهات السامية هذا العام بإطلاق البرنامج التحفيزي لدعم القطاع الخاص وتشجيع شركاته على النمو، وتأسيس سوق الشركات الواعدة في بورصة مسقط، وقد تم أمس إعلان مبادرات البرنامج وتحديد التسهيلات التي سيتم تقديمها للشركات الراغبة في الاستفادة من البرنامج المؤمل أن يوسع الخيارات التمويلية في سوق رأس المال لمختلف فئات الشركات ويعزز مبادىء الشفافية والحوكمة والاستدامة لمؤسسات القطاع الخاص ويزيد من دورها في دعم النمو الحالي والمستقبلي.
ومما يبعث على الارتياح أن هذا البرنامج التحفيزي النوعي يعد استمرارا للتحولات الإيجابية التي تشهدها بيئة الاستثمار والأعمال في سلطنة عمان، ويأتي ضمن برنامج «استدامة» لتطوير سوق المال وتعزيز دوره في التنمية، والطموح كبير في أن تكون الاستجابة من قبل القطاع الخاص واسعة بما يحقق الكثير من المكاسب والمستهدفات للشركات المستفيدة، ويزيد من تنافسيتها في السوق بما يسهم في توفير المزيد من فرص العمل المجدية ويعزز الجهد الحكومي المتواصل نحو التنويع الاقتصادي.
إن حزم التحفيز والدعم المتواصل للقطاع الخاص عاملان مهمان في استدامة الشركات الوطنية، ففي وقت يمر فيه العالم بمتغيرات وتقدم تقني متسارع تصبح تنافسية الاقتصاد ضرورة حتمية للنمو، ونأمل مع كل هذا الدعم الذي يجده القطاع الخاص، أن يتعاظم دوره وتأثيره الإيجابي في مختلف القطاعات، وأن يتمكن من التحول إلى محرك للاقتصاد وداعم حقيقي للتنمية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القطاع الخاص
إقرأ أيضاً:
بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟
هل ما تحقق كان نصرًا استراتيجيًا يعيد رسم قواعد اللعبة؟ أم مجرد إنجاز آني قد تتجاوزه المواجهة المقبلة؟ اعلان
منذ اللحظة الأولى لانطلاق الهجوم الإسرائيلي المباغت على أهداف داخل العمق الإيراني، بدا أن تل أبيب تسعى لتغيير قواعد الاشتباك في الصراع مع طهران، مستندة إلى دعم سياسي وعسكري ضمني من الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية. ومع اتساع رقعة الضربات وتطورها لاحقًا إلى تدخل أميركي مباشر استهدف منشآت نووية بالغة التحصين، أثير تساؤل جوهري في الأوساط السياسية والعسكرية: هل حققت إسرائيل نصرًا حقيقيًا؟ وإن كان كذلك، فهل هو نصر آني تكتيكي أم تحول استراتيجي في المواجهة الطويلة مع إيران؟
الهجوم الإسرائيليبدأت إسرائيل عملياتها العسكرية داخل إيران بضربات جوية دقيقة استهدفت منشآت عسكرية ومراكز قيادة وسيطرة، فضلًا عن مواقع لصناعة وتطوير الصواريخ والطائرات المسيّرة. وتميزت هذه الضربات بسرعتها واعتمادها على معلومات استخباراتية عالية الدقة، مما أربك الدفاعات الإيرانية وشكّل صدمة أولى للنظام في طهران.
الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: لم تعد الجغرافيا تحمي الجمهورية الإسلامية من الضربات، والمواجهة لم تعد مقتصرة على ساحات الوكلاء، سواء في سوريا أو لبنان أو العراق. ومع ذلك، فإن هذه الضربات لم تسفر بعد عن انهيار عسكري أو أمني داخل إيران.
التحول الأكبر جاء عندما تدخلت الولايات المتحدة بضربات نوعية استهدفت منشآت نووية رئيسية في فوردو وأصفهان ونطنز، مستخدمة طائرات B-2 الشبحية وصواريخ خارقة للتحصينات من طراز GBU-57. هذه الضربات شكّلت ذروة التصعيد ضد البرنامج النووي الإيراني.
وبحسب تقرير قدمه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أمام مجلس الأمن، فإن الأضرار التي لحقت بهذه المنشآت كانت كبيرة، إلا أن الوكالة لم تتمكن من تقييم مدى الدمار داخل المرافق تحت الأرض.
Related"تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب".. غروسي في دائرة الاتهامات الإيرانيةضربة واشنطن النوعية: هل نجحت "مطرقة منتصف الليل" في شل البرنامج النووي الإيراني؟كم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد إيران؟إيران: لا تراجعرغم الضربات القاسية، لم تُبدِ إيران مؤشرات على التراجع، بل كثّفت من خطابها التعبوي وهددت بالرد على الولايات المتحدة الأميركية، فيما واصلت قصفها لإسرائيل.
تقييم المكاسب: آنية أم استراتيجية؟استطاعت إسرائيل، بلا شك، تسجيل نقاط مهمة في المدى القصير، سواء عبر إظهار قدرتها على اختراق العمق الإيراني، أو من خلال توجيه ضربات مباشرة. كما نجحت في إعادة تسليط الضوء الدولي على البرنامج النووي الإيراني، وحشد دعم ضمني لاحتواء طموحات طهران.
لكن في المقابل، لم تنجح الضربات حتى الآن في تغيير المسار الاستراتيجي للسياسة الإيرانية، إذ لم تُجبر طهران الى الآن على العودة إلى طاولة التفاوض بشروط جديدة. بل يبدو أن الصراع دخل مرحلة أخرى من التوترات المستمرة والضربات المتبادلة التي قد تطول.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت قد أطلق أمس تصريحات غاية في الأهمية. إذ رأى أن الغارات الأمريكية تحيّد البرنامج النووي الإيراني محذرا من تداعيات أكبر حجما. حيث قال إنه النظام لن ينهار رغم قوة الضربات ودعا للأخذ في عين الاعتبار ترسانة طهران الصاروخية. وقد أخذ أولمرت مسافة من التهليل الإسرائيلي بما جرى. فقال من الغطرسة ومن غير الواقعي اعتبار أن الغارات الاستباقية ستركّع دولة تعداد سكانها 90 مليونا وذات تراث عمره آلاف السنين.
وبناء على ما تقدم، يرى مراقبون أن ما حققته إسرائيل حتى الآن يمكن وصفه بنصر آني محدود التأثير من الناحية الاستراتيجية. فقد وجهت ضربة قوية للهيبة الإيرانية، لكنها لم تُنهِ المشروع النووي، بحسب ما صرّح به مسؤولون إيرانيون. ومع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة، ارتفعت الكلفة، لكن أيضاً ارتفعت معها المخاطر. فهل ستتمكن إسرائيل من ترجمة هذا التقدم التكتيكي إلى تغيير دائم في المعادلة الإقليمية، أم أنها فتحت أبواب صراع طويل قد يتجاوز قدرتها على التحكم بمساره؟
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة