جهود حمقاء لاختيار الناجين والهالكين
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
أفرام هيلر
جاي أودنباو
ياشا روهوير
عما قريب جدا، قد تأذن الحكومة الفيدرالية بقتل قرابة نصف مليون بومة مخطّطة في شمال غرب المحيط الهادئ في محاولة يائسة لإنقاذ البومة المرقطة الشمالية. وقد يستمر القتل لعقود من الزمن.
وبصفتنا أساتذة للفلسفة في ولاية أوريجون يركز عملهم على القضايا العلمية والأخلاقية المتعلقة بالحيوانات والبيئة، نعتقد أن الأسباب المقدمة لهذه المذبحة الجماعية إشكالية للغاية.
البومتان المخططة والمرقطة سلالتان بينهما قرابة لعلهما انفصلتا قبل سبعة ملايين سنة. والبومة المخططة -التي يعد شرق الولايات المتحدة موطنها الأصلي- تظهر بازدياد في الغابات القديمة في شمال غرب المحيط الهادئ حيث تتكاثر وتعيش البومة المرقطة الشمالية المهددة بالانقراض. وفي الأماكن التي تتداخل فيها السلالتان، تميل البومة المخططة إلى التفوق على البومة المرقطة الشمالية، فتحصل على أفضل مواقع إقامة الأعشاش وتتحرش بالبومة المرقطة أو تقتلها أو تتزاوج معها أحيانا.
في ثمانينيات القرن العشرين، أصبحت البومة المرقطة الشمالية محور جدال مرير حول قطع الأشجار في الغابات القديمة التي تعتمد عليها في بقائها. وبحلول عام 1990، تقلصت أعدادها إلى الحد الذي جعل الحكومة الفيدرالية تصنفها باعتبارها «مهددة بالانقراض»، مما أدى إلى فرض قيود صارمة على قطع الأشجار في مناطق وجودها. ومع ذلك، استمرت أعدادها في الانخفاض بسبب الخسارة المستمرة لمواطنها، وبسبب المنافسة مع البومة المخططة.
بعد فترة من التجارب والنقاش، خلصت هيئة الأسماك والحياة البرية في الولايات المتحدة، التي تشرف على قانون الأنواع المهددة بالانقراض، إلى أنها يجب أن تحمي البوم المرقط من خلال السماح للوكالات الحكومية الفيدرالية والولائية والقبلية والشركات الخاصة والأفراد بإطلاق النار على 470 ألف بومة مخططة على مدى السنوات الثلاثين المقبلة. وقد يبدأ القتل عما قريب.
برغم أن الوكالة تصف البوم المخطط بـ«الغازي» على الساحل الغربي -بما يعني أنه انتقل إلى منطقة جديدة يهدد فيها الأنواع الأصلية- فليس من الواضح أصلا أن البوم المخطط متطفل غير طبيعي. إذ يعتقد أن البوم المخطط هاجر من شرق الولايات المتحدة عبر السهول الكبرى وجنوب كندا، وشق طريقه في النهاية إلى كولومبيا البريطانية ثم إلى واشنطن وأوريجون وكاليفورنيا. ووفقا لهذه القصة، فإن وصول البوم المخطط أمر حديث.
ومع ذلك، فهناك أدلة جينية على أن البوم المخطط كان في الواقع يقيم في شمال غرب المحيط الهادئ لآلاف السنين. وتشير الاختلافات الجينية والنمطية التي تم وصفها أخيرا بين مجموعات البومة المخططة الغربية والشرقية إلى أن البومة المخططة الغربية ليست وافدة جديدة. ويعطل هذا الدليل رواية أن البومة المخططة وافدة جديدة، وبالتالي يمكن اعتبارها غازية، ومع ذلك فإن هذا الدليل مذكور على استحياء في أحدث بيان للتأثير البيئي لوكالة الأسماك والحياة البرية الذي اقترح القتل الجماعي.
ومع انتقال المزيد من النباتات والحيوانات إلى مواطن جديدة، فإن مثل هذه الصراعات سوف تحدث بشكل متزايد، والحفاظ على الأمور كما كانت من قبل سوف يتطلب المزيد والمزيد من التدخل. والمحافظة تعطي الأولوية لحماية السلالات والنظم البيئية، ولكن الأضرار التي قد تلحق بأفراد البوم المخطط ستكون هائلة. والقتل المستمر لمنع النظم البيئية من التغير في عالم متقلب بالفعل هو استراتيجية حفظ دفاعية ديستوبية.
يشكك العديد من الفلاسفة وعلماء الأحياء وعلماء البيئة في فكرة أنه ينبغي رد البيئات الحالية إلى ما يسمى بالخطوط الأساسية التاريخية، وذلك ما تحاول أن تفعله هذه الخطة. في أمريكا الشمالية، عادة ما يكون خط الأساس المفضل للحفاظ على البيئة هو الفترة التي سبقت وصول الأوروبيين مباشرة. (في الغابات الغربية، غالبا ما يتم ربط هذا بعام 1850، عندما بدأت عمليات قطع الأشجار على نطاق واسع). لكن الحياة كانت موجودة على الأرض منذ 3.7 مليار عام. وأي نقطة نختارها باعتبارها خط الأساس «الصحيح» ستكون إما عشوائية أو في حاجة إلى دفاع قوي.
واستعادة هذه الخطوط الأساسية التاريخية أو الحفاظ عليها أمر سوف يزداد صعوبة. وفي بعض الحالات، سيكون ذلك مستحيلا، وقد تكون الحالة الراهنة إحداها. فليس من الواضح إن كان قتل البومة المخططة سيفعل أي شيء سوى إبطاء انقراض البومة المرقطة الشمالية في نهاية المطاف. فعندما أزيل البوم المخطط سابقا في (تجربة قبل وبعد) بمنطقتي أوريجون وواشنطن، ظل عدد البوم المرقط الشمالي يتراجع. فقد أدت الإزالة إلى إبطاء هذا الانحدار، ولكن حتى مع عمليات القتل المخطط لها، فإن البومة المخططة سوف تبقى في الغرب.
يجب أن نسعى جاهدين لرعاية النظم البيئية وفقا للواقع (الحالي) القائم فيها. فالنظم البيئية ديناميكية طالما تغيرت بمرور الوقت مع تحرك الكائنات الحية. والآن، أصبح البشر محركا لا مفر منه للتغيرات البيئية. وأدى تغير المناخ وحرائق الغابات إلى تسريع ديناميكية النظم البيئية. وقتل البوم المخطط لن يعيد الغابات إلى ما كانت عليه في عام 1850.
ومع ذلك، حتى مع تغيرها، فإن هذه الغابات تستحق الحماية سواء في حد ذاتها أو بسبب الوظائف البيئية التي تؤديها. ولقد وقَّع الرئيس بايدن أمرا تنفيذيا للحفاظ على الغابات القديمة لأنها تلتقط وتخزن كميات هائلة من الكربون. ومن دونها، تصبح معركتنا ضد تغير المناخ أكثر صعوبة. وفي عالم سريع التغير تتعرض فيه العديد من السلالات للخطر، قد يكون الحفاظ على الوظائف البيئية هو الهدف الأهم للحفاظ على البيئة.
ومن المثير للقلق أن الآلية القانونية الرئيسية لحماية هذه الغابات ذات الأهمية الحيوية تربطها بمصير البومة المرقطة الشمالية. فحماية المواطن بموجب قانون الأنواع المهددة بالانقراض لا تستمر إلا طالما ظلت الأنواع المهددة بالانقراض مهددة أو معرضة للخطر. وبموجب قوانيننا الحالية، ومن دون البوم المهددة أو زعيم مثل الرئيس بايدن الذي يهتم بالغابات القديمة، فقد تختفي هذه الغابات المحبوبة.
تخيرنا السياسة الحالية بين غابة خارجة عن الزمن، مصممة لتبدو أكثر شبها بغابات العصور القديمة فقط بفضل وابل من الرصاص، أو لا شيء على الإطلاق. ونحن نفضل العمل مع الغابة كما هي الآن ومع تكيفها وتغيرها. لقد قدم قانون الأنواع المهددة بالانقراض الكثير من أجل الحفاظ على البيئة، ولكن هذه المعركة المزعجة بين البوم والبوم تظهر أننا بحاجة إلى إضافة قوانين جديدة يمكنها حماية النظم البيئية المهمة اقتصاديا وبيئيا وثقافيا بشكل مباشر.
أفرام هيلر أستاذ مشارك في جامعة بورتلاند الحكومية
جاي أودينباو أستاذ في كلية لويس وكلارك
ياشا روهوير أستاذة في جامعة أوريجون للتكنولوجيا.
الترجمة عن نيويورك تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: البومة المخططة النظم البیئیة ومع ذلک
إقرأ أيضاً:
جامعة أسيوط تشهد انطلاق فعاليات الملتقى العلمي الأول المشروعات البيئية الخضراء المستدامة
شهدت جامعة أسيوط، اليوم الأربعاء الموافق 10 ديسمبر، انطلاق فعاليات الملتقى العلمي الأول "المشروعات البيئية الخضراء المستدامة"، وذلك تحت رعاية الدكتور أحمد المنشاوي رئيس جامعة أسيوط، وبإشراف الدكتور محمد أحمد عدوي نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ورئيس الملتقى، والدكتور محمد مصطفى حمد أمين الملتقى، والدكتور صالح إسماعيل مقرر الملتقى، وريهام الحفناوي منسق الملتقى، وبمشاركة مختلف كليات الجامعة.
أكد الدكتور أحمد المنشاوي أن الملتقى مثّل منصة علمية مهمة عززت دور جامعة أسيوط البحثي في دعم الجهود الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، موضحًا أن فعالياته تناولت أحدث الاتجاهات العلمية في مجالات البيئة والصحة العامة، وطرحت حلولًا تطبيقية للتحديات البيئية من خلال مناقشة قضايا الأمن الغذائي والتغيرات المناخية والإدارة المستدامة للموارد والاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا الحيوية وابتكارات تعزيز صحة الإنسان.
ومن جانبه أوضح الدكتور محمد عدوي أن أهداف ومحاور الملتقى انسجمت بصورة مباشرة مع مستهدفات التنمية المستدامة، مشيرًا إلى حرص الجامعة على دفع الأبحاث والمشروعات البيئية من مرحلة الفكرة إلى التطبيق العملي، بما يعزّز دورها في خدمة المجتمع ومواجهة التحديات البيئية.
وأشار نائب رئيس الجامعة إلى أن برنامج الملتقى تضمن عقد جلستين علميتين؛ خُصصت الأولى لعرض ومناقشة المشروعات البيئية الخضراء الذكية، بينما تناولت الجلسة الثانية مشروعات ريادة الأعمال الخضراء، مضيفًا أن الجلسات مثّلت منصة مهمة لطرح نماذج جديدة في إدارة الموارد وإيجاد حلول مبتكرة، إلى جانب تشجيع الشباب والباحثين على تطوير مبادرات تدعم الاقتصاد الأخضر وتنسجم مع رؤية الدولة نحو مستقبل مستدام.
وأوضح الدكتور محمد مصطفى حمد أن انعقاد هذا الملتقى جاء تتويجًا لجهود جامعة أسيوط في خلق بيئة نظيفة ومستدامة، وتحقيق مناخ أكثر توافقًا مع متطلبات العصر، وتوفير ظروف مواتية للحياة والعمل والنمو دون الإضرار بالموارد الطبيعية، مؤكدًا أن الملتقى رسّخ دور الجامعة في محاور التنمية المختلفة من خلال تكامل خطتها التعليمية والبحثية مع رؤية مصر الاستراتيجية 2030 وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أوضح الدكتور صالح إسماعيل أن الجامعة سعت إلى تعزيز الربط بين الأبحاث العلمية وتطبيقاتها العملية بما يضمن تحويل المخرجات البحثية إلى حلول قابلة للتنفيذ تُسهم في خدمة المجتمع، لافتًا إلى اهتمام الجامعة بدعم رؤى وأفكار الطلاب في مختلف محاور التنمية المستدامة، والاستماع إلى مقترحاتهم لمواجهة التحديات البيئية في صعيد مصر.
وشهدت الجلسة الافتتاحية إهداء درع الملتقى إلى الدكتور محمد أحمد عدوي، والقائمين على الملتقى، ورؤساء الجلسات العلمية، والشركات الراعية.
تضمنت الجلسة العلمية الأولى: المشروعات البيئية الخضراء الذكية، مناقشة عدد من الموضوعات من بينها: وحدة المحاكاة الجزيئية الخضراء الذكية، استزراع أسماك الزابيرا كنموذج متكامل للأبحاث البيئية والطبية، نظام ذكي لإعادة تدوير البلاستيك آليًا، استخدام تقنية التفريغ الكهربائي "البلازما" في إنتاج الدواجن، إعادة تدوير مخلفات صناعة الورق كمحسن تربة مستدام لرفع إنتاجية الأراضي الرملية، إنتاج وقود حيوي صديق للبيئة من بقايا الزيوت المستعملة والبلاستيك، طاقة الأمواج، إنشاء مزرعة متخصصة في تربية ذبابة الجندي الأسود.
واشتملت الجلسة العلمية الثانية: ريادة الأعمال الخضراء على عرض مشروعات متنوعة تضمنت: إعادة استخدام المخلفات الزراعية المعالجة "البيوشار" في مزارع الدواجن وتسميد التربة، مخاطر مادة البيسفينول "أ" وتأثيرها على الغدد الصماء، إنتاج أعلاف حيوانية صديقة للبيئة من كسب الجوجوبا، المنافذ المستدامة لخريجي الفنون في محافظة أسيوط كمدخل للتمكين وبناء هوية بصرية بيئية محلية، الرياضة الخضراء كمدخل لتعزيز الممارسات البيئية المستدامة لدى الطلاب، تعزيز مقاومة محصول القمح لإجهاد الملوحة باستخدام الجسيمات النانوية، أخلاقيات البيئة والتنمية المستدامة من منظور راشيل كارسون، ريادة الأعمال الخضراء، جماليات البيئة المستدامة، المدرسة الخضراء كمدخل لتنمية الوعي لدى تلاميذ التعليم العام بمحافظة أسيوط، شبكة التنمية البيئية المجتمعية.