أصول حربية وصفقة أسلحة لإسرائيل بـ20 مليار دولار
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
لا يزال الترقب سيد الموقف، فيما يتعلق بمستقبل الردع الميداني الإيراني لإسرائيل، بينما تعزز الولايات المتحدة الأمريكية حشودها العسكرية، عبر إرسال أصول حربية وأسلحة فائقة إلى منطقة الشرق الأوسط، ودعم إسرائيل بصفقة أسلحة نوعية، تصل قيمتها لحوالى 20 مليار دولار، بعدما وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على مبيعات الأسلحة المحتملة لتل أبيب، وتشمل طائرات مقاتلة من طراز إف-15 وذخائر وصواريخ، لكن يتعين على الكونجرس الأمريكي الموافقة على مبيعات الأسلحة.
في معظم الأحوال، تقوم الإدارة الأمريكية بإبلاغ الكونجرس، رسميًا، بمبيعات الأسلحة المزمعة بعد مناقشات غير رسمية مع رؤساء لجان الشؤون الخارجية في مجلس النواب والعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. وبمجرد إخطار المبيعات، رسميًا، يكون لدى المشرعين 30 يومًا لمنعها. ويمكنهم القيام بذلك من خلال تمرير قرار، غير أن ليس من المرجح أن يتم رفضها من الديمقراطيين، حيث أبدوا غالبيتهم الموافقة على صفقة الأسلحة. وذكرت شبكة، سي إن إن، أن وزارة الخارجية أخطرت المشرعين بأنها ستقدم 3.5 مليار دولار لإسرائيل لاستخدامها في شراء الأسلحة والمعدات العسكرية الأمريكية.
وفق تقارير أمريكية فإن «تسليم طائرات إف-15 والأسلحة الأخرى إلى إسرائيل سيستغرق بعض الوقت، فيما ستكون طلقات الدبابات متاحة للتسليم فورا» وتشمل الصفقة حوالى 50 طائرة مقاتلة من طراز إف-15 بقيمة تزيد على 18 مليار دولار، ويعتقد أن بيع طائرات إف-15 هو أكبر حزمة أسلحة لإسرائيل، ويعد هذا النوع من الطائرات «إيجل» من أهم الطائرات المقاتلة التى تم تصنيع أكثر من 1100 نموذج منها حتى عام 2008، وتم تصميمها كى تكتسب تفوقا جويا فوق أرض المعركة للقوات الجوية فهى بعيدة المدى.
تشمل الصفقة أيضا 30 صاروخ جو-جو متوسط المدى، ومعدات أخرى بقيمة 774.1 مليون دولار، و50000 خرطوشة هاون شديدة الانفجار ومعدات ذات صلة بقيمة 61.1 مليون دولار، وعدد غير واضح من شاحنات نقل البضائع المعدلة من عائلة المركبات التكتيكية المتوسطة التي يبلغ وزنها 8 أطنان والمعدات ذات الصلة بقيمة 583.1 مليون دولار. وتقول وكالة التعاون الأمني الدفاعي «في بياناتها»: «المعدات ستساعد إسرائيل على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية للعدو، وستعمل كرادع للتهديدات الإقليمية».
قامت الولايات المتحدة أيضا بتحريك أصولها العسكرية باتجاه الشرق الأوسط، حيث أمر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مجموعة حاملة الطائرات، يو إس إس أبراهام لينكولن، بتسريع انتشارها في الشرق الأوسط، تاركا منطقة المحيطين الهندى والهادئ خالية من حاملات الطائرات. ويبلغ طول حاملة الطائرات لينكولن حوالى 1100 قدم، مصحوبة بسربين من الطائرات المقاتلة التي تطلقها حاملة الطائرات، وطراد صواريخ موجه، ومدمرة صواريخ موجهة. كما أرسلت الولايات المتحدة غواصة صاروخية إضافية إلى المنطقة.
تنضم حاملة الطائرات لينكولن إلى حاملة طائرات أخرى «يو إس إس ثيودور روزفلت» التي تتمركز بالفعل في شرق البحر الأبيض المتوسط، وتعتبر هذه المرة الثانية خلال ستة أشهر ترسل فيها الولايات المتحدة حاملتين في المنطقة. وقال زميل كبير في معهد ساجامور الأمريكي، جيرى هندريكس «وهو كابتن متقاعد في البحرية الأمريكية»: إن «وجود حاملتين هو بالتأكيد إشارة. يسمح لنا بتغطية جانبى الشرق الأوسط. لديك واحدة قادمة من البحر الأبيض المتوسط، مما يمنحك تغطية مزدوجة لتكون قادرًا على تغطية إسرائيل من جانب والضغط على إيران من الجانب الآخر».
في المقابل، يشكك خبراء في قدرة حاملات الطائرات على الصمود في مواجهة الصواريخ الصينية في منطقة المحيطين الهندى والهادئ، التي صُممت خصيصًا لتدمير المطارات العائمة الضخمة، فإن هذه الانتشارات الأخيرة تُظهر أن حاملات الطائرات لا تزال تشكل العمود الفقرى للبحرية الأمريكية عندما يتعلق الأمر بإظهار وجودها في جميع أنحاء العالم. وأضاف هندريكس أنه إذا اتخذ البيت الأبيض والبنتاجون قرارًا بوضع حاملتيْ الطائرات على جانب واحد من الشرق الأوسط - إما في الفناء الخلفي لإسرائيل على البحر الأبيض المتوسط وإما في الخليج العربى- فسيمكّن ذلك البحرية الأمريكية من الحصول على ما يقرب من 20 ساعة يوميًا من عمليات الطيران المستمرة من حاملات الطائرات. ولدى إيران قدرة محدودة على تدمير سفينة بهذا الحجم، حيث يتطلب الأمر متفجرات كبيرة جدًا لتدمير حاملة طائرات.
يقول زميل معهد هدسون، برايان كلارك: «يمكن لإيران إطلاق مجموعة من الأسلحة على حاملة الطائرات. لكن السفينة ومرافقيها ربما يتمكنون من إسقاطها. والسبب وراء حصول حاملات الطائرات، التي تستهلك جزءًا كبيرًا من الميزانية البحرية بسبب حجمها وتعقيدها، على الكثير من العمل خلال أزمة الشرق الأوسط الحالية هو أنها قابلة للنشر بسهولة». وتقول زميلة برنامج الدفاع في مركز الأمن الأمريكى الجديد بواشنطن، بيكا واسر: «غالبا ما تكون حاملات الطائرات الخيار السهل. هناك اتجاه مستمر لرؤية حاملات الطائرات تُنشر في الشرق الأوسط لهذه المهام الرادعة والطمأنينة».
أضافت «واسر»: «حاملات الطائرات لها أهمية متجددة، خاصة بالنسبة لمهمة البنتاجون التي مضى عليها سبعة أشهر للدفاع عن الشحن في البحر الأحمر ضد ضربات المتمردين الحوثيين في اليمن، الذين كانوا يهاجمون سفن الشحن بالبحر الأحمر ويجبرون السفن التجارية على الدوران حول طريق رأس الرجاء الصالح. على الرغم من أن إيران امتنعت حتى الآن عن توجيه ضربة انتقامية ضد إسرائيل ردًا على الاغتيالات الأخيرة، فليس من الواضح أن مجرد وجود المزيد من الأصول الأمريكية سيردع طهران. من الصعب قياس ما إذا كانت كل هذه الانتشارات لها التأثير الرادع المطلوب. لكن حتى لو لم يكن لها تأثير رادع على الإيرانيين، فقد كانت حاملة الطائرات جزءًا رئيسًا من جهود الدفاع الجوى في المنطقة في الأشهر العديدة الماضية».
اقرأ أيضاًالطيران الروسي يستهدف آليات عسكرية أوكرانية في المنطقة الحدودية لمقاطعة كورسك
سلاح الطيران الروسي يحدد أهدافه للعام الجديد
الطيران الروسي يدمر بصواريخ عالية الدقة 38 منشأة عسكرية أوكرانية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية الإدارة الأمريكية الكونجرس فلسطين وإسرائيل صفقة أسلحة لإسرائيل صفقة أسلحة صاروخ جو جو الولایات المتحدة حاملات الطائرات حاملة الطائرات الشرق الأوسط ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
الضربات الأمريكية لإيران.. كيف ترسم واشنطن حدود الأمن في الشرق الأوسط؟
منذ أن لوّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإمكانية توجيه ضربات عسكرية لإيران، تباينت مواقف مراكز الفكر في الغرب بين من استنكر التوقيت في الوقت الذي كانت طهران على طاولة التفاوض مع واشنطن، ومن استبعد الجدية، ومن رأى فيها مناورة ضغط.
مجموعة الأزمات الدولية اعتبرتها ورقة مساومة سياسية. معهد بروكنغز وصفها بـ “اللعب بالنار”. مركز ستراتفور انتقد “غياب المنطق الاستراتيجي الظاهر”.وفي لحظة حاسمة بين التفاوض والتصعيد، وجهت الولايات المتحدة ضربات دقيقة لإيران، فانشغل المحللون بإحصاء الخسائر والمكاسب، بينما غابت عن المشهد ثلاث ركائز حاسمة في فهم سلوك واشنطن: الفوضى كأداة، الأمن كمنتج سياسي، وإيران كوسيلة لا كغاية.
بعد تنفيذ الضربات، تغيّر المشهد قليلاً، لا لسبب جوهري، بل لأن الجميع أدرك متأخرًا أن واشنطن كانت تعي كل ما ذهبوا إليه، لم يكن خافياً عنها، وأن الإدارة الأمريكية كانت جادّة بما يكفي لإيصال رسالتها… لكن لمن؟
تركزت خلاصة قراءة المتفاعلين مع المشهد ومن انبرى لتحليل جوانبه في أن: الضربات لن تغيّر السلوك الإيراني بصورة حاسمة، والمصالح الأمريكية لم تكن مهدّدة بما يبرّر التصعيد، كما أن الاستقرار الإقليمي بات اليوم أكثر هشاشة.
ورغم صحة هذا التوصيف الجزئي، فإن الأغلبية أغفلت السياق الكامل:
أمريكا لا تصنع الأمن بانتهاء الفوضى، بل بتحكّمها في الفوضى.
عبر العقود، لم تكن الولايات المتحدة تبحث في الشرق الأوسط عن “حلول دائمة”، بل عن ترتيبات مؤقتة طويلة الأمد، تُبقي الجميع في حالة اعتماد دائم، وتمنحها وحدها هامش التدخل، أو التهديد به، دون تكلفة مباشرة.
وهذه الضربات وإن استهدفت إيران عسكرياً؛ إلا أن إيران هنا ليست الهدف؛ بل الأداة، أداة تحتاجها أمريكا بشدة لتكون: عدواً دائماً مناسباً لتبرير صفقات السلاح والخطط الأمنية، وتهديداً محسوباً يُستخدم لإعادة ضبط علاقات واشنطن مع الخليج وإسرائيل، وورقة تفاوض توظّفها أمريكا داخليًا وخارجيًا لإثبات هيمنتها.
الضربات الأخيرة لا ينبغي قراءتها من حيث نتائجها العسكرية المباشرة، بل من حيث دورها في إدارة مركّب أمني تصنعه واشنطن بمهارة بين نيران الفوضى وظلال الردع.
الشرق الأوسط – كما تريده واشنطن – ليس بحاجة إلى سلام دائم، بل إلى توازن متقلّب يحكمه غياب البدائل.
أبرز أدوات هذا المركب: تغذية هشاشة دائمة: لا انهيار شامل، ولا استقرار كلي، بل بيئة رمادية تُبقي الجميع في حاجة إلى “الراعي الأمريكي”.
أيضاً تحييد الخصوم دون إسقاطهم: إيران تُضعَف باستمرار، لكنها لا تُستأصل؛ فهي ضرورية كخصم وظيفي، وإبقاء الحلفاء في موقع الحاجة: فدول الخليج وإسرائيل يطلبون المساعدة، لا الاستقلال الأمني.
والأهم هو نقل الرسائل للعالم عبر صدى الضربات: إذ الضربات العسكرية ضد إيران ليست سوى إشارة أعلى لروسيا والصين: “بأننا نحن هنا، وسلاحنا يصل إلى أبعد من حلفائنا، دون أن تصل الردود إلى مصالحنا”.
هذه ليست أول مرة تمارس فيها واشنطن هذا النوع من الردع الرمزي المحسوب، لكن تكراره في زمن ما بعد الأحادية القطبية يكشف عن تحول في نمط التفكير: الهيمنة لا تتحقق بالسيطرة، بل بامتلاك أدوات ضبط الفوضى.
في فكر كيسنجر: “الدبلوماسية لا تنجح بغياب الحرب، بل بوجود إمكانية دائمة لها دون أن تقع”. هذه هي بالضبط معادلة واشنطن اليوم.
قد تخرج وجهة النظر هذه عن السياق المألوف كونها لا تكتفي بتوصيف الفعل العسكري، بل تحاول على استحياء الغوص لفهم ما وراءه، لعلنا نفكك منظومة إنتاج الأمن من داخل الفوضى، ونستبين كيف تُحوّل أمريكا هشاشة المنطقة إلى ذراع استراتيجية متعددة الوظائف، وتضع الضربات في سياق جيوسياسي عالمي يتجاوز إيران نفسها.
بكلمة أخرى، هذا ليس تحليلًا لضربة عسكرية نعدد فيها الأضرار ونستعرض التقنيات المستخدمة؛ بل هي محاولة لفهم تفكير وسلوك قوة عظمى تستخدم الفوضى كأداة دبلوماسية هجومية، ترسل بها رسائل متعددة، في اتجاهات متباعدة، بلغة واحدة:
واشنطن ما تزال تملك زمام التوازن؛ حتى في قلب العاصفة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.