بوابة الوفد:
2025-06-21@23:03:18 GMT

عكس الإتجاه (2)

تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT

أواصل معكم ما بدأته الأربعاء الماضى بأن أى مجتمع يظهر معدنه الحقيقى ومدى ترابطه وتراحمه فى وقت الأزمات، أو بالطبع يظهر مدى أنانيته، ومؤكد أن الشعور الفطرى والإنسانى يسير بالجماعة دونما إرادة تجاه النجاة والرغبة فى الابتعاد عن أى خطر، لكن رغبة النجاة لا يجب أن تكون فردية نرجسية على حساب حياة وسلامة وأمان الأخرين.

فأى شعور إنسانى بالراحة والسعادة هذا يمكن أن يكون إذا ما بنينا راحتنا، ثراءنا، سعادتنا على أطلال الآخرين وعلى حاجتهم وفقرهم وقهرهم بالعوز وضياع الحق؟ مؤكد الطبيعى على الفطرة الإنسانية لن يفعل ذلك أبدًا، كما لن يفعل أيضا ذلك من تعرض للظلم والقهر والعوز، بالطبع باستثناء من أصيبوا بأمراض نفسية لما عانوا منه مثلًا فى مرحلة ما، فأصبح لديهم هذا الشعور الغبى الوحشى بالانتقام من كل ممن حولهم بأى وسيلة ليذيقوهم نفس ما طعموه من الألم والظلم. ولعلنى أسوق هنا مثالًا حيًا على ما أقوله فى تلك الشعوب التى ذاقت ويلات الحروب، على غرار الدول الأوربية فى الحربين العالمية الأولى والثانية، لقد عانت تلك الدول من ويلات القتل والخراب الإقتصادى والدمار بالبنية التحتية والإذلال فى المأكل والمشرب للشعوب، وخرجت هذه الدول من الحرب مستنزفة أيما استنزاف، لكن ما أن وضعت الحرب أوزارها، إلا وانتفضت صحوة كالمارد داخل مجتمعات هذه الدول، صحوة وطنية لا مثيل لها لإعادة بناء الوطن كل منهم فى مكانه، الكبير، الصغير، المسن، حتى المعاقين من ذوى الإحتياجات أصبحوا يبحثون عن أدوار فى المجتمع للعمل قدر إمكاناتهم لبناء وطنهم والدفع به للأمام بقوة واحدة لا تنافر فيها ولا تنازع ولا بحث عن أدوار للبطولة ولا عن مكاسب شخصية، الكل كان يعمل فى اتجاه واحد، اتجاه البناء والتنمية، والويل كل الويل لمن يعمل عكس الاتجاه. توافقت قمة الهرم الاجتماعى من القيادات والساسة مع القاعدة من الشعب فى نغمة واحدة «لنا وطن سنبنيه معا»، لذا كان دستور أى دولة من هذه الدول مع حزمة قوانينها حاسمة، واضحة، مشددة، قوانين تكفل الحياة الآدمية الجيدة للجميع دون تفرقة، وتشدد فى نفس الوقت الحماية للمال العام ومقدرات الدولة الاقتصادية بكل ثرواتها ومؤسساتها الإنتاجية. وسارت هذه القوانين المشددة العقوبات لتكيف جريمة المساس بالمال العام جريمة غليظة تفوق فى بشاعتها جرائم قتل النفس، فسرقة المال العام والإضرار به أو تعطيل مسيرته التنموية بالفساد والرشوة والمحسوبية، إنما جريمة عقوبتها اكبر من عقاب قتل الإنسان، فهى فى تكييفهم جريمة قتل مجتمع بأكمله بسرقة حقه أو التلاعب به أو تعريضه للأذى لإفقاره وتعطيل اقتصاده وتنميته. وهو أمر متناقض تمامًا مع ما يحدث فى بلدنا الحبيب، فعقوبة القاتل السجن مؤبد أو الإعدام، وعقوبة سارق أموال الشعب ومخربها ومفسد الاقتصاد ومدمره عقوبات لا تذكر بالسجن بضع سنوات، هذا إن تمت المعاقبة أصلًا، لأن الأغلب يفلتون من العقاب ليتمتعوا بأموال الشعب وبكنوز البلد المنهوبة فى أمان. وهكذا اتفقت قوى الشعب بتلك الدول الأوروبية الخارجة من الحرب مغ القوى السياسية على البناء فى اتجاه واحد للأمام، لخلق وطن جديد من لا شيء، وطن قوى يصمد أمام أى حرب جديدة محتملة، سواء صمود بالتسليح، بالبناء والإعمار، أو بالاقتصاد القوي، وكان الهدف متمثلًا فى عبارة قوية «وطن قوى يصمد ولا ينهار أمام أى حرب أو اهتزازات اقتصادية»، ومعلوم أن تلك الدول ركزت على بناء الاقتصاد والإنتاج المحلي، وإغلاق باب الاستيراد قدر الامكان، وادى التركيز على الإنتاج الداخلى إلى استقرار قيمة العملة قدر الإمكان وعدم اهتزازها أمام الدولار أو الين، وتم الاعتماد على المساعدات والدعم من دول اخرى على رأسها امريكا وخطة مارشال لإعادة الإعمار، وتجنب الديون قدر الإمكان لعلمهم ان الديون هى افقار للدولة بعد حين. فى حين تعاونت القوى السياسية بمختلف توجهاتها الأيديولوجية، يسار، يمين، وسط، ليبراليين، اتفقت على التوافق ولا أقول الإندماج والذوبان، توافقت فى حكومات ائتلافية غالبا، يتنافس فيها الجميع بشرف وقوة من أجل خدمة الوطن، وتقديم أفضل الأفكار والخطط والحلول لمشاكل البلد والشعب، ولا تكاد الخلافات السياسية ولا الصراعات الحزبية تذكر فى بلدان أوروبا فى تلك السنوات التى تلت الحرب العالمية الثانية، ويمكن القول بأريحية بل وحتى الأن، فقد كان التنافس فقط على تقديم الخطط الأفضل للدولة فى كافة المجالات من أجل إثراء وطن ورفاهية شعب بكل فئاته دونما أى تفرقة، وأصبح المجموع يعمل لمصلحة الجميع، وللحديث بقية..

fekria63 @yahoo.com

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عكس الإتجاه 2 فكرية أحمد ذوي الاحتياجات الدول الأوربية

إقرأ أيضاً:

كلمة الرئيس التركي في الدورة الحادية والخمسين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي

ألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كلمة في الدورة الحادية والخمسين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي.

وقال الرئيس التركي: تمر منطقتنا بمرحلة بالغة الحرج.. فالتطورات الأخيرة، وبخاصة الاعتداء الإسرائيلي على إيران وما نتج عنه من دوامة تصعيد خطيرة، تشير مجددًا إلى خطورة بقاء الصراعات الطويلة من دون حل أو تسوية منصفة ومستدامة.
وأقول بصراحة إن إسرائيل لازالت تتصور أن العنف وحده يجلب الأمن... وأن السلام يمكن أن يُفرض بالقوة الغاشمة.. وهذا وهم كنا نفترض أن التاريخ قد بدده... فها نحن، بعد عقود طويلة من ممارسة الاحتلال للعنف والقمع والقهر ضـد الشعب الفلسطيني وغيره، نعود للمربع الأول... فلا الأمن المنشود تحقق ولا السلام صار أقرب منالًا.

إننا ندين بلغة واضحة الحملة العسكرية التي تشنها
إسرائيل على إيران في وقت كان فيه الجميع يبحثون عن حل دبلوماسي يمكن الوصول إليه... بقدر من الصبر والتفهم والرغبة الصادقة في القبول بالحلول الوسط على أساس منطق التعايش... لا شريعة القوة والبطش.
وأؤكد هنا أيضًا أن استهداف أي منشآت نووية عسكريًا إنما تترتب عليه مخاطر كبرى تطال المدنيين سواء داخل إيران أو في محيطها وهو أمر مرفوض.. وقد سبق للجامعة العربية - وعلى أعلى المستويات - التأكيد على ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية ووقف التسابق الهادف إلى الحصول على السلاح النووي والتأكيد كذلك على ضرورة انضمام إسرائيل إلى معاهدة منع الانتشار النووي.
لذا فإنني أناشد جميع الأطراف العودة السريعة إلى طاولة المفاوضات... وقد سبق، عندما صحت النوايا، أن تم التوصل لحلول دبلوماسية تعالج الشواغل المشروعة حيال البرنامج النووي الإيراني منذ سنوات بإرادة سياسية عالمية موحدة... وفي التقدير أنه لازال ممكنًا اليوم، وتسعى إليه وتدعو له دول من الإقليم ومن خارجه راغبة في السلام.. ومدركة لمدى خطورة.

الانزلاق إلى دوامة لا تنتهي من الصراع والانتقام، مع تبعات ستطال الإقليم بأسره... بل وتهدد الأمن والاستقرار العالمي..
فتوسع هذه الحرب لن يكون في صالح أي طرف.
السيد الرئيس،
إن جسامة الأحداث وخطورتها لن تحرف أنظارنا أبدًا عن القضية الأم... قضية الشعب الفلسطيني الذي لازال حتى هذه اللحظة يواجه الإجرام اليومي للاحتلال... في يوم واحد الأسبوع الماضي... قتل 140 فلسطينيًا أمام مراكز توزيع الطعام التي تحولت فخاخًا قاتلة... لتزيد مأساة التجويع المتعمد... الذي يُستخدم سلاحًا بالمخالفة لكل قوانين الحرب، أو حتى الأعراف الإنسانية والمواثيق الأخلاقية.
يحدث كل هذا... ومازال هناك للأسف من يستخدم الفيتو لحماية الاحتلال وإفساح المجال أمامه لارتكاب المزيد من الجرائم... إنها وصمة في جبين الإنسانية ستتوقف أمامها الأجيال القادمة طويلًا في حزن وخزي ودهشة لهذا الصمت
المدوي على جرائم تُرتكب في وضح النهار بدم بارد.
سأظل أكرر هذه الحقيقة الساطعة التي يتهرب منها، ويغطي عليها، أنصار إسرائيل وداعموها: الاحتلال هو أصــل.


التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة وثمن استمرار الاحتلال هو تلك الفظائع والبشاعات... ومازال مجرمو الحرب مستعدين لجر المنطقة – والعالم - لمزيد من العنف والدم والكراهية... لكي ينفذوا مخططات التطهير العرقي وتصفية القضية الفلسطينية كما يتوهمون.
السيد الرئيس،
إن إنقاذ الشعب الفلسطيني من هذا الإجرام اليومي صار واجبًا إنسانيًا وأخلاقيًا بل ودينيًا قبل أن يكون ضرورة سياسية عملية... ولن يؤدي ترك الزمام للمتطرفين والمهووسين بالعنف واستعراض القوة سوى لجر المنطقة لكارثة محققة ستدفع ثمنها الأجيال القادمة.
 

مقالات مشابهة

  • الحرب المقدسة
  • مجلة أمريكية: ما المخاطر المترتبة على اليمن ودول الخليج جراء توسع الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟ (ترجمة خاصة)
  • هيئة رئاسة مجلس النواب تُبارك الرد الإيراني وتدعو لمحاسبة الكيان
  • كلمة الرئيس التركي في الدورة الحادية والخمسين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي
  • العميد بن عامر يعلق على طلب الكيان من الخليج بدفع فاتورة الحرب
  • وقاحة وفجور.. «مصطفى بكري» يعلق على طلب سموتريتش بتحمل الدول العربية تكلفة الحرب ضد إيران
  • سموتريتش يدعو عددا من الدول بينها الخليج للمشاركة بتكاليف الحرب
  • جريمة قتل مروعة في الأشرفية.. إليكم ما حصل ليلا
  • رضائي: لم نستخدم ورقتي النفط ومضيق هرمز ولم نلجأ لأصدقاءنا بعد ولم نستخدم التقنيات الصاروخية الحديثة
  • مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية