كيف تقضي على (حواضن) الدعم السريع ؟!
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
مناظير الخميس 29 اغسطس، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* يتحدث البعض وعلى رأسهم قادة الجيش عن هزيمة (المليشيا المتمردة) ودحرها وتحرير الوطن منها، وعلى رأس الذين يُصرِّحون بذلك القائد العام للجيش الذي ظل يكرر القول بأنه "لا مفاوضات ولا سلام ولا وقف لاطلاق النار إلا بعد دحر المتمردين وتحرير الوطن منهم"، كما قال قبل بضعة اسابيع أمام حشد عسكري بولاية نهر النيل، وكأنهم يتحدثون عن قوات أجنبية أو عدو خارجي، ناسين أو متناسين أو (متغابين) أن من يتحدثون عن دحرهم وتحرير الوطن منهم هم أحد مكونات النسيج الاجتماعي لهذا الوطن، بل أكبر مكوناته على الاطلاق إذا يبلغ تعداد هذا المكون الاجتماعي الكبير والعريق أكثر من ستة مليون نسمة، وفي تقدير البعض أكثر من ثمانية مليون نسمة، وإذا أضفنا إليهم أبناء عمومتهم من المكونات الأخرى لوصل تعدادهم الى ما يزيد عن إحدى عشر مليون نسمة، وهم من أكبر وأعرق مكونات السودان الاجتماعية التي تتمدد وتنتشر في معظم بقاع السودان وتكاد تحتل اقليم غرب السودان بكامله من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، فضلا عن مثقفيهم ومتعلميهم وافرادهم الذين ينتشرون في كل انحاء السودان واختلطوا بغيرهم من المكونات الاجتماعية الاخرى ولهم اسهامات كبيرة في تاريخ السودان وفي كل المجالات الاخرى لا يمكن لاحد ان يجادل او يحاجج فيها، كما انهم يمثلون عددا كبيرا من السودانيين في الخارج، ودعوني هنا أتخلى عن الدبلوماسية والحرج واُسمي الاشياء بأسمائها الحقيقية، مستخدما كلمة (قبيلة) بدلا عن تعبير (مكون إجتماعي) أو (حاضنة إجتماعية) كما درجنا ودرج البعض عند الحديث عن القبائل حتى ينأى بنفسه عن العنصرية والقبلية!
* الكل يعرف أن العمود الفقري لقوات الدعم السريع هى قبيلة (الرزيقات) وابناء عمومتها من القبائل الاخرى مثل المسيرية، ولا يستطيع أحد أن ينكر أو يجادل في ذلك، وهما من اضخم وأعرق القبائل السودانية ولهما الكثير من الاسهامات الضخمة في كل المجالات في السودان، كما أسلفت، ويكفي ان تحرير السودان والخرطوم من الحكم التركي في القرن التاسع عشر بقيادة الامام (محمد احمد المهدي) لم يكن ليحدث لولا استعانته بهذه القبائل التي عرفت بالشراسة والبأس والشدة والشجاعة في القتال!
* وأتساءل هنا بعيدا عن الكلام المغلف: " هل يمكن دحر قبيلة الرزيقات وأبناء عمومتها من القبائل الأخرى وتحرير السودان منها، وهى قبائل سودانية ضخمة وأصيلة وقحة لها في السودان مثلما لبقية القبائل والمكونات الإجتماعية الأخرى، وهل يجوز طرد وتحرير السودان من قبائل سودانية ومواطنين سودانيين، إلا إذا كان الذين يرددون هذا الحديث الفج البعيد عن العقل يتحدثون عن حرب ابادة عنصرية قذرة (مثل الحرب الأهلية في رواندا) تتم فيها ابادة قبيلة الرزيقات وأبناء عمومتها لدحر قوات الدعم السريع، ولا بد ان اذكر هنا المحاولات الحثيثة للكيزان منذ اندلاع الحرب لتجييش المواطنين تحت مسمى المقاومة الشعبية بغرض توسيع دائرة الحرب والانتقال بها الى مرحلة الحرب الاهلية (قبائل الوسط والشمال ضد قبائل الغرب)، واللغة العنصرية التحريضية القبيحة للابواق الاعلامية الكيزانية، فضلا عن الانتهاكات والاعتقالات التي يتعرض لها مواطنو الغرب في مناطق الجيش بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، وأغلبها اتهامات زائفة، ولقد افتى قبل بضعة ايام المدعو (عبد الحى يوسف) بجواز القصف الجوي للحواضن الاجتماعية لقوات الدعم السريع، وهو يقصد بذلك قبيلة الرزيقات وأبناء عمومتها من القبائل الأخرى!
* ولكن إذا كان الجيش الذي فشل وهو في أوج قوته في القضاء على التمرد في الجنوب (1955ـ 1971 و1983ــ 2005 )، وعلى التمرد في دارفور (2003 و2004 ــ وحتى اليوم) رغم هشاشته (حركة العدل والمساوة وحركة تحرير السودان) واضطراره للاستعانة (بالجنجويد ــ الدعم السريع حاليا) للقتال نيابة عنه، وعلى التمرد في جنوب كردفان وجبال النوبة (2011 حتى اليوم)، لأسباب من أهمها وجود حواضن إجتماعية تغذي التمرد، فهل يستطيع الجيش الضعيف المفكك الآن وحلفاؤه في الحركات العسكرية الانتهازية التي تحارب من اجل المال والمصالح الشخصية، بالاضافة الى فشل مشروع المقاومة الشعبية الذي لم يتمخض إلا عن مجموعات إرهابية هزيلة ليس لها ثقل عسكري يذكر، هل يستطيع دحر التمرد الذي يبلغ تعداد حواضنه الاجتماعية أكثر من 8 مليون نسمة وتحرير السودان منهم، وهى التي اشتهرت بالشراسة والبأس الشديد في القتال؟!
* وحتى لو كان الجيش قويا جدا واسطوريا يستطيع دحر التمرد وتحرير السودان منه، كما ظل يردد ويكرر القادة المهزمون، فهل سيسمح العالم بحرب ابادة جماعية ومأساة انسانية مرة اخرى في افريقيا؟!
* أما بالنسبة لما يفكر فيه الفلول بفصل وتقسيم السودان كما فعلوا من قبل بفصل الجنوب ليكون لهم الحكم في ما يسمى (بمثلث حمدي) أو (دولة النهر والبحر)، فلا الوضع الاقتصادي المتردي ولا الوضع الجيوي سياسي ولا الاقليمي ولا الرفض الشديد الذي يجدونه في الداخل والخارج ولا التكوين الاجتماعي في السودان، يسمح بذلك .
* الخيار الوحيد أمامهم .. هو الخضوع للتفاوض أو دحرهم والقضاء عليهم للأبد!
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع ملیون نسمة
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: النيل الأبيض هدف الدعم السريع لعزل شرق السودان عن غربه
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن التطورات الميدانية في السودان تكشف عن تحول إستراتيجي في تحركات قوات الدعم السريع، بعد إحكام سيطرتها على أجزاء واسعة من إقليم دارفور واتجاهها نحو ولايات كردفان تمهيدا للوصول إلى ولاية النيل الأبيض، التي وصفها بأنها نقطة الفصل الجغرافي بين شرق البلاد وغربها.
وأوضح أن الدعم السريع، بعد انسحابه من العاصمة الخرطوم وتمركز الجيش في المواقع الرسمية، أعاد ترتيب تموضعه الميداني متجها غربا نحو دارفور حيث خاض معارك حاسمة انتهت بسيطرته على مدينة الفاشر.
وأضاف أن السيطرة على الإقليم شكلت تحولا إستراتيجيا أتاح له التمدد نحو الشرق، وتحديدا باتجاه شمال وغرب وجنوب كردفان، في محاولة لبسط النفوذ على تلك المناطق الحيوية.
وأشار إلى أن الهدف النهائي لهذا التمدد هو الوصول إلى ولاية النيل الأبيض، لما تمثله من أهمية إستراتيجية، إذ يشكل النيل فيها حاجزا طبيعيا يفصل شرق السودان عن غربه، معتبرا تحقيق ذلك من شأنه منح قوات الدعم السريع أفضلية ميدانية كبرى تمكنها من عزل الجيش السوداني في مناطق محدودة جغرافيا وإضعاف قدرته على المناورة.
ويأتي ذلك في وقت أفادت فيه مصادر عسكرية للجزيرة بأن قوات الدعم السريع قصفت، اليوم الجمعة، مدينتي الدلنج والأُبَيض في ولايتي جنوب وشمال كردفان، مستخدمة الطائرات المسيّرة، وذلك بعد ساعات من شنها هجمات مماثلة على مدينتي عطبرة وأم درمان.
نمط القتالواعتبر العميد حنا أن استخدام المسيّرات يعكس نمط القتال الذي يعتمده الدعم السريع، إذ يعتمد على الحركة السريعة والعمليات الخاطفة بدل المواجهات المباشرة، مشيرا إلى أن هذه الأساليب تمنحه ميزة نسبية في بيئة شاسعة المساحة مثل السودان، الذي تبلغ مساحته نحو مليون و800 ألف كيلومتر مربع.
وأوضح أن امتلاك الدعم السريع لمسيّرات بمدى يتجاوز ألفي كيلومتر مكّنه من تنفيذ ضربات بعيدة المدى وصلت إلى العاصمة وأحيانا إلى مناطق على ساحل البحر الأحمر مثل بورتسودان، وهو ما يمثل تحولا في ميزان القدرات التكتيكية.
إعلانلكنه أضاف أن المسافة الكبيرة التي تفصل بين الفاشر والنيل الأبيض تمثل تحديا لوجستيا كبيرا أمام الدعم السريع، رغم استخدامه للمسيّرات والتنقلات السريعة.
وحذّر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك من مؤشرات واضحة على استعدادات لتكثيف القتال في ولاية جنوب كردفان، وسط مخاوف من اتساع رقعة الصراع بعد سيطرة الدعم السريع على مدن رئيسية في دارفور.
وأكد العميد حنا أن الدعم السريع، رغم توسعه الميداني، يواجه معضلة بنيوية أمام الجيش السوداني الذي يمتلك قرابة 200 ألف جندي مدربين تقليديا، إضافة إلى تفوقه الجوي والدبابات والمدفعية الثقيلة.
الاستنزاف والمباغتةوقال إن هذه القدرات تمنح الجيش ميزة نوعية لا يمكن للدعم السريع مجاراتها في المعارك المفتوحة، لذلك يعتمد الأخير على حرب الاستنزاف والمباغتة، لافتا أن سقوط مدينة الفاشر جاء بعد حصار دام نحو 500 يوم، ما يعكس طبيعة الحرب غير المتكافئة بين الطرفين.
وأضاف أن الدعم السريع يسعى إلى نقل هذا النموذج من الحصار والعزل إلى مناطق أخرى مثل كردفان لتحقيق أهدافه التوسعية، لكن قدرته على تكرار السيناريو ذاته تبقى محدودة بسبب اتساع الجغرافيا وصعوبة الإمداد.
وكانت مصادر في الجيش السوداني قد نفت في وقت سابق رواية الدعم السريع عن إسقاط طائرة نقل عسكرية في بابنوسة، مشيرة إلى أن طبيعة تسليح الدعم السريع لا تتضمن منظومات صاروخية متقدمة قادرة على تنفيذ مثل هذه العمليات.
وفي هذا السياق، أوضح العميد حنا أن استخدام صواريخ لإسقاط الطائرات يحتاج إلى منصات إطلاق ثابتة ومنظومات دفاع جوي معقدة لا تتوفر لدى الدعم السريع، مما يجعل الرواية الرسمية للجيش أكثر اتساقا مع الواقع الميداني.
وأضاف أن طبيعة القتال لدى الدعم السريع تقوم على التسلل والمناورة وليس على تشغيل منظومات دفاعية متقدمة، مما يؤكد أن قدراته الصاروخية لا تزال محدودة، وأن معظم عملياته تعتمد على الطائرات المسيّرة والأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
ويتزامن ذلك مع اتهامات وجهها خبراء أمميون لقوات الدعم السريع بارتكاب فظائع جماعية في مدينة الفاشر، بينها عمليات قتل خارج القانون وعنف جنسي ممنهج، ما تسبب في أزمة إنسانية وصفت بأنها من الأسوأ في العالم.