قال الدكتور محمود فتح الله، مدير إدارة شئون البيئة والأرصاد الجوية بجامعة الدول العربية، إنه مع تزايد الاهتمام العالمى بالبيئة ومواجهة التغيّرات المناخية، ظهر مصطلح التحول الأخضر كطريقة للتعامل مع هذه القضايا وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة. وأضاف «فتح الله»، فى حواره مع «الوطن»، إن قضايا التوظيف وأسواق العمل من بين التحديات أمام التحول الأخضر، إذ تترتب على التحول للاقتصاد الأخضر تأثيرات على الوظائف والاقتصادات المحلية، خاصة فى الدول ذات الاقتصادات الناشئة والنامية.

. وإلى نص الحوار.

ما المقصود بالوظائف الخضراء؟ وكيف نُميزها عن التقليدية؟

- الوظائف الخضراء مفهوم جديد نشأ مع اهتمام العالم بالبيئة ونمو الاستثمارات الدولية فى هذا الاتجاه، وتُعرف منظمة العمل الدولية الوظائف الخضراء بأنها فرص عمل تُسهم فى الحفاظ على البيئة أو إعادة إحيائها، سواء كانت فى القطاعات التقليدية، مثل التصنيع والبناء، أو فى القطاعات الخضراء الناشئة الجديدة، مثل الطاقة المتجدّدة وكفاءة الطاقة.

ما الدور الذى تلعبه الوظائف الخضراء فى التحول نحو اقتصاد مستدام؟

- يتضمّن التحول الأخضر تنفيذ مشروعات صديقة للبيئة، واعتماد التكنولوجيا فى مجالات الطاقة المتجدّدة والنظيفة، وتغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة بهدف خلق فرص عمل جديدة والحد من الفقر، وكذلك تقليل استهلاك الطاقة واستنزاف الموارد الطبيعية، وتأتى قضايا التوظيف وأسواق العمل من بين التحديات أمام التحول الأخضر، حيث تترتب على التحول للاقتصاد الأخضر تأثيرات على الوظائف والاقتصادات المحلية، خاصة فى الدول ذات الاقتصادات الناشئة والنامية.

ما القطاعات المتوقع أن تشهد نمواً كبيراً فى الوظائف الخضراء خلال السنوات المقبلة؟

- يتطلب العمل فى الوظائف الخضراء توافر قدر من المهارات والخبرة المهنية والتدريب فى مجالات متعدّدة، مثل بناء وصيانة شبكات الطاقة المتجددة (شمسية، رياح)، والإلمام بمعايير تصميم وتشييد المبانى صديقة البيئة منخفضة استهلاك الطاقة، وطرق التصنيع وإعادة التصنيع والتوزيع والاستهلاك، التى تعتمد على الاقتصاد الدائرى وتقليل الهدر من الموارد الطبيعية والطاقة، وتقنيات الزراعة والرى الحديثة، كل هذه القطاعات تحتاج إلى تشغيل العمالة التى تصنّف بكونها خضراء، على سبيل المثال فإن قطاعاً مثل الطاقة النظيفة والمتجدّدة، هو فى الأساس من القطاعات كثيفة العمالة، ومع ما ذكرناه من توسّع متوقع على مستوى العالم فى الاستثمار فى هذا القطاع يجعله قادراً بشكل كبير على أن يولّد وظائف أكثر من التوظيف فى قطاعات الوقود الأحفورى التقليدية، وهناك تقديرات للاستثمارات العالمية فى هذا القطاع قادرة على توليد ما يصل إلى 20 مليون فرصة عمل بحلول عام 2030.

ماذا عن التحديات التى تواجه نمو وتطوير الوظائف الخضراء؟

- ظهر الكثير من التحديات أمام تطبيق الوظائف الخضراء، بعضها يتعلق بطبيعة الوظائف وسوق العمل وأخرى لها علاقة برأس المال البشرى أو العمالة فى حد ذاتها، ففى ما يخص طبيعة سوق العمل؛ فإن من الطبيعى أن يدفع الاقتصاد الأخضر إلى سوق عمل جديدة كما فعلت الثورة الصناعية من قبل، ولا بد لهذه السوق من وجود معايير تنظيمية تتفق مع خصائصها التى من بينها نقص المهارات، وعدم التأكد من آليات السوق وكفاءتها، إلى جانب عدم قدرة العمالة الحالية فى كثير من القطاعات التقليدية على استخدام وسائل حديثة أو التحول إلى قطاع آخر، كعمال المناجم الذين لن يتمكنوا -باستخدام خبراتهم التقليدية- من العمل فى مصانع لإنتاج الطاقة الشمسية مثلاً، وبالتالى يكونون عرضة للتهميش والبطالة.

هل هناك مهارات أو تخصّصات معينة يجب على الشباب تطويرها ليكونوا مؤهلين للعمل فى الوظائف الخضراء؟

- بالتأكيد هناك الكثير من المهارات التى يمكن للشباب اكتسابها وتطويرها فى نفسه للعمل فى الوظائف الخضراء، وربما أكون قد ذكرت بعضها أثناء الحديث، مثل تركيب وصيانة شبكات الطاقة المتجدّدة، ومهارات تصميم المنتجات القابلة لإعادة التدوير، وتصميم المبانى الموفّرة للطاقة، وطرق الزراعة الحديثة، وغيرها، لكن لا توجد تخصّصات بعينها يمكن اعتبارها تخصّصات خضراء، وإنما صفة الخضراء هى صفة لكل عمل لا يترتب عليه ضرر بيئى أو إهدار للموارد الطبيعية.

كيف يمكن للشركات التقليدية التحول نحو خلق فرص عمل خضراء؟

- كما ذكرت سابقاً، فإن الوظائف الخضراء هى أى نمط عمل لا يترتب عليه إهدار الموارد أو الضرر المباشر للبيئة، وبالتالى فإن الشركات التقليدية التى تساير التطور العالمى وتحرص على البقاء سوف تتجه تلقائياً إلى تطبيق معايير الاستدامة، وخدمة المجتمع، والمسئولية الممتدة للمنتج، وتصمم منتجاتها بحيث تكون قابلة للإصلاح من جانب المستهلك، ويمكن إعادة تدويرها بعد انتهاء فترة استخدامها.

ما تأثير التطور التكنولوجى على مستقبل الوظائف الخضراء؟ وهل يؤدى إلى خلق أخرى جديدة؟

- هناك تخوّف لدى العمال من تأثير التطور التكنولوجى عليهم سلبياً وفقدانهم وظائفهم مثلما حدث مع دخول الآلة البخارية وقت الثورة الصناعية، وعندما دخلت الحاسبات الآلية فى مجال العمل، وحالياً كلنا نتابع قلق العالم من تأثير الذكاء الصناعى على سوق العمل، وأن تختفى وظائف بشرية كثيرة بسبب القدرة على إتمام أعمالها آلياً، والواقع التاريخى يشير إلى أن التطور التكنولوجى يؤدى إلى تغيير فى شكل العمالة، بمعنى تحولها إلى قطاعات جديدة لم تكن موجودة بالأساس، وبالتالى فإن المتوقع أن يرتفع الطلب على الوظائف الخضراء، حتى يبدأ التحول إلى قطاعات أخرى، بعد أن تتشبّع سوق العمل بهذا النوع من الوظائف بعد فترة زمنية.

لدينا تجربة إيجابية فى هذا الأمر، إذ قدّمت الحكومة المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية التى أطلقتها مصر عام 2022 فى إطار التحضير لمؤتمر المناخ COP27 فى شرم الشيخ، حيث استهدفت هذه المبادرة معالجة آثار التغيّرات المناخية وتعزيز كفاءة استخدام الموارد، وبناء مستقبل مستدام لمصر، وشملت المبادرة مختلف القطاعات وأصحاب المصلحة لإشراك الأفراد والمؤسسات وكيانات الدولة فى العمل المناخى، إذ تُسهم هذه المبادرة الرئاسية فى جهود مصر لتنفيذ استراتيجيتها للتنمية المستدامة «رؤية مصر 2030» والاستراتيجية الوطنية للتغيّر المناخى 2050، وفى هذه المبادرة تم اختيار 154 مشروعاً موزعة على أساس 6 مشروعات فى كل محافظة من محافظات مصر الـ27 تغطى فئات مختلفة، وقد تم الإعلان عن فوز 18 مشروعاً جرى تكريمها من جانب رئيس الوزراء.

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الوظائف الخضراء التغيرات المناخية توفير 7 ملايين فرصة عمل بحلول 2030 التحولات الرقمية التحول الأخضر سوق العمل فى هذا

إقرأ أيضاً:

«قو للاتصالات» تحقق نموًا ماليًا وتشغيليًا غير مسبوق.. فتحت آفاقًا جديدة عبر استحواذات استراتيجية وتوسعات

أعلنت مجموعة قو للاتصالات (اتحاد عذيب) عن نتائجها المالية الموحدة للسنة المالية المنتهية في 31 مارس 2025م، والتي كشفت عن أداء مالي وتشغيلي مميز، مسجلة نموًا استثنائيًا في جميع مؤشرات الأداء الرئيسية.

استنادًا إلى النتائج المالية المعلنة، سجلت مجموعة قو للاتصالات صافي أرباح قدره 223 مليون ريال للسنة المالية المنتهية في 31 مارس 2025، محققة نموًا بنسبة 14% مقارنة بالعام المالي السابق. ويُعزى هذا الأداء القوي إلى زيادة إيرادات الشركة التي بلغت 1462 مليون ريال، بارتفاع نسبته 44%، إلى جانب نمو إجمالي الدخل الذي وصل إلى 431 مليون ريال، مسجلًا زيادة بنسبة 41% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
كما كشفت النتائج عن تحقيق أرباح تشغيلية بقيمة 229 مليون ريال، بارتفاع نسبته 15% مقارنة بالسنة المالية السابقة.

وفي تعليقه على هذه النتائج، قال الدكتور عيسى بن يسلم باعيسى، رئيس مجلس إدارة المجموعة تعكس هذه النتائج الإيجابية استمرار التطور في الأداء المالي والتشغيلي لمجموعة قو للاتصالات، وهو ما يعزز من ثقة المساهمين، ويدعم طموحاتنا في ترسيخ مكانة الشركة كمزود رائد لحلول الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة، بما يتماشى مع توجهاتها في الابتكار ودعم التحول الرقمي."

من جانبه، أوضح يحيى بن صالح آل منصور، الرئيس التنفيذي للمجموعة، أن هذه النتائج جاءت نتيجة التزام المجموعة باستراتيجية واضحة للنمو والتوسع المستدام، وقال: "نلتزم بتطوير خدماتنا وشبكتنا بشكل مستمر لمواكبة تطلعات السوق والعملاء، ونجعل من تجربة العميل أولوية قصوى في جميع مبادراتنا. كما نواصل تنفيذ خطوات استراتيجية شملت التوسع المحلى و الإقليمي، وتأسيس شركات تابعة، والدخول في شراكات نوعية في مجالات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي."

وشهد العام المالي الماضي عددًا من الإنجازات الاستراتيجية للمجموعة، أبرزها تأسيس شركة "الحلول المنطلقة"، وهي شركة مساهمة مغلقة مملوكة بالكامل للمجموعة، برأسمال قدره 20 مليون ريال سعودي، وحصلت على الموافقة المبدئية من البنك المركزي السعودي لممارسة نشاط التمويل الاستهلاكي المصغر.

كما اكملت مجموعة "قو للاتصالات" الاستحواذ على حصة الأغلبية بنسبة 51% في شركة "إيجاد للتقنية"، وهي إحدى الشركات السعودية الرائدة في مجال التحول الرقمي. ويُعد هذا الاستحواذ خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز قدرات المجموعة في مجالات التحول الرقمي والتقنيات الناشئة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، وذلك ضمن مساعي المجموعة لتوسيع محفظتها من الخدمات الرقمية وتقديم حلول مبتكرة تلبي احتياجات السوقين المحلي والإقليمي.

وعلى صعيد التوسع الإقليمي، وقّعت المجموعة مذكرة تفاهم مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السورية لتقديم حلول رقمية متكاملة تسهم في دعم التحول الرقمي في سوريا، وذلك ضمن استراتيجيتها لتعزيز حضورها في الأسواق العربية كمزود شامل لحلول الاتصالات والتقنية، بما يشمل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والخدمات الرقمية المتقدمة.

وفي سياق دعمها لتقنيات المستقبل، أعلنت المجموعة توقيع شراكة رسمية مع منظمة (AI 2030) لإطلاق فرع لها في السعودية، بهدف تعزيز الاستخدام المسؤول والفعّال لتقنيات الذكاء الاصطناعي في المملكة.

تأتي هذه الإنجازات في إطار رؤية مجموعة "قو للاتصالات" لتعزيز مكانتها كممكّن رقمي رئيسي في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، محليًا وإقليميًا، والمساهمة في تطوير الاقتصاد الرقمي، ودعم مستهدفات رؤية المملكة 2030.

والجدير بالذكر أن مجلس إدارة الشركة أصدر قرارًا بالتوصية للجمعية العامة بتوزيع أرباح نقدية على المساهمين عن السنة المالية المنتهية في 31 مارس 2025م، تأكيدًا على حرص الشركة الدائم على تعزيز العوائد للمساهمين ومشاركتهم نتائج النمو الإيجابي المحقق.

واختتمت الشركة بالتأكيد على التزامها بمواصلة تحقيق النمو المستدام وتعزيز الكفاءة التشغيلية، مدعومةً باستراتيجيات واضحة واستثمارات مدروسة، بما يسهم في تعزيز القيمة للمساهمين ودعم مكانتها في السوق.

قو للاتصالاتقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • وظائف خالية بالهيئة العامة للموانئ.. قدم الآن
  • عرقاب يتباحث فرص الاستثمار والتعاون الطاقوي مع سفيرة هولندا
  • عرقاب يتباحث فرص الإستثمار والتعاون الطاقوي مع سفيرة هولندا
  • اتجاهات مستقبلية
  • مسابقة 14031 وظيفة معلم مساعد للغة العربية .. الشروط والرابط وخطوات التقديم
  • وزير الخارجية مع مدير وكالة الطاقة الذرية سبل تهدئة الملف النووي الإيراني
  • وزير العدل يتفقد قصر عدل معان الجديد ويؤكد دعم التحول الرقمي
  • الرئيس الإيراني: مدير الطاقة الذرية لم يكن محايداً وهذا غير مقبول
  • اللون الأخضر يسيطر على أسواق المال العربية ختام تعاملات الأحد
  • «قو للاتصالات» تحقق نموًا ماليًا وتشغيليًا غير مسبوق.. فتحت آفاقًا جديدة عبر استحواذات استراتيجية وتوسعات