حصاد ضربات واشنطن ضد المليشيات خلال الأيام الثلاثة الأخيرة
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
نفذ الجيش الأميركي عدداً من الضربات الاستباقية ضد الجماعة الحوثية المدعومة من إيران خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر أغسطس (آب) في سياق السعي للحد من قدرتها على مهاجمة السفن، فيما تبنت الجماعة مهاجمة إحدى السفن في خليج عدن دون أية أضرار.
وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي الجماعة أنها تحاول منع ملاحة السفن ذات الصلة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها.
وأفادت القيادة المركزية الأميركية بأنها دمرت في 31 أغسطس طائرة دون طيار تابعة للحوثيين المدعومين من إيران، وزورقاً مسيّراً في المناطق التي يسيطرون عليها من اليمن.
وفي اليومين السابقين، أفادت القيادة المركزية بأنها دمرت 3 طائرات من دون طيار ونظاماً صاروخياً في منطقة تسيطر عليها الجماعة الحوثية، وقالت إن هذه الأنظمة تبين أنها تشكل تهديداً واضحاً وشيكاً للقوات الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه قد جرى اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.
وكانت واشطن قد أطلقت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ما سمته «تحالف حارس الازدهار» لمواجهة التهديد الحوثي للملاحة، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير (كانون الثاني) بمشاركة من بريطانيا.
وتلقت الجماعة الحوثية أكثر من 600 غارة منذ ذلك الوقت في مناطق عدة خاضعة لها بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات ضد السفن.
هجوم دون أضرار
في أحدث الهجمات الحوثية تبنت الجماعة الحوثية مساء السبت مهاجمة السفينة «جروتون» في خليج عدن، وقالت إنه الاستهداف الثاني للسفينة بعد هجوم في الثالث من أغسطس الماضي.
وفي حين زعم المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع إصابة السفينة إصابة مباشرة، ذكرت تقارير غربية أن قبطان السفينة أبلغ عن سقوط صاروخين بالقرب من مقدمتها ومؤخرتها دون أضرار.
من جهته، ذكر «مركز المعلومات البحرية المشتركة» التابع لقوات بحرية متعددة الجنسيات تضمّ الولايات المتحدة ودولاً أوروبية ومقره البحرين، أن السفينة «جروتون» استُهدفت بصاروخين باليستيين على مسافة 130 ميلاً بحرياً شرق عدن.
وأضاف أن الصاروخ الأول سقط على مسافة 50 متراً من مقدّم السفينة، والثاني سقط على مسافة 50 متراً من مؤخرتها، وأن السفينة واصلت مسارها، ولم تلحق بها أضرار.
وكان أحدث هجوم مؤثر ضد السفن قد نفذته الجماعة في البحر الأحمر في 21 أغسطس الماضي ضد ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عبر سلسلة هجمات؛ ما أدى إلى توقُّف محركها وجنوحها قبل أن يجري إخلاء طاقمها بواسطة سفينة فرنسية تابعة للمهمة الأوروبية «أسبيدس».
وبعد إخلاء الطاقم، اقتحم المسلحون الحوثيون الناقلة، وقاموا بتفخيخ سطحها وتفجيرها ما أدى إلى اشتعال الحرائق على متنها، وسط مخاوف من انفجارها، أو تسرب حمولتها من النفط البالغة مليون برميل.
ومع سماح الجماعة بقطر السفينة إثر تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، قال وزير خارجية حكومتها الانقلابية غير المعترف بها جمال عامر في تغريدة على منصة «إكس» إنه من المنتظر وصول قاطرات، الأحد، للبدء في سحب الناقلة «سونيون».
يشار إلى أن الجماعة تبنت مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر»، وحوّلتها إلى مزار لأتباعها
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
ضربات ترامب لإيران.. بين حسابات الردع وضغوط الحلفاء
واشنطن ـ لم تدُم المهلة التي تحدثت عنها المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، بشأن اتخاذ قرار تجاه إيران أكثر من يومين، رغم أن الأخيرة دعت للانتظار والترقب لمدة أسبوعين.
وجاءت الضربة الأميركية مبكرة، ومفاجئة، مستهدفة 3 منشآت نووية في عمق الأراضي الإيرانية، وسط تبريرات متباينة وتحليلات متضاربة في واشنطن.
ووصفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضربات بأنها "خطوة استباقية لحماية الأمن القومي الأميركي"، مستندة -وفق تصريح لمسؤولين- إلى معلومات استخباراتية تحدثت عن تسارع الأنشطة النووية الإيرانية ووجود "خطر وشيك" على الأمنين الإقليمي والدولي.
ورغم أن وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون شددت على أن العملية كانت "محدودة" وتهدف إلى إرسال رسالة واضحة دون الانجرار إلى مواجهة مفتوحة، فإن ترحيبا واسعا صدر من تل أبيب، حيث وصف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الضربة بأنها "خطوة حاسمة في الاتجاه الصحيح"، مضيفا أن "التهديد النووي الإيراني لم يعد يُحتمل ولا يحتمل التأجيل".
ويشير مراقبون إلى أن الضربة الأميركية جاءت في وقت حساس، إذ تدخل المواجهة بين إيران وإسرائيل أسبوعها الثاني، وسط دعوات إسرائيلية متكررة إلى تحرك عسكري دولي لـ"كبح المشروع النووي الإيراني"، مما يعزز فرضية أن الضربة لم تكن قرارا أميركيا صرفا، بل جاءت بتأثير مباشر من الحليف الإسرائيلي.
وفي حديث خاص للجزيرة نت، قال النائب الجمهوري السابق توم غاريت إن الضربة "محدودة ومبررة"، مضيفا أن "إيران تهدد بتدمير أميركا منذ عام 1979، وحين تقترب من امتلاك سلاح نووي، يصبح التحرك واجبا".
وأضاف أن طهران "تورطت في صراعات أنهكت المنطقة، وخصوصا في اليمن، ما يجعل تهديداتها جزءا من واقع لا يمكن تجاهله".
وفي المقابل، شكّك عدد من الباحثين في دوافع القرار الأميركي بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، معتبرين أنه لم يُبن على معطيات استخباراتية مستقلة، بل جاء نتيجة ضغوط سياسية من إسرائيل.
إعلانوتقول باربرا سلافين، الباحثة المتخصصة في الشأن الإيراني، للجزيرة نت، إن "صقور إسرائيل والمقربين منهم في واشنطن أقنعوا ترامب بأن اللحظة مواتية لضربة تقضي على البرنامج النووي الإيراني، بينما تمر طهران وشركاؤها بمرحلة ضعف". لكنها حذرت من أن الضربة قد تكون "نقطة اللاعودة"، مشيرة إلى أن "التهدئة باتت بعيدة المنال على المدى المنظور".
وعقب الضربة، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الهجوم بأنه "جريمة شنعاء"، مؤكدا أن واشنطن وتل أبيب "تجاوزتا خطا أحمر بمهاجمة منشآتنا النووية"، مضيفا "لا أعلم إن كان بقي أي خط للتفاوض بعدها".
وفي حين أعلن ترامب أن الضربة "دمرت البرنامج النووي الإيراني بالكامل"، نفت طهران تعرض المنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان لأضرار كبيرة، وأكدت استمرار البرنامج "دون توقف"، مع تلويح بإغلاق مضيق هرمز وتهديد مباشر لسلاسل إمداد الطاقة العالمية، وهو ما أثار مخاوف من أزمة طاقة جديدة.
ورغم التصعيد، تراهن الإدارة الأميركية على أن الضربة، إضافة إلى الضغط العسكري المتواصل من إسرائيل، قد تدفع إيران إلى العودة لطاولة المفاوضات.
ورفض جيم هانسون، المحارب الأميركي السابق والخبير في دراسات الأمن القومي، التعليق للجزيرة نت، مكتفيا بالقول إنه يفضل الحديث لقناة فوكس نيوز. لكنه صرّح لهذه بأن "النظام الإيراني قد يلوّح بالتصعيد، لكنه لا يريد حربا شاملة"، متوقعا أن "هاتف البيت الأبيض سيرنّ قريبا بمكالمة من طهران تعلن فيها استعدادها للعودة إلى التفاوض".
وفي السياق ذاته، قال النائب السابق توم غاريت إن "ما تقوله إيران وما يمكنها فعله فعليا أمران مختلفان"، مضيفا أن "الشعب الإيراني هو الخاسر الأكبر، في ظل نظام لا يظهر أي استعداد للتخلي عن طموحه النووي".
ويرى مراقبون أن التطورات الأخيرة تطرح سؤالا مفتوحا حول طبيعة الرد الإيراني واتجاه التصعيد، وسط أجواء مشحونة تشير إلى دخول المنطقة في فصل جديد من المواجهة، قد يصعب التحكم بمآلاته، خاصة مع غياب أفق واضح للتهدئة أو التفاوض.