في أواخر القرن الثامن عشر، تعلم صانعو الحديد في المملكة المتحدة طريقة جديدة استطاعوا بها تحويل خردة الحديد إلى حديد مطاوع، وكان هذا الابتكار هو الذي دفع بريطانيا لتصبح أكبر مصدر للحديد في العالم، والسبب الرئيسي وراء نجاح ثورتها الصناعية وتحولها إلى قوة اقتصادية عظمى. لكن وفقا لورقة بحثية (1) جديدة كتبتها الدكتورة جيني بولسترود، أستاذ تاريخ العلوم والتكنولوجيا في كلية لندن الجامعية، فإن براءة هذا الاختراع سُرقت من عمال سود كانوا مستعبدين لدى الإمبراطورية في ذلك الوقت، وقد ابتكروا هذه الطريقة في "مسابك الحديد" التي اشتهرت بها جامايكا.

هنري كورت.. "أبو صناعة الحديد" أم سارق؟

تاريخيا، يمكن تتبع صناعة الحديد إلى نحو 4000 سنة فائتة، عندما اكتشف القدماء أن المعدن الجديد أقوى وأكثر صلابة من البرونز، فاستبدلوا بالبرونز الحديد في صناعة الأسلحة والأدوات، فكان هذا إيذانا بنهاية العصر البرونزي وبداية "العصر الحديدي" (2)، الذي كان بمنزلة ثورة في عالم الصناعة تغيرت على أساسها اقتصاديات العالم القديم. وعلى مدار السنين التي تلت ذلك، ستعتمد جودة الحديد المنتج على الخام المتاح. وفي القرن السادس قبل الميلاد، سيطور الصينيون لأول مرة أفران الصهر لإنتاج الحديد الزهر، وهو حديد يحتوي على نسبة من 2% إلى 4% من الكربون، وهي الطريقة التي استمر استخدامها في أوروبا العصور الوسطى.

بداية من القرن السابع عشر، كان التوسع الحضري (3) المتزايد في أوروبا يتطلب معدنا هيكليا أكثر مرونة، خاصة مع بدء توسع خطوط السكك الحديدية التي كانت حافزا لخبراء المعادن حينذاك للبحث عن حلول مناسبة لمعالجة هشاشة الحديد خلال عملية الإنتاج، وهو الأمر الذي تمخض عنه في النهاية ولادة صناعة الحديد الحديثة عام 1856، عندما طوَّر هنري بسمر طريقة فعالة لاستخدام الأكسجين لتقليل شوائب الكربون في الحديد.

لم يسرق هنري كورت براءة اختراعه فقط، بل سيتضح فيما بعد أن الأموال التي استخدمها الممول البريطاني الشهير في صناعة الحديد قد اختُلست إبان فترة عمله بالبحرية الملكية. (مواقع التواصل)

لكن قبل "عملية بسمر" هذه، شهدت صناعة الحديد تطورا آخر نهاية القرن الثامن عشر هو الذي ساهم في جعل بريطانيا قوة اقتصادية عظمى وتربعت بعده على عرش صناعة الحديد، وهو التطور الذي يُنسب إلى الممول البريطاني هنري كورت. وُلد كورت (4) عام 1740، وقد خدم لمدة 10 سنوات بوصفه مسؤولا مدنيا في البحرية الملكية، تلك الفترة من حياته مكَّنته من جمع رأس المال اللازم للعمل في صناعة الحديد بداية من عام 1775 في مدينة بورتسموث البريطانية، وبعد ثماني سنوات فقط من هذا التاريخ، سيعلن كورت أنه تمكن من التوصل إلى طريقة جديدة للحصول على الحديد المطاوع من خردة الحديد، وهو الابتكار (5) الذي حصل على براءته نهاية القرن الثامن عشر، وقد سُميت تلك العملية بـ"عملية كورت" تيمنا باسمه.

من أجل هذا "الاكتشاف"، سيُشيَّد التاريخ الاقتصادي والصناعي بفضل كورت معتبرا إياه أحد الصناع الثوريين في العالم الحديث، وفي العشرين سنة التالية، سيتضاعف إنتاج الحديد البريطاني أربع مرات، حتى إن صحيفة "The Times" البريطانية لقبت كورت حين وفاته عام 1800 بـ"أبو صناعة الحديد"، لكن من الواضح أن تاريخ هذه الصناعة تعرض لعملية تزييف واسعة النطاق.

في بداية ورقتها البحثية التي نُشرت في المجلة العلمية "History and Technology"، تشير جيني بولسترود إلى أن علينا إعادة النظر في "أسطورة" هنري كورت هذه، خاصة أن هناك العديد من الدلائل التي تبرهن على أن "أبو صناعة الحديد" كان سارقا. لم يسرق كورت براءة اختراعه فقط، بل سيتضح فيما بعد أن الأموال (6) التي استخدمها الممول البريطاني الشهير في صناعة الحديد قد اختُلست إبان فترة عمله بالبحرية الملكية، الأمر الذي سيتسبب في أن تصادر الحكومة البريطانية براءة اختراعه، وتجعل تلك التكنولوجيا متاحة للجميع، ليموت كورت مفلسا وفقيرا كما بدأ.

مصانع الحديد "الجامايكية".. صاحبة الاختراع الحقيقي (شترستوك)

عندما زار الطبيب والكاتب الألماني الشهير هيرونيموس مونزر لشبونة عام 1494، رأى بنفسه كيف كانت أكثر تقنيات صناعة الحديد تقدما في أوروبا قائمة على مهارة عمال المعادن السود، إذ كان ملك البرتغال يعتمد على الحرفيين السود في أعمال الحديد الملكية، الأمر الذي يجعلك تدرك كم هو موغل في القدم ارتباط الحديد بتراث وثقافة الشعوب الأفريقية، ولماذا ارتبط الصعود الاقتصادي للدول الاستعمارية الكبرى بتجارة الرقيق.

في دراستها المثيرة، قامت بولسترود بتحليل المراسلات وسجلات الشحن وتقارير الصحف المعاصرة، لتثبت أن التكنولوجيا التي عُدَّت أحد أهم ابتكارات الثورة الصناعية طُوِّرت لأول مرة على يد 76 عاملا من الجامايكيين السود، كانوا يعملون في مصنع حديد بالقرب من خليج مورانت في جامايكا، في وقت كان أغلب عمال المعادن أشخاصا مستعبدين من غرب ووسط أفريقيا يُباعون رقيقا للعمل في المسابك ومصانع الحديد التي كانت مزدهرة داخل جامايكا حينذاك.

في ثمانينيات القرن الثامن عشر، كانت مسابك الحديد (7) الجامايكية مملوكة لرجل أبيض يدعى جون ريدر، الذي وصل إلى جامايكا عام 1770، وفي غضون عامين استطاع إنشاء مسبك حديد غرب خليج مورانت، الأمر الذي يجعلك تشعر أنه كان خبيرا في تلك الصناعة، لكن الورقة البحثية الجديدة تشير إلى عكس ذلك، فقد وصف ريدر نفسه في المراسلات بأنه "جاهل" تماما بعملية صناعة الحديد، مُشيرا إلى أن هناك 76 عاملا هم مَن أداروا المسبك بحرفية وكانت لديهم مهارات استثنائية، استطاعوا بها تحويل خردة الحديد رديئة الجودة إلى حديد مشغول عالي القيمة.

للأسف لم ترد في السجلات سوى الأسماء الأولى لبعض هؤلاء العمال، من دون الإشارة إلى أي شيء يدلنا إلى سير حياتهم وكيف عاشوا. ولكن في عام 1733، كتب القائد العام للأسطول الأميرال السير شالونر أوجل عن الأعمال الحديدية التي يقوم بها العمال في جامايكا، وقد أشار في مراسلاته إلى النظام المعمول به، فقد كان هناك سيد هو مَن يتلقى العمولة الكبيرة بنظام التعاقد، ومن ثم يتولى بعدها عملية جمع الحرفيين السود من الباطن الذين كانوا خليطا من الأحرار والمستعبدين.

كان إتقان فنون تحويل المعادن علما سياسيا -وفقا لجيني بولسترود-، إذ كان هناك دلالة سياسية في إعادة التصنيع التحويلية هذه للحديد داخل مجتمعات المارون الجامايكية. (شترستوك)

في جامايكا، كان إتقان فنون تحويل المعادن علما سياسيا -وفقا لجيني بولسترود-، إذ كان هناك دلالة سياسية في إعادة التصنيع التحويلية هذه للحديد داخل مجتمعات المارون الجامايكية، وهي المجتمعات التي تكوّنت من أحفاد الأفارقة الهاربين من العبودية، فكانوا يستخدمون حزم نفايات الحديد التي يلفونها كما يتعاملون مع حزم قصب السكر، ويسخنونها في الفرن، ويحركون هذا المعدن المصهور ببكرات محززة بدلا من البكرات الملساء التقليدية التي استُخدمت في إنتاج الحديد الأوروبي حينذاك، وقد مكنتهم هذه "التقنية" من ميكنة العملية البطيئة والشاقة الخاصة بإزالة شوائب الكربون من الحديد منخفض الجودة، وتحويله إلى معدن عالي القيمة.

من مصهور الحديد هذا صنع هؤلاء العمال أدواتهم والآلات الزراعية والمعاول وحتى البكرات الحديدية المحززة التي سحقت قصب السكر وصنعت منه هذا المسحوق الأبيض الحلو الذي اشتهرت به جامايكا. وبحلول عام 1781، كانت مصانع الحديد الجامايكية تحقق أرباحا مذهلة، قدرت بـ4000 جنيه إسترليني سنويا، وهو ما يعادل في يومنا هذا نحو 7.4 ملايين جنيه إسترليني (8).

هكذا أغلقت بريطانيا المصانع الجامايكية

بينما حققت مصانع الحديد في جامايكا أرباحا سنوية مذهلة، كانت صناعة الحديد التي قادها هنري كورت في بريطانيا تعاني وتواجه الإفلاس (9). ففي عام 1775، كان كورت قد وضع مبالغ طائلة لتأمين عقد مع البحرية الملكية يلزمه بأن يستبدل بالحديد الخردة القديم التابع للبحرية آخر جديدا. وقتها كان كورت يأمل في تحقيق ربح سريع وسهل، لكنه سرعان ما اكتشف أنه غير قادر على القيام بذلك.

وفقا لجيني بولسترود، علم كورت بأعمال الحديد الجامايكية من ابن عم له، كان ربان سفينة في جزر الهند الغربية، وكان عمله متمثلا في نقل السفن والبضائع والمعدات التي صُودِرت من جامايكا إلى بريطانيا، الأمر الذي مكَّنه من معرفة قصة مصانع الحديد الجامايكية، وتحديدا مسبك جون ريدر. تتبع الورقة البحثية (10) كيف قام هنري كورت بعدها بشحن آلات مصنع الحديد في خليج مورانت بجامايكا إلى بورتسموث، ثم فجأة بعد عام واحد من ذلك حصل هنري كورت على براءة اختراعه.

المسبك الذي كان يعمل بطريقة مبتكرة، فقد عمدوا إلى تجريفه وتسويته بالأرض، وذلك بعدما قاموا بتعبئة الآلات والمعدات على متن السفن البريطانية لنقلها إلى بورتسموث، حيث حصل هنري كورت على مبتغاه. (غيتي)

في عام 1782، بعد بضعة أشهر فقط من علم كورت بأمر مسبك جامايكا، ستأمر الحكومة البريطانية بإغلاق مصانع الحديد الجامايكية إلى الأبد، كان السبب المعلن هو الخوف من وقوعها في أيدي قوة منافسة مثل فرنسا أو إسبانيا أو هولندا. أما السبب غير المعلن، فكان قلق الحاكم العسكري من أن يستخدم السود الجامايكيون تلك التكنولوجيا في تحويل خردة الحديد إلى أسلحة، يستخدمونها فيما بعد للإطاحة بالحكم الاستعماري البريطاني.

أما هذا المسبك الذي كان يعمل بطريقة مبتكرة، فقد عمدوا إلى تجريفه وتسويته بالأرض، وذلك بعدما قاموا بتعبئة الآلات والمعدات على متن السفن البريطانية لنقلها إلى بورتسموث، حيث حصل هنري كورت على مبتغاه. في النهاية مكنت تلك التقنية الحديثة بريطانيا من تصنيع وتصدير كل شي تقريبا (11)، بما يشمل السكك الحديدية والسفن والمحركات والمعدات الحربية وحتى الجسور المعلقة وبناء الهياكل الحديدية للقصور.

تقول بولسترود مؤلفة الدراسة (12) إن نموذج المبتكر في مخيلة العامة من الناس طالما كان مرتبطا برجل أبيض يرتدي معطف المختبر، لكن لا يخطر على بالهم أبدا أن المبتكر يمكن أن يكون من السود المستعبدين في جامايكا في القرن الثامن عشر. عن ذلك يشير الدكتور ديفيد أندرس، أستاذ التاريخ الحديث في جامعة بورتسموث، إلى أن تلك الورقة أعادت الفضل في تطوير صناعة الحديد التي تفخر بها بريطانيا إلى أصحاب التكنولوجيا الحقيقيين في غرب ووسط أفريقيا.

لقد ارتبط الاقتصاد البريطاني والعبودية بعضهما ببعض ارتباطا وثيقا في القرن الثامن عشر، إلى درجة أن الفصل بينهما يبدو وكأنه محاولة مصطنعة للتخلص من ذنب الإمبريالية. هذا ما أشارت إليه الخبيرة الجامايكية التي تعمل حاليا على قضايا التعويضات، الدكتورة شيراي وارمنجتون، قائلة إن تلك النتائج (13) التي توصلت إليها الورقة البحثية الجديدة مهمة جدا لحركة التعويضات الحالية، خاصة أن الأمر لا يتعلق فقط بتجارة السكر أو التبغ أو القطن، بل يتعلق بالذكاء والابتكار الذي سُلب من الشعوب المستعمَرة واستُخدم لبناء ثروة الدول الاستعمارية. وتضيف أن تاريخ الثورة الصناعية قد قدم السود بوصفهم آلات، رغم كونهم محركا للابتكار وازدهار الصناعة، وقد حان الوقت لأن تعترف الدول الاستعمارية الكبرى بالابتكارات الأخرى التي لا تُعَد ولا تحصى وسُرقت من السود.

________________________________________

لمصادر:

Black metallurgists and the making of the industrial revolution History of the Balkan Egyptians The History of Steel Henry Cort The ‘Father of the Iron Trade’ Henry Cort who patented wrought iron processing ‘stole the technology from 76 Jamaican slaves’ Fareham’s Henry Cort ‘stole iron technology from slaves’ Industrial Revolution iron method ‘was taken from Jamaica by Briton’ Black metallurgists and the making of the industrial revolution Black metal-workers in Jamaica pioneered key industrial revolution innovation Fareham’s Henry Cort ‘stole iron technology from slaves’ Black metal-workers in Jamaica pioneered key industrial revolution innovation Industrial Revolution iron method ‘was taken from Jamaica by Briton’ Black metal-workers in Jamaica pioneered key industrial revolution innovation

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحدید التی الأمر الذی فی جامایکا الحدید فی فی صناعة

إقرأ أيضاً:

مكتبة الملك عبد العزيز العامة تعزز حضور المعرفة العربية والإسلامية وتوثق تاريخها

عزّزتْ مكتبةُ الملك عبد العزيز العامة بالرياض من حضور المعرفة العربية والإسلامية بمختلف عناصرها، عبر برامجها الثقافية المتعددة التي تهدف إلى عصرنة التراث وإعادة إلقاء الضوء على مكوناته اللغوية والأدبية والفنية، وتوثيق تاريخية هذا التراث ليشكل سردية خصبة لوعي الإنسان العربي ولرؤاه الفكرية في عالم اليوم.

ووصلت المكتبة هذا الشهر إلى أكثر من 700 إصدار عبر برنامجها للنشر العلمي ما بين كتب عربية ومترجمة وكتب باللغات العالمية، وكتب للأطفال، حيث نزعت المكتبة في استراتيجيتها الثقافية منذ تأسيسها إلى الاهتمام بالكتاب كمصدر أول للمعرفة، وركزت على إضاءة أهميته الكبيرة في تشكيل الوعي القارئ عبر المشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب، وعبر تسويق ثقافة القراءة بشكل مفتوح لمختلف القراء بالمجتمع من خلال استخدامها لحافلات مصادر التعلم التي نقلت المعرفة إلى القرى والبوادي والهجر والحدائق والمراكز العامة في مختلف أنحاء المملكة.

محتوى عربي وإسلامي:

ومن أبرز ما قامت به مكتبة الملك عبد العزيز العامة خلال مشوارها الثقافي المديد التركيز على القضايا التاريخية والثقافية للعالمين العربي والإسلامي إذ يشكل التراث العربي، والمقدسات الإسلامية ركنًا أساسيًا من عمل المكتبة، فالمكتبة تقتني 8571 كتابًا عن التراث، وأكثر من 8000 مخطوط و (35) ألف كتاب نادر، كما تمتلك المكتبة (700) خريطة من الخرائط النادرة خاصة عن الجزيرة العربية منذ عام (1482م)، بعضها باللغات اللاتينية القديمة، وفي مجال العملات والمسكوكات النادرة حرصت المكتبة على اقتناء أكثر من (8000) عملة نادرة ما بين ذهبية وفضية وبرونزية، من مختلف العصور الإسلامية.

وتحتفظ المكتبة بأهم مصادر ومراجع التراث الديني والفكري والأدبي، حيث أصدرت مجموعة كبيرة من الكتب التي توثق لجماليات التراث على أرض المملكة، كما أصدرت أكثر من 20 كتابا مصورا عن آثار المملكة وتقاليدها. تؤكد بالسرد والصورة على ملامح التطور بالمملكة، وإبراز تراثها وتاريخها وأماكنها وتتناول الآثار والفروسية والعادات الشعبية والفلوكلورية.

وعلى صعيد المحتوى العربي والإسلامي تضم المكتبة أكثر من 9000 مادة متنوعة عن فلسطين والقدس والمسجد الأقصى و مجموعة كبيرة من الوثائق الخاصة بالقضية الفلسطينية باللغتين العربية والإنجليزية، والمؤلفات النادرة التي ألفت عن فلسطين منذ مطالع القرن العشرين، كما أصدرت بشأن الأقصى كتابًا ضخمًا مصورًا عن كل الأماكن المقدسة والأماكن التراثية ومسجد قبة الصخرة ويتضمن مجموعة كبيرة من الوثائق والصور النادرة بعنوان " الأقصى" حيث احتوى الكتاب على (360) صورة تتضمن جميع تفاصيل المسجد الأقصى.

واهتمت المكتبة منذ إنشائها بتوثيق تاريخ القدس وعقدت المؤتمرات والندوات، منها ندوة ومعرض مصور عن القدس في العام 1998م، ومن بين الكتب النادرة التي تقتنيها المكتبة، والتي تعد مرجعًا مهمًّا للقضية الفلسطينية كتاب: " مدينة القدس" تأليف سي.آر.كوندر، الصادر في لندن العام 1909م، والذي يقدم خلاصة البحوث التاريخية والأثرية التي أجريت في القرن الـ19 وتتعلق بالتاريخ والمباني الأثرية لمدينة القدس عبر 4000 سنة.

وإيمانا من المكتبة بدور الترجمة في تفاعل الثقافات العالمية ومنها الثقافة العربية والإسلامية أطلقت جائزة الملك عبد الله العالمية للترجمة في أكتوبر 2006 وقد عقدت الجائزة دوراتها السابقة في عدد من عواصم العالم، وهي: الرياض، وبكين، وطليطلة، وساو باولو، وجنيف، وباريس، والدار البيضاء، وبرلين، والقاهرة، وقد شاركت في مختلف دوراتها 80 دولة عربية وأجنبية، فيما وصل عدد الأعمال المرشحة فيها أكثر من 1700، مترجمة إلى 45 لغة، وفاز بها 132 فائزًا.

ولأن السياحة الثقافية تشكل أحد مقومات القوة الناعمة السعودية، بدأت المكتبة في العمل على استراتيجية لاستيعاب تنوع الزوار من مختلف الدول، وبدأت في استقبال السياح الأجانب في مختلف فروع المكتبة حيث زارت المكتبة وفود صينية وإيطالية وفرنسية وعربية، وزار المكتبة عدد كبير من رؤساء المتاحف، ومن العلماء، والمتخصصين في علم اللغة.

توثيق وفهرسة:

شكل مركز الفهرس العربي الموحد الذي أطلقته مكتبة الملك عبد العزيز العامة مطلع أبريل 2007 عملا ثقافيا ناجزا، حيث وحد العمل المكتبي في 22 دولة، ويضم الفهرس (134) عضوا من المحيط إلى الخليج لمجموعة من المكتبات المختلفة منها الوطنية والأكاديمية والمتخصصة، (114) مكتبة، بالإضافة إلى عضوية الناشرين(11) عضوا والأقسام التعليمية (9) أقسام.

وقد تمكن الفهرس العربي الموحد من بناء أكبر قاعدة ببليوجرافية تحصر الإنتاج العربي. ويبلغ عدد تسجيلات الفهرسة المنقولة (3) مليون تسجيلة، وعدد تسجيلات المكتبة الرقمية ( 137000) فيما قدم (425) دورة قام فيها بتدريب 8300، وقدم (7) مبادرات، وعقد (180) ندوة ضمن البرنامج المعرفي للفهرس حضرها أكثر من (65000) من المتابعين والباحثين.

وقدم الفهرس سبع مبادرات هي: الانفتاح على اللغات الأخرى، والمبدعون العرب، والفهارس الوطنية، والمكتبة الرقمية العربية، ومبادرة البيانات المترابطة، ومبادرة الوصول الحر، وريادة الأعمال.

وعلى صعيد مساهمة الفهرس في بناء الفهارس الوطنية العربية فقد تم تدشين (11) بوابة لمكتبات الدول العربية هي:(السعودية، الإمارات، البحرين، عمان، الأردن، السودان، المغرب، الكويت، الجزائر، موريتانيا، تونس)، وسيستكمل الفهرس تدشين بقية بوابات مكتبات الدول العربية خلال الأعوام القادمة.

وتقدم مكتبة الملك عبد العزيز العامة استراتيجيتها الثقافية بشكل نوعي ينعكس على برامجها وفعالياتها المتعددة من لقاءات ومنتديات ومعارض ومشاركات فعالة تستهدف مختلف شرائح المجتمع، فيما توفر للدارسين والباحثين كل ما يمكن أن يحقق سبل البحث العلمي الدؤوب المتميز، كما تعمل على إيلاء الجوانب التقنية وما ينتجه عصر الميديا من تحولات القدر الكبير من المعايشة الاتصالية وبرامج الرقمنة، والتطوير المتجدد في التواصل المحلي والعالمي بما يخدم الفضاء البحثي والتنويري المتميز.

مقالات مشابهة

  • عاجل | سرقة 130 ألف سيارة سنويًا تكبد بريطانيا خسائر تتجاوز 1.7 مليار جنيه
  • «تنشيط السياحة» بـ الإسكندرية: المدينة تزخر بالآثار التي تثبت تاريخها الحضاري العريق
  • الرئيس الأوغندي يدعو للاعتراف بإسرائيل ويدافع عن تاريخها
  • بيان أمني: الإطاحة بـ”عصابة” سرقت مخلّفات حربية في البصرة
  • سوري يعثر على سيارته المسروقة ضمن مركبات الداخلية السورية
  • سوري يتفاجأ بسيارته المسروقة ضمن رتل أمني
  • يشاهدها أثناء الاستحمام.. القبض على شاب خدش براءة ابنته في المرج
  • مكتبة الملك عبد العزيز العامة تعزز حضور المعرفة العربية والإسلامية وتوثق تاريخها
  • دفاع بودريقة يتهم "أياد خفية" بتحريك متابعته ويدلي بصور موكله مع الملك وولي العهد والرئيس الفرنسي ك"دليل براءة"
  • عاملة اثيوبيّة سرقت مبلغاً من المال من داخل منزل وهربت