هل تفك وسائل التواصل عقدة العزوف في رئاسيات الجزائر؟
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
الجزائر- برز بشكل لافت في رئاسيات 2024 بالجزائر تعويل المرشحين على منصات التواصل الاجتماعي، ما جعلهم يخصصون فرقا تقنية محترفة في وسائل "الميديا الجديدة"، لمشاركة الناخبين محتويات البرامج الانتخابية والترويج لالتزامات المرشح الرئاسي، بعدما تحولت التجمعات الحزبية داخل القاعات إلى لقاءات مناضلين لتعبئة القواعد التنظيمية "محدودة التأثير الاجتماعي".
وإذا كان هناك من يعتبر تلك الوسائل فعالة انتخابيا بالنظر إلى سرعتها وانتشارها وطبيعة موادها الدعائية، ونقص تكلفتها المادية والبشرية، يؤكد مراقبون محدودية تأثيرها قياسا بشريحة الناخبين التي تبقى في عمومها من فئات عمرية متقدمة و"أميّة" وغير مندمجة في تكنولوجيات الاتصال الحديثة.
وبخصوص القاعدة اللوجستية لتكنولوجيا الاتصال ومؤشرات منصات التواصل في الجزائر، يكشف آخر تقرير رقمي لسنة 2024 عن الموقع المتخصص "داتا ريبورتال"، عن بلوغ عدد خطوط الهاتف النقال 50.65 مليون خط هاتفي، بينما وصل مستعملو الإنترنت 33.49 مليون مستعمل بمعدل 72.9 من عدد السكان.
ويشير التقرير نفسه إلى أنّ متوسط تدفق الإنترنت في الجزائر يقدر بـ21.36 ميغابايتا في الثانية للهاتف النقال و12.32 ميغابايتا في الثانية للإنترنت الثابت.
أما عدد مستخدمي فيسبوك فقد بلغ حوالي 24.85 مليون مستخدم، متجاوزا منصة يوتيوب بـ22.80 مليون مستخدم، ثم إنستغرام بـ11.40 مليون مستخدم، ورابعا سناب شات بـ7.88 ملايين مستخدم، قبل شبكة "لينكد إن" بـ3.90 ملايين مستخدم، وأخيرا منصة إكس بـ1.24 مليون مستخدم. ولأول مرة تتاح إحصائيات تيك توك بـ17.42 مليون مستخدم، وفق التقرير ذاته.
وفي تعقيبه على أهمية هذه المؤشرات، يؤكد يزيد أقدال، خبير الرقمنة وتكنولوجيات المعلومات، على مراعاة مجموعة ملاحظات أساسيّة.
وفي حديث للجزيرة نت، يشير إلى ضرورة معرفة الفئات العمرية المستعملة لوسائل التواصل بالإنترنت، وهل هي ضمن قائمة الناخبين أم لا، إضافة إلى مدى تحكّم خلايا المترشحين المتخصصة في "الميديا الجديدة" في التقنيات التي تسمح بانتشار أكبر للمحتوى المُسوّق.
في السياق، يكشف أحمد الأمين بوعدي، مسؤول الإعلام الرقمي بمديرية حملة المترشح حساني شريف عبد العالي، عن استهداف 100 مليون وصول إلكتروني خلال فترة الحملة وعبر الفضاءات الرسمية فقط.
وفي تصريح للجزيرة نت، أوضح أنّ الموقع الإلكتروني الرسمي مزود بتقنية المحادثة الذكية "شات بوت"، للسماح للمواطنين بمحاورة المترشح بشكل مباشر وسؤاله عن برنامجه الانتخابي، المرفق باللغتين العربية والفرنسية، والمُضمّن في بطاقة "كيو آر" بكل التصاميم.
وأكد المتحدث أن مرشح حركة مجتمع السلم يمتلك حسابات في كل المنصات التي يشرف عليها فريقه، ابتداء بصفحته على فيسبوك بـ217 ألف متابع، حيث حققت 20 مليون وصول إلكتروني منذ بدء الحملة في 15 أغسطس/آب الجاري، إضافة إلى حساب تيكتوك بـ40 ألف متابع، مع منصات أخرى.
كما يشرف الفريق على إنتاج كل أنواع المادة المرئية والصوتية لتغطية الجولات والتجمعات، مع ألبومات الصور وملخصات الفيديو واقتباسات التصريحات، وإخراج برنامج المترشح باعتماد الفيديو غرافيك، ليتم نشرها بمعدل 15 إلى 20 منشورا يوميا لكل منصة، يضيف بوعدي.
من جهته، أكد وليد زعنابي، نائب مديرية حملة المترشح يوسف أوشيش، تشكيل خلية للاتصال الرقمي، يؤطرها فريق من الشباب المتمكنين من التكنولوجيات الحديثة، تم تكوينهم مسبقا حول تسيير المحتوى السياسي والدعاية الانتخابية وكيفية تحقيق أهدافها.
وقال زعنابي للجزيرة نت إن التفاعل على شبكاتهم التواصلية زاد زيادة لافتة خلال الحملة الانتخابية، ويعملون للرد على كل المهتمين وتوجيههم، و"الأهم أنهم يسعون إلى تثمين هذه الحركية لتحقيق أهداف جبهة القوى الاشتراكية وتعزيز انتشارها الوطني".
أما صفحة المترشح عبد المجيد تبون على فيسبوك، والتي يظهر عليها 92 ألف متابع حتى الآن، فقد ركزت على التفاعل مع المواطنين، بتلقّي انشغالاتهم اليومية، باعتبارهم يخاطبون رئيسا متقدما لعهدة ثانية. لذلك تبرز كثيرا على الصفحة القضايا اليومية في تعليقات المواطنين، من قبيل مطالب برفع منحة البطالة وتوسيعها وزيادة السكن الاجتماعي وتوفير العمل والتوازن التنموي بين جهات الوطن.
ويُلاحظ أن فريق الصفحة حريص على التعقيب التفاعلي بإبراز التزامات الرئيس المترشح تجاه المواطنين للمرحلة القادمة، في محاولة لإقناعهم بتجديد الثقة في شخصه.
وعن التأثير المتوقع لاستخدام مرشحي الرئاسيات لتلك الوسائط على تقليص العزوف الشبابي الانتخابي، أكد محمد دحماني، مدير مخبر بحوث ودراسات في الميديا الجديدة بجامعة محمد بوضياف بمحافظة المسيلة، أن لها أدوارا مهمة للإقناع في الحملات الانتخابية بالجزائر.
وأرجع ذلك إلى توسع استخدام التكنولوجيات الحديثة بين الجزائريين، حيث تشير آخر الإحصائيات إلى أن 75% من إجمالي السكان فوق 18 سنة يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي. وبالتالي، فإن استخدام هذه الوسائط بفعالية من قبل المرشحين يمكن أن يسهم بشكل كبير في تقليص العزوف عن المشاركة السياسية، وفق تقديره.
وفي تصريح للجزيرة نت، أوضح دحماني أن وسائل الإعلام الجديدة تمنح المرشحين القدرة على التواصل المباشر مع الشباب، ومشاركتهم في النقاشات وتقديم برامجهم الانتخابية بطريقة جذابة ومبتكرة. كما أنه يمكن للمرشحين من خلال منصات فيسبوك، وإكس، وإنستغرام، الوصول إلى جمهور واسع، وبناء تفاعل مستمر معه، مما يعزز من انخراط الشباب في العملية الانتخابية، حسب تقديره.
زيادة ملحوظةوفي مسح كمي ونوعي لحضور "الميديا الجديدة" في الاستحقاق الرئاسي الحالي، أكد دحماني أن هناك زيادة ملحوظة في تفاعل الشباب مع المحتوى الانتخابي على وسائل التواصل من خلال التعليقات، والإعجابات، والمشاركة، مما يعكس رغبة في الانخراط بالعملية الانتخابية.
وشدد الباحث المختص على أن الرسائل المتوافقة مع اهتمامات الشباب وقيمهم تساهم في تعزيز الثقة بين المرشحين والشباب، مما يقلل من حالة اللامبالاة تجاه الانتخابات. وينبه إلى أن تأثير هذه الوسائل يظل مرتبطا بعدة عوامل، على رأسها مستوى التفاعل مع المحتوى المقدم، ومدى ثقة الناخبين في المعلومات المتداولة، وقدرة المرشحين على تقديم رسائل تعكس تطلعات الناخبين.
ولا يمكن كذلك تجاهل العوامل التقليدية في الاستقطاب الانتخابي، مثل الولاءات الحزبية والتأثيرات القبلية والدينية، ما يفرض على الإعلام الجديد امتلاك إستراتيجيات تواصل مدروسة، تعكس الواقع الاجتماعي والثقافي للمجتمع الجزائري، لضمان نجاحه في توجيه الناخبين، كما يؤكد دحماني.
ومن جهة أخرى، يرى إدريس بولكعيبات، أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة "قسنطينة 3″، أن أكبر شريحة مستخدمة لوسائل التواصل في الجزائر هي من المراهقين دون السن القانونية للمشاركة في الانتخابات. أما القسم الآخر فهو شباب غير مسيّس أو "اللامُنتمي"، وهذا ما يطرح مشكل فشل الأحزاب والمجتمع المدني في استقطاب وهيكلة هذه الطاقة الهائلة لخدمة القضايا الكبرى، حسب رأيه.
وقال بولكعيبات -للجزيرة نت- إن استخدام وسائل التواصل الجديدة في الغالب يكون كفضاء للتنفيس والترفيه وبناء علاقات اجتماعية عن بُعد، وقلما تُستخدم لأغراض سياسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات وسائل التواصل ملیون مستخدم على فیسبوک للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
اعتقال شبكة في الجزائر بسبب محاولة انتحار أمام وزارة العدل.. تخطيط تخريبي
أمر قاضي التحقيق بمحكمة سيدي أمحمد بالجزائر، اليوم الثلاثاء، بإيداع أربعة أشخاص السجن المؤقت ووضع خامس تحت الرقابة القضائية، بعد توجيه تهم خطيرة لهم على خلفية واقعة محاولة انتحار المواطن فوزي زقوط أمام مقر وزارة العدل، التي وصفتها النيابة بأنها جزء من "مخطط تخريبي منظم" يهدف إلى المساس بالنظام العام ونشر الفوضى عبر مواقع التواصل.
وقال بيان نيابة الجمهورية إن التحقيقات كشفت عن "مجموعة إجرامية منظمة" كانت وراء التخطيط المسبق للحادثة، حيث جرى توزيع الأدوار بينهم لتصوير المشهد ونشره عبر منصات التواصل الاجتماعي، في خطوة اعتبرتها السلطات "إخلالًا بالسير الحسن للمؤسسات" و"محاولة للمساس بالأمن العام".
وأوضح البيان أن التحقيقات أفضت إلى توقيف خمسة أشخاص، من بينهم مصور الفيديو الذي ثبتت علاقاته بأطراف خارج البلاد، وحيازته لعدة حسابات بنكية وتحويلات مالية مشبوهة، إلى جانب إقامته سابقًا في دولة أجنبية لمدة عامين.
وتمت إحالة القضية إلى قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمحكمة سيدي أمحمد، حيث وجهت للمتهمين تهم تتعلق بـ"القيام بأفعال تخريبية عبر عرقلة سير المؤسسات العمومية"، و"تعريض حياة الغير للخطر"، و"نشر أخبار كاذبة"، و"إساءة استغلال الوظيفة".
وأكد البيان أن قاضي التحقيق قرر بعد استجواب المتهمين، إيداع أربعة منهم الحبس المؤقت، فيما وُضع الخامس تحت الرقابة القضائية، في انتظار استكمال التحقيق القضائي.
محاولة الانتحار التي وقعت أمام مقر وزارة العدل أثارت ردود فعل واسعة في الجزائر، حيث تداول ناشطون مقاطع الفيديو على منصات التواصل، وسط تساؤلات حول الدوافع والظروف المحيطة بالحادثة.