كيف اختلف نهج رئيس وزراء بريطانيا العمالي تجاه إسرائيل عن سابقيه من المحافظين؟
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
شدد تقرير نشرته "فايننشال تايمز" على أن حكومة العمال البريطانية بقيادة كير ستارمر وجدت نفسها وسط اتهامات بأن تعليق تصدير أسلحة إلى "إسرائيل" ليس كاف في حد ذاته أو أنه ذهب بعيدا، مشيرة إلى نهج جديد يتبعه رئيس الوزراء البريطاني تجاه دولة الاحتلال يختلف عن حكومة المحافظين السابقة.
وأضاف التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن ستارمر أعاد تشكيل علاقة بريطانيا مع إسرائيل بشكل كبير منذ توليه منصبه.
وكمحام سابق في حقوق الإنسان، استأنف ستارمر تمويل بريطانيا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) وأوقف الاعتراض البريطاني على طلب المدعي العام للجنائية الدولية مذكرات لاعتقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت وأوقف الآن بعض تراخيص تصدير الأسلحة إلى "إسرائيل".
ورأت الصحيفة، أن التحركات التي قامت بها حكومة العمال تميز ستارمر عن حكومة المحافظين التي هزمها قبل شهرين وعن الولايات المتحدة. وفي الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء انتقادات شديدة من إسرائيل بشأن قراره الذي كان في النهاية قانونيا وليس مدفوعا بالاعتبارات السياسية والدبلوماسية الأكثر ضبابية.
وقال مسؤول عمالي بارز، إن ستارمر يتعامل مع أسئلة السياسة المهمة والمتعلقة بإسرائيل كخبير في القانون الإنساني الدولي. وقال كاتب سيرة رئيس الوزراء توم بالدوين، وهو مسؤول عمالي سابق إن نهج ستارمر من إسرائيل هو مثال آخر عن "تمسكه بسيادة القانون".
وفي الماضي، عمل ستارمر كمحامي مدافعا عن قضايا حقوق الإنسان وتولى قضايا إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية. وهذه قضايا حقوقية يصعب تبريرها بناء على الحكم السياسي كما يقول بالدوين. وأضاف أن "تحويلها إلى قرار قانوني هي طريقة جيدة للتغلب على سياسات كهذه".
وأشارت الصحيفة، إلى أن تعليق مجموعة من الرخص، يأتي مع كون بريطانيا ليست مزودا مهما للسلاح إلى إسرائيل. ورغم اعتماد الحكومة على المبرر القانوني إلا أن ستارمر واجه اتهامات بكونه أفرط في قراره أو أنه لم يذهب بعيدا.
ولفتت إلى ردة فعل نتنياهو وأركان حكومته والحاخام الأكبر في بريطانيا إلى جانب مواقف "أمنستي" ومنظمة "هيومان رايتس ووتش"، اللتان اشتكيتا من أن القرار جاء متأخرا وكان يجب أن يشمل على منع المزيد من الأسلحة، كما وشجبتا عدم شمل التعليق على قطع مهمة لمقاتلات أف-35.
وأكد وزير الدفاع البريطاني هيلي، أن بريطانيا ملتزمة بحكم القانون ولم يكن القرار ليرضي الطرفين في النزاع. وكان للقرار أثره على السياسة المحلية، فقد عبرت مجموعة أصدقاء فلسطين في حزب العمال عن رغبة في رؤية تعليق المزيد من الأسلحة، بما فيها المعدات المستخدمة في الضفة الغربية. وقالت مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب العمال إنها قلقة بشكل كبير وحذرت من تشجيع أعداء إسرائيل، وتحديدا إيران.
وكان وزير الخارجية السابق ديفيد كاميرون، عبر عن قلق من تزايد أعداد القتلى وعدم وصول المواد الإنسانية، وقال إن بريطانيا قد تفكر بالاعتراف بدولة فلسطين كجزء من جهود دبلوماسية تؤدي لدولتين وتنهي الصراع المستمر. لكن رغم التقييمات القانونية التي فحصت إن كانت إسرائيل تخرق القانون الإنساني الدولي في غزة، ظلت حكومة المحافظين مترددة في تعليق الأسلحة وواصلت دعمها للخطوات الأمريكية. وبدأت حكومة العمال بمراجعة السياسة حالة وصولها إلى السلطة وألغت بداية الحظر على تمويل أونروا الذي علق بعد اتهامات إسرائيل للمنظمة بأن موظفين فيها شاركوا في هجمات العام الماضي، وفقا للتقرير.
وجاء القرار البريطاني بعد قرار الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول استئناف الدعم. وبعد أسبوع قرر ستارمر التخلي عن التحدي القانوني لطلب مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية. وجاءت هذه التحركات بعد ضغوط شديدة من المناصرين لفلسطين أثناء الحملات الانتخابية، حسب التقرير.
وذكرت الصحيفة، أن ستارمر أثار رعب العديد من اليساريين في صفوف حزبه عندما قال في الأيام التي أعقبت هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر إن إسرائيل لها الحق في حجب الكهرباء والمياه عن غزة. ولكنه أصر لاحقا على أنه أخطأ في الكلام، مع أنه كان بطيئا في تصحيح كلامه.
وفي يوم الانتخابات خسر الحزب خمس دوائر انتخابية لمرشحين مستقلين مؤيدين لفلسطين، في وقت رأى عدد آخر من النواب تراجعا في شعبيتهم بسبب مواقفهم من الحرب. وأشار ستارمر قبل الانتخابات بأن حكومته ستقوم بمراجعة صادرات السلاح لإسرائيل حالة توليها الحكم.
ورغم القرار الأخير، نفى حزب العمال أن يكون هناك تحولا في العلاقات مع "إسرائيل".
وفي الماضي، اتخذ زعماء بريطانيون آخرون إجراءات مماثلة. وفرضت رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر حظرا على الأسلحة إلى إسرائيل في أعقاب غزوها للبنان في عام 1982. وقال أحد المسؤولين: "إن هذه الحكومة تواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس وفقا للقانون الدولي. وتظل بريطانيا ملتزمة تماما بأمن إسرائيل ضد التهديدات من جانب إيران وغيرها من الجهات الفاعلة الإقليمية".
ويعتبر الموقف الجديد لحكومة العمال تحولا يميزها عن حكومة المحافظين، فقد كشفت صحيفة "الغارديان" يوم الثلاثاء أن كاميرون تجاهل نصيحة بشأن خطر تواطؤ بريطانيا في جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة بسبب صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مستشار سابق في الخارجية البريطانية، قوله إن "وزير الخارجية السابق ديفيد كاميرون تجاهل نصيحة من مسؤولين في وزارة الخارجية في إسرائيل ولندن تفيد بوجود أدلة واضحة على انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في غزة، وهو ما قد يجعل المملكة المتحدة معرضة لخطر التواطؤ".
وقال المسؤول للصحيفة، إن ما ظهر في المذكرة "يشبه ما تم إرساله إلى الحكومة من مسودات مختلفة من قبل مستشاري وزارة الخارجية منذ شهر شباط/ فبراير، وكان الكثير منه مرتبطا بالوضع الإنساني المتدهور في غزة. ولكن ما تم نشره في النهاية كان بلغة أقل حدة".
وأضاف: "يجب أن نأخذ بعين الاعتبار المأساة، كم عدد الأرواح التي كان من الممكن إنقاذها لو تم إيقاف تراخيص تصدير الأسلحة في ذلك الوقت وليس في أيلول/ سبتمبر، وما هو التأثير المحتمل الذي قد يكون على كيفية رد فعل الدول الأخرى بوقف التجارة".
وتابع المسؤول في حديثه، "كانت النصيحة المرسلة إلى وزارة الخارجية واضحة بأن انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني كقوة احتلال.. كانت واضحة للغاية لدرجة أن هناك خطر تواطؤ المملكة المتحدة إذا لم يتم سحب التراخيص".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ستارمر الاحتلال بريطانيا بريطانيا الاحتلال ستارمر صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حکومة المحافظین حکومة العمال رئیس الوزراء حزب العمال
إقرأ أيضاً:
العودة الفلسطيني: لندن مطالبة بتحقيق في دور بريطانيا بـإبادة غزة
وجّه مركز العودة الفلسطيني مذكرة رسمية إلى أعضاء مجلس العموم البريطاني، داعياً إياهم إلى دعم المبادرة التي تقدّم بها النائب العمالي جيريمي كوربين لإجراء تحقيق عام ومستقل بشأن دور حكومة المملكة المتحدة في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، والتي وصفها حقوقيون بأنها قد ترقى إلى جريمة إبادة جماعية.
وتأتي هذه المذكرة بعد أن طرح كوربين مشروعه في البرلمان البريطاني بتاريخ 4 يونيو/حزيران الجاري، ضمن ما يُعرف بـ"قاعدة عشر دقائق"، حيث خاطب النواب قائلاً: "الإبادة الجماعية تُبث مباشرة أمام أعين العالم"، مشيراً إلى استشهاد أكثر من 61 ألف فلسطيني جراء القصف الإسرائيلي المتواصل، الذي استهدف المدنيين، والأطفال، والمستشفيات، والبنية التحتية، في حرب دمّرت القطاع المحاصر.
كوربين، الذي كان زعيماً سابقاً لحزب العمال، أثار في خطابه تورّط الأسلحة البريطانية في العدوان على غزة، بما في ذلك صادرات الأسلحة وقطع غيار طائرات F-35، بالإضافة إلى استخدام القواعد البريطانية مثل قاعدة أكروتيري في قبرص كمنطلق لدعم العمليات الجوية الإسرائيلية.
ويطالب مشروع القانون الجديد بـ: الكشف عن تراخيص تصدير الأسلحة البريطانية لإسرائيل؛ التحقق من استخدام البنية التحتية العسكرية البريطانية لدعم الهجمات؛ نشر معلومات استخباراتية وتسجيلات رسمية مرتبطة بالعدوان؛ توضيح موقف الحكومة من توصيف الجرائم في غزة بأنها إبادة جماعية، وما إذا تم تحذيرها قانونيًا من هذا الاحتمال.
وقد نال المشروع دعمًا واسعًا من أكثر من 40 نائبًا من أحزاب متعددة، في مؤشر لافت على تصاعد الضغط الداخلي داخل البرلمان من أجل محاسبة الحكومة البريطانية على سياساتها المرتبطة بإسرائيل.
وفي رسالته إلى النواب، شدد مركز العودة الفلسطيني على أن فتح تحقيق عام مستقل وشامل لا يقتصر فقط على كشف الحقيقة، بل يُعد اختباراً لالتزام بريطانيا باتفاقية منع الإبادة الجماعية والقانون الدولي، مشيرًا إلى خطورة أن تتحول الحكومة البريطانية إلى طرف متواطئ في جرائم ضد الإنسانية من خلال الدعم اللوجستي والتسليحي غير الخاضع للمساءلة.
وختم المركز بدعوة مفتوحة إلى جميع المواطنين البريطانيين، والناشطين المدافعين عن العدالة وحقوق الإنسان، إلى التواصل مع نوابهم البرلمانيين لحثهم على دعم هذا التحقيق، بما يضمن عدم إفلات أي طرف من المحاسبة، واحترام التزامات بريطانيا الأخلاقية والقانونية في الساحة الدولية.
وبدعم أمريكي تشن إسرائي حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 183 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.