الجزيرة:
2024-09-10@07:38:44 GMT

لماذا تقلق ألمانيا من صعود اليمين المتطرف؟

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

لماذا تقلق ألمانيا من صعود اليمين المتطرف؟

شهدت ولايتا تورينغن وساكسونيا الألمانيتان، يوم الأحد الماضي، انتخابات تاريخية أحدثت هزة في المشهد السياسي الألماني والأوروبي بشكل عام، إذ حقق حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) اليميني المتطرف مكاسب كبيرة في انتخابات الأقاليم، مما أثار ردود فعل متباينة بين السياسيين والمحللين والصحفيين داخل وخارج البلاد.

ففي ولاية تورينغن الواقعة شرق البلاد، حصد حزب البديل من أجل ألمانيا، 32.8% من الأصوات، متقدمًا بشكل كبير على الحزب المسيحي الديمقراطي الذي حصل على 23.6%، وحزب "دي لينكه" اليساري الذي حاز على 13.1%.

أما في ولاية ساكسونيا، فقد جاء البديل في المركز الثاني بنحو 30.6% من الأصوات بعد الاتحاد الديمقراطي بنسبة 31.9%، وبفارق كبير عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي -وهو حزب المستشار الألماني أولاف شولتس– الذي حصل على 6.1%.

ووصف الصحفي في مؤسسة دويتشه فيله "يوسف بوفيجلين" نتائج هذه الانتخابات بأنها "زلزال سياسي"؛ فعلى الرغم من تقدم الأحزاب اليمينية في نتائج الاستطلاعات التي أجرتها مؤسسات ألمانية عديدة، فإنّ أحدًا لم يكن يتوقع أن يحصد حزب البديل من أجل ألمانيا هذه النتائج غير المسبوقة.

وتعكس هذه النتائج -التي تمثل صعودًا غير مسبوق لليمين المتطرف في ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية- تحوّلًا كبيرًا في توجهات الناخبين الألمان، خاصة في الولايات الشرقية التي تعاني من تحديات اقتصادية واجتماعية، كما أنها تثير تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية والتعايش الاجتماعي في البلاد، بالإضافة إلى تأثيرها على سياسات الهجرة والاندماج.

ردود فعل داخل ألمانيا

عبّرت المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، عن قلقها العميق من هذه النتائج قائلة "هذه النتائج تمثل تحديًا كبيرًا لقيمنا الديمقراطية والتعددية، ويجب أن نعمل جميعًا على فهم أسباب هذا التحول، ومعالجتها من خلال سياسات تلبّي احتياجات المواطنين وتشجع على التماسك الاجتماعي".

والمعروف عن ميركل رفضها التعاون بين حزبها "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" وحزب "البديل من أجل ألمانيا"، وقد عبّرت عن ذلك في أكثر من مناسبة خلال فترة توليها منصب المستشارة وبعد خروجها من المنصب.

وفي السياق ذاته، أقرّ رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس بالهزيمة، وأكد على ضرورة إعادة تقييم إستراتيجيات الحزب قائلًا "علينا أن نتواصل بشكل أفضل مع المواطنين، ونستمع إلى مخاوفهم وتطلعاتهم. لا يمكننا تجاهل الرسالة التي أرسلها الناخبون من خلال هذه الانتخابات".

من ناحية ثانية، انتقدت وسائل إعلام ألمانية كثيرة تأخر ميرتس في التعليق على نتائج انتخابات تورينغن وساكسونيا، حيث لم يظهر إلا صباح يوم الاثنين في مقر الحزب في برلين، وقال "يجب على ائتلاف إشارة المرور -والمقصود هنا الائتلاف الحاكم المكون من الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الليبرالي- أن يصحح سياسته بشكل جذري، خصوصًا في ملف الهجرة".

فريدريش ميرتس زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني يتحدث إلى وسائل الإعلام (غيتي)

ويشار إلى أنّ حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي المعارض قد غيّر من مواقفه في الآونة الأخيرة بهدف جذب الناخب الألماني وإعادة بناء شعبيته داخل المجتمع، من خلال تأييده دعم الحكومة الألمانية بشكل غير مسبوق لأوكرانيا منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وأيضا تأييده المطلق لإسرائيل في حربها على غزّة.

هذا بالإضافة إلى كثير من الوعود التي أطلقها الحزب لناخبيه، وعدم استبعاد ميرتس العمل مع الحزب اليميني المتطرف لتشكيل الحكومة، حال فوزه في الانتخابات البرلمانية على مستوى الولايات في نوفمبر/تشرين الثاني القادم. إلا أنّ كل تلك التغييرات لم تشفع للحزب المسيحي الديمقراطي لدى دافعي الضرائب الألمان.

أمّا البديل من أجل ألمانيا، فقد عاش نشوة الفرح مساء الأحد، وأطلق عدد كبير من أعضائه تصريحات نارية فيما يخصّ رؤية الحزب لقيادة البلاد في الفترة المقبلة، إذ صرّح رئيس الحزب ألكسندر غاولاند -لموقع فرانكفورتر ألغيماينه- بأن هذه النتائج تعكس رغبة الشعب في تغيير جذري للسياسات الحالية".

ويضيف غاولاند "سئم الناخب الألماني من السياسات التقليدية التي فشلت في معالجة قضايا الهجرة والأمن والاقتصاد، نحن مستعدون لتحمل المسؤولية والمساهمة في بناء مستقبل أفضل لألمانيا". كما صرّحت نائبة رئيس الحزب أليس فايدل بأنّ حزبها قادر على مواجهة ملف الهجرة غير النظامية، والعمل على تقييد تلك الهجرة مَهْما كلّف الثمن.

غاولاند: نتائج الانتخابات بفوز حزب البديل من أجل ألمانيا تعكس رغبة الشعب في تغيير جذري للسياسات الحالية (غيتي) تأثير النتائج على المهاجرين والأقليات

من جهة ثانية، فإن هذه النتائج تثير مخاوف جدية بين المجتمعات المهاجرة والأقليات في ألمانيا، فقد دعا حزب البديل في برامجه الانتخابية إلى تشديد سياسات الهجرة واللجوء، بالإضافة إلى تعزيز الهوية الوطنية التقليدية، مما قد يؤدي إلى سياسات تمييزية وتزايد حالات العنصرية وكراهية الأجانب.

وفي هذا السياق، أعرب رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا أيمن مزيّك عن قلقه البالغ قائلًا "هذه النتائج تمثل نكسة خطيرة لقيم التسامح والتعددية التي بنيت عليها ألمانيا الحديثة، ونخشى أن يؤدي صعود اليمين المتطرف إلى تزايد الهجمات العنصرية وتقويض جهود الاندماج".

يُشار إلى أن دراسة رسمية أجراها المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين "بامف" في العام 2021 بطلب من مؤتمر الإسلام في ألمانيا ووزارة الداخلية الاتحادية، خلصت إلى أنّ هناك ما يقرب من 5.3 إلى 5.6 ملايين مسلم -من ذوي الأصول المهاجرة- يعيشون في ألمانيا، وتشكّل هذه الانتخابات صدمةً كبيرة لهذه الجالية بسبب المخاوف من تغير السياسة الألمانية فيما لو نجحت الأحزاب اليمينية المتطرفة بالوصول إلى قيادة البلاد.

وأكثر ما يثير القلق بين أوساط المهاجرين هو التضييق عليهم، وتقييد ممارستهم شعائرهم الدينية ومناسباتهم الاجتماعية، بالإضافة إلى مخاوف من عرقلة قرارات تمديد الإقامة أو التجنيس أو حتى التمييز في سوق العمل، وعدم الحصول على ظروف عمل جيدة.

وفي هذا الإطار، تقول فرح المحمد، وهي مدرسة لغة عربية في إحدى المدارس الألمانية "سيكون لنتائج تلك الانتخابات تبعات سلبية علينا كمسلمين نعيش في ألمانيا، ربما يتم منع الحجاب في الدوائر الرسمية مثلًا، وهو أمر تم ذكره عشرات المرات من قبل السياسيين اليمنيين".

على الصعيد الدولي

أما دوليا، فأثارت النتائج ردود فعل واسعة، حيث أعرب العديد من القادة الأوروبيين عن قلقهم من تنامي الشعبوية واليمين المتطرف في قلب أوروبا، حيث علّق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الأمر قائلا "استقرار ألمانيا ضروري لاستقرار أوروبا، ويجب أن نعمل معًا لمواجهة التحديات المشتركة، ونمنع انتشار الأفكار المتطرفة التي تهدد قيمنا الديمقراطية".

بينما انتقدت صحيفة وول ستريت جورنال عمل أحزاب الائتلاف الحاكم وعلقت بأنه لا ينبغي لوم الناخبين على فقدانهم الصبر مع "الأحزاب الحكومية التقليدية غير الفعّالة.. سئم الناخبون من أولاف شولتس وائتلافه الذي لا يستطيع التحكم في الهجرة، ويتمسك بأهداف المناخ رغم الضرر الاقتصادي الواضح والمتزايد".

أمّا صحيفة لا ستامبا الإيطالية، فقد أبدت مخاوفها من انهيار الاتحاد الأوربي فيما لو تمكن اليمين المتطرف من قيادة ألمانيا مستقبلا "كيف يمكن، في ظل وجود فرنسا التي لا تزال تبحث عن حكومة، وألمانيا ذات الأغلبية المتصدعة، أن تُبرم الاتفاقيات التي كانت في الماضي تدفع السياسة الأوروبية نحو الكثير من التقدم؟".

من جانبها علّقت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية على تلك النتائج "تعكس النتائج الإحباط المتزايد في شرق ألمانيا من حكومة يربطها الكثيرون بالتضخم العالي والركود الاقتصادي وارتفاع تكاليف الطاقة والخلافات الداخلية المستمرة، لكنها تظهر أيضا أنّ الناخبين يتجهون بشكل متزايد بعيدا عن الوسط السياسي لصالح الأحزاب الشعبوية على الأطراف السياسية".

التداعيات المحتملة على المشهد السياسي الألماني

تشكل هذه النتائج تحديا كبيرا لتشكيل حكومات مستقرة في كل من تورينغن وساكسونيا، إذ ترفض الأحزاب التقليدية الدخول في تحالفات مع حزب البديل من أجل ألماينا، الأمر الذي من شأنه أن يُعقد المشهد ويزيد من احتمالية إجراء انتخابات مبكرة أو تشكيل حكومات أقلية هشة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تدفع هذه النتائج الأحزاب التقليدية إلى إعادة النظر في سياساتها وخطاباتها لتستعيد ثقة الناخبين، مما قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في التوجهات السياسية والإستراتيجيات المستقبلية.

إذن فقد دق ناقوس الخطر بالنسبة لشولتس وائتلافه الحاكم، إذ تمتد تداعيات تلك الانتخابات إلى ما هو أبعد من حدود البلاد، بحسب الصحافة الألمانية.

لذلك، ستحتاج الأحزاب السياسية التقليدية والقادة السياسيون إلى استجابة حكيمة ومتوازنة للتعامل مع التحديات المقبلة، من خلال معالجة الأسباب الجذرية لعدم الرضا بين الناخبين وتعزيز قيم الديمقراطية والتعددية والتسامح، والعمل بشكل أكبر لإقناع دافعي الضرائب بالتصويت لهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات البدیل من أجل ألمانیا حزب البدیل من أجل الحزب الدیمقراطی بالإضافة إلى هذه النتائج فی ألمانیا من خلال

إقرأ أيضاً:

معلومات الوزراء يستعرض صعود الصين كقوة عالمية في مجال السيارات الكهربائية

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً تناول من خلاله صعود الصين كقوة عالمية في مجال السيارات الكهربائية، والعوامل التي ساهمت في هذا الصعود، والتحديات التي تواجهها حاليًا، وآفاق المستقبل لهذا القطاع الحيوي، مشيراً إلى أن صناعة السيارات الكهربائية شهدت تحولًا جذريًا في السنوات الأخيرة، حيث برزت الصين كقوة دافعة رئيسة في هذا القطاع، وبدعم حكومي قوي واستثمارات ضخمة تمكنت من تحقيق قفزة نوعية في إنتاج وتصدير السيارات الكهربائية، متجاوزة بذلك العديد من الشركات العالمية، ولكن مع تصاعد التوترات التجارية العالمية وفرض قيود على الواردات الصينية، تواجه الصين تحديات جديدة قد تؤثر في هيمنتها على هذه السوق الواعدة.

وأوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أن الصين تُعد من القوى الرائدة في مجال السيارات الكهربائية عالميًّا، إلا أن المنافسة تتزايد بشكل ملحوظ سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، وتتصدر الصين قائمة أكبر منتجي السيارات الكهربائية في العالم، حيث شهدت نموًا ملحوظًا في هذا القطاع، وفي عام 2022 استحوذت على حصة 59% من سوق السيارات الكهربائية (EV) العالمية، وفقًا لقاعدة بيانات EV Volumes، مع زيادة بنسبة 82% في مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة مقارنة بالعام 2021، لتصل إلى أكثر من 6 ملايين سيارة.

وأشار المركز، إلى أن تحليل مجلة MIT Technology Review قد أوضح بأن الصين في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين أدركت أنها تواجه تحديًا كبيرًا في منافسة الشركات الرائدة في صناعة محركات الاحتراق الداخلي التقليدية التي يتمتع بها المصنعون من الولايات المتحدة وألمانيا واليابان، والتي كانت قد تقدمت أيضًا في مجال السيارات الهجينة، لذا اختارت الصين استراتيجية بديلة تتمثل في التركيز على السيارات الكهربائية النقية، وفي عام 2001 جعلت الحكومة تكنولوجيا السيارات الكهربائية جزءًا أساسيًّا من خطتها الخمسية، التي تحدد الاستراتيجية الاقتصادية للدولة.

أضاف التحليل، أن الحكومة الصينية تعتبر صناعة السيارات الكهربائية ذات أهمية استراتيجية، وقد دعمت تطوير هذا القطاع من خلال سياسات ممولة بشكل جيد لتعزيز العرض والطلب، وفي الفترة ما بين عامي 2009 و2022، تم إنفاق أكثر من 200 مليار يوان (28 مليار دولار أمريكي) على دعم صناعة السيارات الكهربائية والإعفاءات الضريبية، وحتى عام 2022، كان بإمكان مشتري السيارات الكهربائية الاستفادة من سداد ما يصل إلى 60 ألف يوان (أكثر من 8000 دولار أمريكي).

وفي عام 2023، أعلنت الحكومة عن حزمة دعم خلال مدة زمنية أربع سنوات بقيمة 520 مليار يوان (أكثر من 72 مليار دولار أمريكي) للاستمرار في الإعفاءات الضريبية لمشتري السيارات الكهربائية، كما سيستمر إعفاء السيارات الكهربائية والسيارات الخضراء الأخرى من ضريبة الشراء في عامي 2024 و2025، مع تخفيض المعدل إلى النصف في عامي 2026 و2027.

كما توجَّهت الحكومة أيضًا بدعم مباشر للعديد من شركات تصنيع السيارات الكهربائية المحلية، حيث أظهرت البيانات التحليلية أن خمس من الشركات العشر التي تلقت أكبر قدر من المنح من الحكومة الصينية في النصف الأول من عام 2023 كانت مصنعة محلية للمركبات الكهربائية أو بطاريات السيارات الكهربائية، فقد حصلت شركة (BYD Auto) الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية (EV) في الصين، على 1.78 مليار يوان، بينما تلقت شركة ((SAIC Motor أكثر من 2 مليار يوان من الدعم.

بالإضافة إلى ذلك، تدعم الصين البنية التحتية المرتبطة بالسيارات الكهربائية، حيث تعمل محطات الشحن المدعومة من الحكومة على توفير وصول واسع باستخدام مقايس معيارية موحدة، مما يسهم في خفض التكاليف على السائقين ويخفف القلق بشأن المدى الذي يمكن أن تقطعه السيارة الكهربائية قبل الحاجة إلى إعادة شحن البطارية. ولقد أضافت الصين ملايين من شواحن السيارات الكهربائية، بما في ذلك حوالي 827، 500 شاحن فائق السرعة، مقارنة بحوالي 64، 000 شاحن في أوروبا، كما تم إطلاق مئات المحطات من قبل شركات السيارات في الصين لتبديل البطاريات المستنفدة بأخرى مشحونة، وهذا يعزز من سهولة الاستخدام ويزيد من جاذبية السيارات الكهربائية.

وإلى جانب إنتاج المركبات تُظهر الصين هيمنةً واضحةً في مجال تصنيع "بطاريات السيارات الكهربائية"، حيث تُسيطر على حصة كبيرة من السوق العالمية. وبالنسبة لتكلفة السيارات الكهربائية، تمثل البطارية حوالي 40٪ من تكلفة السيارة الكهربائية الجديدة، وهذا يدفع الدولة نحو تطوير تكنولوجيا منخفضة التكلفة في هذا المجال لتحقيق أرباح كبيرة. في حين يُفضل العديد من صانعي السيارات الكهربائية في الدول الغربية استخدام بطاريات "الليثيوم" و"النيكل" و"المنجنيز" والكوبالت (NMC) لأداء عالٍ ومدى طويل، في المقابل اختارت الشركات الصينية التركيز على تكنولوجيا فوسفات حديد الليثيوم (LFP)، التي تُعد أرخص وأكثر موثوقية.

وأشار التحليل إلى أن شركة CATL تعد من الشركات الرائدة في صناعة بطاريات LFP للسيارات الكهربائية، والتي استحوذت على حصة تقدر بحوالي 43.1% من السوق الصينية و36.8% من السوق العالمية في عام 2023، كما ارتفعت إعانات الحكومة الصينية الموجهة إلى الشركة من 76.7 مليون دولار في عام 2018 إلى 809.2 ملايين دولار في عام 2023. وحصلت شركة EVE Energy التي تحتل المرتبة الرابعة في الصين على 208.9 مليون دولار من الإعانات في عام 2023.

وأضاف التحليل أنه نتيجة لهذه العوامل، تُشير أبحاث (SNE) إلى هيمنة الشركات الصينية على سوق بطاريات الليثيوم العالمية، ففي الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023 جاءت ست شركات صينية من بين أفضل عشر شركات عالميًّا على مستوى استخدام البطاريات، وبما يمثل 62.9% من سوق بطاريات الليثيوم العالمية.

وأوضح مركز المعلومات العقبات والتحديات في طريق السيارات الكهربائية الصينية، ففي الوقت الذي يزداد فيه التحول العالمي بعيدًا عن محركات الاحتراق الداخلي، وأصبحت الصين رائدة عالميًّا في هذا المجال، بفضل استثماراتها الكبيرة بعد اعترافها بالأهمية الحاسمة للسيارات الكهربائية من الناحيتين البيئية والاقتصادية، تلقي التوترات التجارية والجيوسياسية بظلالها على هذا القطاع، حيث تسعي الولايات المتحدة إلى تقليل دخول السيارات الكهربائية (EV) المصنوعة في الصين إلى أراضيها، وفرضت رسومًا جمركية تزيد على 100%، خاصةً في الصناعات الحديثة المراعية للبيئة.

وفي الأشهر الأخيرة، سعي الاتحاد الأوروبي لتبني سياسة مشابهة لتلك التي تتبعها الولايات المتحدة تجاه الصين، فقد فرض الاتحاد الأوروبي في شهر يوليو 2024 رسومًا جمركية مؤقتة على بعض واردات السيارات من الصين، والتي من شأنها أن ترفع هذه الرسوم إلى 48% بعد الانتهاء من التحقيق الذي استمر لعدة أشهر بشأن المساعدات الحكومية الصينية لصانعي السيارات الكهربائية.

وفي إطار ذلك، تواجه شركة "سايك موتور"، المملوكة للدولة في الصين، أعلى رسوم جمركية، حيث تصل إلى 37.6% بالإضافة إلى معدل 10% المفروض حاليًّا، بينما تعرضت شركة "جيلي"، المالكة لشركة "فولفو كار"، لرسوم إضافية تبلغ نحو 19.9%، كما تقدر الرسوم على شركة "BYD" بنسبة 17.4%.

وفي سياق سلسلة من فرض الرسوم المتتالية من قبل دول مختلفة، وفي خطوة تتماشى مع إجراءات حلفائها الغربيين، تعتزم كندا فرض تعريفات جمركية جديدة على صادرات الصين من السيارات الكهربائية والألومنيوم والصلب، بهدف حماية الشركات المصنعة المحلية.

بالإضافة إلى ذلك، تُخطط الحكومة الكندية لفرض ضريبة بنسبة" 100% "على السيارات الكهربائية (EV) و"25%" على الصلب والألومنيوم المستوردة من الصين. وتُراقب كندا تحركات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لفرض تعريفات أعلى بكثير على السيارات الكهربائية (EV) الصينية، بالإضافة إلى البطاريات والخلايا الشمسية والصلب وغيرها من المنتجات الصينية.

ويُعد قطاع السيارات الكندي متكاملًا بشكل كبير مع القطاع الأمريكي، حيث يتم تصدير غالبية إنتاج السيارات الخفيفة، الذي بلغ 1.5 مليون وحدة في عام 2023، إلى الولايات المتحدة.

وأوضح التحليل أن حرب السيارات الكهربائية بدأ في الانتقال إلى ساحات القضاء الدولي، حيث تقدمت الصين بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية (WTO) بشأن الرسوم التي يفرضها الاتحاد الأوروبي (EU) على السيارات الكهربائية، وطلبت من المنظمة إجراء مشاورات حول النزاع المتعلق بالتحقيق الذي يجريه الاتحاد الأوروبي بشأن مكافحة الدعم للسيارات الكهربائية المستوردة من الصين، والرسوم التعويضية المؤقتة المفروضة على السيارات المستهدفة.

كما تقول الصين أن التدابير المتخذة تتعارض مع المادة السادسة من الاتفاقية العامة بشأن التعريفات الجمركية والتجارة لعام 1994، والأحكام المختلفة لاتفاقية (WTO) بشأن الإعانات والتدابير التعويضية.

ويُعد طلب المشاورات بداية رسمية للنزاع في منظمة التجارة العالمية، ويتيح هذا الطلب للأطراف المعنية فرصة مناقشة القضية ومحاولة الوصول إلى حل مرضٍ دون الاستمرار في التقاضي، إذا لم تُفضِ المشاورات إلى حل خلال 60 يومًا، ويمكن لمقدم الشكوى طلب التحكيم من قبل الهيئة المختصة التي تتولى فض النزاعات بين الأطراف المتنازعة.

وأوضح التحليل في ختامه أن سوق السيارات الكهربائية يشهد تحولات سريعة ومتسارعة، وتتنافس فيه الدول والشركات على تطوير تقنيات جديدة وتحسين كفاءة البطاريات، وعلى الرغم من الصعوبات التي تعترض طريقها، تظل الصين تحتفظ بإمكانيات هائلة تؤهلها للبقاء على قمة هذا القطاع، وسيعتمد نجاحها المستقبلي على قدرتها في التكيف مع التغيرات السريعة للسوق، والاستثمار في البحث والتطوير، وتطوير سلاسل إمداد أكثر مرونة. كما ستلعب العلاقات التجارية الدولية دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل صناعة السيارات الكهربائية (EV) في الصين والعالم.

اقرأ أيضاًوزير الإسكان يعلن الانتهاء من تنفيذ 2508 مشروع بـ 10 محافظات ضمن «حياة كريمة»

جامعة حلوان تنظم الملتقى الثاني لمديري المكتبات بالتعاون مع مكتبة مصر العامة

مقالات مشابهة

  • معلومات الوزراء يستعرض صعود الصين كقوة عالمية في مجال السيارات الكهربائية
  • سموترتيش ومملكة يهودا: يستغل منصبيْه لقتل أي حلم بدولة فلسطينية والوزير المتطرف يرد "هذه مهمة حياتي"
  • أمام منصور بن زايد..سبعة قضاة وأعضاء نيابة جدد يؤدون اليمين القانونية
  • أمام منصور بن زايد.. سبعة قضاة وأعضاء نيابة جدد يؤدون اليمين القانونية
  • خبير في العلاقات الدولية: نتنياهو متمسك بالتصعيد العسكري لاعتبارات سياسية
  • الخارجية الأمريكية: نبارك النتائج التي خلصت إليها الانتخابات الرئاسية في الجزائر
  • تراجع رهانات صناديق التحوط على صعود أسعار النفط لأدنى مستوياتها
  • قيادات ليبية تؤكد التزامها بالمسار الديمقراطي
  • إصابة كالافيوري مع إيطاليا تقلق أرتيتا
  • بيان مشترك من الحركة الشعبية لتحرير السودان التيار الثوري الديمقراطي وتحالف القوى المدنية لشرق السودان