يمانيون|أعد المادة للنشر: محسن علي
يُعد التحكيم العرفي القبلي ركيزة أساسية في فض النزاعات وحفظ السلم الاجتماعي ضمن المجتمعات القبلية, حيث يقوم هذا النظام على مجموعة من القواعد والسنن الثابتة التي تضمن العدالة والحياد، ويقع في صلب هذه العملية شخصية “المُحَكَّم” الذي يُعهد إليه بمهمة الفصل في الخلافات أو النزاعات أو القضايا بمختلف أشكالها, وفي هذا “الجزء التاسع” نستعرض دور المحكم، والصفات الواجب توافرها فيه، واستعراض “موانع التحكيم” الأحد عشر التي تمنع الشخص من تولي هذه المهمة وفقاً للثوابت العرفية في قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة لقبائل اليمن والتي ننشرها ضمن سلسلة حلقاتنا الأسبوعية.

. ومع التفاصيل

أولاً: المحكم (تعريفه وصفاته)

تعريف مفهوم “المُحَكَّم”:
المحكم هو: الشخص الذي يتولى قضية بهدف الفصل بين طرفي خلاف أو نزاع. يمثل المحكم السلطة العرفية التي تطبق قواعد العرف القبلي لإنهاء الخصومة.

 

الصفات الواجب توافرها في “المُحَكَّم”
لضمان فعالية التحكيم ونزاهته، يجب أن يتمتع المحكم بصفات أساسية، أبرزها:
الشخصية القوية: القدرة على ضبط الموقف والسيطرة على أطراف الخلاف.
الإلمام بقواعد العرف القبلي: المعرفة الشاملة والعميقة بجميع السنن والقواعد العرفية.
النزاهة: أن يكون مشهوداً له بالعدل والاستقامة.
الجزم بقول الحق: الشجاعة في اتخاذ القرارات الصارمة واللازمة دون خوف أو محاباة.

 

حق اختيار المحكم
يتمتع كل طرف من أطراف الخلاف بحق اختيار المحكم الذي يريده، وللغريم الحق في قبول هذا الاختيار أو اختيار محكم آخر.

 

ثانياً: المحكم “المتبندر” (غير المؤهل)
لا يُعد كل شخص مؤهلاً لتولي مهمة التحكيم, فالمواقف والقضايا لا يتولاها إلا الأشخاص الأكفاء.

تعريف مفهوم “المتبندر”
المتبندر هو: الشخص الذي “يتماطى للشيء وهو غير أهل له”.
والمحكم المتبندر هو: ذلك الشخص الذي يُختار محكماً وهو غير مؤهل لمخارجة المواقف والقضايا.

أسباب عدم الأهلية
تنبع عدم أهلية المحكم المتبندر من عدة عوامل، منها:
ضعف شخصيته
عدم إلمامه بالسنن والقواعد العرفية القبلية
عدم قدرته على الجزم بقول الحق واتخاذ الإجراءات العرفية الصارمة

نتائج تولي “المتبندر”
يُعتبر المحكم المتبندر شخصية ذات نقص لا يُصح أن توكل إليها المهام, وعند توليه الموقف، فإنه “يزيد الطين بلة ويزيد من هيجان أطراف الخلاف”، وقد يؤدي إلى مصائب لا تُحمد عقباها, ويتحمل المحكم المتبندر “سوماً ولوماً” عند القبائل، ويُمنع عرفاً من قبول تحكيمه في قضايا مستقبلية.

ثالثاً: موانع التحكيم الأحد عشر
موانع التحكيم هي الصفات التي إذا ثبتت على شخص تم اختياره محكماً، فإنها تُعطي للطرف الآخر حق الطعن في توليته وإبعاده عن التحكيم بقوة الثوابت العرفية المسنونة.
أولا: عدال متجدر ويعني: الشخص الذي لا يزال بحوزته طروح (عدال) قضية سابقة لم يستطع فصلها ومشكوك في قدرته على الفصل وسوقه للمواقف والقضايا وعدم ثبوت أهليته في موقف سابق.
ثانيا: السارق ويعني : الشخص الذي ثبتت عليه سوابق في السرقات كونه مجروح في عدالته ونزاهته.
ثالثاً: الزاني وهو الشخص الذي ثبتت عليه سوابق في الزنا كونه مجروح في عدالته ونزاهته.
رابعا: المشرك: الشخص غير المسلم (في العرف القبلي) إذ لا يصح أن يتحكم في قضية خلاف بين طرفين كون هذا يتطابق مع الشريعة الإسلامية في عدم جعل سبيل للكافرين على المؤمنين.
خامسا: صلة القرابة الشخص الذي تربطه صلة قرابة مع أحد الغرماء لضمان الحياد التام وعدم الميل لأحد الأطراف.
سادسا: قبل سن الرشد وهو الشخص صغير السن الذي لم يبلغ رشده بعد وذلك لعدم اكتمال الرشد يمنعه من الأهلية لاتخاذ القرارات الحاسمة.
سابعا: الطماع وهو الشخص الذي ثبت عنه فرض الأجرة المبالغ فيها عند توليه المواقف سابقا حيث وأن الطمع يجعله عرضة للميل عن الحق مقابل المال.
ثامنا: الداني: الشخص المهان في المجتمع لا يحق له أن يكون محكماً لافتقاره إلى المكانة والاحترام اللازمين لضبط الموقف.
تاسعا: الشاني وهو الشخص الذي ثبتت عنه سوابق أضرت بالمجتمع كون سوابقه تفقده الثقة والأهلية لتولي قضايا الخلافات.
عاشرا: خصم الخصم وهو الشخص الذي له خصومة سابقة مع الطرف الآخر وذلك لضمان الحياد وعدم تصفية الحسابات الشخصية.
الحادي عشر: المجنون وهو الشخص الذي يعاني من اختلال في العقل أو مصاب بحالة نفسية, وذلك لعدم أهليته العقلية التي تمنعه من الحكم السليم.

الخاتمة:

يُظهر العرف القبلي نظاماً دقيقاً ومحكماً في اختيار المحكمين، حيث لا يقتصر الأمر على مجرد المعرفة، بل يتجاوز ذلك ليشمل النزاهة، والقوة الشخصية، والحياد التام, إن وجود هذه الموانع الأحد عشر يؤكد على حرص العرف على تنقية عملية التحكيم من أي شوائب قد تؤدي إلى الظلم أو عدم الفصل السليم، مما يعزز من مكانة التحكيم العرفي كآلية فعالة وموثوقة لحل النزاعات على مدى التاريخ بين أوساط القبائل اليمنية.

المرجع: قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة لقبائل اليمن.. تأليف الشيخ صالح روضان.

#شروط_المحكم#صفات_التحكيم_القبلي#قبائل اليمن#معايير_التحكيم_القبلي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: وهو الشخص الذی هو الشخص الذی الم ح ک الذی ی

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تحذر حماس من البقاء خلف “الخط الأصفر” في غزة

صراحة نيوز – أوعز وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس لجيش بلاده بإيصال رسالة واضحة لقادة حركة حماس، مفادها أن أي عنصر من الحركة يبقى خلف “الخط الأصفر” في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل يجب أن يُغادر فوراً، محملاً حماس مسؤولية أي حادثة تقع. وتشير التقارير إلى أن الجيش بدأ بترسيم الحدود في قلب غزة، مع وضع علامات وسواتر لتحديد المنطقة التي يمنع فيها وجود الفلسطينيين، بعد شن هجمات إسرائيلية عنيفة أخيراً، نفت حماس مسؤوليتها عنها.

مقالات مشابهة

  • بعض الحالات لا بد من تطبيق القانون.. إيهاب رمزي: الجلسات العرفية تهدىء من نفوس الأطراف وتحقن الدماء
  • ماهية “الجسم المضيء” الذي ظهر في سماء ضواحي موسكو الليلة الماضية
  • خيرت بركات: الوجه القبلي يمثل 39% من سكان مصر ويُسهم بـ45% من المواليد
  • “مش خلص أخذتوا حقوقكم؟؟”
  • “إيه جيت” التركية للطيران تسيّر رحلات مباشرة إلى 3 مدن عراقية
  • مراد مكرم ينتقد الجلسات العرفية ووضع اليد على الأراضي ..تفاصيل
  • إسرائيل تحذر حماس من البقاء خلف “الخط الأصفر” في غزة
  • تعرف على مواصفات ومعايير جودة المياه الصالحة للشرب غير المعبأة
  • منال سلامة: أنا عاشقة السينما.. وعمل لجان التحكيم بدون مقابل.. فيديو