فيصل بن علي العامري **

في بداية الحديث نتحدث عن موضوع مهم قد يحدث للمنظمات بشكل غير محسوس الا وهو الانجراف الاستراتيجي؛ حيث يعد الانجراف الاستراتيجي التغيير المباشر في سياسات واستراتيجيات المنظمات التي تواجه هذا الانجراف.

ويسهم هذا الانجراف في انخفاض أداء بيئة المنظمة بجميع عناصرها داخليًا وخارجيًا، مما يجعل المنظمة غير قادرة على مواكبة المتغيرات البيئية التي يشهدها القطاع.

وهذا ينجم من أسباب عدة أدت إلى هذا الانجراف؛ ومن أهمها: العمل الروتيني للإدارة، وعدم قبول الاستراتيجية من الموظفين بسبب عدم إشراكهم في الإعداد أو عدم معرفتهم بها أو المتغيرات التي تنصب فيها، وهذا يأتي من القصور في التواصل بين مختلف التقسيمات الإدارية الثلاثة. كما ينتج عنه خلق عدم التركيز في اتخاذ القرارات والاختلاف في إجراءات العمل. وهذا الحدث من الشتات يكون حتمي ويخلق التمايز الاستراتيجي الذي ينتج عنه عدم التكامل والازدواجية في الاعمال.

هذا حال الكثير من المنظمات التي تكون ذريعة الانجراف غير المحسوس من متخذي القرار. وبعض المنظمات يظهر عندها هذ الانجراف بعد سنوات كانت تحقق بعض الأرباح والنتائج التي لا تجعلها في الاستدامة. كما يمثل غياب لغة التسويق أحد الأسباب التي تجر الانجراف؛ كون المنظمة تستمر بأليات تسويق بدائية لا تؤدي إلى الشمولية، كل هذه الأسباب قد تكون نتجية لغياب الثقافة المؤسسية في المنظمة وتفقد عناصر التنسيق بين التقسيمات الإدارية؛ مما يُنتِج عدم المقدرة على مراجعة الخطط والاستراتيجيات وتذبذب الإنتاجية وغياب الولاء الوظيفي وعدم الشفافية وغياب العدالة الوظيفية. وهذا يتسبب في وجود بيئة سامة ينتج عنها عدم الوضوح وازدواجية الخطط والقرارات واستبداد الموظفين؛ وذلك عندما تكون بيئة العمل بيئة طاردة للكفاءات، وتتعاظم المحاباة، وبعض الأشخاص يعتبرون أنفسهم غير خاضعين للمساءلة.

جميع المنظمات تحتاج إلى تقييم ورصد للعمليات خارجيا وداخليا لمعرفة موقعها في السوق، وأن تسعى إلى مواكبة السوق في البيئة المتغيرة بالركود وبعض الأزمات الاقتصادية والصحية والسياسية حتى تتمكن من المواكبة والاستمرار وتجاوز التنافس في السوق وذلك بتطوير المنتجات والخدمات التي تحقق الاستدامة.

وهنا يأتي دور الإدارة العليا في تفعيل دور الرقابة بشقيها العلاجي والوقائي الانجراف والتذبذب في محيط المتغيرات البيئية، حيث يتطلب العمل الاستراتيجي في تفعيل القرارات الاستراتيجية الذي يطلب من رأس الهرم الذي يكون دوره المسؤول عن تقييم الاستراتيجية وتطويرها بما يتلاءم مع متطلبات المستقبل.

وختامًا.. لا بُد من وجود خارطة استراتيجية معرفية واضحة لكل منظمة ويتم تقييمها وتطويرها بشكل مستمر بما يتواكب مع المتغيرات المختلفة. والعمل على تجويد الثقافة المؤسسية التي تكون رصيدها المعنوي لدى الموظف والمتعامل في المقام الأول، وكذلك خلق بيئة نظيفة تساعد على الحماس والشغف والابتكار لدى الموظف وتجنبه الاختلال المؤسسي الذي بدوره يوازن ويحافظ على الميزة التنافسية للمنظمة. وعلى الإدارة تجنب اختلال الثقافة المؤسسية التي تؤدي إلى خلق بيئة عمل سامة تكون طاردة للموظف الكُفء، وانخفاض الإنتاجية وتذبذب الروح المعنوية، والاستمرار بمبدأ العدالة والمساواة وتجنب التحيز الوظيفي، وتحلي القيادة بالحد من الانجراف الاستراتيجي وذلك بدعم الأداء والثقافة المؤسسية، ورسم سياسات واضحة في التخطيط تشمل المدى البعيد والقصير في آنٍ واحد، وذلك بالتقييم المستمر، واستخدام الحوكمة بالشكل الصحيح للاستمرار في مسار واضح يحقق أهداف استدامة المنظمة.

** متخصص في التنمية البشرية والتطوير المؤسسي. وباحث دكتوراة في فلسفة الإدارة والعلوم الاقتصادية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«الذكاء الاصطناعي ودوره في البحث الجنائي» في ندوة بجامعة بنها بالعبور

نظم الدكتور أحمد عبد الرؤوف المنسق الأكاديمي لبرنامج " العلوم البيولوجية والكيميائية في الأدلة الجنائية " ندوة علمية لطلاب البرنامج بمقر جامعة بنها العبور اليوم الثلاثاء بعنوان " الذكاء الاصطناعي ودوره في البحث الجنائي " وذلك بحضور عدد من الأكاديميين والمتخصصين.

جاءت الندوة برعاية الدكتور ناصر الجيزاوي، رئيس جامعة بنها، والدكتور جيهان عبد الهادي، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور حازم عليوة، المدير الأكاديمي لفرع الجامعة بالعبور، والدكتور محمد هيكل، عميد كلية العلوم.

في البداية قال الدكتور أحمد عبد الرؤوف: أن العديد من الدول بدأت في استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل واسع للتنبؤ بالجرائم كجزء من جهودها لتعزيز الأمن و على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، تم تطبيق أنظمة مثل PredPol، وهي أداة تنبؤية تعتمد على تحليل بيانات الجرائم التاريخية باستخدام التعلم الآلي أظهرت الدراسات أن هذه الأداة قادرة على تقليل معدلات الجرائم في بعض المناطق في واشنطن بنسبة تصل إلى 13% من خلال توقع أماكن الجرائم بدقة قبل وقوعها، مما ساعد قوات الشرطة على التخطيط المسبق.

وأشار عبد الرؤوف إلى استخدام أنظمة التنبؤ بالجرائم في مدن مثل لندن، حيث أثبتت هذه الأنظمة وفقًا لدراسة أجرتها شرطة متروبوليتان لندن، أن استخدام النظم التنبؤية ساعد في تحسين استجابة الشرطة وتقليل الجريمة في المناطق الحساسة بنسبة تصل إلى 15% في بعض الأحياء.

وفي كلمته، ألقي الدكتور زكريا عبد الحميد، الخبير في مكافحة جرائم الاحتيال المالي الإلكتروني بأبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في كشف الجريمة، حيث أشار إلى إن دور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لا يقتصر فقط في جانب مكافحة الجريمة والتي اعتبرها شخصيًا من أهمها ذلك لأنها تسهم في تعزيز الأمن والسلامة العامة للمجتمع، وإنما هناك استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات أخرى وعمل الأدلة الجنائية حيث ساهم الذكاء الاصطناعي في تقديم أدلة دامغة إلى الجهات القضائية حول الجرائم، إلى جانب توفير معلومات ودلائل إلى الأجهزة الأمنية لفك ألغاز الجرائم المعقدة، بالإضافة إلى ذلك فهي تلعب دورًا مهمًا وحساسًا بجانب الأمن السيبراني والتحقيقات الرقمية الجنائية، وذلك بربطها مع بعضها بعضًا بما لها قدرة على التنبؤ بمعظم الجرائم حتى قبل حدوثها.

وعلى هامش الندوة قام المنسق الأكاديمي للبرنامج بتكريم الطلاب الأوائل من الفرقتين الثانية والثالثة عن العام الجامعي 2023-2024 مع أخذ بعض الصور التذكارية.

مقالات مشابهة

  • عاصفة الفشل: مهمة أمريكية سرية لإسقاط صنعاء تنتهي بكارثة
  • قمة "خليجية- أمريكية" بلا "يمن".. حين يصبح الغياب دليلاً على الفشل
  • زيارة ترسيخ الفشل والخيبات والانبطاح العربي
  • الوعي المجتمعي ودوره في مواجهة التحديات المعاصرة.. ندوة لخريجي الأزهر بطنطا الإثنين
  • الوعي المجتمعي ودوره في مواجهة التحديات المعاصرة ندوة لخريجي الأزهر بشريعة طنطا
  • الذكاء الاصطناعي ودوره في البحث الجنائي .. ندوة بعلوم بنها
  • إدارة مستشفى الثورة في الحديدة تقر تقارير الأداء وتشيد بالتطور المؤسسي والخدمي
  • محافظ الإسماعيلية يشيد بالمنظومة الصحية ويؤكد سعيه لتطوير الأداء المؤسسي لها
  • «الذكاء الاصطناعي ودوره في البحث الجنائي» في ندوة بجامعة بنها بالعبور
  • ابو رغيف يبحث ورؤساء الصحف العراقية دعم مسار الإصلاح المؤسسي