خطر اقتصادي يهدد روسيا بعد سنيتن ونصف من الحرب في أوكرانيا
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
تعاني روسيا من ارتفاع أسعار الخبز بعد سنوات قليلة من الحرب الأوكرانية، مما يهدد البلاد بالركود التضخمي، في وقت أنفقت السلطات الروسية مليارات الدولارات على الجيش والجنود وعائلاتهم.
وارتفع سعر الخبز في روسيا في السنوات الأخيرة إلى حد بات أوليغ إيفانوفيتش مضطرا إلى الاستغناء عنه في بعض الأيام، لكنه يبدي استعداده للقيام بتضحيات في وقت يواصل الجيش هجومه على أوكرانيا.
ويقول المتقاعد البالغ 67 عاما "إننا نتعايش مع هذا الأمر. وحين تنتهي العملية العسكرية الخاصة، ستعود الأسعار إلى مستواها الاعتيادي"، في إشارة إلى توصيف موسكو لهجومها على أوكرانيا المستمر منذ شباط/فبراير 2022.
والتضخم الحاد الذي تخطى 9 % في آب/أغسطس هو من النتائج المباشرة لعسكرة الاقتصاد الروسي الذي بات خلال سنتين ونصف سنة يتوقف إلى حد بعيد على القطاع الدفاعي والعسكري.
وأنفقت السلطات الروسية مليارات الدولارات على الجيش والجنود وعائلاتهم وشركات الأسلحة، ووظفت استثمارات طائلة سمحت لها حتى الآن بالحد من تبعات العقوبات الغربية التي فُرضت على البلاد بهدف تجفيف مصادر تمويل مجهوده الحربي.
غير أن البنك المركزي الروسي يتحدث حاليا عن خطر جديد يهدد الاقتصاد الوطني وهو الركود التضخمي.
وحذّرت مديرته إلفيرا نابيولينا في تموز/يوليو بأن "نقص (اليد العاملة) قد يقود إلى وضع يشهد تباطؤا في النمو الاقتصادي رغم كل الجهود المبذولة لتحفيز الطلب، وتؤدي فيه كل هذه التحفيزات إلى تسريع التضخم".
وأضافت "إنه بشكل أساسي سيناريو ركود تضخمي لا يمكن وقفه إلا لقاء انكماش اقتصادي حاد".
الاقتصاد يتدهور
وفي حال تسجيل ركود تضخمي، وهو تعبير يشير إلى تضخم شديد بالتزامن مع نمو ضعيف أو حتّى منعدم، فسيطرح ذلك تحديا جديدا على الكرملين.
ومنذ أمر الرئيس فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا قبل أكثر من سنتين ونصف سنة، ارتفعت النفقات الفدرالية بحوالى 50 %، متسبّبة بارتفاع في الأجور وإنفاق الأسر.
وتراجعت البطالة إلى أدنى مستوياتها التاريخية فيما ارتفعت ثقة المستهلك إلى أعلى نسبة منذ 15 عاما.
لكن مع هجرة عمال مهرة وغير مهرة فروا إلى الخارج هربا من التجنيد أو التحقوا بالجيش طلبا للأجور المغرية، باتت ملايين المناصب شاغرة.
كما أن العقوبات التي حرمت روسيا من التكنولوجيا الغربية، انعكست سلبا على الإنتاجية وبلبلت سلاسل الإمداد.
وقال الأستاذ الروسي في مدرسة الاقتصاد في برشلونة روبن إنيكولوبوف لوكالة فرانس برس إنه "على المدى البعيد، ستؤدي هذه العوامل الديموغرافية وهذه المسائل التكنولوجية إلى نمو ضعيف جدا".
وتابع "من المحتمل جدا أن نشهد سيناريو ركود تضخمي عام 2025 وفي السنوات التالية".
وأقر البنك المركزي الروسي بوجود "مؤشرات إلى تباطؤ النمو".
إلا أن معدل الفائدة الرئيسية وصل إلى 18 %، ما يثير استياء أرباب العمل الذين يشكون من تزايد تكاليف القروض المصرفية، ما يعيق بشكل إضافي النمو في قطاعات غير مرتبطة بالجيش.
وأوضح ماكسيم بويف من معهد الاقتصاد الجديد في موسكو أن روسيا عالقة في "حلقة مفرعة من التضخم والكينيزية العسكرية، بحيث أن التحفيزات تذهب إلى الحرب، فيما بقية الاقتصاد يسجل ارتفاعا في الأسعار".
ويؤكد بوتين من جهته أن الإنفاق العسكري يمثل "موردا كبيرا" يمكن أن يحرك النمو في روسيا، غير أن العديد من المراقبين يشكّكون في ما إذا كانت فوائد هذه الاستثمارات العسكرية كافية للتعويض عن التكاليف الباهظة.
وقال فلاديسلاف إنوزمتسيف أحد مؤسسي مركز التحليل والاستراتيجيات في أوروبا، مكتب الدراسات المتخصص في شؤون روسيا، إن "الاقتصاد يتدهور، يبتعد عن النمط العصري".
ولفت إلى أن السلطات "تعتمد الأنماط والمعايير والمناهج السوفياتية، التقدم التكنولوجي غائب... والتطوير محدود جدا".
جيش مهيأ لنزاع طويل الأمد
ويرى الخبراء الذين جرت مقابلتهم أن هذا النظام لا يمكن أن يستمر على المدى الطويل، لكنه في المقابل لا يحدّ من قدرات روسيا العسكرية.
ويعتقد سيرغي ألكساشنكو نائب وزير المال السابق المقيم حاليا في المنفى، أنه ينبغي الانتظار لمدة عقد قبل أن "تظهر" فعليا مفاعيل الحظر على تصدير التكنولوجيا إلى روسيا.
وفي هذه الأثناء، تملك موسكو الموارد لخوض نزاع طويل الأمد، فلديها حوالى 300 مليار دولار من الاحتياطات التي لم يجمدها الغرب، ونسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي متدنية بنسبة تقارب 15 %، كما أعلن الكرملين زيادات كبيرة في الضرائب ستجني له عائدات إضافية بمليارات الدولار في السنوات المقبلة.
وقال إنيكولوبوف "ما زال هناك هامش كبير لإعادة توزيع الموارد، لن يوقفوا الحرب لنفاد الإمدادات".
ورأى إنوزمتسيف أن روسيا "قد لا تستمر إلى ما لا نهاية" في الحرب، "لكن لديها بالتأكيد المال والموارد الكافية لمواصلتها لسنوات عدة بالكثافة ذاتها التي هي عليها اليوم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي روسيا الركود التضخمي روسيا الحرب الاوكرانية ركود تضخمي المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
وول ستريت جورنال: الاقتصاد الصيني يُظهر علامات تباطؤ.. وبكين تعاني من زيادة الضغوط
رصدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الجمعة، بيانات جديدة حول أداء الاقتصاد الصيني تشير إلى تباطؤ واسع النطاق في الشهر الماضي، ما زاد الضغط على بكين لبذل المزيد من الجهود لتحفيز النمو وزيادة إنفاق المستهلكين في مواجهة رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية.
وذكرت الصحيفة، في مستهل تعليق، أن النمو السنوي في مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي تباطأ في يوليو مقارنةً بشهر يونيو، وفقًا لأرقام رسمية صدرت في بكين اليوم الجمعة، في إشارة مبكرة إلى أن الأشهر الستة الثانية من العام الجاري ستكون أصعب على الاقتصاد الصيني مقارنةً بالنصف الأول الذي سجل أداءً أقوى.
وأضافت أن أزمة سوق الإسكان، واصلت عرقلة النمو، حيث أظهرت أرقام جديدة انخفاض أسعار العقارات وانكماش قطاع البناء، في حين ارتفعت معدلات البطالة بشكل حاد مع دخول ملايين الخريجين الجدد إلى سوق عمل ضعيف.
وقد أحجم كبار القادة الصينيين عن الإعلان عن أي تدابير تحفيزية جديدة مهمة في يوليو الماضي، وهو موقف حذر يرى الاقتصاديون أنه سيحتاج إلى إعادة نظر لإبقاء هدف النمو البالغ 5% لهذا العام في متناول اليد.
وأفاد المكتب الوطني للإحصاء الصيني الشهر الماضي أن الاقتصاد نما بمعدل سنوي قدره 5.3% في الفترة من يناير إلى يونيو، لكن الحفاظ على هذا الزخم خلال النصف الثاني سيكون، حسبما أبرزت الصحيفة، أكثر صعوبة مع تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على التجارة العالمية، وفقًا للاقتصاديين.
ورجحت "وول ستريت جورنال"، أن يتراجع الدعم الذي حظيت به الصادرات الصينية نتيجة اندفاع المستوردين الأمريكيين لتكثيف عمليات الشراء قبل دخول الرسوم الجمركية حيّز التنفيذ، بعدما أصبحت العديد من تعريفات ترامب نافذة بالفعل.
وكانت الولايات المتحدة والصين قد اتفقتا مطلع الأسبوع على تمديد الهدنة التجارية بينهما لمدة 90 يومًا إضافية، لكن الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات الصينية ما تزال مرتفعة بشكل مؤلم وتؤثر مباشرة على حركة التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم.
ووفق تقرير صدر في أغسطس عن مؤسسة "جلوبال تريد ألرت" السويسرية المتخصصة في متابعة السياسات التجارية، فإن متوسط الرسوم المفروضة على الواردات الأمريكية من الصين يبلغ نحو 43.5%، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف النسب بين المنتجات واستثناء بعض السلع من هذه الرسوم.
وتؤثر الرسوم المرتفعة أيضًا، حسبما ذكرت الصحيفة الأمريكية، على الصادرات الصينية التي يتم إعادة توجيهها عبر دول ثالثة مثل فيتنام، إذ تعهّد ترامب بفرض عقوبات إضافية على أي بضائع صينية يثبت أنها دخلت السوق الأمريكية بعد إعادة شحنها من دول أخرى، رغم أن تفاصيل تنفيذ هذه السياسة لا تزال غير واضحة.
ومع تراجع زخم نمو الصادرات، يرى اقتصاديون أن بكين ستكون مضطرة لتعزيز الإنفاق المحلي للحفاظ على وتيرة النمو. لكن حتى الآن، لم تتخذ الحكومة سوى خطوات محدودة، شملت برامج صغيرة لدعم القروض الاستهلاكية وتقديم مساعدات مالية للراغبين في الإنجاب، ضمن حزمة سياسات أُعلنت مؤخرًا.
وفي الشهر الماضي، أحجم كبار القادة في الصين عن إطلاق حزمة تحفيز كبيرة، حيث تعهّد المكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم بمواصلة السياسات القائمة، بما في ذلك برنامج استبدال السلع الاستهلاكية لتعزيز الإنفاق وتقديم دعم مالي لقطاع الخدمات.
وقالت زي تشون هوانج، الخبيرة الاقتصادية لدى "كابيتال إيكونوميكس"، إن فرص حدوث تعافٍ اقتصادي كبير خلال ما تبقى من العام تبدو ضعيفة، مشيرة إلى تراجع الطلب الخارجي على الصادرات، وضعف استجابة الحكومة حتى الآن.
من جانبه، قال تشيوي تشانج، كبير الاقتصاديين في مؤسسة "بينبوينت" لإدارة الأصول: " إن النمو الذي فاق التوقعات في النصف الأول من العام يمنح بكين بعض المساحة لتحمل تباطؤ طفيف في النصف الثاني"، وأضاف أن المزيد من البيانات الضعيفة خلال الربع الثالث قد تجبرهم على تغيير رأيهم.
كذلك، أعلنت وكالة الإحصاء اليوم أيضًا أن مبيعات التجزئة في الصين نمت بمعدل سنوي بلغ 3.7% في يوليو، بانخفاض عن وتيرة 4.8% في يونيو. وقد ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 5.7% على أساس سنوي، بانخفاض عن زيادة يونيو البالغة 6.6%، كما تباطأ الاستثمار في المباني والمصانع والأصول الثابتة الأخرى.