موقع 24:
2025-08-13@21:44:19 GMT

الديمقراطية..الرأي الآخر!

تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT

الديمقراطية..الرأي الآخر!

سهر بعض المهتمين في الشرق الأوسط، مساء الثلاثاء ليلة الأربعاء الماضي، من أجل متابعة ما عرفته بعض الصحافة الأمريكية بـ"مناظرة القرن" بعد أسابيع من المتابعة الحثيثة للسباق بين دونالد ترامب وكامالا هاريس، والإثنان يختلفان تقريباً في كل شيء، الجندر والاجتهاد السياسي، بل وحتى لون البشرة، وطبيعة الخلفية الاجتماعية والاقتصادية، لذلك تشوق الناس لمعرفة نتيجة ما تُسفر عنه المقابلة التاريخية، والنتيجة أن الصراع في بلد كبير يرتكز على كسب نسبة صغيرة من الأصوات، التي تسمى "غير المقررة"، وهي التي ترجح الفائز.


القضية الأعمق في الديمقراطية الغربية هي التي يطرحها الأكاديميون وتتعلق بسؤال، هل تحقق الديمقراطية الليبرالية ما يتوقع أن تحققه لدى من بشّر بها؟ أي تحقيق الخير العام، من خلال تقرير المصير الجماعي في صناديق الانتخاب، وبناء مؤسسات يراقب بعضها بعضاً؟ خاصة في الظروف المتغيرة في العالم، يرى البعض أن ما تنتجه الممارسة هو في معظمه سلبي، وأن النقاط التي أشار إليها المرشحان تدل على سطحية وربما ابتذال للعقل المتابع.
هنا نعود إلى الكتاب اللافت الذي صدر حديثاً لكاتبين أحدهما أمريكي والثاني ألماني، وهما أرمن شافير وميشيل زورن والكتاب العنوان الأقرب إليه بالعربية "نكوص الديمقراطية" The Democratic Regression والعنوان الفرعي "الأسباب السياسية لانتشار السلطوية"!
يناقش الكتاب في جوهره تراجع الفعل الإيجابي للديمقراطية الليبرالية، وميلها إلى الشعوبية التي تنتج في النهاية قادة يدغدغون مشاعر العامة، ومفلسين من الأفكار الكبرى! لذلك يتدهور الاقتصاد وتتسع الفروقات في المجتمع، وتنشب الحروب.
يرجع الكتاب إلى تقرير البنك الدولي لعام 2012، الذي درس الخلل في توزيع الثروة على المستوى العالمي بين عام 1998 و2008 عام الأزمة الاقتصادية العالمية، ويستعير ما جاء به ذلك التقرير من مفهوم جديد في الاقتصاد وهو "منحنى الفيل" من ذيل الفيل في التراب، كما قال، أي النمو الصفري للدول الفقيرة، ثم يصعد تدريجياً ذلك المنحنى بنسبة 5 في المائة حتى يصل إلى ظهر منحنى الفيل الدول الصناعية، ثم يعود إلى الأسفل، وفجأة ينتعش إلى أعلى، هذا الانتعاش الأخير حققته، كما يقول الكتاب،  الدول "الشمولية" مثل الصين وسنغافورة.
يذهب التحليل إلى أن جاذبية الديمقراطية الليبرالية بمؤسساتها المختلفة، التي اعتقد كثيرون أنها حققت نصرها النهائي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تلك الجاذبية سرعان ما خفت، ووضعت تحت المجهر، لأنها اعتقدت بمبدأ لم يتحقق، وهو أن "الخير الخاص ينتهي بخير عام"، وتبين أن كثيراً من المجتمعات التي طبقت تلك الديمقراطية الليبرالية سرعان ما خلفت "منحنى الفيل" في مجتمعاتها، أي أصحاب دخول ضخمة من جهة، وفقراء من جهة أخرى، وتحولت الممارسة إلى "أوتوقراطية انتخابية" لفرد واحد أو عدد من الأفراد يقدمون أنفسهم بـ"المخلصين! وتنتهي بشكل انتخابي شكلي، تفرز قيادات قد تكون غير ناضجة سياسياً.
المثال، وعد ترامب ناخبيه في عام 2016 أنه سيحقق الكثير من الرضاء الاقتصادي، عن طريق رفع الأسوار ضد الأجانب، ورفع الضرائب ضد البضائع القادمة من أعالي البحار، وبالفعل قام بالكثير من تلك السياسات، إلا أن مراهنته على أصحاب رأس المال بالمشاركة في أرباحهم طوعاً مع آخرين كانت مراهنة خاطئة، فالطبيعة البشرية لا تقبل المساواة طوعاً، فتصاعد "منحنى الفيل" في آخر سنوات حكمه، لقلة غنية وأغلبية تحت المتوسطة وحجم كبير من الفقراء، ولسوء الحظ مع اجتياح جائحة كورونا للعالم وأمريكا، التي قرر أن يستهين بها، أصبحت الدخول في أمريكا ذات فروق أكبر، من أي فترة زمنية سابقة.
على الجانب الآخر حققت الصين الشمولية نجاحاً باهراً في الاقتصاد، واستطاعت أن ترفع ملايين من الصينيين من قاع الفقر إلى الطبقة الميسورة، الصين اليوم من فريق "العالمية الجنوبية" الجديدة، وأكثر مساواة في توزيع الدخل نسبياً بين مواطنيها والأغزر إنتاجاً والأرخص، وأقوى أسطول بحري في العالم، وأصبح نموذجها خياراً آخر لدول العالم، وأثبتت خطأ الفكرة القديمة، وهي أن الشمولية بالضرورة تنحاز لقلة في المجتمع، النموذج الصيني والسنغافوري القيادة فيهما ثبت من النتائج أن الخير العام جزء كبير في سياساتها التي حققت النمو وتوزيعاً معقولاً للثروة.
فإن كانت التنمية تعني توزيعاً عادلاً للدخل، وحياة آمنة، وتوفر قيادة لديها مشروع للخير العام فليس مهماً أن تتمتع المجتمعات بصناديق انتخاب، خاصة إن كانت الأخيرة معرضة للاختطاف الشعوبي، ويزداد فيها اتخاذ القرارات من القلة، وضمور في كفاءة القيادة، بل وسذاجتها.
آخر الكلام" كفاءة القيادة ذات البوصلة الأخلاقية البعيدة عن الانحيازية، هي الفارق بين التنمية والاستقرار، والفوضى والانقسام.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية أمريكا

إقرأ أيضاً:

"مركز الدراسات" يصدر ورقة عن الإعلام الرقمي ودوره في تغطية المجاعة وصناعة الرأي العام

غزة - صفا

أصدر المركز الفلسطيني للدراسات السياسية والتنموية، الأربعاء، ورقة بحثية بعنوان "التغطية العالمية للتجويع في غزة: بين الإعلام الرقمي وصناعة الرأي العام"، تناولت فيها الأزمة الإنسانية الحادة التي يعيشها سكان القطاع نتيجة الحصار المستمر وتصعيد الحرب الإسرائيلية، والتي تهدد مئات آلاف المواطنين بالمجاعة، بينهم الأطفال والنساء وكبار السن.

وأكدت الورقة أن الإعلام أصبح أداة محورية في كشف المعاناة، وتحريك الرأي العام العالمي، وتعزيز الاستجابة الإنسانية، مشيرة إلى أن توثيق الأزمة عبر الوسائل الرقمية والتقليدية ساهم في فضح سياسات التجويع وتحفيز التدخل الدولي.

دور الإعلام في الأزمات الإنسانية

واستعرضت الورقة الدور الإيجابي للإعلام، بما في ذلك نقل المشاهد الإنسانية للمواطنين الفلسطينيين، ومكافحة التضليل الإعلامي، وتحفيز الدعم الدولي. 

وفي المقابل، أبرزت الورقة بعض الممارسات السلبية للإعلام مثل الانحياز أو نشر معلومات غير دقيقة واستغلال 
معاناة الضحايا.

الثورة الإعلامية الرقمية وتأثيرها العالمي

ووضعت الدراسة الضوء على الدور المتنامي للمنصات الرقمية مثل "إكس"، "إنستغرام"، و"تيك توك"، التي مكنت الصحفيين المواطنين من نقل لقطات حية من الميدان، ما أثار صدمة عالمية وحراكًا تضامنيًا سريعًا. لكنها حذرت من التحديات التي تواجه الإعلام الرقمي، مثل صعوبة التحقق من المعلومات وحجب المحتوى المؤيد للفلسطينيين.

كما تناولت الورقة الإعلام التقليدي ودوره في صياغة الأطر السردية للأزمة، مشيرة إلى أن بعض وسائل الإعلام الكبرى تميل إلى تبني سرديات تقلل من حجم الكارثة الإنسانية، بينما يعكس الإعلام الرقمي الواقع المباشر لمعاناة المواطنين.

التظاهرات الشعبية ودور المؤسسات الدولية

وأكدت الورقة على أن التظاهرات العالمية والضغط الشعبي من خلال البرلمانات والمؤسسات الدولية لعبت دورًا أساسيًا في زيادة المساعدات وتحويل الانتباه العالمي إلى سياسات ملموسة لإنقاذ الأرواح، مع التركيز على فضح التجويع كأداة حرب وفرض التزامات قانونية على 
الأطراف المتحاربة.

التحديات والمعوقات

وأشارت الدراسة إلى أن الإعلام يواجه صعوبات كبيرة، أبرزها قيود الوصول إلى غزة، استهداف الصحفيين، الرقابة على المحتوى، وصعوبات إيصال المساعدات الإنسانية، ما يحد من قدرته على توثيق الأزمة بشكل كامل وفعال.

توصيات الورقة

قدمت الورقة سلسلة توصيات عملية لتعظيم أثر الإعلام والمجتمع المدني، تشمل:
توثيق مباشر ومستمر للمحنة الإنسانية عبر الإعلام الرقمي، مع احترام الخصوصية والمعايير الأخلاقية.

صياغة سرد إعلامي واضح ودقيق في الإعلام التقليدي، مع تكامل المحتوى العاطفي والتحليلي.تعبئة دولية منسقة وتنظيم حملات احتجاجية عالمية مرتبطة بالتغطية الإعلامية.تعزيز فعالية وكفاءة المؤسسات الدولية والبرلمانات في ضمان وصول المساعدات وحماية المواطنين.

واختتمت الورقة بالتأكيد على أن التكامل بين الإعلام الرقمي والتقليدي، جنبًا إلى جنب مع جهود المجتمع المدني، يشكل منظومة متكاملة لمواجهة الأزمة الإنسانية في غزة وضمان استجابة دولية عاجلة.

مقالات مشابهة

  • عقوبات أميركية على جماعات مسلحة وشركات تعدين بالكونغو الديمقراطية
  • "مركز الدراسات" يصدر ورقة عن الإعلام الرقمي ودوره في تغطية المجاعة وصناعة الرأي العام
  • مدبولي: معدلات التضخم بدأت تأخذ منحنى نزوليا نتيجة لإجراءات الإصلاح الاقتصادي
  • نحو مصالحة مع الكتاب
  • متى تقال أذكار الصباح وآخر وقت لها؟ اعرف الرأي الراجح للعلماء
  • حرية الصحافة.. الديهي: الرئيس السيسي يحرص على تفعيل مبادئ الرأي والرأي الآخر
  • عاجل | مصدر حكومي سوري للجزيرة: وفد من قوات سوريا الديمقراطية يصل دمشق لجولة مباحثات جديدة تستكمل اتفاق 10 آذار
  • المؤتمر: توجيهات الرئيس السيسي تعكس التزام الدولة بدعم حرية الرأي
  • البرهان لبرنار هنري ليفي: هذه هي الديمقراطية
  • طارق سليمان: المقاولون تعرض لظلم تحكيمي أمام زد.. ومصطفى شوبير يتحمل مسئولية هدف علي الفيل