كيف احتفل المصريون قديما بالمولد النبوي الشريف؟.. قراءة في كتب التاريخ
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
يحتفل المسلمون في مختلف أنحاء العالم، يوم 12 من شهر ربيع الأول من كل عا بذكرى المولد النبوي الشريف، وذلك امتدادا لاحتفالهم بتلك الذكرى المباركة على مر العصور والتاريخ، إلا أنّ الاحتفال بالمولد في مصر كان له طابع خاص، وشكل فريد، تميز به عن سائل أقطار العالم الإسلامي، وبقراءة بين صفحات كتب التاريخ، نرصد لكم في التقرير التالي، كيف احتفل المصريون بالمولد النبوي الشريف على مر العصور وعلى مدار أكثر من 1400 سنة مضت.
يقول يحيى أبو المعاطي محمد العباسي في كتابه «الأعياد والاحتفالات في التاريخ الإسلامي»، إن العباسيين اهتموا بالمولد النبوي الشريف والاحتفال به منذ مطالع القرن الرابع الهجري في نحو سنة 300هـ، كما ذهب الناس بعد استقرار البويهيين في بغداد يحتفلون بمولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومولد ولديه الحسن والحسين وزوجته فاطمة الزهراء، لكن الاهتمام بهذه الموالد كان مقصورا على الشيعة فقط، وبقي الاحتفال بالنبي صلى الله عليه وسلم بين مختلف الطوائف، وإن كان يراه البعض بدعة.
الاحتفال بالمولد في العصرين الأيوبي والمملوكيفي كتابه «الدولة الفاطمية في مصر» يقول محمد جمال الدين سرور إنّ للاحتفال بليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم شأن كبير في مصر وصعيدها، في العصرين الأيوبي والمملوكي، وقد حافظ أهالي هذه البلاد على العادات التي ورثوها عن العهود السابقة حتى رسخت وتأصلت في النفوس، ومن المظاهر الدينية المألوفة في هذا الاحتفال قراءة السيرة النبوية في المساجد.
أما ابن إياس فيضيف في «بدائع الزهور» أنّ سلاطين المماليك وعامة الشعب قد حرصوا على الاحتفال بهذا العيد احتفالا يفوق الوصف من حيث العظمة والفخامة، إذ يبدا الاحتفال في مستهل ربيع الأول، حتى إذا ما حلت الليلة الكبرى 12 من هذا الشهر، أقام السلطان بالحوش السلطاني بالقلعة خيمة ذات أوصاف خاصة، سماها المعاصرون خيمة المولد، وأول من صنع هذه الخيمة هو السلطان قايتباي فكلفها 30 ألف دينار، حتى جاءت من جملة عجائب الدنيا.
خيمة من عجائب الدنيايصف يحيى أبو المعاطي نقلا عن حسين بن محمد المسيني، تلك الخيمة العجيبة، في كتابه «نفائس المجالس السلطانية» بأنها زرقاء اللون، وشكلها شكل قاعة وفي وسطها قبة على أربعة أعمدة، وبعد الانتهاء من إقامتها يوضع عند أبوابها أحواض من الجلد، المحلى بالسكر والليمون.
- صورة تخيلية لشكل الخيمة والمحتفلين فيها
ثم تعلق حول الأكواب الفاخرة المصنوعة من النحاس الأصفر والمزينة بالنقوش الجميلة، وتربط هذه الأكواب بسلاسل من النحاس، ويصطف حولها طائفة من غلمان الشربخاناة، ليتناولها الوافدين من الناس، لا فرق بين كبير وصغير.
صفة الاحتفال بالمولديضيف يحيى أبو المعاطي في كتابه «الأعياد والاحتفالات في التاريخ الإسلامي» أن الاحتفال في هذا العصر المملوكي، يبدأ بعد الظهر وينتهي عند ثلث الليل، وعندما يستقر السلطان في صدر خيمة المولد يجلس عن يمينه شيخ الإسلام وعن يساره قضاة المذاهب الأربعة وشيوخ العلم، في حين يأخذ الأمراء أماكنهم على مسافة من السلطان، ويبدأ الاحتفال بتلاوة الذكر الحكيم فيجتمع المقرئون والفقهاء.
وإذا انتهى للطعام أخذ المُنشدون في الإنشاد فيمدحون الرسول عليه الصلاة والسلام، ويذكرون مولده حتى الليل، بعد ذلك يأتي الوعاظ واحدا بعد آخر، وكلما فرغ أحدهم من الوعظ تناول السلطان صرة فيها أربعمائة درهم فضة، ومن كل أمير شقة حرير، وبعد صلاة المغرب تمتد الأسِمْطة العلوية السكرية المختلفة الألوان.
يغنم الفقراء في تلك الليلة مغنمة عظيمة، فتأتي طوائف الفقراء طائفة بعد أخرى ومعهم رئيس المغنين ورئيس المشببين ويستمرون في الرقص، والسلطان جالس ويده تُملأ من الذهب يفرغه لمن له رزق فيها، والخازندار يأتيه بكيس بعد كيس حتى قيل إنه فرق في الفقراء، ومشايخ الصوفية والزوايا في تلك الليلة أكثر من أربعة آلاف دينار، وفي صبيحة يوم المولد النبوي يوزع السلطان كميات من القمح على الزوايا والربط.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المولد النبوي المولد النبوي الشريف المولد النبوی الشریف الاحتفال بالمولد فی کتابه
إقرأ أيضاً:
أمين البحوث الإسلامية: الهجرة النبويَّة عبور حضاري من الضعف إلى التمكين
ألقى الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة، كلمةً خلال مشاركته في فعاليات الاحتفال بالعام الهجري الجديد ١٤٤٧هـ، الذي أُقيم مساء اليوم بمسجد الإمام الحسين رضي الله عنه، بحضور وكيل الأزهر ووزير الأوقاف وعدد من القيادات الدِّينيَّة.
واستعرض الدكتور الجندي في كلمته الدلالاتِ العميقةَ للهجرة النبويَّة، مؤكِّدًا أنها تمثِّل لحظة فارقة في مسار الرسالة المحمديَّة؛ من حيث ما تنطوي عليه من عبور شامل من الضعف إلى التمكين، ومن الفُرقة إلى الوَحدة، ومن التهديد إلى التأسيس، في حركة وعي حضاري ترتقي بالفرد والمجتمع معًا.
وأشار الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة إلى أنَّ النبي ﷺ جسَّد في هجرته نموذجًا فريدًا في التخطيط الواعي والعمل الاستراتيجي؛ فقد كانت كل خطوة في الرحلة محسوبة، وكل محطة مدروسة؛ ممَّا يعكس أنَّ الرسالة تقوم على إدراك سنن الواقع، والتعامل معها ببصيرة وحكمة.
كما تناول فضيلته البُعد الإنساني والروحي في الصحبة، من خلال وقائع الغار، موضحًا أنَّ الصحبة في الهجرة كانت معيَّة إيمانية قائمة على الصدق والوفاء، والتكامل في تحمُّل أعباء الطريق.
واختتم الدكتور محمد الجندي بتأكيد أنَّ الهجرة النبويَّة دعوة متجدِّدة للانتقال من السلبيَّة إلى الفاعليَّة، ومن الغفلة إلى الوعي، ومن الانغلاق إلى الانفتاح على آفاق البناء والعمل، داعيًا إلى أن يظلَّ معنى الهجرة حيًّا في النفوس، وأن يتحوَّل إلى طاقة إصلاح على مستوى الفرد والمجتمع.