النائب أحمد عثمان: مبادرة «بداية» تطبق المفهوم الشامل لحقوق الإنسان
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
أكد المهندس أحمد عثمان، عضو مجلس النواب، وعضو الأمانة المركزية بحزب مستقبل وطن، أن المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان المصري التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، تؤكد حرص القيادة السياسية على مصلحة المواطن المصري وتلبية احتياجاته وتطلعاته وتحسين جودة الخدمات المقدمة له لتوفير حياة كريمة ولائقة له، وتتسق أيضا مع جهود الدولة لتعزيز المفهوم الشامل لحقوق الإنسان من صحة وتعليم وسكن وتوفير خدمات وغيرها.
وقال «عثمان»، إن مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان» التي شهد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إطلاقها اليوم الثلاثاء، في احتفالية بمنطقة المنصة، من ساحة الشعب، فى العاصمة الإدارية الجديدة، ستسهم في إنجاح جهود الدولة في تطوير ودعم مختلف المجالات سواء الصحية أو التعليمية أو الرياضية او الثقافية، وغيرها، وهى مبادرة عظيمة تكمل جهود المبادرات الرئاسية الأخرى التي حققت إنجازات عديدة على مدار السنوات الماضية وحتى الآن.
وأضاف عضو مجلس النواب، أن المبادرة تستهدف الاستثمار فى رأس المال البشرى من خلال برنامج عمل يستهدف تنمية الإنسان والعمل على ترسيخ الهوية المصرية من خلال تعزيز الجهود والتنسيق والتكامل بين جميع جهات الدولة فى مختلف أقاليم الجمهورية، وعلى رأسها الوزارات المعنية، مثل التربية والتعليم والصحة والأوقاف والثقافة والتضامن الاجتماعى والشباب والرياضة وغيرها، لتحقيق مستهدفات المبادرة، بحيث يشعر المواطن بالمردود إيجابي خلال فترة وجيزة.
تعزيز الأمن القومي وبناء الإنسان المصريوأشار إلى أن المبادرة تضمنت عدة محاور رئيسية، مثل تعزيز الأمن القومي، وبناء الإنسان المصري، وتطوير اقتصاد تنافسي، وتحقيق الاستقرار السياسي، كما تركز على تحسين النظام الصحي، وتوفير تعليم أفضل، وتأمين فرص العمل اللائق، وتعزيز الحماية الاجتماعية.
ولفت عثمان إلى أهمية أهداف المبادرة، خاصة في مجال التعليم من أجل العمل على تطوير المناهج التعليمية، وتوافر برامج تدريبية متقدمة للمعلمين وتعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة في التعليم، وفي قطاع الصحة بإطلاق حملات توعوية وبرامج صحية وقوافل علاجية بالمحافظات لتحسين الخدمات الصحية، وفي مجال الرياضة من خلال دعم النشاط الرياضي وضمان توافر آلياته في كل محافظات الجمهورية، وفي قطاع الثقافة بتعظيم دور بيوت الثقافة والمسرح والسينما، وكذلك أهمية المبادرة في استهداف تأمين فرص العمل بخلق فرص عمل جديدة وبرامج لتطوير المهارات، بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: بناء الإنسان المبادرة الرئاسية جهود الدولة بداية جديدة
إقرأ أيضاً:
حين تُختطف الحريّة من معناها.. قراءة فلسفة الانعتاق وتحريف المفهوم عن مواضعه
"لا تجد لفظا تهواه النّفوس وتهشّ لسماعه وتستزيد من الحديث فيه -مع أن معظمهم لا يضبط مقدار المراد منه- مثلَ لفظِ الحريّة. وما سبب ذلك التعلّق العام إلّا أن معظم من يسمعون هذا اللّفظ أو ينطقون به يحملونه على محامل يخفّ محملها في نفوسهم. فالوقحُ يحسب الوقاحة حريّة فيخفّ عنده ما ينكرُه النّاس من وقاحته، والجريء الفاتكُ ينمي صنيعه إليها فيجد من ذلك مبررا لجرأته، ومحبّ الثّورة يعد الحرية مسوّغا لدعوته والمفتون في اعتقاده يدافع النّاقمين عليه بأنه حرّ العقيدة إلى غير هؤلاء.. فيا لله لهذا المعنى الحسن ماذا لقيَ من المحن، وماذا عُدِل به عن خير سنن!!".
في هذه العبارة للإمام الطاهر بن عاشور نراه يقف عند مفهوم الحرية كما يقف الفيلسوف عند حدٍّ ملتبسٍ بين الفضيلة والهوى، فكأنّ الكلمة مرآة يرى كلّ إنسانٍ فيها صورته هو وليس ماهيتها الحقيقيّة؛ فيراها الحكيم ميثاقا للعقل والعدل بينما يراها المنفلت فرصة لخلع القيود والتحلل من كل نظامٍ أخلاقي، عندها يغدو اللفظ ذاته حلبة صراعٍ خفيّ بين معنى يتسق مع الكرامة ومعنى ينحدر مع الرغبة، عندها يُحرّف المفهوم عن مواضعه وتتيه معانيه في غياهب النفوس.
يشير ابن عاشور إلى أنّ الحرية ليست مفهوما واحدا ولكنّها وعاءٌ تُسكب فيه الإرادات المتباينة؛ فإذا غاب ميزانها العقلي والشرعي تحوّلت من قيمةٍ تحفظ الإنسان إلى قناعٍ يتقنّع به الإنسان ليبرّر به نزواته. فالوقح لا يرى في حرية القول إلا فرصة لإهانة الآخرين ثم الاحتماء بقدسية اللفظ، والجريء العنيف يرفعها شعارا لتمجيد بطشه وكأنّ البطش مبدأ أخلاقيّ، والمفتون بعقيدته الفكرية يلوّح بها ليصدّ النقد عن ذاته وكأنّ الحرية حصانة تمنع المحاسبة العقلية؛ وبهذه الطريقة تتحرر الحريّة من كل ضابط حتى تغدو مطيّة لكلّ إرادةٍ منفلتة يتخذها صاحبها حجابا يزعم به التحرّر وهو يستعبد نفسه لهواه.
ومن هنا يتعجّب ابن عاشور بمرارة الحادب على الحقيقة كيف تحوّل هذا المعنى النبيل الذي أراده الشرع تزكية للإنسان إلى أداةٍ يشدّ بها الإنسان رِقّ نفسه ويقيّد روحه بدل أن يعتقها؟ وكيف أصبح لفظ الحريّة طريقا إلى نقيضها؛ طريقا إلى عبودية الهوى؟ هذه المفارقة هي التي جعلت صرخته الفكرية هنا أكبر بكثير من محض نقدٍ لغوي لتكون نداء لإنقاذ المعنى من يد الذين يقتلون المعاني باسمها، ويحرفون الكلم عن مواضعه بلا خجل ولا وجل.
الحريّة بين الوهم والضبط الشرعي
يضع ابن عاشور اليد على المفارقة الخطيرة التي تطرأ على الحرية حين تُنتزع من ضوابطها الشرعية فيتحوّل لفظٌ وُجد ليحفظ كرامة الإنسان إلى وهمٍ يبتلعها؛ فالحرية في ميزان الإسلام ليست انفعالا شعوريّا يُقاس بالرغبة ولا انعتاقا من كل قيد، ولكنّها ممارسة واعية مبنيّة على مقاصد واضحة تعتق الإنسان من عبودية الظالم كما تعتق قلبه من عبودية نفسه.
الحرية في التصور الإسلامي لا يمكن أن تكون حقا مجردا عن الواجب وإنما هي كرامة تتأسّس على التكليف؛ فالله تعالى حرّر الإنسان بالرسالة ليكون مسؤولا لا ليتحوّل إلى كائنٍ فوضويّ يتبع ميول جسده هائما في كلّ واد.
إنّ الضبط الشرعي للحرية ليس كبحا لها ولا قمعا لإرادة الإنسان، ولكنّه تحريرٌ لها من الاستبداد الخفيّ الذي يمارسه الهوى حين يُطلق من عقاله؛ فكما تُقاتِل الشريعة الظالم الذي يقهر الناس بسيف السلطة فإنّها تحارب أيضا الظالم الذي تنتفش نفسه حين تتسيّد بلا ضابط وتستبيح باسم الحرية ما يهدم حقيقتها. تلك هي الحرية في ميزان الإسلام؛ مسؤولية تُبنى عليها الكرامة وتكليف يسبق الحق وتحرّر يبدأ من الداخل قبل أن يطالب بها في الواقع الخارجيّ.
الاستغلال السياسيّ لمفهوم الحرية
حين يشتكي ابن عاشور من اختطاف معنى الحريّة فإنّ صداه اليوم يتردّد في عالمٍ تُدار فيه الشعارات كما تُدار الأسواق؛ فالحريّة في السّياسة المعاصرة لم تعد قيمة أخلاقية ثابتة ولكنّها صارت ملفا يُفتح ويُغلق بحسب ميزان المصالح وتوقيت التدخّل وجهة الصراع، فيُرفع شعار الحريّة حين يكون مطلوبا تفجير شارعٍ أو إعادة تشكيل نظام أو صناعة رأيٍ عامٍّ يخدم جهة دوليّة، ثم يُسحب حين يطالب الناس بالعدالة أو يرفضون الهيمنة.
في هذا المشهد لا تُعامل الحريّة بوصفها حقّا للإنسان لكونه إنسانا، وإنما باعتبارها أداة ضغط "يُسمح" بها إذا خدمت أجندة نافذة وتُقمع حين تصبح صوتا مزعجا خارج الخط المرسوم. فحركات الاحتجاج تُدعَم ما دامت تهزّ خصما سياسيّا، وحين يتغيّر الخصم تُوصف الاحتجاجات نفسها بالفوضى ويُعاد تعريفها على مقاس من يملك أدوات القوة.
الإعلام الدوليّ يُصبح مصنعا لإنتاج الحريّة الموسمية فتراه يصنع بطولة لأناس في طرفٍ من العالم، ويُغلق الصورة على آخرين يُسحقون تحت الدبابات في الطرف المقابل. والمؤسسات الدولية تُنادي بحرية الشعوب حين يخدم ذلك إعادة هندسة المنطقة، وتغضّ الطرف حين يُطالَب بالتحرّر من احتلال أو نفوذ اقتصاديّ أو وصاية أمنية.
وهكذا تتحوّل الحريّة في المشهد السياسي العالمي إلى بطاقة عبورٍ تُستعمل لاختراق الدول أو لإعادة تشكيل وعي الجماهير أو لتبرير التدخّل الخارجي.
هذا الاختزال يُفقد الحريّة معناها الأصليّ بوصفها قيمة تُصان بها كرامة الإنسان، ويحوّلها إلى أداة إدارة وصناعة تُستخدم لتوجيه الواقع وهندسته وليس تحريره، عندها ينتقل الإنسان من عبودية القمع إلى عبودية الدعاية بغلاف الحريّة، ومن تحكّم السوط إلى تحكّم الشعارات، فيفقد القدرة على تمييز الحق من الباطل حين يُغلَّف الباطل بلفظةٍ يحبّها.
حين تتحرّر الحرية من سلطان الشهوة
يحذّر ابن عاشور من حريةٍ تفلت من العقل كما يفلت السيل من مجراه فيُغرق الأرض بدل أن يُحييها؛ فالكلمة التي لم تُحط بسياج المعنى يتحوّل بريقها إلى خداع، وما لم تنضبط الحرية بمقاصد العدالة والكرامة صارت صورة بلا روح ومطلبا يهوي بالإنسان بدل أن يرفعه.
فالحريّة ليست دلالة على كلّ ما تهواه النفوس ولا كلّ ما يُعجب المزاج؛ لأنّ النفوس إذا تُركت بلا ميزان ولا معيارٍ تُصبح عبدا لما تشتهيه وتستبدّ شهواتها بها وبغيرها كما يستبدُّ الطغاة.
الحرية التي تليق بالإنسان هي التي تحرّره من قيود الظلم ومن سطوة الرغبة ومن انسياق العقل وراء الدعاية، وتُربّيه على أن يكون سيّدا على نفسه قبل أن يثور على غيره؛ هي التي تجعل رغباته داخلة في مسؤولية وغضبه واقعا تحت حكم القيم ومطالبه منسجمة مع كرامة المجتمع.
وحين تُربّي الحرية إنسانا قادرا على صون حرمة الآخرين وعلى توقير القانون وعلى ضبط شهواته؛ تُصبح الحريّة عهدا أخلاقيا لا شعارا مرفوعا أو هتافا تصدح به الحناجر، عندها يتحوّل الإنسان من متهتّكٍ باسم الحرية إلى حرٍّ يحميها ومن متمرّدٍ على القيم إلى سياجٍ لها.
x.com/muhammadkhm