جمعة: من أصابه شيءٌ من رحمة النبي فهو الناجي في الدارين
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
قالَ أبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ طاهِرٍ القَيْسِيُّ الإشْبِيلِيُّ : زَيَّنَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ بِزِينَةِ الرَّحْمَةِ ؛ فَكانَ كَوْنُهُ رَحْمَةً ، وجَمِيعُ شَمائِلِهِ رَحْمَةً ، وصِفاتُهُ رَحْمَةً عَلى الخَلْقِ، فمن أصابه شيءٌ من رحمته فهو الناجي في الدارين من كل مكروه، والواصل فيهما إلى كل محبوب؛ ألا ترى أن الله تعالى يقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾؛ فكانت حياته رحمة، ومماته رحمة؛ كما قال: «حياتي خيرٌ لكم وموتي خيرٌ لكم».
وجاء ذلك في حديث الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق، حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر مولده، أنه قيل لجميع الخلق؛ للمؤمن رحمةً بالهداية، ورحمةً للمنافق بالأمانِ من القتل، ورحمةً للكافر بتأخير العذاب، قال ابن عباس: هو رحمةٌ للمؤمنين والكافرين؛ إذا عوفوا مما أصاب غيرهم من الأمم المكذبة.
وتابع: أنه حُكي أن النبي ﷺ قال لجبريل عليه السلام: «هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟» قال: نعم؛ كنت أخشى العاقبة فأمنت لثناء الله عليَّ بقوله: ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي العَرْشِ مَكِينٍ =٢٠- مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ ، الملك يخشى العاقبة قطعًا، وهم يرتجفون ولا يعرفون ما في نفس الله، والله سبحانه وتعالى ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ ، وفعله في ملكه لا يتعلق بالعمل، والنبي ﷺ يقول: «لا يدخل أحدكم الجنة بعمله» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته»؛ فجبريل يعلم هذه الحقيقة، لكنه اطمأن بعدما صرح الله بأنه مطاع ﴿عِنْدَ ذِي العَرْشِ مَكِينٍ﴾ فاطمأن لأن الله سبحانه وتعالى صادق، لا يخلف وعده، أما قبل ذلك التصريح؛ فالملك وإن كان معصومًا هو في خشية الله، وفي الهيبة الدائمة، كما أنه في الرجاء الدائم، ولكن جبريل اطمأن لمستقبله بالنبي المصطفى ﷺ فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين.
ورُوي عن جعفرِ بن محمد الصادق -في قوله تعالى: ﴿فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمِينِ﴾ [الواقعة:91]، أي بك؛ إنما وقعت سلامتهم من أجل كرامة محمدٍ ﷺ.
وأشار: أنه فسَّر بعض المفسرين الرحمة للعالمين بأنها تصيب كل الخلق ، وذلك لحديث الشفاعة كما أورده الإمام البخاري في صحيحه فإن الخلق يلجأون إلى سيدنا آدم فيعتذر، وإلى سيدنا نوح فيعتذر، وإلى سيدنا إبراهيم فيعتذر، وإلى سيدنا موسى ، وكلهم يُحيل بعضهم إلى بعض، حتى يُحيل سيدنا عيسى إلى سيدنا النبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ فيذهب كما في البخاري فيسجد سجودًا طويلًا عند العرش لله رب العالمين ويُلهم بدعاء لم يلهمه أحدٌ من قبل، حتى يقول الله له: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ ، قُلْ تُسْمَعْ ، سَلْ تُعْطَهْ ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ ، ويستجيب له؛ فتصيب رحمته بتلك الاستجابة كل العالمين في الموقف من لدن آدم إلى يوم القيامة سيستفيدون منه، من سبه، ومن كفر به، ومن آمن ؛ كلهم سيستفيدون من شفاعته العظمى للخلق أجمعين بتقصير يوم القيامة ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾، فيوم القيامة طوله ألف سنة، وسيختصره إلى النصف بالشفاعة الكبرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي الدكتور علي جمعة إلى سیدنا
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الغناء ليس حرامًا بإطلاق.. حلاله يرقق القلوب وحرامه يثير الشهوات
أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن الغناء والموسيقى لا يُحكمان عليهما بالتحريم المطلق، وإنما يتوقف الأمر على مضمون الغناء وطبيعته وتأثيره على النفس، مشددًا على أن "حلاله حلال وحرامه حرام"، بحسب تعبيره.
وفي حديث سابق ، أوضح جمعة أن الأناشيد والأغاني التي تهذب النفس وتفتح القلوب، مثل المدائح النبوية أو الأغاني التي تدعو للتأمل في عظمة الكون، لا حرج فيها، بل قد تكون وسيلة لزيادة الإيمان ، وضرب مثالًا بمقطوعات بيتهوفن الموسيقية، مؤكدًا أنها تثير التفكر في ملكوت الله.
في المقابل، أشار إلى أن هناك نوعًا من الغناء والموسيقى يُعد محرمًا، وهو الذي يثير الغرائز ويدعو إلى الفساد والفتنة.
واستشهد الدكتور علي جمعة بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، موضحًا أن الرسول استمع للغناء في بعض المناسبات، كفرح زبيدة بنت معاوية، حين كانت الجواري يضربن بالدف ويغنين، وعندما غنّت إحداهن أمامه بكلمات تتضمن الإخبار بالغيب، نبهها النبي إلى أن الله هو علام الغيوب، لكنه لم يمنع الغناء نفسه.
كما كشف المفتي السابق عن ذوقه الشخصي في الاستماع إلى الغناء، قائلا إنه في شبابه كان يستمع إلى أم كلثوم، والنقشبندي، وعبد المطلب، واصفًا الأخير بأنه مطرب لطيف وكلماته تحمل معاني عميقة، واستشهد بأغنيته الشهيرة "علشان أنول كل الرضا".