صالون التنسيقية يفتح نقاشا موسعا حول ملف التحول إلى الدعم النقدي
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
نظمت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أمس، صالونا نقاشيا حول ملف التحول إلى الدعم النقدي تحت عنوان: "كيف يشكل الدعم النقدي استهدافا أفضل للمستحقين.. النقدي أفضل أم العيني"، ناقش الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المرجوة من التحول من دعم السلع إلى الدعم النقدي، وكيف يمكن أن يؤدي الدعم النقدي إلى تحسين الكفاءة الاقتصادية والتأثير على الهدر والفساد في نظام توزيع السلع، وكذلك كيفية ضمان وصول الدعم النقدي إلى الفئات الأكثر احتياجا والآليات المتاحة لمراقبة توزيع الدعم بفعالية، فضلاً عن كيفية تأثير تحويل الدعم على أسعار السلع الأساسية في الأسواق والتضخم.
وقال النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، رئيس حزب العدل، إن الدعم النقدي أفضل من الدعم العيني، لكن اتخاذ هذا التحول دون مراعاة التضخم، يعني أن مقدرات المصريين ستذهب هباءً، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي في ظل الوضع الصعب الذي تمر به الموازنة.
صالون التنسيقيةوأضاف في كلمته خلال الصالون، أن الدعم عملية معقدة تحتاج إلى تعامل كفء، ومن الواجب أن ندرس الموضوع بمنطق أنه حق للمواطن وليس منحة، موضحاً أنه لا بد من فتح الطريق أمام المصانع ودعم ملف الجمارك والتسعير مع الرقابة على الأسواق لنصل إلى سياسة خاصة بالسلع التموينية في شكل وثيقة تموينية توضح ضوابط ودور الدولة في دعم القطاع الصناعي، لافتا إلى أن السلع التموينية رقمية وليست مادية.
وأشار إلى أن تجربة الكروت الرقمية لصرف السلع التموينية التي تتبعها الجمعيات الأهلية حققت نجاحا نتمنى توسعة تجربته، لافتا إلى أن هناك تحديات تشمل مسألة الاستهداف، من حيث عدد المستحقين وهل كلهم مستحقون أم لا؟، وهل هناك مستحقون ولا يحصلون على الدعم، وبالتالي تأتي أهمية القضاء على الممارسات الاحتكارية في السوق، مشدداً على أن قيمة الدعم لا يجب أن تكون قيمة ثابتة، مشيرًا إلى ضرورة ربطه بمعدل التضخم السنوي.
من جانبه، قال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إنه لابد من تحديد مفهوم الدعم أولا قبل اختيار أن يكون دعما عينيا أم نقديا، وإذا كان عبارة عن الفرق بين تكاليف الإنتاج وبين السعر كما رأينا في الكهرباء، فلن ننتهى من الدعم سواء كان عينيا أو نقديا، مؤكدا ضرورة تحديد أهداف الدعم، لافتا إلى أن الهدف من الدعم التمويني هو المساعدة، لكن بعض الدول الكبرى تأخذ في الاعتبار أن الأمن الغذائي كأمن قومي، مضيفا: "الدعم التمويني في مصر لم يكن كفئا لما شابه أوجه فساد، لذلك من ناحية الحوكمة يفضل الدعم النقدي".
الدعم النقديوأضاف أن الدعم النقدي مشكلته تتلخص إذا ما قامت الدولة بتمويله بجهود تضخمية، مشيرًا إلى أن الدعم التمويني في الموازنة الأخيرة زاد 5%، مقابل مضاعفة التضخم بنسبة أكبر، وبالتالي الدولة لا يمكن لها مواكبة هذه الزيادة في التضخم.
وأضاف "نافع"، أنه يجب معرفة الهدف من الدعم لأنه مهم جدًا بالنسبة للمنظومة، مشيرًا إلى أن الدعم التمويني بالشكل النقدي في مصر لم يكن كفئًا وكان به أوجه فساد وتسرب، مشيرا إلى أنه من ناحية الحوكمة فالدعم النقدي أفضل، لكن يجب النظر إلى طريقة تمويله.
وقال النائب محمد فريد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي وحقوق الإنسان بمجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إنه لا يوجد توقيت مثالي للخطوات في مسألة تحويل الدعم والبداية تبدأ عقب وجود بيانات وأرقام محددة عن الفقر، وحالة من الوعي المجتمعي.
وأوضح خلال كلمته في صالون التنسيقية، أنه يجب وضع فلسفة للتحول في برامج الدعم ومستهدفاتها مثل الدعم المشروط وغير المشروط، مشيرا إلى أهمية وجود مرونة في التخصيص.
تمكين المواطنوأشار إلى أهمية تمكين المواطن ووضع أولويات في برامج الدعم مثل وضع الأطفال أولا ووضع برامج تضمن مستقبلهم، وثانيا الحفاظ على كرامة المستحقين وعدم ظهورهم في طوابير، وثالثا أحقية التمكين دون خلق شخص اعتمادي عليها.
فيما، عبرت الدكتورة إيمان موسى، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن صدمتها من الحديث عن الدعم النقدي والعيني، في الوقت الذي تتحدث فيه بعض الدول فيما هو أشمل ضمن الحماية الاجتماعية المتكاملة، لافتة إلى أن مسماه الحقيقي والأصح "دعم رقمي" وليس نقدي، مشيرة إلى أن أي تحول لدعم رقمي لابد أن يكون مشروط، وهو ألا يكون هناك تسرب من التعليم وغيرها من الاشتراطات، موضحة أن الدعم العيني تم إلغاؤه في 2016 وما يطبق الآن هو دعم شبه نقدي.
وذكرت "موسى"، أن التحول للدعم الرقمي يحتاج إلى قاعدة بيانات جديدة، مشيرة إلى أن التحول للدعم الرقمي المشروط وسيلة للتنمية المستدامة.
أدار الحوار خلال الصالون النائبة نشوى الشريف، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وشارك في الصالون كلاً من: النائب محمد فريد، وكيل لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي بمجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، د.مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، د.إيمان موسى، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: صالون التنسيقية التنسيقية الدعم النقدي الدعم تنسیقیة شباب الأحزاب والسیاسیین الدعم التموینی الدعم النقدی مشیر ا إلى من الدعم أن الدعم ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
ما الذي يعنيه لنا التغير الديموغرافي؟
طالعتنا بعض الإحصاءات الرسمية بمؤشرات أولية لانخفاض أعداد المواليد الجدد في سلطنة عُمان، حيث أظهرت النشرة الإحصائية الشهرية الصادرة عن الوطني للإحصاء والمعلومات انخفاضًا بنسبة 0.8% في مجمل أعداد المواليد الأحياء المسجلين حتى نهاية يونيو 2025 مقارنة بشهر يونيو من العام 2024. ومن قبله أفادت إحصاءات المركز بتراجع في أعداد المواليد الجدد في سلطنة عمان في عام 2024 مقارنة بعام 2023 بانخفاض قدره نحو 2.2%. ولا شك أن القراءة الديموغرافية المنهجية تقتضي تفصيلًا أكثر لهذه النسب والأرقام من ناحية، وقياسها عبر فترات طويلة أوسع، وتتبع كافة المؤشرات الديموغرافية الأخرى المتصلة بها من نسب خصوبة، ومن هجرات عمالية، ومن أعداد للزيجات والطلاقات الجديدة، ومن مؤشرات صحية مرتبطة بالحالة الإنجابية، إلا أن هذه المؤشرات كفيلة على الأقل كمدخل أن تعطينا مؤشرًا (أوليًا) لمناقشة قضية محتملة من قضايا التحول الاجتماعي الرئيسية في المجتمع العُماني.
التحول الديموغرافي في ذاته لا يمكن أن يخرج من قائمة الـ (5 – 10) تحولات كبرى عالمية Mega-trends تؤثر بطريقة هيكلية على مستقبل المجتمعات سواء في حالة نموها الاقتصادي، أو استقرارها الاجتماعي، أو قدرتها على استدامة الإنتاجية، أو وفاء دولها بالالتزامات تجاه الأجيال بما في ذلك نظم التقاعد والحياة الاجتماعية. تشير دراسة موسعة أجرتها شركة McKinsey & Company حول مسائل التغير الديموغرافي في العالم (طبقًا لتصنيف الاقتصادات العالمية) إلى مجموعة من الحقائق الملفتة، لعل من أهمها أن كبار السن سيشكلون ربع الاستهلاك العالمي بحلول عام ٢٠٥٠، وفي هذه الحالة قد تحتاج أنظمة التقاعد في بعض الاقتصادات الكبرى إلى توجيه ما يصل إلى 50% من دخل العمل لتمويل زيادة بمقدار مرة ونصف في الفجوة بين إجمالي استهلاك كبار السن ودخلهم، ومن النتائج التي تشير لها الدراسة أن الشباب قد يرثون نموًا اقتصاديًا أقل، ويتحملون تكلفة زيادة عدد المتقاعدين، بينما يتآكل التدفق التقليدي للثروة بين الأجيال.
هذه النتائج قد تختلف من سياق إلى آخر حسب طبيعة المرحلة الديموغرافية التي يمر فيها المجتمع، ولكننا نتحدث اليوم عن حالة اشتباك عالمي لا يمكن فيها عزل نتائج الحالة الديموغرافية لاقتصاد ما عن بقية الاقتصادات الأخرى، فمعادلة العرض والطلب وقضايا الاستهلاك العالمي ترتبط بشكل أصيل بطبيعة التركيب الديموغرافي للمجتمعات، ولذا يشار دائمًا في سياق التوقعات العالمية إلى أن القارة الإفريقية ستتحول إلى أكبر سوق لـ (الاستهلاك العالمي الشاب) لأنها وفقًا لتوقعات الأمم المتحدة، «ستضيف 1.3 مليار نسمة إلى سكان العالم بحلول 2050، أي أكثر من نصف النمو السكاني العالمي». وسيكون ذلك مدفوعًا لديها بموجات تحضر عالية وطلب متزايد على التقانة وأشكال الإنتاجية الناشئة.
أين نقف في سلطنة عُمان من حالة التحول الديموغرافي؟ بربط المؤشرات المتعددة في هذا السياق تتموضع سلطنة عُمان بين مرحلتين تاريخيتين في الانتقال الديموغرافي وهي (المرحلتان الثانية والثالثة)، ولتبسيط ملامح هذا التموضع فإنه يتسم بانخفاض (نسبي) مستمر في معدلات الخصوبة الكلية، قد يكون غير متسارع ولكنه يتصف بالاستمرارية، إلى جانب تباطؤ (نسبي) في أعداد المواليد الجدد، بالإضافة إلى عدم استقرار في أعداد الوفيات، هذه المرحلة قد تمهد للدخول للمرحلة الثالثة التي تتسم بوضوح ما يُعرف بـ (النافذة الديموغرافية)، وبداية وضوح التغيرات في الهيكل العمري وتأثيرها على تركيب المجتمع. هذه المرحلة هي مرحلة (السياسات الاستباقية) بامتياز، فكلما استطاعت الدول في هذه المرحلة إدارة عملية التحول عبر سياسات سكانية وديموغرافية واضحة، استطاعت تحييد الآثار العكسية لهذه المرحلة على استقرارها الاجتماعي ونموها الاقتصادي وديمومة مواردها. ما الذي يجب أن ننتبه إليه في سياق المجتمع في عُمان نتيجة هذا التحول؟ والإجابة ثلاث تداعيات مهمة: تناقص قوة العمل المحلية على المدى البعيد (10 - 15) عامًا، التأثير على الاستهلاك في السوق نتيجة شيخوخة السكان وضعف الطلب العام، الضغط على استدامة نظم الحماية الاجتماعية ومهددات استدامة مصادر تمويلها الأساسية (الاشتراكات).
ولذا تصبح السياسات المطلوبة خلال المرحلة الحالية في تقديرنا خمس أساسية: السياسات الموجهة لتشجيع تكوين الأسرة وحماية الطفولة بما يضمن استدامة معدلات المواليد عند حدود معقولة وطبيعية بالنسبة للتغير الديموغرافي في المجتمع، وكذلك إعادة تشكيل السوق المحلية لتكون مهيئة لأنماط الطلب المتغيرة ولأنماط الاستهلاك المتغيرة، بما في ذلك وجود خدمات ومنتجات تتناسب مع فئة كبار السن، ومن السياسات المطلوبة كذلك تعديد مصادر تمويل أنظمة الحماية الاجتماعية وتعزيز استثمارات صناديقها لتكون أكثر استعدادًا لحالة من الضغط على مواردها بفعل تغيرات الهيكل العمري، إضافة إلى وجود سياسات تعليم و(تأهيل مهني) تهيئ قوة العمل الشابة الحالية للعمل في قطاعات إنتاجية مختلفة، ولقبول العمل في وظائف متعددة للمحافظة على دور قوة العمل المحلية في تحقيق النمو والإنتاج الاقتصادي، وتحييد الاعتماد الواسع على قوة العمل الأجنبية، ومن السياسات المطلوبة كذلك السياسات الصديقة للأسرة في محيط العمل والإنتاج والتي تتمحور حول تحقيق حياة متوازنة للمربين تساعدهم على الإيفاء بمتطلبات التنشئة الاجتماعية للأبناء من ناحية، ومتطلبات الإنتاج المهني من ناحية أخرى، وبما يضمن منظومة تنشئة متكاملة مدعومة من السياسات العامة على كافة المستويات.
إن نجاح السياسات السكانية يبقى مرهونًا بتوافر مجموعة متكاملة من المؤشرات مثل استقرار معدل الخصوبة الإجمالي على المستوى الوطني، وقياس معدلات مشاركة المرأة في العمل، ومستويات التحاق الأطفال ببرامج الطفولة المبكرة، والحد من نوعية المشكلات الأسرية الناجمة عن ظروف العمل غير المتوازنة، ومؤشرات الاستفادة من الحوافز الأسرية مثل إجازة الأبوة، إضافة إلى المؤشرات التعليمية للأبناء في مراحل التعليم المختلفة.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان