لماذا ينزعجون من البيت التركي في نيويورك؟
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
التقى رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته لمدينة نيويورك الأمريكية، زعماء ومسؤولين من دول مختلفة، إلى جانب مشاركته في أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وعُقدت معظم تلك اللقاءات في "البيت التركي" الذي يضم مقر الممثل الدائم لأنقرة لدى الأمم المتحدة والقنصلية العامة التركية.
كانت المعارضة التركية انتقدت البيت التركي بعد افتتاحه، إلى جانب هجومها على أنشطة مؤسسة "توركان" التي أسستها في نيويورك مؤسستا "أنصار" و"تورغاو" التركيتان لتقديم منح دراسية وتوفير مساكن للطلاب المسلمين في الولايات المتحدة. وذهب رئيس حزب الشعب الجمهوري السابق، كمال كليتشدار أوغلو، إلى نيويورك ليسجل مقطع فيديو أمام مبنى المؤسسة "توركان" وصف فيه المبنى بـ"ناطحة سحاب عائلة أردوغان"، كما وصف أنشطة المؤسسة بـ"محاولة غسل الأموال".
منزعجون للغاية من ذاك الصرح الدبلوماسي ودوره المتنامي في تعزيز السياسة الخارجية التركية. ويعكس هذا الانزعاجَ موقفُ وسائل إعلام أمريكية من تفاصيل القضية التي يُتهم فيها عمدة نيويورك، إيريك أدامز، بتلقي رشاوى وتبرعات غير قانونية من رجال أعمال أتراك
رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزل، تخلى عن سياسة التصعيد التي كان يمارسها سلفه، وتبنى سياسة تطبيع العلاقات بين الأحزاب السياسية والحكومة والمعارضة. وفي إطار هذه السياسة الجديدة، قام بزيارة البيت التركي في نيويورك، وقال إن ذاك المبنى مصدر فخر لتركيا، كما انتقد العقلية التي تعتبر البيت التركي مجرد مقر لحزب سياسي، مشيرا إلى أن الحكومات تتغير وأن المبنى يبقى ملكا للبلاد. وأعلن أوزل أن وفود حزب الشعب الجمهوري ستعقد لقاءاتها في نيويورك بعد الآن في البيت التركي بدلا من قاعات الفنادق.
تصريحات أوزل حول البيت التركي لم تعجب رئيس حزب الشعب الجمهوري السابق الذي انتقدها في حسابه بمنصة "إكس" دون ذكر اسم الأول. ووصف كليتشدار أوغلو الخطوات التي يتقدم بها رئيس حزب الشعب الجمهوري لتطبيع العلاقات بين الحكومة والمعارضة بـ"غض الطرف عن أخطاء حزب العدالة والتنمية"، كما قال إن "نظام القصر" الذي أسَّسه أردوغان وحكومته لا يمثل الجمهورية التركية.
أردوغان في تعليقه على تصريحات كليتشدار أوغلو، قال إن البيت التركي في نيويورك أصبح من المراكز التي ينبض فيها قلب الدبلوماسية العالمية، مضيفا أنهم لا يفهمون لماذا ينزعج رئيس حزب الشعب الجمهوري السابق من البيت التركي لهذا الحد. ولم يتأخر رد كليتشدار أوغلو على أردوغان، ودعا فيه رئيس الجمهورية التركي إلى ترك البحث عن حليف له في صفوف المعارضة، في إشارة إلى رئيس حزب الشعب الجمهوري الذي أثنى على البيت التركي.
كليتشدار أوغلو ليس وحده من ينزعج من البيت التركي، بل هناك آخرون منزعجون للغاية من ذاك الصرح الدبلوماسي ودوره المتنامي في تعزيز السياسة الخارجية التركية. ويعكس هذا الانزعاجَ موقفُ وسائل إعلام أمريكية من تفاصيل القضية التي يُتهم فيها عمدة نيويورك، إيريك أدامز، بتلقي رشاوى وتبرعات غير قانونية من رجال أعمال أتراك. وتشير لائحة الاتهامات إلى أن عمدة نيويورك قام بالضغط على الضابط المسؤول عن تفتيش المبنى، ليمنحه الترخيص من البلدية، رغم عدم التزامه آنذاك بأنظمة الوقاية من الحريق.
ممثل قناة "سي إن إن تورك" وصحيفة "حرِّييت" التركيتين في الولايات المتحدة، يونس باكصوي، يلفت إلى أن تلقي عمدة نيويورك هدايا وتبرعات غير قانونية من رجال أعمال أتراك بالإضافة إلى خصومات سفر من مسؤول سابق في الخطوط الجوية التركية، لا علاقة له بالبيت التركي، وأن وسائل إعلام أمريكية تتعمد خلط الأمرين وتصوير القضية وكأن المبنى تم بناؤه بشكل غير قانوني، التصريحات والجهود الدبلوماسية التي تبذلها أنقرة ضد السياسة الإسرائيلية العدوانية، تزعج اللوبي اليهودي المؤيد لحكومة نتنياهو المتطرفة، وتدفعه إلى عرقلة تلك الجهود والتشويش على الدبلوماسية التركيةوأن تركيا حصلت على الترخيص له عن طريق تقديم رشاوى إلى العمدة، مؤكدا أن ما حصل في الحقيقة هو أن أحد الأتراك اتصل بإيريك أدامز، بناء على الصداقة القديمة بينهما، ليطلب منه وساطته كي يتم منح الترخيص للمبنى دون تأخير.
البيت التركي في نيويورك يوفر بيئة مميزة لأنشطة الدبلوماسية التركية التي تبذل جهودا حثيثة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان. ويدعو رئيس الجمهورية التركي المجتمع الدولي إلى فرض إجراءات قسرية ضد إسرائيل من أجل حماية الفلسطينيين، كما ذكر في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال، أمس الثلاثاء، في كلمته التي ألقاها في البرلمان التركي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الجديدة، إن "الإدارة الإسرائيلية التي تتحرك من منطلق هذيان الأرض الموعودة، تضع الأراضي التركية نصب عينيها بعد فلسطين ولبنان"، مشيرا إلى أن العدوان الإسرائيلي يشمل تركيا أيضا. وأضاف قائلا: "لذلك سنقف ضد إرهاب الدولة هذا بكل الوسائل المتاحة من أجل وطننا وشعبنا واستقلالنا".
ومن المؤكد أن مثل هذه التصريحات والجهود الدبلوماسية التي تبذلها أنقرة ضد السياسة الإسرائيلية العدوانية، تزعج اللوبي اليهودي المؤيد لحكومة نتنياهو المتطرفة، وتدفعه إلى عرقلة تلك الجهود والتشويش على الدبلوماسية التركية من خلال زج اسم البيت التركي في قضية فساد والسعي إلى إغلاقه.
x.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أردوغان البيت التركي الدبلوماسية تركيا تركيا أردوغان دبلوماسية البيت التركي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس حزب الشعب الجمهوری الدبلوماسیة الترکیة الجمهوریة الترکی کلیتشدار أوغلو عمدة نیویورک إلى أن
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: تعليقات ترامب بشأن غزة تعكس عزلة إسرائيل المتزايدة
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن إسرائيل تلقت، خلال أكثر من 18 شهرا من الحرب بقطاع غزة، انتقادات شديدة من القادة الأجانب ومنظمات الإغاثة، لكنها نادرا ما واجهت إدانة علنية مستمرة، ناهيك عن عواقب ملموسة، من حلفائها المقربين.
وأشارت الصحيفة -في تقرير بقلم رئيس مكتبها في القدس باتريك كينغسلي- إلى أن شركاء لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، أصبحوا في الأسابيع الأخيرة أكثر استعدادا لممارسة ضغوط علنية عليها، حتى إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعا يوم الأحد إلى تهدئة الحرب.
وقال ترامب للصحفيين قبل صعوده إلى طائرة الرئاسة "إسرائيل. تحدثنا معهم، ونريد أن نرى هل بإمكاننا وقف هذا الوضع برمته في أسرع وقت ممكن". وهذا التعليق يتناقض مع الموقف العلني الذي اتخذه عند توليه منصبه عندما ألقى باللوم على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بدلا من إسرائيل في استمرار الحرب، وإظهار وحدته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
عواقب وخيمة
وجاء تعليق ترامب الأخير -حسب الصحيفة- قبل ساعات من تعبير الحكومة الألمانية، الداعمة لإسرائيل عادة، عن انتقادها الشديد للهجمات الإسرائيلية الموسعة على غزة، وقال المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس "ما الذي يفعله الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة الآن؟ بصراحة لا أفهم ما هو الهدف من التسبب في مثل هذه المعاناة للسكان المدنيين".
إعلانويأتي التحول الألماني بعد أيام من تدخل مماثل من قبل الحكومة الإيطالية اليمينية، وهي حليف آخر لإسرائيل تجنّب سابقا مثل هذه الإدانة الشديدة لها، وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني "يجب على نتنياهو وقف الغارات على غزة. نحن بحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين".
وكان جهد منسق بين بريطانيا وكندا وفرنسا قد سبق هذه التدخلات حين انتقدت هذه الدول قرار إسرائيل توسيع عملياتها في غزة، وأوضحت في بيان مشترك أن هذا التوسع "غير متناسب على الإطلاق"، وحذرت من عواقب وخيمة إذا لم تغير إسرائيل مسارها.
وبالفعل علقت بريطانيا مفاوضاتها التجارية مع إسرائيل، كما فرضت عقوبات على المتطرفين الإسرائيليين الذين يقودون جهودا لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم في الضفة الغربية المحتلة، كما تسعى فرنسا لتنظيم مؤتمر في يونيو/حزيران المقبل بالشراكة مع المملكة العربية السعودية لمناقشة إقامة دولة فلسطينية.
دولة منبوذة
ومع ذلك، تواصل هذه الدول دعم إسرائيل بطرق عملية عديدة، حسب الصحيفة، وذلك من خلال الشراكات العسكرية والاقتصادية والاستخباراتية، إذ تزود الولايات المتحدة إسرائيل بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية، مما يسهم في استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة، كما ساعدت بريطانيا وفرنسا في حمايتها من الصواريخ الباليستية الإيرانية، ومن المرجح أن تفعلا ذلك مرة أخرى.
غير أن التحول في نبرة هذه الدول ورسائلها، إلى جانب بعض القيود العملية البسيطة على المصالح الإسرائيلية، يشيران إلى أن أقوى شركاء إسرائيل بدؤوا يفقدون صبرهم تجاه نتنياهو، ولكن إسرائيل حتى الآن لم تبد أي تغيير، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن بلاده ستتخذ "إجراءات أحادية الجانب" إذا اتخذت خطوات أخرى ضدها.
مع أن نتنياهو بقي مصرا على موقفه واتهم بريطانيا وكندا وفرنسا بتشجيع حماس، فإن جهات داخل إسرائيل اعتبرت هذه الخطوات تتجه بها نحو العزلة الدبلوماسية، وكتب إيتامار آيخنر المراسل الدبلوماسي في صحيفة يديعوت أحرونوت أن إسرائيل وصلت إلى أدنى مستوياتها الدبلوماسية بعد 593 يوما من الحرب، وتحولت إلى دولةٍ منبوذة.
إعلان