عودة: لبنان بحاجة ماسة إلى رئيس يعمل مع حكومة متجانسة لوقف القتال والتدمير والتهجير
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "تعيد كنيستنا المقدسة اليوم للآباء الثلاثمئة والسبعة والستين المجتمعين في مدينة نيقية في المجمع المسكوني السابع الذي عقد عام ٧٨٧ على عهد الإمبراطور قسطنطين وأمه إيريني للدفاع عن عقيدة إكرام الأيقونات.
أضاف: "طلب الرسول بولس من تلميذه تيطس أن يتكلم بيقين على مصداقية الإنجيل، لكي يقود المؤمنين إلى عيش شهادة المحبة، «حتى يهتم الذين آمنوا بالله في القيام بالأعمال الحسنة» (تي 3: 8). كل مؤمن يقبل كلمة الله هو رسول في حياته ليقوم بأعمال المحبة. الأعمال الصالحة هي الشغل الشاغل للإنسان المسيحي، وهي «لخير الناس ومنفعتهم»، ولها منفعة مزدوجة. إنها مفيدة في المقام الأول لأولئك الذين يقومون بها، لأنهم لا يعيشون إيمانهم نظريا فقط، بل يشرعون في تطبيقه العملي، كما أنها مفيدة لمن يتلقونها، لأنها تخفف آلامهم ومعاناتهم. لكن هذه الأعمال لا تنبع من ذواتنا لأننا بشر بطالون، إنما من إيماننا بالرب يسوع، كما يقول الرسول بولس: «لكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه، لا بأعمال بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا... حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية» (تي 3: 4-7). في كنيستنا المستقيمة الرأي، الإيمان وحده ليس كافيا، والأعمال الصالحة وحدها ليست كافية. يجب أن تجسد الأعمال الصالحة إيماننا بالكلمة، وتحوله إلى شهادة عملية للمحبة. الطريق إلى الخلاص هو الإيمان، والتسليم للمشيئة الإلهية. لذا وجب أن يكون الإيمان شهادة حية يقدمها الإنسان في حياته اليومية، وليس منهجا نظريا. «أما الذي يعمل ويعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات» كما سمعنا في إنجيل اليوم. وهذا ما شدد عليه الرسول يعقوب أخو الرب بشكل واضح في رسالته قائلا إن «الإيمان من دون أعمال ميت» (يع 2: 20). فالإنسان المؤمن غير العامل يشبه شجرة غير مثمرة. والأعمال الصالحة ترضي الله وهي ثمرة الإيمان. الله يفرح بالإنسان المؤمن المحب الذي يخدم أخاه المتألم باسم الرب يسوع المسيح ويكون نورا مشعا كما قال لنا الرب يسوع في إنجيل اليوم: «أنتم نور العالم... فليضىء نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذي في السموات».
وتابع: "اليوم، ماذا يعنينا أن نعيد لآباء المجمع السابع وعقيدة إكرام الأيقونات؟ لأننا في هذا الوقت ندرك أهمية الأيقونة، ونفهم خلق الله الإنسان على صورته ومثاله، لأننا في زمن يجب علينا فيه الترفع عن التحزب الأعمى والتعصب والتزمت وكل ما من شأنه أن يبعدنا عن أخينا الإنسان، والنظر إلى الآخر على أنه صورة لله الخالق. على أبناء الله الواحد أن يحبوا بعضهم بعضا، ويعتنوا ببعضهم، لأنه سيسألون عن ذلك أمام العرش الإلهي في يوم الدينونة الأخير. لن نسأل عن مدى حفظنا للعقائد، على أهميتها، بل عن مدى تفعيل هذه العقائد وحسن تثميرها لما فيه خير الآخرين. العقيدة الوحيدة اللازمة هي «المحبة» التي تتولد منها كل الخصال الحميدة. محبة الله والقريب، ومحبة الوطن الذي شاءنا الله فيه، وعلينا المحافظة عليه كحدقة العين، وعدم التفريط به. يتابع الرسول بولس قائلا لتيطس «أما المباحثات الهذيانية والأنساب والخصومات والمماحكات الناموسية فاجتنبها فإنها غير نافعة وباطلة».
وقال: "في هذه الظروف المصيرية، على اللبنانيين عامة، والمسيحيين منهم خاصة، والقادة المسؤولين بشكل أخص، الإبتعاد عن المماحكات والترفع عن الأنانية والمصلحة، والمبادرة الفورية إلى إنقاذ البلد باتخاذ المبادرات النافعة التي لا تخدم إلا لبنان. عليهم مسؤولية وطنية كبيرة ومطلوب منهم دور وطني كبير هو انتخاب رئيس بأسرع وقت، بالطرق الديمقراطية، وبحسب ما يمليه الدستور، ليحمل قضية لبنان وصوته إلى العالم، يفاوض باسمه ويدرأ عنه المخاطر. انتخاب رئيس للبلاد ليس تفصيلا في حياة الشعوب ومسيرة الأوطان لأن الرئيس هو قائد السفينة وموجهها، ولبنان بحاجة ماسة إلى رئيس يعمل مع حكومة متجانسة على حماية لبنان ووقف القتال والتدمير والتهجير، واعتماد كل الوسائل الدبلوماسية لبلوغ هذا الهدف. هنا لا بد من التساؤل أين حماة حقوق الإنسان؟ أين رافعو راية الإنسانية وأهمية الحياة؟ أين الأمم كلها لا يحركها موت البشر وتهجيرهم بالآلاف في لبنان وفلسطين وغيرهما من البلدان التي تفتك بها الحروب والمجازر؟"
وختم: "في الأيام العصيبة التي نعيشها اليوم، تزداد الحاجة إلى الشهادة للحق، كما تزداد احتياجات الناس إلى كل من الخيرات المادية والدعم الروحي، لذلك نحن مدعوون إلى أن نشهد لمحبة الرب يسوع المسيح الذي هو الطريق والحق والحياة، من خلال الأعمال الصالحة التي تولد الأمان والطمأنينة، وتعكس محبة المسيح وسلامه للعالم أجمع، وتؤكد على أن الكلمة التي نبشر بها هي صادقة".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الأعمال الصالحة الرب یسوع
إقرأ أيضاً:
خبير إسرائيلي: لا يوجد نصر مطلق في غزة.. واستمرار القتال غير مفيد
أكد خبير إسرائيلي أنه لا يوجد شيء اسمه نصر مطلق في قطاع غزة، وذلك بعد مرور أكثر من 600 يوم على الحرب المدمرة في القطاع، مشددا على أننا وصلنا إلى نقطة أصبح فيها "استمرار القتال غير مفيد".
وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا ونائب رئيس جامعة تل أبيب البروفيسور إيال زيسر في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم": "لا يوجد شيء اسمه نص مطلق، ولا تحتاج الحكومة إلى اختراع أشياء أو الانخراط في تمارين التفكير الاستراتيجي".
وتطرق زيسر إلى حرب الأيام الستة التي انتهت في 10 يونيو 1967، موضحا أنها "كانت حافلة بالإنجازات والانتصارات التي غيّرت وجه إسرائيل والشرق الأوسط. في ذلك اليوم سيطرت قوات الجيش الإسرائيلي على هضبة الجولان، ووصلت إلى ضفة قناة السويس، وأكملت احتلال الضفة بما في ذلك القدس".
وتابع قائلا: "كان النصر الإسرائيلي واضحًا وحاسمًا، وكان حكّام العرب أول من اعترف علنًا بهزيمتهم، وأوقفوا إطلاق النار على الخطوط الجديدة التي تموضع على طولها الجيش الإسرائيلي".
واستدرك بقوله: "لكن، بعد أقل من ثلاثة أسابيع من انتهاء الحرب وتحقيق النصر، جدّد المصريون إطلاق النار، عبروا القناة وهاجموا مواقع الجيش الإسرائيلي من جانبها الإسرائيلي. بعد عدة أشهر، نجحوا في إغراق المدمّرة إيلات".
حرب الاستنزاف
واستكمل قائلا: "هكذا بدأت "الحرب التي تلت الحرب"، والتي عُرفت لاحقًا باسم "حرب الاستنزاف". بعد بضعة أسابيع، جدد السوريون إطلاق النار في هضبة الجولان، وهكذا انجرفنا إلى حرب طويلة ودامية سقط خلالها نحو 1000 جندي إسرائيلي. شكّلت حرب الاستنزاف حجر أساس مهم للعرب في بناء قوتهم واستعدادهم العسكري لحرب يوم الغفران (حرب أكتوبر)".
ولفت إلى أنه "يجب تذكر حرب يوم الغفران كإنجاز عسكري مثير للإعجاب، إذ نجح الجيش الإسرائيلي في التعافي من المفاجأة التي تعرّض لها، وأفشل هجوم العدو وسيطر على أراضٍ. ومع ذلك، لم يؤدِّ وقف إطلاق النار إلى الهدوء، إذ جدد السوريون القتال حتى تم توقيع اتفاق فصل القوات في جبهة الجولان في مايو 1974".
وأكد أن "المرة الوحيدة التي انتهى فيها نزاع عسكري بسلام استمر حتى اليوم، كانت عندما وقّع مناحيم بيغن على اتفاق سلام مع مصر. وشرح بيغن لمنتقديه بأن "صعوبات السلام أفضل من آلام الحرب"، والواقع أن الحدود المصرية، التي كانت تمثل تهديدًا وجوديًا لنا على مدى أول 25 عامًا من استقلالنا، أصبحت بمجرد توقيع الاتفاق السياسي حدودًا هادئة".
وشدد على أن "كل هذا يعلمنا أن الانتصار في حروب إسرائيل مع العرب ممكن ومتاح، وقد يجلب مكاسب هائلة لدولة إسرائيل. لكن لا يكون الحديث أبدًا عن "نصر مطلق"، فهو شعار لا معنى له. الحكمة هي أن نفهم ما يمكن تحقيقه وما لا يمكن، والأهم هو الحفاظ على ثمار انتصاراتنا".
وبيّن أن "المثال الأوضح على ذلك هو حرب الاستقلال. كانت هذه الحرب الأطول والأصعب في حروب إسرائيل. نجح الجيش الإسرائيلي في هزيمة عرب أرض إسرائيل وجيوش العرب التي جاءت لمساعدتهم، وأدت إنجازاته إلى تحول تاريخي في الوضع الإقليمي والديمغرافي".
وأردف قائلا: "لكن الحرب لم تنتهِ بنصر مطلق، فعندما تم توقيع اتفاقيات وقف إطلاق النار، بقيت غزة تحت السيطرة المصرية، والجيش الأردني كان يسيطر على جبل الهيكل والقدس الشرقية، وكان السوريون يغمرون أقدامهم في مياه طبريا".
القتال غير مفيد
وبحسب الكاتب، "لكن إسرائيل كان لديها حينها دافيد بن غوريون، قائد حقيقي، أعظم قائد نهض بنا وقاد الدولة نحو النصر. عظمته كانت في معرفته متى يجب التوقف. لقد فهم أن هناك نقطة يصبح فيها استمرار القتال غير مفيد لأهدافنا الوطنية وقد يهدد إنجازاتنا. لذلك أوقف القتال وأعطى الأولوية لإعادة بناء الجيش، لبناء المجتمع والاقتصاد، وللاستيعاب السكاني. وكان هذا هو النصر الثاني في الحرب، وكان أكبر تماما من سابقه".
ورأى زيسر أن "الحكومة الحالية لا تحتاج لاختراع شيء ولا حتى ممارسة تمارين تفكير استراتيجي، إذا كان ذلك يفوق قدرتها. كل ما عليها فعله هو السير على خطى أسلافها. أولئك الذين عرفوا متى يقولون "كفى"، وكيف يحافظون على النصر ويحققون مكاسبه، وكيف تجنبوا أيضًا بيع الأوهام بأن في هذا الصراع الذي نحن فيه يمكن تحقيق انتصارات مطلقة".
وختم قائلا: "في الأسبوع الماضي، أحيينا مرور 600 يوم على الحرب في غزة، ومن الواضح أنه رغم إنجازاتنا لن يكون فيها نصر مطلق. في أقصى تقدير، سيكون هناك "نصر مطلق" للرئيس ترامب الذي سيحدّد موعدها وشروط نهايتها. ومن لا يتعلم من التاريخ، قد يجد نفسه "يأكل السمك الفاسد ويُطرد من المدينة"، على حد قوله.