أكتوبر هو شهر الانتصارات. فيه قالت مصر كلمتها وفرضت سيادتها، بعد الانتصارات التي حققتها على إسرائيل في العام 1973، فأصداء الهزيمة التي لحقت بالعدو ما تزال حديث العالم، ومع إحياء ذكرى الاحتفال بالنصر في مثل هذا التوقيت من كل عام، يتردد الحديث عن الفنانات اللاتي وقعن في فخ الهجوم الإسرائيلي بسبب مواقفهن الداعمة للجيش المصري باستخدام الفن، وعلى رأسهم أم كلثوم.

. فما القصة؟

الاحتلال الإسرائيلي يطالب بإعدام أم كلثوم

في السادس من يوليو عام 1949، نشرت صحيفة البلاغ المصرية، خبرًا آثار دهشة الجميع، نقلًا عن راديو إسرائيل، الذي أعلن صدور حكم بإعدام الآنسة أم كلثوم، وذلك بسبب الغضب الإسرائيلي من نشاطات «الست» الفنية التي اعتبروها تحريضًا ضد الصهيونية، خاصة بعد حرب فلسطين عام 1948.

«تؤخذ الدنيا غلابا».. كلمات شدت بها السيدة أم كلثوم على الأراضي الفلسطينية، في إحدى حفلاتها لدعم الجنود الفلسطينيين والقوات العربية المشاركة في الحرب، حينئذ، أثارت ردود فعل كبيرة من جيش الاحتلال، وهو ما دفع الحكومة الإسرائيلية لاتهامها بتحريض الشعوب العربية ضدهم.

كما شدت كوكب الشرق بالعديد من الأغنيات والأناشيد في هذا الحفل لدعم القضية الفلسطينية، من بينها أنشودة «الله معك» لصلاح جاهين ورياض السنباطى، تقول كلماتها: «ما أروعـك يا شعبـنا ومـا أشجعـك.. جرحك فلسطـين يِوْجَعك تزداد وجـود.. يا شعب يا منصـور تعـالى بمدفعـك.. الله مـعـك.. يا أرضنا المسجونة سجنك راح يـزول.. شعبـك على الأبـواب مسـلح بالأمـل.. كلمـة فلسطيـن زى دقـات الطـبـول.. بتـدوِّى وتحمِّـس وتـدفـع للـعـمـل.. راجـعـيـن بـقـوة الـسـلاح.. راجـعـيـن فـى بحـر مـن الـدِما.. راجـعـيـن كمـا رجـع الصـبـاح.. مـن بـعـد لـيـله مُعـتِـمـة.. إحنا هنا يا شمـس يا طيـر يا ربـوع.. عُدنا وخَـدْنا التـار من عـار الزمـن.. ده حلم.. لكن له معاد».

حكم بإعدام "سليمة" و"سهام"

لم تكن السيدة أم كلثوم وحدها التي صدر حكمًا جائرًا بإعدامها، بل أيضًا المطربة العراقية سليمة باشا والسورية سهام رفقى. الأولى وصفها الاحتلال بأنها ألد أعداء الصهيونية في بغداد، وأنها تحرض الشعب العراقى ضد الصهاينة المسالمين على الرغم من أنها كانت يهويدية، وتذكر صحف عراقية أن "سليمة" رفضت الهجرة إلى إسرائيل أيام تهجير اليهود، وأصرت على البقاء في العراق وممارسة الغناء حتى سنواتها الأخيرة.

أما الثانية فكانت تهمتها إنها ترفه عن الجنود العرب فى الجبهة الشمالية وتغنى لهم، ومن أشهر أغانيها «مرحى مرحى بالملايين.. قتل وجرحى لفلسطين»، «وجينالك يا فلسطين»، وهي الأغنية التي ألهبت حماس الشارع العربي لسنوات.

وسرعان ما تحولت المطربات الثلاث إلى بطلات في عيون جماهيرهم، وفي يوليو من العام 1949، وتحديدًا بعد توقيع اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل بمدينة «رودس» اليونانية، أعلن راديو إسرائيل إلغاء حكم الإعدام ضد كوكب الشرق، بل تم بث أغنيتها «ياما أمر الفراق».

حكم بالإعدام على 30 شخصية عربية

لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بذلك، بل أصدر حكمًا بالإعدام على أكثر من 30 شخصية عربية، على رأسهم جميع أعضاء الهيئة العربية العليا بتهمة تحريض الشعوب العربية على محاربة الصهيونية.

نفسية أم كلثوم بعد نكسة 67

أزمة نفسية كبيرة عاشتها أم كلثوم  عقب نكسة 1967، لتعتزل الناس جميعًا، وتجلس في «بدروم» منزلها بالزمالك، تطفئ الأنوار وتربط رأسها بمنديل لعله يخفف الآلام الثقيلة التي تشعر بها، تفكر وتحاول دعم بلادها ضد الاحتلال الغاشم، حتى خرجت وهي تغني لنزار قباني ومحمد عبد الوهاب قصيدة «أصبح عندى الآن بندقية»، وفقًا لما ذُكر في كتاب «أم كلثوم وحكام مصر» للكاتب سعيد الشحات، نقلًا عن ابن شقيقتها المهندس محمد الدسوقي.

لم يكن شعور «الست» مجرد شعارات، بل أطلقت حملة «الفن من أجل المجهود الحربي»، لتقدم حينها العديد من الحفلات داخل مصر وخارجها لتجمع عائدها المادي وتخصصها لتسليح الجيش، فجمعت العديد من الأموال خاصة عقب حفلاتها في باريس. 

رسالة من الرئيس السادات لـ أم كلثوم

مجهود كبير قامت به السيدة أم كلثوم لدعم الجيش المصري والعربي، دفع الرئيس الراحل أنور السادات، إلى إرسال برقية لها عقب النصر العظيم في أكتوبر 73، ما تزال موجودة في متحفها بالمنيل، كتب فيها: «السيدة الفاضلة فنانة الشعب/ أم كلثوم إبراهيم.. تحية طيبة وبعد.. فقد وصلتني رسالتك التى تعبر عن نبل مشاعرك وصادق وطنيتك.. وروحك التى عبرت عن مثالية عالية بتبرعك للمجهود الحربي لدعم القوات المسلحة التي تخوض معركة من أشرف معاركها في الدفاع عن حقنا المغتصب في أرضنا العربية العزيزة، وسنمضي فيها مزودين بالإيمان الذى يملأ قلوبنا حتى يكلل الله نضالنا بالنصر، لنبني صرح أمتنا شامخًا على أسس قوية من الإيمان ودعائم ثابتة من العلم.. الله يوفقنا.. ويسدد خطانا». 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أم كلثوم أسرار أم كلثوم أم کلثوم

إقرأ أيضاً:

“مادلين».. سفينة الحرية التي كسرت حاجز الصمت وفضحت قرصنة الاحتلال

 

في مشهد يعيد إنتاج التاريخ الاستعماري القائم على القمع والعدوان، أقدمت دولة الاحتلال الإسرائيلي على قرصنة بحرية مكتملة الأركان، باعتراض واحتجاز سفينة «مادلين»، إحدى سفن «أسطول الحرية»، في عرض المياه الدولية.
هذه السفينة، التي أبحرت من موانئ الضمير العالمي محمّلة بالمساعدات الإنسانية والأمل، لم تكن تحمل سوى رسالة إنسانية تهدف إلى كسر الحصار المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة.
إن اعتقال المتضامنين الدوليين، ومن بينهم نواب برلمانيون وفنانون ونشطاء من مختلف الجنسيات، لمجرد أنهم حملوا مساعدات غذائية وطبية لأطفال يموتون جوعًا وعطشًا، يكشف مدى توحش الاحتلال واستهتاره بكل الأعراف والمواثيق الدولية. هذه الجريمة ليست سوى امتداد مباشر لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ أكثر من 600 يوم على القطاع، والتي أودت بحياة ما يزيد عن 55 ألف شهيد، وأكثر من 115 ألف جريح، وخلّفت أكثر من 15 ألف مفقود تحت الأنقاض، غالبيتهم من الأطفال والنساء.
القرصنة الإسرائيلية بحق «مادلين» تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وتعبّر عن الطبيعة الاستعمارية العنصرية لهذا الكيان، الذي لا يقيم اعتبارًا للقانون أو للضمير العالمي. إن استهداف سفينة إنسانية بهذا الشكل، عبر الحصار والتشويش الجوي والهجوم البحري المباشر، وصولًا إلى الترهيب والاختطاف، يُعدّ جريمة دولية موصوفة، لا يجب أن تمرّ دون رد ومساءلة.
إننا في مواجهة جريمة مركّبة، تبدأ من حصار شعب وتجويعه، وتمتد إلى تجريم كل من يحاول مدّ يد العون له. والمطلوب اليوم ليس فقط إطلاق سراح أبطال «مادلين» وسفينتهم، بل تحرك دولي عاجل لعزل دولة الاحتلال ومحاسبتها على جرائمها، ورفع الحصار الظالم عن غزة بشكل كامل وفوري. كما أننا ندعو إلى تصعيد التحرك الشعبي العالمي وتسيير المزيد من سفن الحرية، لأن رسالة «مادلين» لا يمكن أن تُغرقها آلة القمع.
في المقابل، لا يسعنا إلا أن نحيي أحرار العالم الذين خاطروا بأرواحهم من أجل كسر الحصار، وفي مقدمتهم النائبة الأوروبية ريما حسن، وكل من رافقها في هذه الرحلة الإنسانية. لقد وصلت رسالتهم إلى قلوب أبناء شعبنا، وإن لم تصل إلى موانئه، وسيسجّل التاريخ أسماءهم في سجلّ نضالنا، إلى جانب شهدائنا وأسرانا ومقاومينا.
«مادلين» لم تكن مجرد سفينة، بل كانت صوتًا للحرية في وجه الظلم، وصرخة عالمية في وجه الإبادة. وإن اختطافها لن يُسكت هذا الصوت، بل سيزيده صدى. لأن الشعوب الحرة لا تُهزم، ولأن إرادة الحياة أقوى من سطوة الحصار.
ستُكسر القيود، سينكسر الحصار، وستنتصر فلسطين.

* عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

مقالات مشابهة

  • إليك المنتخبات العربية الآسيوية التي بلغت الملحق المؤهل لكأس العالم
  • حلم الاستقلال وخيبة الوعد.. القصة الكاملة للثورة العربية الكبرى
  • اليمن يقصف تل أبيب ويتوعد بتصعيد الهجمات داخل العمق الإسرائيلي.
  • وقفة تضامنية حاشدة لدعم مادلين وكسر الحصار.. هكذا احتضنت غزة سفينة الأمل (صور)
  • الاحتلال الإسرائيلي يجدد عدوانه على ميناء الحديدة في غرب اليمن
  • “مادلين».. سفينة الحرية التي كسرت حاجز الصمت وفضحت قرصنة الاحتلال
  • غزة بين مطرقة الصهيوني وسندان الخيانة العربية!
  • تعرف على موعد حفل أغاني أم كلثوم على مسرح الساقية
  • فضل الله: الدولة قادرة على حشد عناصر القوة التي تملكها لمواجهة الاعتداءات
  • الدويري: المقاومة بغزة تقود حرب استنزاف تختلف عن تلك التي قادتها الجيوش العربية