حظي خبر إعلان إسرائيل -أمس الخميس- قتل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار باهتمام كبير من الصحف الأميركية، فحذرت إحداها من تضخيم الحدث، في حين رأت أخرى أنه قد يمهد الطريق لاتفاق يوقف إطلاق النار، بينما استبعدت ثالثة أن يمثل نقطة تحول.

فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا للكاتب المعروف توماس فريدمان حذر فيه من تضخيم أهمية الحدث، معربا عن اعتقاده أن مقتل السنوار يشي بإمكانية المضي في "خطوة أكبر" نحو حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ معاهدة أوسلو.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: قتل قادة حماس لم يقضِ تاريخيا على الحركةlist 2 of 2هيرست: حروب إسرائيل الأبدية في الشرق الأوسط ستمهد لزوالهاend of list

ورغم أنه وصف مقتل السنوار بأنه حدث كبير، فإنه استدرك قائلا إن موته ليس وحده شرطا كافيا لإنهاء حرب غزة ووضع الإسرائيليين والفلسطينيين على طريق مستقبل أفضل.

وزعم أن السنوار وحركة حماس لطالما رفضا حل الدولتين وكانا ملتزمين بتدمير "الدولة اليهودية"، مضيفا أن ما من أحد دفع ثمنا أكبر من الفلسطينيين في غزة.

ورغم أنه يرى أن القضاء على السنوار كان ضروريا من أجل أن يكون تنفيذ الخطوة التالية ممكنا، فإن وفاته لا تعني أبدا كل شيء، فالشرط المُرضي -باعتقاده- هو أن يكون لإسرائيل قائد وائتلاف حاكم مستعد لاغتنام الفرصة التي حدثت الخميس.

وتساءل فريدمان: "هل يستطيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يرقى إلى مستوى صورته التشرشيلية ويتماشى مع شيء كان يرفضه في السابق؟"، في إشارة إلى ونستون تشرشل، الذي يعده كثيرون أنه أعظم من تولى رئاسة الحكومة في بريطانيا مرتين الأولى خلال الحرب العالمية الثانية بين عامي 1940 و1945 والثانية بين عامي 1951 و1955.

ونقل عن مصادر دبلوماسية أميركية وعربية وإسرائيلية -لم يكشف تفاصيل عن هوياتها- أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن و3 زعماء عرب بحثوا خلال الشهر الماضي أو نحو ذلك، أفكارا تتعلق بما يجب القيام به في "اليوم التالي" لإنهاء الحرب ولإعادة إعمار غزة "ما بعد حماس".

وكشف عن أن الفكرة العامة تتلخص في أن يوافق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على تعيين الاقتصادي ورئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض -الذي يصفه فريدمان بأنه يتمتع بسمعة ممتازة في النزاهة- لقيادة حكومة تكنوقراط جديدة وإصلاح السلطة الفلسطينية، واجتثاث الفساد وتحديث حوكمتها وقواتها الأمنية.

وقال إن من شأن السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها أن تطلب رسميًا -وتشارك في- قوة دولية لحفظ السلام تضم قوات من الإمارات ومصر، وربما من دول عربية أخرى وحتى دول أوروبية، لتحل محل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

ومع ذلك، يدرك نتنياهو أن العرب لن يشاركوا في قوة حفظ سلام عربية أو دولية "لتنظيف الفوضى" في غزة إلا إذا كان ذلك جزءا من عملية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، حسب فريدمان.

أما صحيفة واشنطن بوست، فقد اتفقت مع فريدمان في أن استشهاد السنوار قد يمهد الطريق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى "الذي طال انتظاره".

فقد ادعت هيئة تحرير الصحيفة أن يدي السنوار كانتا "ملطختين بدماء الفلسطينيين والإسرائيليين"، وأن وفيات المدنيين نجمت هي الأخرى عن قراراته، حسب تعبيرها.

غير أن ما لا يبدو جليا أكثر -برأيها- هو إذا ما كان مقتله سيعجل بنهاية الصراع، ومع ذلك فهي تعتقد أن مقتل السنوار يمكن أن يخلق فرصة لتجديد المحادثات حول اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى.

ورأت أن الفرصة سانحة أمام نتنياهو، وعليه أن يغتنمها ويقاوم نزعته "المتغطرسة" والنصائح التي يسديها له أعضاء اليمين المتطرف في حكومته.

ووجهت الصحيفة نصيحة للرئيس الأميركي جو بايدن بضرورة المثابرة في دفع إسرائيل نحو تنفيذ صفقة لوقف إطلاق النار، واحتواء حرب الصواريخ المتبادلة مع إيران، مشيرة إلى أن "حجته باتت الآن أقوى من ذي قبل لحمل إسرائيل على التوقف عن تأجيل خطة إستراتيجية لمرحلة ما بعد حماس، وما بعد الحرب على غزة".

ليست نقطة تحول

وبدورها، أوردت مجلة فورين بوليسي تحليل دانييل بايمان، الأستاذ بجامعة جورج تاون، الذي أكد أن "اغتيال إسرائيل للسنوار لا يمثل نقطة تحول".

ورغم أن بايمان، وهو كذلك زميل بارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، ذكر أن وفاة زعيم حماس قد تمثل انتصارا سياسيا لنتنياهو، فإنه شدد على أن إسرائيل لا تزال بعيدة كل البعد عن التوصل إلى خطة واقعية لحكم غزة.

"ولكن أي نوع من حماس سوف ينهض بعد السنوار؟" يتساءل بايمان، ليجيب بأنه يعتقد أن "الحملة الإسرائيلية المدمرة ضد الحركة وغزة ستمثل درسا لزعمائها المستقبليين حول مخاطر مواجهة عدو أقوى وأكثر تصميما"، لكنه أبرز أن حماس ستستفيد من الوقت لإعادة تجميع صفوفها وإعادة بناء منظمتها.

وتنبأ الكاتب بأن يضاعف قادة حماس في المستقبل جهود المقاومة، إذ تمكنت المنظمة -في ظل قيادة السنوار- من توجيه ضربة قوية لإسرائيل، وأعادت القضية الفلسطينية إلى الخريطة السياسية، وألحقت الضرر بسمعة إسرائيل الدولية، وعليه فإن حماس ستعتبر إنهاء الصراع بمنزلة تراجع لهذه المكاسب.

أما إسرائيل، فإنها لا تُظهر من جانبها أي إشارة على أنها ستخفف من حدة هجماتها على غزة، ذلك أن التزامها الخطابي بتدمير حماس تقابله أفعال على الأرض، لكن حماس صامدة، والمنظمة تعافت من خسائر قيادية كبيرة في الماضي، حسب الكاتب.

ولا يرى بايمان أن إسرائيل ستجنح للسلم، مما يعني أن القتال بين الطرفين سيستمر، وربما يحول غزة إلى "بلد فاشل"، وفي مثل ذلك المناخ فإن حماس، حتى لو كانت ضعيفة وغير منظمة، سوف تكون قادرة على الصمود وربما حتى الازدهار، على حد تعبيره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات ترجمات إطلاق النار نقطة تحول

إقرأ أيضاً:

بين هدنة مؤقتة وبداية تحول استراتيجي.. ماذا بعد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل؟

أثارت الهدنة المفاجئة التي أعلنت بين إيران وإسرائيل، بتنسيق غير مسبوق من الرئيس ترامب، موجة من التساؤلات حول مستقبل الدور الأميركي في الشرق الأوسط، في ظل تهميش الرئيس لمؤسسات الأمن القومي التقليدية واعتماده على دائرة ضيقة من المستشارين داخل البيت الأبيض. اعلان

ورغم الشكوك التي تحيط بمدى صمود وقف إطلاق النار، يرى مراقبون أن ما جرى يفتح نافذة محتملة لاستئناف المفاوضات مع طهران بشأن برنامجها النووي، وربما تحريك ملفات نزاعية أخرى كانت مجمدة بفعل التصعيد العسكري.

 وقال المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، في تصريح لقناة "فوكس نيوز": "حان الوقت لنجلس مع الإيرانيين ونتوصل إلى اتفاق سلام شامل".

 بعيدًا عن القنوات الدبلوماسية المعتادة، وجد المسؤولون والمحللون – وحتى أعضاء الكونغرس – أنفسهم مضطرين لمتابعة منشورات ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أي مؤشرات حول توجهاته. إذ لم يتلقّ كبار أعضاء الكونغرس سوى إشعارات موجزة بشأن قرار الرئيس باستهداف ثلاث منشآت نووية إيرانية نهاية الأسبوع، في حين أُلغيت جلسات الإحاطة الأمنية حول العملية دون تفسير.

 وحتى وزارة الخارجية الأميركية، التي اضطلعت لعقود بدور محوري في رسم السياسة تجاه إيران، أحالت الأسئلة إلى البيت الأبيض، مؤكدة أن الوزير كان جزءًا من "ديناميكية مغلقة" مع الرئيس تتعلق بكيفية إنهاء الحرب.

 وفي منشور مفاجئ آخر، أعلن ترامب أن الصين باتت حرة في استيراد النفط الإيراني، في خطوة اعتبرها مراقبون انقلابًا على سياسة "الضغط الأقصى" التي تبناها منذ انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018.

تقييم الضربات: ضرر كبير ولكن غير حاسم

 وبينما لم تتضح بعد النتائج الكاملة للهجمات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت منشآت نطنز وفوردو وأصفهان، تشير تقديرات أولية لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية إلى أن البرنامج النووي الإيراني تأخر لبضعة أشهر فقط، دون أن يُدمر بالكامل كما صرح ترامب.

 غير أن بعض الخبراء، ومنهم ويتكوف، رأوا أن الضربات وجّهت "ضربة استراتيجية" لقدرة طهران على تخصيب اليورانيوم بدرجات عسكرية، مؤكدين أن إعادة تأهيل المنشآت قد يستغرق شهورًا أو أكثر.

 وفي شهادة أمام الكونغرس، أكد نائب قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، أن إيران لا تزال تحتفظ بـ"قدرات تكتيكية كبيرة"، مشيرًا إلى هجوم صاروخي إيراني استهدف قاعدة أميركية في قطر بعد الضربات الأخيرة.

ملف النووي.. هل تعود طهران إلى الطاولة؟

 ورغم التصعيد، تؤكد الإدارة الأميركية أن خيار الدبلوماسية لا يزال مطروحًا. وقال ويتكوف إن محادثات أولية، مباشرة وعبر وسطاء، بدأت بالفعل بين واشنطن وطهران.

 إلا أن معضلة القيادة في إيران تطرح تحديًا كبيرًا. ويشير الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، راي تاكيه، إلى أن النظام الإيراني يعيش حالة من التشتت تحول دون قدرته على الدخول في مفاوضات جدية، خصوصًا أن المطلب الأميركي الأساسي هو "تصفير التخصيب".

 من جهته، تساءل كريم سجادبور، الباحث في مؤسسة كارنيغي، عن الجهة التي تملك صلاحية اتخاذ القرار في طهران، معتبرًا أن هوية النظام القائمة على العداء للولايات المتحدة تعيق أي تقدم محتمل.

 وفي الأمم المتحدة، قال المندوب الإيراني أمير سعيد إيرواني أمام مجلس الأمن: "الحوار والدبلوماسية هما السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة المفتعلة حول برنامج إيران السلمي".

 أما نائب الرئيس الأميركي، جي. دي. فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، فقد شددا على أن ترامب لا يزال يفضّل المسار الدبلوماسي لإنهاء الصراع. وقال فانس: "لم نفشل في الدبلوماسية.. بل لم تُمنح فرصة حقيقية من الطرف الإيراني".

تداعيات أوسع على ملفات إقليمية

 ويمكن لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل – في حال استمر – أن يفتح آفاقًا جديدة أمام إدارة ترامب لإعادة تحريك ملفات إقليمية مجمدة، لا سيما الصراع بين إسرائيل وحماس، حيث قد تسهم جهود وساطة من مصر وقطر في دفع العملية السياسية.

 كما أن تراجع النفوذ الإيراني في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، قد يفسح المجال أمام تعاون أميركي-سوري غير مسبوق. وكان ترامب قد التقى بالفعل برئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع وبدأ في تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

 وبالمثل، قد تنعكس أي تقليص للدور الإيراني في لبنان على قوة حزب الله، الذي طالما تفوق عسكريًا على الجيش اللبناني، ما قد يُمهّد لتحسين العلاقات بين واشنطن وبيروت.

 أبعد من ذلك، ترى الإدارة الأميركية أن انفراجًا على الجبهة الإيرانية قد يوفر لها الوقت والجهد للعودة إلى مسار التهدئة بين روسيا وأوكرانيا، لا سيما في ظل التعاون العسكري الوثيق بين طهران وموسكو، بما في ذلك تزويد روسيا بطائرات مسيرة تستخدم بكثافة في الحرب على كييف.

ويرجح مراقبون أن تصعيد روسيا لهجماتها في أوكرانيا تزامنًا مع الضربات الإسرائيلية على إيران قد يكون محاولة لاستغلال انشغال العالم لصالحها، وسط غموض متجدد يلف المشهد الدولي.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • الذهب يتجه لتكبد ثاني خسارة أسبوعية مع ترقب لبيانات أميركية
  • هل يُنجز لبنان آلية لتطبيق وقف النار بمساعدة أميركية؟
  • مركز معلومات الوزراء: أسواق الطاقة تترقب تداعيات الصراع رغم وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران
  • بين هدنة مؤقتة وبداية تحول استراتيجي.. ماذا بعد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل؟
  • ‏إسرائيل هيوم عن مصدر إسرائيلي: ننتظر تراجع حماس عن "موقفها المتشدد" بشأن مفاوضات تبادل الرهائن
  • غزة تحت المقصلة.. عندما تحول إسرائيل التجويع إلى عقيدة حرب علنية
  • إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار مع إيران.. هل تكون غزة التالية؟
  • مسؤول عسكري: من المرجح أن يمثل الحوثيون مشكلة مستمرة لأميركا
  • خارجية النواب: وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل نقطة تحول محورية
  • شمال الباطنة.. نقطة تحول في عين الاقتصاد