تدخل الانتخابات الرئاسية الأميركية فترتَها الحرجة قبيل إقامتها في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، حيث تتوجّس الحملات الانتخابية الرئاسية مما يحمله شهر أكتوبر/ تشرين الأول من مفاجآت لا تتوقعها في ظل منافسات انتخابية حامية الوطيس.

تُعرّف "مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول" في قاموس الانتخابات الرئاسية الأميركية بأنها حدث سياسي أو اقتصادي جلل أو فضيحة سياسية أو أخلاقية تنال من شخصية أحد المرشحين للرئاسة الأميركية، تحدث غالبًا في شهر أكتوبر/ تشرين الأوَّل، حين تبلغ الحملات الانتخابية ذروتها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما صلاحيات نائب الرئيس في أميركا.. وهل هو منصب ثانوي؟list 2 of 2ترامب يلجأ إلى حيل جديدة للرد على هاريسend of list

وفي عصر التغطيات الإخبارية الأميركية المستمرّة، الباحثة عن الإثارة الإعلامية طوال ساعات اليوم الأربع والعشرين، قد تؤدي مثل هذه المفاجآت غير المتوقعة إلى ترجيح كفة الانتخابات لصالح أحد المرشحين ترجيحًا يعتلي فيه سدة البيت الأبيض الأميركي.

ومن أشهر مفاجآت أكتوبر/ تشرين الأول في الانتخابات الرئاسية الأميركية السابقة، ما عُرِف بشريط أسامة بن لادن، زعيم القاعدة، قبيل إجراء انتخابات عام 2004، الذي نقلته للعالم قناة الجزيرة الإخبارية في سباق صحفي كسر هيمنة الإعلام الغربي للأخبار العالمية لأول مرة في التاريخ الحديث.

في هذه الرسالة، أشار بن لادن إلى أن تلك الهجمات جاءت كنتيجة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولكنه لم يهدد بمزيد من الهجمات. رغم أن التوقيت جاء مفاجئًا قبل أيام من الانتخابات، فإن الفيديو اعتُبر تعزيزًا لموقف الرئيس جورج بوش الابن، الذي كان يعتمد على صورة القائد الحازم في محاربة الإرهاب.

تلك الرسالة عزَّزت مخاوف الناخبين الأميركيين من تهديد الإرهاب، مما ساهم في تعزيز دعم بوش على حساب منافسه جون كيري، الذي كان يُنظر إليه على أنه أقلّ حزمًا في هذا المجال.

جاء شريط بن لادن بينما كان المرشح الديمقراطي جون كيري على وشك إحراز نصر انتخابي ضد خصمه الرئيس وقتها جورج بوش الابن، مما رجّح كفة الفوز لصالح الأخير، معيدًا إلى ذاكرة وذهن الناخب الأميركي الأحداث الجسيمة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول في مدينتي نيويورك وواشنطن دي سي، وأهمية الاستمرار في الحرب على الإرهاب التي أعقبتها.

خسر كيري سباق الرئاسية بسبب شريط فيديو لم يحسب له حسابه، أصدره رجلٌ مطاردٌ يقبع في كهفٍ من كهوف جبال تورا بورا بأفغانستان.

خسارة هيلاري كلينتون الانتخابات بسبب رسالة

ما تزال هيلاري كلينتون ترمي بلائحة الاتهام ضد مدير المباحث الفدرالية السابق جيمس كومي في خسارتها لانتخابات عام 2016، حينما تعجّل بإرسال رسالة لزعماء الكونغرس قبيل أيام من إجراء الانتخابات يحيطهم علمًا بالعثور على أعداد كبيرة من الإيميلات الخاصة المفقودة لهيلاري كلينتون إبان توليها منصب وزيرة الخارجية.

جاءت مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول ذلك العام لتعيد إلى أذهان الناخبين الأميركيين شكوكًا أثارها المرشح الجمهوري حينئذ دونالد ترامب بأن هيلاري كلينتون شخص غير موثوق به للحفاظ على أسرار الدولة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون كتبت في هذه الأسابيع مقالًا محذرةً فيه حملة هاريس الانتخابية من خطورة تأثير مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول الانتخابية على نتائج الانتخابات.

لم تنسَ هيلاري كلينتون أبدًا مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول التي حرمتها من الوصول إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، بعد أن كانت على بُعد خطوة واحدة من أعتابه. والغريب في الأمر أن الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون عام 2016، قد سبقت وسرّبت، خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، فيديو شهيرًا يفضح دونالد ترامب، معترفًا الأخير فيه بقدرته الفائقة على نيل أي امرأة يرغب فيها طالما هو نجمٌ من نجوم المجتمع الأميركي.

ولكن فشل هذا التسريب الإعلامي ضد ترامب قبيل الانتخابات في إحداث تغيير في نتائجها، وذلك لما يتمتع به ترامب من قاعدة انتخابية صلبة لا يضيرها أو يثنيها عن دعمه مزاعم انحرافاته الأخلاقية أو صدور إدانات قضائية بحقه كما حدث لاحقًا.

ولطالما تباهى ترامب بهذه القاعدة الانتخابية التي لا تتزحزح قِيد أنملة عن تأييده حتى ولو رأته – كما زعم سابقًا في خطاب شهير له – يقوم بقتل شخص ما في رابعة النهار في أحد شوارع نيويورك العريقة.

ويظلّ كذلك حدوث هجوم إرهابي محدود أو عمليّة عنف سياسي واسع النّطاق داخل الولايات المتحدة، قبيل أو أثناء الانتخابات، إحدى المفاجآت الانتخابية التي ستؤثر بلا شك في ميل كفة الفوز لصالح أحد المرشحين.

لقد استفاد ترامب كثيرًا من عملية اغتياله الفاشلة في شهر يوليو/ تموز الماضي، معززًا فرص فوزه الانتخابية كثيرًا لولا انسحاب الرئيس بايدن المفاجئ من حلبة المنافسة، تاركًا المجال لنائبته هاريس لخوض غمارها في حدثٍ نادر التكرار في التاريخ السياسي الأميركي.

بيدَ أنه في بعض الأحيان تشكل الأزمات الاقتصادية العميقة – مثل الكساد الاقتصادي لعام 2008، وما أوشكت أن تسببه أزمة الرهن العقاري بانهيار النظام المالي لكبريات الشركات المالية الاستثمارية في العالم، وكذلك تفاقم الأزمة الاقتصادية جراء كوفيد-19 – مسار الانتخابات الأميركية الرئاسية بعيدًا عن مفاجآت شهر أكتوبر/ تشرين الأول.

استفاد كل من المرشحين الرئاسيين حينئذ أوباما وبايدن من هاتين الأزمتين العالميتين في تحقيق فوز انتخابي ضد خصومهما الجمهوريين في وقت كان الحزب الجمهوري مسيطرًا فيه على البيت الأبيض في انتخابات عام 2008 و2020 على التوالي.

نتنياهو وإيران ومفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول

لعل احتمالية حدوث مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول – في هذه الانتخابات الجارية – بحدث مرتبط بالشرق الأوسط والحرب في غزة تظل عالية في ظل تصاعد أحداث العنف في غزة ولبنان، ورغبة نتنياهو في تحقيق أهدافه الخاصة في المنطقة.

وربما يرغب نتنياهو كذلك في تقديم خدمة جليلة لترامب تساعده في الفوز بالانتخابات، وتحسين العلاقات الشخصية معه بعد فتورٍ صاحبها حينما هنّأ نتنياهو الرئيس بايدن بالفوز عقب الانتخابات الأميركية لعام 2020.

يدرك نتنياهو جيدًا أن الوقت ليس في صالحه لمهاجمة إيران بعد الانتخابات الأميركية، وذلك للضغوط العالمية والأميركية المتصاعدة، لذا من المحتمل جدًا أن يُقدم نتنياهو على مهاجمة أهداف إيرانية قبيل الانتخابات الأميركية.

لقد تجاهل نتنياهو كليًا في استعلاء متغطرس كل الخطوط شبه الحمراء التي رسمتها إدارة بايدن، بما فيها مهاجمة مدينة رفح والاستمرار في تجويع وانتهاك حقوق الفلسطينيين في غزة، وكلما خطا بايدن خطوات لخفض وتيرة التصعيد في المنطقة، قابل نتنياهو هذه الخطوات الأميركية بهجمات تزيد من نيران المنطقة المشتعلة.

تظل الهيمنة الإسرائيلية الكاملة على منطقة الشرق الأوسط هدفًا إستراتيجيًا لحكومة نتنياهو، تعزّزه رؤية حكومته المتطرفة حول فرص الحرب الدائرة حاليًا.

وعلى الرغم من رسالة وزيرَي الدفاع والخارجية الأميركيين الموجهة قبل يومين لحكومة نتنياهو تدعوها فيها لإفساح المجال للعون الإنساني؛ كي يصل طريقه إلى أفواه الجائعين والمشردين في غزة، فإن حكومة نتنياهو لن تبالي بالنبرة التهديدية في هذه الرسالة الأخيرة وستقوم بتجاهلها والتقليل من شأنها كسابقاتها من التهديدات الأميركية.

ستقوم حكومة نتنياهو بمهاجمة إيران عاجلًا – ربما قبيل الانتخابات الرئاسية – حتى تسوق الإدارة الأميركية القادمة لحرب ضد إيران التي تنازع إسرائيل السيطرة على منطقة الشرق الأوسط.

لا ريب أن الأيام القادمة ستكشف مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول – حال حدوثها – في ظل انتخابات لم تشهد الولايات المتحدة مثلها من قبل، وفي ظل توترات إقليمية ودولية ستشكل ملامح العلاقات الدولية القادمة، حيث يشهد العالم تنافرًا قطبيًا مخيفًا وأزمات اقتصادية ومعدلات تضخم عالية جدًا.

ولعلّ الرئيس السابق ترامب سيكون المستفيد الأكبر من حدوث مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول، الأمر الذي تضع له حملة هاريس كل العدة اللازمة لمواجهته.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الانتخابات الأمیرکیة الانتخابات الرئاسیة هیلاری کلینتون مفاجأة أکتوبر تشرین الأول شهر أکتوبر فی غزة فی هذه

إقرأ أيضاً:

منشور لحظة إهمال للسلطات الأميركية يثير المخاوف في مونديال الأندية

تسبب منشور لسلطات الجمارك وحماية الحدود الأميركية -تم حذفه لاحقا- في إثارة قلق جماهير كأس العالم للأندية 2025 لكرة القدم.

وتعهدت هيئة الجمارك وحماية الحدود بأن تكون "على أتم الاستعداد" مع انطلاق مباريات مونديال الأندية، والذي يمثل ضربة البداية قبل استضافة كأس العالم 2026 وسط قلق بين بعض المشجعين في البلاد.

وينطلق كأس العالم للأندية في ميامي يوم الأحد المقبل عندما يلعب الأسطورة ليونيل ميسي وفريقه إنتر ميامي المنافس في الدوري الأميركي أمام الأهلي المصري، في الوقت الذي تستمر فيه الاحتجاجات على سياسات الهجرة التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في جميع أنحاء البلاد.

المنشور المحذوف تزامن مع احتجاجات على سياسات الهجرة التي ينتهجها الرئيس الأميركي ترامب (رويترز) أميركا تحذف المنشور المقلق للجماهير

وكتبت هيئة الجمارك وحماية الحدود في منشور انتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، مما زاد من مخاوف بعض المشجعين بشأن حضور كأس العالم للأندية "ستكون هيئة الجمارك وحماية الحدود على أتم الاستعداد لتوفير الأمن خلال الجولة الأولى من المباريات".

ولم تستجب وزارة الأمن الداخلي لطلب التعليق على المنشور الذي حُذف الآن.

وقال توم واريك نائب مساعد وزير الأمن الداخلي السابق لرويترز إنه في حين أن من الممارسات الطبيعية لوكالات مثل هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك وهيئة الجمارك وحماية الحدود توفير الأمن في الأحداث الرياضية الكبرى، فإن الطريقة التي كُتب بها المنشور تسببت في قلق مفهوم.

إعلان

وقال واريك، وهو زميل غير مقيم في مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية "أظن أن الأمر كان مجرد لحظة إهمال قبل أن يقوم شخص ما بحذف منشور كان ينبغي لشخص آخر أن يقول فيها انتظر لحظة، نحن بحاجة لتغيير صياغته".

وأضاف "قد يحتاجون أيضا لتغيير الوضع الأمني لأنه من الواضح جدا، كما تعلم، أن الضباط الذين يرتدون الزي الرسمي سيُنظر إليهم بشكل مختلف تماما، وخاصة فيما يتعلق بحدث رياضي يثير اهتمام الأشخاص القادمين من دول كان مواطنوها هدفا لبعض تدابير إنفاذ قوانين الهجرة التي اتخذها ترامب".

نشر ترامب قوات مشاة البحرية في لوس أنجلوس لمواجهة الاحتجاجات (الأناضول)

ونشر ترامب قوات مشاة البحرية في لوس أنجلوس هذا الأسبوع وسط احتجاجات على تشديد إنفاذ قوانين الهجرة، في الوقت الذي تكثف فيه سلطات الهجرة والجمارك المداهمات للوفاء بوعده بترحيل أعداد قياسية من المهاجرين.

وستقام بطولة كأس العالم للأندية بمشاركة 32 فريقا تتنافس في 12 ملعبا في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وقال خورخي لويري المدير الإداري في مجلس الهجرة الأميركي إن كرة القدم تدين ببعض شعبيتها المتزايدة في أميركا للمهاجرين.

وأضاف "من المعقول أن نتوقع أن الكثير من الأشخاص الذين يريدون فقط حضور هذه الفعاليات هم إما مهاجرون هنا بشكل دائم أو مؤقت، أو حتى أشخاص لا يحملون وثائق".

مقالات مشابهة

  • إدارة سجون الاحتلال تلغي جميع زيارات الأسرى التي كانت مقررة اليوم
  • ترامب يرأس عرضا عسكريا تاريخيا في واشطن والمظاهرات تعم أميركا لا للملك
  • أكسيوس: إسرائيل طلبت من أميركا المشاركة في الضربات على إيران
  • قوات مشاة البحرية الأميركية تنفذ أول اعتقال في لوس أنجلوس وسط توقعات بمزيد من الاحتجاجات
  • بوتين وترامب يعربان عن قلقهما إزاء التصعيد الأخير في الشرق الأوسط
  • عاجل.. حل جماعة داعش وغلق جميع مقارتها داخل وخارج البلاد
  • عملية الأسد الصاعد وشعار ترامب أميركا أولاً
  • قاض أمريكي يمنع ترامب من تنفيذ تعديلات على نظام الانتخابات الاتحادية
  • منشور لحظة إهمال للسلطات الأميركية يثير المخاوف في مونديال الأندية
  • الصين تؤكد التوصل لاتفاق تجاري مع أميركا