ماذا تعني عودة بلينكن للمنطقة وسط تصاعد العدوان الإسرائيلي
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
غادر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أمس الاثنين متوجهاً إلى إسرائيل وعدد من الدول العربية في محاولة جديدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في كل من قطاع غزة ولبنان.
تأتي هذه الزيارة بعد أيام من استشهاد يحيى السنوار، زعيم حركة حماس، خلال قيادته للقتال ضد القوات الإسرائيلية في رفح، جنوب غزة. وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن جولة بلينكن التي تستمر حتى الجمعة ستركز على "أهمية إنهاء الحرب في غزة، وتحرير جميع الأسرى، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني".
ورغم الجهود الدبلوماسية المتواصلة، حذر البيت الأبيض من أن الجولة قد لا تؤدي إلى نتائج ملموسة. وقال المتحدث جون كيربي للصحفيين: "لا يمكنني القول إن المفاوضات ستستأنف في الدوحة أو القاهرة أو أي مكان آخر".
من المقرر أن تبدأ زيارة بلينكن في إسرائيل قبل أن يتوجه إلى دول أخرى في الشرق الأوسط. بينما لم تعلن وزارة الخارجية تفاصيل إضافية حول المحطات القادمة، سبق لبلينكن أن زار قطر ومصر في إطار جولات سابقة، حيث تلعب هاتان الدولتان دور الوساطة في المفاوضات حول غزة.
كما ستركز المناقشات على الترتيبات لما بعد الحرب، وهي مسألة تعتبر حاسمة للتوصل إلى اتفاق دائم. بلينكن سيسعى أيضاً إلى "حل دبلوماسي" للصراع في لبنان، حيث تواجه إسرائيل مواجهة مفتوحة مع حزب الله المدعوم من إيران.
هذه الزيارة تعد الـ11 لبلينكن إلى الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في غزة قبل أكثر من عام، وتأتي في توقيت حساس قبل أقل من ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
وفي زيارته السابقة لإسرائيل في أغسطس الماضي، حذر بلينكن من أن هذه قد تكون "الفرصة الأخيرة" لوقف إطلاق النار استناداً إلى "مقترح الرئيس جو بايدن".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: بلينكن غزة لبنان
إقرأ أيضاً:
طهران تستعيد نبضها الهادئ بعد صخب الحرب
طهران- في صباح اليوم التالي لإعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، بدأت العاصمة طهران -وهي المدينة الأكثر كثافة وحساسية في البلاد- تستعيد إيقاعها الطبيعي تدريجيا، بعد 12 يوما من الترقب والقلق والتأهب.
لم تصمت المدينة خلال أيام التصعيد بالكامل، لكن الحركة كانت قد خفّت في الشوارع، وأُغلقت الدوائر واعتُمد العمل عن بعد، وتغيّرت تفاصيل يوميات الناس الذين تعاملوا مع القصف بحذر وواقعية.
أما الآن، فعادت الحياة لتتقدم خطوة بخطوة في المؤسسات العامة والأسواق والمراكز الثقافية، في وتيرة متدرجة -لكنها واضحة- تعبّر عن رغبة شعبية في طي صفحة المواجهة، ولو مؤقتا، والانصراف إلى تفاصيل أكثر ارتباطا بالمعيشة اليومية.
عودة النبضفي شارع "انقلاب" المعروف بمكتباته ودور النشر، استعادت الأرصفة زوارها المعتادين من الطلاب والباحثين والقرّاء، وفتحت مكتبات مثل "نشر ثالث" و"نشر ني" أبوابها صباحا، وعاد باعة الكتب المستقلون إلى أماكنهم على الأرصفة.
يقول مهدي -وهو بائع كتب منذ أكثر من 20 عاما- إن "الناس بدؤوا يعودون ويسألون عن كتب جديدة، ربما لأنهم يريدون ما يُبعدهم عن نشرات الأخبار".
وبالقرب من هناك، وتحديدا في شارع "نوفل لوشاتو"، استأنفت بعض المسارح تدريباتها، ورغم أن الحركة لا تزال خفيفة، فإن العاملين في المجال الثقافي يرون في ذلك مؤشرا على عودة نوع من الحياة المدنية إلى الواجهة، بعد أن خيمت الأجواء الأمنية لأيام طويلة.
في مبنى الأحوال المدنية وسط طهران، اصطف المواطنون لإنهاء معاملاتهم الإدارية. ولم تعد الزحمة لتصبح معتادة بعد، لكن الحركة تشير إلى ازدياد ملحوظ في عدد المراجعين.
تقول نيلوفر عباسي -وهي موظفة في القسم الخاص بتسجيل الولادات- "لم نتوقف أيام الحرب، لكن عدد الناس كان قليلا، اليوم نلاحظ أن الناس عادت لأعمالها المعتادة، وكأنهم بحاجة إلى استعادة الإيقاع العادي، حتى لو لم ينته التوتر بالكامل".
إعلانوفي أحد البنوك الحكومية في ساحة فردوسي، عاد الازدحام تدريجيا. يقول أحد المراجعين ساخرا: "اشتقنا لزحمة طهران، كنت أقطع الطريق من شرق المدينة إلى غربها في نصف ساعة، الآن عدنا إلى الساعتين، لكن لا بأس، الزحام علامة صحة في هذه المدينة".
رغم أن العام الدراسي انتهى منذ أسابيع، فإن أثر الحرب لم يكن بعيدا عن الأطفال، ففي مركز ثقافي في ضاحية "سعادت آباد"، تنظم مجموعة من المتطوعين ورشا فنية للأطفال.
تقول سارة قاسمي، وهي مسؤولة في المركز: "لم نناقش الحرب مع الأطفال مباشرة، لكن كنا نلاحظ أثرها في رسوماتهم وسلوكهم، بعضهم رسم صواريخ، وبعضهم رسم بيوتا مهدمة، الآن بدؤوا يرسمون طيورا وأشجارا، وهذه إشارات صغيرة، لكنها مهمة".
وفي شمال المدينة، تحديدا في منطقة "تجريش"، عاد السكان لزيارة السوق الشعبي، بينما بدت المقاهي في "سعادت آباد" و"فرشته" أكثر ازدحاما من الأيام الماضية. وتقول ليلى (30 عاما)، وهي مهندسة معمارية، إنها جاءت اليوم إلى المقهى مع صديقاتها "للتنفّس، لا أكثر".
وتضيف -في حديثها للجزيرة نت- أنه "خلال الأيام الماضية، كنا نتابع الأخبار طوال الوقت، الآن نحتاج لما يشبه الاستراحة، لا أحد يثق بأن الهدنة دائمة، لكن لا أحد يريد أن يبقى في جو الحرب".
وإذا كانت الحرب قد تركت آثارها النفسية على سكان المدينة، فإن طهران -كما يبدو- اختارت أن تردّ عليها بهدوء، بالعودة إلى العمل، وإلى المقاهي والكتب، وإلى مكاتب الدولة، والأسواق والازدحام وسائر أمور الحياة.
عودة مع قلقعند ساحة "آزادي"، شوهدت، صباح الأربعاء، عشرات العائلات التي عادت إلى طهران من مدن في الشمال والشرق الإيراني، التي كانت أقل تعرضا للقصف وأصبحت ملجأ مؤقتا خلال فترة التصعيد، بعضهم وصل بسيارات خاصة، وآخرون عبر الحافلات.
يقول السيد رضا (50 عاما)، وهو موظف حكومي عاد إلى منزله في "يافت آباد" برفقة أسرته، "غادرنا لأجل الأولاد، اليوم عدنا، ليس لأن كل شيء انتهى، بل لأنه لا أحد يمكنه أن يبقى بعيدا عن بيته طويلا، البيوت ليست مجرد مأوى، إنها ما يذكّرنا بأن الحرب مؤقتة".
ورغم ارتياح الناس النسبي لوقف إطلاق النار، فإن القلق لا يزال حاضرا، فقد عبّر مواطنون كُثر عن خشيتهم من تجدّد المواجهة في حال لم تُترجم الهدنة إلى اتفاق أوسع.
تقول الطالبة الجامعية نازنين، التي تستعد للسفر هذا الصيف، "أنا متفائلة، لكن حذرة، ما حدث هذا الشهر مختلف عن كل ما سبق، لذلك الناس يشعرون أن ما بعده لن يكون كما قبله".
أما سائق سيارة الأجرة محسن، فيرى أن "الناس يريدون فقط أن يعملوا، ويعيشوا حياتهم، ويبتعدوا عن التوتر"، مضيفا أن "السياسة ليست بأيدينا، لكن الروتين، والعمل، والأسواق، والدراسة، هي ما تجعلنا نستمر".