شبرا الخيمة ... كانت صرحا وهوى
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
المنطقة تضم 1000 مصنع أصبح عددها الآن 300 فقط وشبح الإغلاق يطاردهاارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام وتهريب الأقمشة المستوردة أبرز المشاكلطن الغزل الشعبي وصل إلى 120 ألف جنيها بعد أن كان 25 ألف فقط .. والعمال تهرب إلى "التكاتك"أصحاب المصانع يبيعون الآلات والأراضي .. ولا عزاء للعمالأصحاب المصانع يطالبون بتخفيض أسعار الكهرباء والغاز ومنع التهريب لإنقاذ الصناعة
لصناعة الغزل والنسيج في مصر قلعتان، الأولى في المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، والثانية في شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، وقد ازدهرتا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، واستمرتا في العمل والإنتاج الغزير حتى منتصف التسعينيات، إلى أن ضربتهما يد الإهمال في أواخر القرن الماضي ومازالت حتى اليوم، ولم يطرأ عليهما أي تحديث أو تطوير .
ونتيجة لذلك ومع التوسع في استيراد المنتجات النسيجية والأقمشة من الخارج، انهارت صناعة الغزل والنسيج في القلعتين، إلا أن الحكومة انتبهت مؤخرا إلى إحداهما وهى المحلة الكبرى، وتنفذ فيها حاليا خطة للنهوض بالصناعة، تتضمن مختلف مراحل الإنتاج بدءا من زراعة وتجارة القطن وتطوير المحالج، مرورا بتحديث مصانع الغزل والنسيج والصباغة والتجهيز وصولا إلى المنتجات النهائية، بالإضافة إلى الاهتمام بالتسويق وفتح أسواق جديدة، ومواكبة التطور العالمي في هذا المجال.
وهذا ما يؤكد عليه رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي دائما بأننا أمام استراتيجية قومية لتطوير هذه الصناعة المهمة، والحكومة ممثلة في وزارة قطاع الأعمال العام، هدفها النهوض بصناعة الغزل والنسيج، وذلك في إطار التوجه التنموي الشامل الذي تنتهجه الدولة، بما يسهم في تعظيم الاستفادة من القدرات المصرية الكامنة في هذا الإطار، ما يدعم الاقتصاد الوطني، خاصة أن صناعة الغزل والنسيج تعد من الصناعات كثيفة العمالة.
وبالتأكيد هذا الاتجاه من الحكومة محمود لا شك في ذلك، إلا أن هناك قلعة أخرى لصناعة الغزل والنسيج بمصر في طريقها إلى الاختفاء، وبعد أن كانت صرحا شامخا، أصبحت قاب قوسين أو أدنى من أن تهوى قريبا، ألا وهى شبرا الخيمة، التي كانت تضم أكثر من 1000 مصنع، أصبحوا الآن لا يتعدون الـ 300، وهي في طريقها إلى الإغلاق أيضا، لذلك فمن الواجب على الحكومة أن تنظر إلى هذه المنطقة بعين الإعتبار والتقييم الشامل، لكي تضع خطة لإنقاذها قبل فوات الآوان، لأن الـ 300 مصنع المتبقية تعاني أشد المعاناة ولا تجد من ينظر إليها.
ومن الجدير بالذكر أن معظم مصانع شبرا الخيمة قطاع خاص، وليست قطاع عام مثل المحلة الكبرى، وبالتالي من حق أصحابها تفكيك معداتها وبيعها خردة في أي لحظة، ثم بيع الأرض لمن يشتري وتحويلها إلى مساكن، ولذلك قد تستيقط الحكومة في يوم من الأيام لتجد نفسها أمام مأزق كبير وهو أن المصانع تم بيعها تدريجيا واحدا تلو الآخر، وانتهاء صناعة الغزل والنسيج في القلعة الثانية لها بمصر.
وفي هذا الصدد، يقول أسامة الحوفي، مدير جمعية مصانع الغزل والنسيج في شبرا الخيمة، إن الصناعة تعاني من مشاكل عديدة تهدد استمرارها في شبرا الخيمة وعدد من المناطق الأخرى التي كانت تعتبر معقلا لهذه الصناعة الوطنية.
وأضاف الحوفي، أن هذه المشاكل تتمثل في ارتفاع أسعار المواد الخام بشكل كبير وغير معقول، حيث وصل سعر كيلو الغزل الشعبي إلى 120 جنيها مقابل 25 جنيه فيما مضى، أي أن سعر الطن يصل إلى 120 ألف جنيه، وهذه تكلفة باهظة على المصانع، فضلا عن عدم توافر المواد الخام من الأساس بسبب إغلاق وتوقف شركات قطاع الأعمال العام التي كانت تساهم في توفيرها للمصانع، أي أن المشكلة مركبة.
وأوضح مدير جمعية مصانع الغزل والنسيج في شبرا الخيمة، أنه بخلاف الغزل هناك مواد خام أخرى تستخدم في الصناعة ارتفعت أسعارها أيضا، فما كان بـ 10 جنيهات أصبح بـ 50 و100 جنيه، بالإضافة إلى مشاكل ارتفاع أسعار الكهرباء وتغيرها كل فترة وأخرى، مع زيادة أسعار الغاز والمياه وأجور العمال.
ولفت الحوفي، إلى أن عمال الغزل والنسيج تركوا المهنة واتجهوا إلى العمل على "التكاتك"، لأن اليومية في المصنع تصل إلى 300 جنيها، بينما يحصل من التوكتوك على 500 جنيها، بالإضافة إلى مشكلة ركود وكساد السوق وضعف حركة البيع والشراء، فضلا عن مشاكل المصانع مع الجهات الحكومية كالضرائب والتأمينات ومكاتب العمل وغيرها، ومشكلة تهريب البضائع من الجمارك وإدخالها للأسواق المحلية.
وأوضح مدير جمعية مصانع الغزل والنسيج في شبرا الخيمة، أن ذلك كله أدى إلى إغلاق 70% من المصانع في المنطقة، وانخفضت أعدادها لتصل إلى 300 مصنع فقط، مقارنة بـ1000 مصنع منذ سنوات، مشيرا إلى أن أصحاب المصانع يقومون بتكسير الآلات وبيعها خردة، ثم بيع الأرض لأي مشتري.
وكشف الحوفي، أن طبيعة عمل المصانع المتبقية يتمحور حول تحويل الغزل إلى قماش فقط، بعدما كانت تقوم بتصنيعه كاملا وصناعة الملابس الجاهزة، حيث أصبحت تتعاقد مع شركات أخرى لتحويل الغزل إلى قماش، ثم تقوم الشركات بتصنيعه وتسويقه.
وحذر مدير جمعية مصانع الغزل والنسيج في شبرا الخيمة، من تكرار نفس السيناريو وإغلاق المصانع المتبقية واتجاه أصحابها إلى بيع المعدات خردة، إذا لم تتوافر المواد الخام بأسعار مناسبة، وحل المشاكل التي تواجهها، قائلا، "المصانع الموجودة معظمها قطاع خاص وهتقفل لو المواد الخام مبقتش موجودة .. وكمان المصانع الصغيرة بتتقفل لصالح مصنع أو اتنين كبار هما بس اللي يبقوا في السوق .. مضيفا: " ما بدل ما تبني مصنع واحد كبير المفروض نشغل المصانع الصغيرة بدل ما تقفل".
وطالب الحوفي، بضرورة أن يكون هناك معاملة خاصة للمصانع في أسعار الكهرباء والغاز، ومنع التهريب بمصادرة البضائع المنتشرة في الأسواق، حتى يعود السوق المحلي للعمل مرة أخرى.
تحديات
فيما قال خالد علي، صاحب مصنع لتجارة الغزل والنسيج بشبرا الخيمة، إن صناعة الغزل والنسيج تعاني من تحديات عديدة خلال الفترة الحالية.
وأوضح علي، أن أبرز هذه التحديات تتمثل في ارتفاع أسعار الطاقة وخاصة الكهرباء التي تعتمد عليها المصانع بشكل رئيسي، بالإضافة إلى غياب العمالة المدربة والمؤهلة، مع اتجاه الكثير منها إلى العمل سائقين على التكاتك ومهن أخرى خلال السنوات الماضية.
وأشار صاحب مصنع شبرا لتجارة الغزل والنسيج، إلى أن إغراق الأسواق بالأقمشة المستوردة من الخارج تعد واحدة من أبرز المشكلات التي يعاني منها القطاع حاليا، وتضرب الإنتاج المحلي في مقتل، لأن المستورد أقل في التكلفة وقد يكون أعلى في الجودة من المحلي، لأن المعدات في مصانع الصين مثلا أحدث من المصانع المصرية التي لازالت تعمل بمعدات الستينيات والسبعينيات، كما أن تكلفة الطاقة في المصانع هناك أقل من مصر، وبالتالي التجار أصبحوا يعتمدون على الاستيراد وإغراق السوق بالقماش المستورد بدلا من شراء المحلي، ما يضرب الصناعة المحلية في مقتل.
وأشار علي، إلى أنه مع كل تعويم للجنيه ورفع لأسعار الطاقة كانت الأسعار تزيد بنسبة كبيرة، مدللا على ذلك بأن طن الغزل قبل جائحة كورونا في 2019 كان بـ 18 ألف جنيه، والآن وصل إلى 76 ألف جنيها، ما يضع أعباء أكبر على المصانع لأن التكاليف تزيد باستمرار، خاصة مع عدم وجود عمالة مدربة ومؤهلة.
وطالب الحكومة بضرورة دعم قطاع الغزل والنسيج قبل فوات الأوان، وخاصة في أسعار الطاقة ومراقبة السوق وحمايته من الإغراق بالبضائع المستوردة، ووضع ضوابط ومحظورات على استيراد القماش من الخارج، مع حماية المصانع المتبقية في الصناعة من الإغلاق.
وتابع، "الحل هو تحرك الحكومة لدعم الصناعة ومراقبة المستورد، وأن تكون سياستها هى النهوض بصناعة الغزل والنسيج، وهذا الدعم لا يكون ببناء مصانع جديدة فقط، بل الحفاظ على المصانع القائمة والأهم هو دعم الطاقة".
إعادة فتح المصانع
يأتي ذلك في الوقت الذي طالب فيه النائب سيد حجازي، عضو مجلس الشيوخ وعضو لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي عن محافظة القليوبية، المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، خلال زيارته الأخيرة لمحافظة القليوبية، بإعادة فتح المصانع المغلقة وغير المستغلة بشبرا الخيمة.
وأشار حجازي، إلى أن هناك مصانع كبيرة للغزل والنسيج تواجه معوقات في العمل وتوقفت، ولو تم تشغيلها بنصف طاقتها الإنتاجية ستوفر العديد من فرص العمل للشباب.
وأوضح عضو مجلس الشيوخ، أن ذلك الأمر يعد أحد الحلول التي يجب طرحها حتى نتمكن من النهوض بالصناعة القومية، مطالبا بضرورة حصر كل المصانع المتوقفة على مستوى الجمهورية، وتقسيمها إلى مراحل وعرض خطة لتطويرها، لأن نجاح الصناعة يمثل دفعة قوية للدولة لمواجهة التحديات الاقتصادية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أجل البقاء صناعة الغزل والنسيج محافظة القليوبية صناعة الغزل والنسیج المواد الخام بالإضافة إلى أسعار الطاقة ألف جنیه إلى أن
إقرأ أيضاً:
مساعد وزير الصناعة: ارتفاع قيمة الثروات المعدنية بمنطقة نجران إلى 227 مليار ريال
أكّد مساعد وزير الصناعة والثروة المعدنية للتخطيط والتطوير الدكتور عبدالله بن علي الأحمري أن تقديرات قيمة الثروة المعدنية غير المستغلة في منطقة نجران ارتفعت من (145) مليار ريال لتتجاوز (227) مليار ريال، نتيجة التحديثات الأخيرة لبرنامج المسح الجيولوجي العام.
وأوضح خلال مشاركته في الجلسة الافتتاحية لمنتدى نجران للاستثمار 2025 أن المنطقة غنية بمعادن إستراتيجية تشمل الذهب والفضة والنحاس والزنك، وتحوي (4) مواقع للاحتياطي التعديني، وأحزمة الكبريتيد المتمعدنة، و(27) مجمعًا تعدينيًا، إضافة إلى (3) مجمعات تعدينية جديدة مخصصة للرمل العادي.
وأشار إلى أن جرانيت نجران يلقى رواجًا في الكثير من أسواق العالم نتيجة جودته العالية وميزته التنافسية، ويصدر إلى نحو (28) دولة منها دول الخليج وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة؛ ولذا حرصت الوزارة على تطوير مشروع مجمع بئر عسكر للجرانيت لتطوير الإنتاج ودعم الصادرات.
وقال: "إن منطقة نجران تُعد أرض الفرص الواعدة للاستثمار في جميع الأنشطة التعدينية خاصة مع المزايا التنافسية والمقومات التي تمتلكها المنطقة، ومنها وفرة الثروات والموارد الطبيعية، وموقعها الإستراتيجي على الحدود الجنوبية للمملكة، وقربها من ميناء جازان، إلى جانب بنيتها التحتية التي تتطور بشكل متسارع، داعيًا المستثمرين إلى الاطلاع على الفرص النوعية في منصة "تعدين".
وفيما يتعلق بالقطاع الصناعي، أكّد مساعد وزير الصناعة والثروة المعدنية للتخطيط والتطوير أن الإستراتيجية الوطنية للصناعة تركز على تطوير (12) قطاعًا صناعيًا واعدًا، من أبرزها الأدوية والأغذية والسيارات والطيران والصناعات البحرية، وتتيح تلك القطاعات فرصًا استثمارية فريدة.
ولفت إلى أن عدد المصانع في المملكة تجاوز (12) ألف مصنع حاليًا، وتستهدف الوزارة توسيع القاعدة الصناعية وزيادة عدد المصانع إلى (36) ألف مصنعٍ بحلول عام 2035، مبينًا أن عدد المصانع في نجران بلغ (90) مصنعًا باستثمارات تتجاوز (4.8) مليارات ريال، وبقروض صناعية تبلغ قيمتها (880) مليون ريال.
ونوّه بدعم الوزارة المستمر للابتكار في قطاعي الصناعة والتعدين، وأطلقت نهاية العام الماضي برنامج المنتجات الصناعية والتعدينية المبتكرة، الذي يدعم المبتكر في جميع مراحل ابتكاره، من مرحلة الفكرة والاختبارات التجريبية لها، حتى نجاحها وتحويلها لمنتج، مشيرًا إلى تقدم عدد من المبتكرين بـ(100) فكرة إبداعية منذ إطلاق البرنامج ويجري تقييمها حاليًا.
وعلى صعيد متصل، شاركت وزارة الصناعة والثروة المعدنية بجناح في المعرض المصاحب لمنتدى نجران للاستثمار 2025، استعرض مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للصناعة, والإستراتيجية الشاملة للتعدين، والفرص الاستثمارية الواعدة المتاحة فيهما، إلى جانب التعريف بالممكنات التي تقدمها الوزارة لتحفيز الاستثمار، وتسهيل رحلة المستثمرين في قطاعي الصناعة والتعدين.
اخبار السعوديةالثروات المعدنيةاخر اخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.