من جدّة عبر المنامة إلى جنيف: الجنرالان والتمادي في إهدارِ فرصِ السلام
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
د. سلمان محمد أحمد سلمان**
1
انعقدت بضواحي مدينة جنيف في سويسرا في الفترة من الأربعاء 14 أغسطس وحتى الجمعة 23 أغسطس 2024 الاجتماعات التي رعتها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية والهادفة إلى وقف الحرب في السودان. شاركت في تلك الاجتماعات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيقاد وجمهورية مصر ودولة الأمارات العربية المتحدة وسويسرا، إلى جانب أمريكا والسعودية (مجموعة ما عرف باسم “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان").
Aligned for Advancing Lifesaving and Peace in Sudan (ALPS Group).
ويُشارُ إلى هذه المجموعة اختصاراً باسم "تحالف السلام."
وكانت الاجتماعات قد بدأت وتواصلت على الرغم من مقاطعة الجيش السوداني لها. فقد أعلن محمد بشير أبو نمو رئيس وفد التشاور الحكومي في جدة قبل أيامٍ من بداية اجتماعات جنيف انتهاء المشاورات مع الولايات المتحدة الأمريكية من غير اتفاقٍ على مشاركة الوفـد السودانـي فـي مفاوضـات جنيـف المقررة في 14 أغسطس 2024. أكّد ذلك بعد أيام قلائل جراهام عبد القادر. من الجانب الآخر فقد وصل وفدٌ يمثل الدعم السريع إلى جنيف وشارك في الاجتماعات.
2
انبنى رفض الجيش السوداني المشاركة في اجتماعات جنيف على عدّة أسباب أولها وأكثرها ذكراً، حسب التصريحات المتواترة من عدّة قادةٍ عسكريين، هو فشل الوسطاء في إقناع قوات الدعم السريع تنفيذ مخرجات جدة وخروج قوات الدعم السريع من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين. أثار الجيش السوداني أسباباً أخرى للمقاطعة، سوف نناقشها ونوضح مكامن ضعفها لاحقاً.
وتجب الإشارة هنا إلى الضغوط المكثّفة التي تعرّض ويتعرّض لها البرهان من الحركة الإسلامية السودانية التي أتت به إلى كرسي الحكم (عبر انقلاب 11 أبريل عام 2019، ثم انقلاب 25 أكتوبر 2021) لمقاطعة كل الاجتماعات الهادفة للوصول إلى حلٍّ سلمي، والاستمرار في الحرب التي أشعلوها. ويهدف الإسلاميون من هذه الحرب إلى كسر شوكة الدعم السريع (الابن العاق كما تراه الحركة الإسلامية)، وتصفية كل مظاهر ثورة ديسمبر عام 2018، بدءاً بإلغاء الاتفاق الإطاري، بغرض عودتهم الكاملة إلى السلطة.
3
وقد وضحت سيطرة الحركة الإسلامية على البرهان جليّةً في مسألة مشاركة البرهان في اجتماعات جنيف. فقد رفض البرهان المشاركة في اجتماعات جنيف. ثم قام بارسال وفد محمد بشير أبو نمو الذي أكّد مقاطعة البرهان والجيش السوداني للاجتماعات، كما أوضحنا أعلاه.
غير أن الجيش السوداني وافق تحت ضغوط ٍ دولية في 18 أغسطس 2024 (أي بعد أربعة أيامٍ من بداية اجتماعات جنيف) على إرسال وفدٍ حكومي إلى القاهرة للقاء وفدٍ من الإدارة الأمركية والحكومة المصرية لبحث تنفيذ مخرجات جدة لوقف الحرب في السودان. وقد أوضحت الإفادة الصادرة من مجلس السيادة أن القرار "جاء بناءً على اتصالٍ مع الحكومة الأمريكية مُمثّلةً في المبعوث الأمريكي إلى السودان توم بيرييلو، واتصالٍ من الحكومة المصرية لمناقشة رؤية الحكومة في إنفاذ اتفاق جدة" كمدخلٍ للجيش السوداني للمشاركة في اجتماعات جنيف.
4
لكن اللقاء لم يتم بسبب عدم وصول وفد البرهان إلى القاهرة. وقد كتب بيرييلو الذي بقي في القاهرة لمدة يومين في انتظار وفد البرهان في منصة اكس: "كانت الحكومة المصرية قد حدّدت موعداً لعقد اجتماع مع وفدٍ للحكومة قادمٍ من مدينة بورتسودان، لكن قيل لنا إنه قد تم إلغاء الاجتماع بعد أن خرق الوفد البروتوكولات.” غير أن بيرييلو لم يوضح ما هي هذه البروتوكولات التي تم خرقها.
وبما أن مصر كانت الوسيط والمستضيف للقاء، فقد كان مُتوقّعاً أن تُصدِر مصرُ بياناً توضح فيه حقيقة ما جرى. غير أن هذا لم يحدث. ويبدو أن التقارب والعلاقة التي توطّدت كثيراً في السنوات الأخيرة بين الحركة الإسلامية السودانية والنظام المصري، ورهان مصر التام على البرهان، قد لعبت الدور الأساسي في إفشال لقاء القاهرة.
5
سوف نناقش في هذا المقال عدّة تطوراتٍ، تشمل اجتماعات جدة والمقررات التي صدرت عنها، وهي:
(1) إعلان جدة الصادر في 11 مايو 2023، (ويُشار إليه في هذا المقال ب "إعلان جدة")، و
(2) البيان المشترك بشأن التزامات إعلان جدة والذي صدر في 7 نوفمبر 2023 (ويُشار إليه في هذا المقال ب "بيان جدة").
كما تتم الإشارة في هذا المقال إلى إعلان جدة وبيان جدة معاً ب"مقررات جدة."
وسيتناول المقال ببعض التفصيل التزامات الطرفين الأخرى بمقتضى مقررات جدة، والتي لم يكن حظها أحسن من مسألة إخلاء المنازل أو القبض على الملاحقين. سيتعرّض المقال بعد ذلك إلى اتفاق المنامة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الذي تم بعد شهرين من لقاء جدة الثاني وصدور بيان جدة، وسيشرح المقال كيف ساهم اتفاق المنامة في تأكيد وتوسيع مقررات جدة، ولماذا لم يتم الالتزام به أيضاً. وسيوضح المقال أن مسؤولية عدم تنفيذ مقررات جدة واتفاق المنامة وعن تدهور الحالية الأمنية والإنسانية في السودان تقع، وبنفس القدر، على طرفي الحرب. وسيتناول المقال أيضاً تأثيرات الفشل في تطبيق مقررات جدة واتفاق المنامة على اجتماع جنيف الذي رفض البرهان حضوره، وعلى فرص ومستقبل السلام في السودان على ضوء نتائج ذلك الاجتماع.
6
بعد أيامٍ من اندلاع حرب 15 أبريل عام 2023 بدأت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية في إجراء اتصالاتٍ مكثّفةٍ مع طرفي الحرب – قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع – وحثِّ الطرفين على اللقاء لبحث والاتفاق على إجراءاتٍ محدّدةٍ بغرض تخفيف المعاناة عن المدنيين، والتي كانت في تزايدٍ مستمرٍ ومخيف.
نتج عن تلك الاتصالات موافقة الطرفين على المشاركة في اجتماعاتٍ يتم عقدها في مدينة جدة. بدأت تلك الاجتماعات في العاشر من شهر مايو عام 2023، أي بعد حوالي الشهر من بداية الحرب. وبعد نقاشٍ ومفاوضاتٍ مباشرةٍ وغير مباشرة لمدة يومين وقّع الطرفان على إعلان جدة في 11 مايو 2023. وقد وقّع على الإعلان اللواء بحري ركن محجوب بشرى أحمد رحمه ممثلاً للقوات المسلحة السودانية، والعميد ركن عمر حمدان أحمد حماد ممثلاً لقوات الدعم السريع.
لا بد من التوضيح بدايةً أن المفاوضات والتوقيع على إعلان جدة تمَّ بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ولم يرد على الإطلاق أي ذكرٍ في الإعلان إلى الحكومة السودانية.
7
افتُتِح إعلان جدة باعتراف الطرفين المتقاتلين بضرورة تخفيف المعاناة عن كاهل الشعب السوداني الناتجة من القتال، والتزام الطرفين بموجب القانون الدولي الإنساني بتيسير العمل الإنساني من أجل تلبية احتياجات المواطنين. كما أكّد الطرفان التزامهما الراسخ بسيادة السودان والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه، وأوضحا أن الالتزام بالإعلان لن يؤثر على أي وضعٍ قانوني أو أمني أو سياسي للأطراف الموقّعة عليه، ولن يرتبط بالانخراط في أية عملية سياسية. كما رحب الطرفان بالجهود التي يبذلها أصدقاء السودان الذين "يسخّرون علاقاتهم ومساعيهم الحميدة من أجل ضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزام بالإعلان وتنفيذه على الفور." وأشار الاعلان إلى ضرورة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان كما فصلتهما اتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949.
8
شمل اعلان جدة مجموعةً من الالتزامات التي وافق ووقّع عليها الطرفان. ونوجز تلك الالتزامات في الآتي:
أ. التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية.
ب. الامتناع عن أيِّ هجومٍ من المتوقّع أن يتسبّب في أضرار مدنية عرضية والتي قد تكون مفرطة.
ج. اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنّب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مما يهدف إلى إخلاء المراكز الحضرية بما فيها مساكن المدنيين.
د. ضمان عدم استخدام نقاط التفتيش في انتهاك مبدأ حرية تنقل المدنيين والجهات الإنسانية.
هـ. السماح لجميع المدنيين بمغادرة مناطق الأعمال العدائية وأي مناطق محاصرة طوعاً وبأمان.
و. الالتزام بحماية الاحتياجات والضروريات التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، والتي تشمل المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والثروة الحيوانية. كما يُحظر النهب والسلب والإتلاف.
ز. الالتزام بالإجلاء والامتناع عن الاستحواذ واحترام وحماية كافة المرافق الخاصة والعامة كالمرافق الطبية والمستشفيات ومنشآت المياه والكهرباء، والامتناع عن استخدامها للأغراض العسكرية.
ح. الالتزام باحترام وحماية وسائل النقل الطبي مثل سيارات الإسعاف والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية.
ط. الالتزام باحترام وحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق العامة.
ي. احترام وعدم التعدّي على حق المدنيين بالمرور والسفر بالطرق والجسور داخل وخارج ولاية الخرطوم.
ك. اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لجمع الجرحى والمرضى وإجلائهم، بما فيهم المقاتلين - دون تمييز - والسماح للمنظمات الإنسانية القيام بذلك، وعدم عرقلة عمليات الإجلاء الطبي، بما في ذلك أثناء الأعمال العدائية الفعلية.
ل. الامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية.
م. الامتناع عن الانخراط في عمليات الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي للمدنيين.
ن. الامتناع عن أي شكلٍ من أشكال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بما في ذلك العنف الجنسي بجميع أنواعه.
س. معاملة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم بطريقة إنسانية وتمكين المنظمات الإنسانية الرئيسية من الوصول المنتظم إلى الأشخاص المحتجزين.
9
مرت ستة أشهرٍ على إعلان جدة ولم يشهد الواقع الميداني في أيٍ من مناطق الحرب في السودان أيّ تحسنٍ في الوضع الإنساني. وتواصلت وتصاعدت الانتهاكات المرعبة التي كان الطرفان قد التزما بإنهائها. دفع ذلك الوضع المخزي الوسيطين للقاء جدة – أمريكا والسعودية – إلى دعوة طرفي الحرب في السودان إلى لقاءٍ جديد لمناقشة مسألة تنفيذ إعلان جدة.
تم ذلك اللقاء بنفس أعضاء الوفدين السابقين في جدة في 6 نوفمبر 2023. وبعد يومين من النقاش اتفق الطرفان على وثيقةٍ ثانية تمت تسميتها "بيان مشترك بشأن التزامات مباحثات جدة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع السودانية" (بيان جدة) في 7 نوفمبر 2023. شاركت في اجتماع جدة الثاني منظمةُ إيقاد ممثلةً للاتحاد الأفريقي.
اشتمل بيان جدة على بندين رئيسيين بغية تنفيذ إعلان جدة، هما:
- المشاركة في منتدى إنساني مشترك يقوده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لحل العوائق التي تحول دون الحصول على المساعدات الإنسانية وإيصال المساعدات.
- تحديد نقاط الاتصال للمساعدة في تحركات العاملين في المجال الإنساني والمساعدات.
كما شمل البيان تنفيذ تدابير بناء الثقة المتعلّقة بالمواضيع التالية:
- إقامة اتصالات بين قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع،
- القبض على الملاحقين والهاربين من السجن (ويُقصد بهم قيادات الحركة الإسلامية التي قامت بانقلاب 30 يونيو عام 1989، والذين تم اعتقالهم بعد نجاح ثورة ديسمبر 2018، لكن تم إطلاق سراحهم في الساعات الأولى من الحرب)،
- تحسين الخطاب الإعلامي الرسمي لكل جانب والحدّ من الخطابات التحريضية
من دعاة الحرب والمؤيدة للحرب من كل جانب.
10
يوضح هذا العرض الموجز أن إعلان جدة شمل خمسة عشر التزاماً لكلٍ من الطرفين تمثل القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. لم يقتصر الإعلان فقط على خروج قوات الدعم السريع من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين كما تصرُّ القوات المسلحة السودانية على اختزاله.
إضافةً إلى هذا فإن بيان جدة اشتمل على بندين رئيسيين بغية تنفيذ إعلان جدة، وعلى تدابير بناء الثقة بين الطرفين، وعلى القبض على الملاحقين والهاربين من السجن. وكما لاحظنا أعلاه فلم يشمل إعلان جدة هذا البند، بل تمت إضافته لاحقاً إلى بيان جدة. ويبدو أن الإضافة تمت تحت ضغوط قوات الدعم السريع التي اختزلت مقررات جدة على هذا البند، مثلما فعلت القوات المسلحة مع بند خروج قوات الدعم السريع من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين. كما أن بيان جدة، مثل إعلان جدة، كان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ولم يشمل أية إشارة إلى الحكومة السودانية.
لكن كما وضح جلياً منذ بداية هذه الحرب فإن الطرفين لم يعيرا أي انتباهٍ إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان كما فصلتهما اتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949، وكما تناولتهما مقررات جدة.
11
يمكن إيجاز خروقات الطرفين المتقاتلين لمقررات جدة في الآتي:
- فشلَ الطرفان فشلاً تاماً في التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وقام كلٌ منهما بهجماتٍ تسبّبت في أضرار مدنية عرضية مفرطة. كما فشل الطرفان في اتخاذ أيّة احتياطات لتجنب وتقليل الضرر الذي لحق بالمدنيين.
- تواصلُ قوات الدعم السريع احتلال المنازل وطرد سكانها ومصادرة ما فيها من سيارات وأدوات كهربائية وأثاث، والاستيلاء على المَزارع والمواشي، في تجاهلٍ تام للالتزام بالإجلاء والامتناع عن الاستحواذ.
- يواصل الطرفان مهاجمة المرافق الخاصة والعامة كالمرافق الطبية والمستشفيات ومنشآت المياه والكهرباء، واستخدامها للأغراض العسكرية.
- يقوم سلاح طيران الجيش السوداني بشنِّ هجماتٍ يومية أدّت وتؤدّي البراميل المتفجرة التي تلقيها على المدنيين العزل إلى مقتل المئات وتدمير منازلهم وبنيتهم التحتية. حدث ويحدث ذلك بحجة أن قوات الدعم السريع تحتل تلك المنازل، وهي حجةٌ أكد الكثيرون من سكان تلك المنازل عدم صحتها.
- لم يلتزم أيٌ من الطرفين بالسماح للمدنيين بمغادرة مناطق الأعمال العدائية وأي مناطق محاصرة طوعاً وبأمان، ومايزال الملايين محاصرين بالرصاص والدانات من كل الاتجاهات.
- لم يلتزم أيٌّ من الطرفين بحماية الاحتياجات والضروريات التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة من مواد غذائية ومحاصيل وثروة حيوانية. ويواجه هؤلاء المحاصرون صعوباتٍ كبيرة في الحصول على أبسط مقومات الحياة، وأصبحت "التكايات – جمع تَكيّة"، على قلتها وضعف مواردها، هي المصدر الرئيسي لمأكل ومشرب معظم الأسر المحاصرة والنازحة أيضاً.
- يواجه كل من يحاول الخروج من مناطق العمليات صعوباتٍ جمّة في تلك المحاولات، وتُنتهك كرامته وتصادر أمواله ومقتنياته في نقاط التفتيش المنتشرة كل عدّة كيلومترات. بل لقد أصبحت هذه النقاط مراكز للجبايات والابتزاز لكلٍ من الطرفين.
- فشلَ الطرفان فشلاً تاماً في الالتزام باحترام وحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق العامة، وفي حماية الجرحى والمصابين، ووضعا كل ما أمكنهما من العراقيل في وجه عمليات الإجلاء.
12
- كان وما يزال تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية بواسطة الطرفين من أكبر الخروقات القانونية والإنسانية للطرفين. لم يبدأ تجنيد الأطفال بحرب أبريل بل سبقها في حرب دارفور، ثم مؤخراً في حرب اليمن (التي قاتل فيها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع معاً بجانب السعودية ودولة الأمارات ضد الحوثيين). - تواصل ويتواصل الانخراط في عمليات الاخفاء القسري والاحتجاز التعسفي للمدنيين. وتنوّعت أشكال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ولم يتم السماح للمنظمات الإنسانية من الوصول إلى الأشخاص المحتجزين. وانتشر العنف الجنسي بجميع أنواعه، وأصبح الاغتصاب سلاحاً يتم استخدامه بشكلٍ متواصلٍ بواسطة أفراد القوتين العسكريتين.
- لم يتم القبض على الملاحقين والهاربين من السجن، بل ظلوا طلقاء يتجولون داخل وخارج السودان بحريةٍ تامة.
13
يتضح من هذا العرض الفشل التام لكلٍ من الطرفين في الوفاء يأيٍ من الالتزامات التي تضمّنتها مقررات جدة، والتي هي مختصرٌ للالتزامات ومبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان كما فصلتهما اتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949.
كما يتضح أيضاً أن مقررات جدة أوسع وأشمل من "خروج قوات الدعم السريع من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين" كما تحاول القوات المسلحة السودانية عرضها." وأنها كذلك أوسع وأشمل من "القبض على الملاحقين والهاربين من السجن" كما تحاول قوات الدعم السريع إبرازها. من الواضح أن الغرض من تركيز وتضخيم كلٍ من الطرفين لادعائه هو محاولةٌ للتكسُّب السياسي الرخيص، لا أكثر ولا أقل.
14
يُلاحظ الغياب التام لمصر من اجتماعي جدة، وعدم صدور أي تعليقٍ رسمي من القاهرة على مقررات الاجتماعين. وكما ذكرنا أعلاه فقد لاذت مصر بالصمت تجاه لقاء القاهرة بين بيرييلو ووفد الجيش السوداني الخاصة بالمشاركة في اجتماعات جنيف. وهذا بالطبع صمتٌ مريبٌ من دولةٍ تعتبر السودان عمقها الأمني والعسكري، وتعتقد اعتقاداً جازماً أن لها الحق، كل الحق، في التدخّل في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ تخصّ السودان.
عزا الكثير من المراقبين ذلك الموقف إلى التقارب الكبير مؤخراً بين النظام المصري والحركة الإسلامية السودانية، وإلى الرهان المصري التام على البرهان والمجموعة الإسلامية التي تدير البلاد حقيقةً تحت مظلة البرهان.
15
وقد وضحتْ وتأكّدتْ قبضةُ الإسلاميين التامة على البرهان ومجموعته إثر تداول الخبر الخاص باتفاق المنامة الذي تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى في 20 يناير 2024 بواسطة شمس الدين كباشي مُمثلاً للجيش السوداني، وعبد الرحيم دقلو مُمثلاً لقوات الدعم السريع، في مدينة المنامة عاصمة دولة البحرين، بعد شهرين من اتفاق جدة الثاني. وقد تمت تسمية الاتفاق المكوّن من 21 بنداً "وثيقة مبادئ وأسسِ الحلِّ الشامل للأزمة السودانية" (اتفاق المنامة).
تم التركيز في اتفاق المنامة على القضايا السياسية التي غطت 19 بنداً شملت التأكيد على وحدة السودان، والمواطنة المتساوية، وضرورة المعالجة الشاملة للأزمات التراكمية في السودان منذ الاستقلال مما يجب أن يجعل حرب أبريل آخر الحروب بالبلاد، وعلى أن يكون الحكم في السودان مدنياً ديمقراطياً فيدرالياً تقف فيه الدولة على مسافةٍ واحدة من الديانات والثقافات. وأكد الاتفاق ضرورة بناء جيشٍ واحدٍ مهنيٍ وقوميٍ يتكون من جميع القوات العسكرية، وعلى إعادة بناء القوات الأمنية بصورةٍ تضمن كفاءتها ومهنيتها وقوميتها. كما شمل الاتفاق مواد عن الالتزام بالعدل والشفافية ودولة القانون، وتطبيق مبدأ محاربة الكراهية، ومنهج العدالة الانتقالية، والعمل السياسي السلمي، وانتهاج سياسية خارجية متوازنة.
16
تشير المادة 11 من الاتفاق إلى "تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 في كافة مؤسسات الدولة." وتتعرّض المادتان 17 و 18 إلى القبض على الفارين من السجون منذ بداية الحرب، وتيسير مثول المطلوبين والذين صدرت بحقهم أوامر قبض من المحكمة الجنائية الدولية. وتجب الإشارة هنا إلى أن إعلان جدة (مايو 2023) لم يتضمن أي نصوص عن هاتين المسألتين الأخيرتين، وأن بيان جدة (نوفمبر 2023) اشتمل فقط على بند القبض على الملاحقين والهاربين. عليه فقد ذهب اتفاق المنامة خطوةً أخرى باشتماله على ضرورة تيسير مثول المطلوبين بواسطة المحكمة الجنائية الدولية.
وتتناول المواد الثلاثة الأخيرة من الاتفاق مسألة الحوار الوطني الشامل "دون إقصاءٍ لأحد عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية التابعة له وواجهاتها"، ورفع المعاناة عن المواطنين بصورة تضمن انسياب المساعدات الإنسانية والإغاثة، ومعالجة الكارثة الإنسانية والاقتصادية وآثارها الاجتماعية وكل قضايا المتضررين وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
يُلاحظ أن الفريق أول شمس الدين كباشي وقّع على اتفاق المنامة بصفته نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية وممثلاً للقوات المسلحة السودانية، وليس حكومة السودان.
17
لكن قبل أن يجفَّ حبرُ التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق أعلنت الحركة الإسلامية السودانية رفضها التام للاتفاق، وعزمها على مقاومته بكل الوسائل. فاتفاق المنامة مبنيٌ على تفكيك نظام الإسلاميين وعزلهم، ويكرّر ويؤكد الالتزام بالقبض على الملاحقين والهاربين من السجن. ويضيف الاتفاق إلى ذلك صراحةً وبوضوح تيسير مثول المطلوبين والذين صدرت بحقهم أوامر قبض من المحكمة الجنائية الدولية التي اعتقد الإسلاميون أن أبوابها قد تم إغلاقها نهائياً بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021.
إن اتفاق المنامة هو، وباختصارٍ شديد، الاتفاق الإطاري لعام 2022 الذي أشعل الإسلاميون الحرب بسببه، يعود، من حيث لم يحتسب الإسلاميون، محمولاً على أجنحة إحدى دول الخليج هذه المرة!
عليه فقد شنت الحركة الإسلامية حرباً إعلامية شعواء على اتفاق المنامة، ووجّهت الحركة قواعدها بمقاومة الاتفاق بكل ما أُوتوا من قوة، والانضمام للكتائب الإسلامية ولمجموعات المستنفرين لمواصلة وتصعيد الحرب ضد قوات الدعم السريع وضد قوى ثورة ديسمبر 2018.
أرعبتْ ردة فعل الإسلاميين الحادة البرهان والعسكريين حوله فقرروا أن يتم طي صفحة المنامة بالصمت التام وعدم التعليق عليها أو متابعتها. كان اتفاق المنامة محاولةً مُعتبرةً لأحياء الروح في مقررات جدة والاتفاق الإطاري. غير أن البرهان، تحت ضغوط حلفائه وحاضنته، وتحت الضغوط المصرية أيضاً، تراجع عن الاتفاق مثلما فعل مع مقررات جدة، ومثلما يتعامل الآن مع اجتماعات جنيف.
من الجانب الآخر فقد تركت قيادة قوات الدعم السريع مسألة إجهاض اتفاق المنامة إلى البرهان ومجموعته، ولاذت بالصمت تجاه الاتفاق الذي يفتح باب دمج قوات الدعم السريع مع القوات المسلحة والحركات المسلحة في جيشٍ واحد. ويعتقد الكثيرون أن مسألة الدمج هذه، والطريقة التي تم التعامل بها بواسطة القوات المسلحة، كانت أحد الأسباب الرئيسية لحرب أبريل.
18
قبل أن نختتم هذا المقال لا بد من مخاطبة والرد عى الأسباب الأخرى التي أثارها البرهان ومجموعته في رفضهم المشاركة في اجتماعات جنيف.
فقد طالب البرهان أن تكون الدعوة لاجتماعات جنيف موجهةً للحكومة السودانية وليس للقوات المسلحة السودانية. غير أن البرهان تناسى أن المشاركة والتوقيع على إعلان جدة وبيان جدة (اللذين ظل يطالب بتنفيذهما)، وكذلك اتفاق المنامة، تمَّت باسم القوات المسلحة السودانية وليس الحكومة السودانية. وهذه دون أدنى شك سابقةٌ صنعتها أيدي البرهان وقواته المسلحة بنفسها، وتُضعِف كثيراً من حجة وإصرار البرهان أنه يجب أن تتم الدعوة لاجتماعات جنيف للحكومة السودانية وليس للقوات المسلحة السودانية.
كما تجب الإشارة هنا أيضاً إلى إصرار البرهان على مخاطبته كرئيس لمجلس السيادة السوداني، وليس القائد العام للقوات المسلحة السودانية (أو مخاطبته بالاثنين معاً كما طالب أحد معاوني البرهان). وهذه محاولة من البرهان للالتفاف على قرار الأمم المتحدة والحكومة الأمريكية والاتحاد الأفريقي بعدم الاعتراف بسلطته منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، وحصر التعامل معه كقائد للجيش السوداني فقط. وهذه دون شك محاولة ابتزازٍ بائسة ويائسة من نظامٍ ظل معزولاً لقرابة الثلاث سنوات، عاش وما يزال السودان يعيش خلالها بدون حكومةٍ أو سلطةٍ مركزية ليعترف ويتعامل معها العالم، كما يطالب البرهان الآن.
كما أن مشاركة منظمة إيقاد، مُمثِلةً للاتحاد الإفريقي في اجتماعات جدة الثانية، والتي أفضت إلى بيان جدة، دون أي اعتراضٍ من القوات المسلحة السودانية، تُضعِف كثيراً من مصداقية طلب البرهان أن يقتصر اجتماع جنيف على الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية فقط، دون الوسطاء الآخرين المشاركين في اجتماع جنيف. فإذا كانت مشاركة إيقاد قد تمت من قبل في جدة، وبعلم وقبول القوات المسلحة السودانية، فما الذي يمنعها الآن في جنيف؟
19
أما رفض البرهان مشاركة دولة الأمارات في اجتماعات جنيف فقد كان الرد عليه، رغم القناعة التامة للمجتمعين بالدور الكبير للأمارات في الحرب، أن مصر مشاركةٌ أيضاً في الاجتماعات، وأن كلاً من الدولتين تساعد جنرالها عسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً. غير أن المجتمعين في جنيف يعون أيضاً (وجيداً) أنه لكي تتوقف الحرب، فلا بد من إشراك كل الدول التي لها أيادي مباشرة في هذه الحرب.
وقد وضحت للمجتمعين والمراقبين العلاقة الوطيدة بين نظام البرهان والنظام المصري في زيارة رئيس المخابرات العامة المصرية الوزير عباس كامل إلى بورتسودان ولقائه البرهان في يوم الجمعة 23 أغسطس 2024، وهو نفس اليوم الذي انتهت فيه اجتماعات جنيف، مما أوضح جليّاً الغرض من الزيارة.
20
تجب الإشارة إلى أنه رغم مقاطعة الجيش السوداني لاجتماعات جنيف فقد أوضح المجتمعون في بيانهم الختامي إلى أنه قد تم “استخدام نموذج تفاوضي هجين يجمع بين الدبلوماسية الشخصية والقرب والافتراضية." كما أشاروا أيضاً إلى أن "المجموعة قد حصلت على ضمانات من كلا طرفي الصراع بتوفير وصول إنساني آمن ودون عوائق من خلال شريانين رئيسيين: معبر الحدود الغربي في دارفور عند أدري، وطريق الدبة، مع إمكانية الوصول عبر الشمال والغرب من بورتسودان."
من الواضح أن الغرض من هاتين الإشارتين هو محاولة المجتمعين إبراز نتائج إيجابية لاجتماعات جنيف، على قلتها. فمعبر أدري يقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وطريق الدبة تسيطر عليه القوات المسلحة. إذن فالاتفاق تم مع كلٍ من الطرفين على حدة، وليس بين الطرفين نفسيهما.
كما أن تضمين البيان الختامي عبارة "استخدام نموذج تفاوضي هجين" هو رسالةٌ ضمنيةٌ مفادها أن البرهان قد شارك افتراضياً في هذه الاجتماعات رغم ادعائه مقاطعتها. ومفادها أيضا أن باب المشاركة للبرهان في مثل هذه الاجتماعات مفتوحٌ له في المستقبل إن قرر ذلك.
21
غير أن هذين الإنجازين (مشاركة البرهان غير المباشرة في الاجتماع، وفتح معبر أدري وطريق الدبة) يجب أن لا يثيرا، في رأيي، أيَّ قدرٍ من التفاؤل بقرب التوصّل إلى اتفاقٍ بين الطرفين المتقاتلين، سواءٌ في القضايا الإنسانية أو السياسية. ففشل الطرفين في الالتزام بإعلان جدة، ثم بيان جدة، ومن بعدهما اتفاق المنامة، وما وضعه البرهان من حججٍ وأعذار أمام مشاركته وقواته المسلحة في اجتماع جنيف، وضغوط الإسلاميين القوية على البرهان، وموقف كلٍ من الأمارات ومصر من الحرب، هي أدلةٌ ومؤشراتٌ على أن هذه الحرب العبثية اللعينة بين الجنرالين ستتواصل. وسيتواصل، نتيجة الحرب، لجوء ونزوح ومعاناة الملايين من أبناء وبنات الشعب السوداني، وتدهور أوضاعهم الأمنية والمعيشية والإنسانية، وتفكّك الدولة السودانية.
وقد أكّد هذا الوضع البرهان نفسه في مقابلته مع عددٍ من الصحافيين يوم 24 أغسطس 2024، أي بعد يومٍ واحد من انتهاء اجتماعات جنيف حين ذكر أن الجيش سوف يقاتل لسحق المتمردين "حتى لو استمرت الحرب مائة سنة." ثم عاد وأضاف "بأن الحرب ستستمر ما لم تتم الاستجابة لمطالبنا"، وكأن الجيش حركة تحرير أو هيئة نقابية لها مطالب مشروعة، وليس قوةً نظاميةً تقوم هي بالتعامل مع مطالب الآخرين.
22
ومما يزيد الوضع قتامةً تصريحات كلٍ من الطرفين عن نيته تشكيل حكومة في مناطق سيطرته. فقيام حكومة في مناطق سيطرة الجيش هو مطلب الحركة الاسلامية الذي ظلت تنادي به منذ انقلاب 25 أكتوبر عام 2021، لتؤكد عودتها الكاملة واستلامها التام لمفاصل الدولة.
أما تصريحات قوات الدعم السريع عن نيتها تشكيل حكومة في مناطق نفوذها، فهي في رأيي محاولةٌ لتحسين صورتها الكالحة – صورة النهب والسلب وإخلاء القرى من ساكنيها بعد إهانتهم وإذلالهم – بإنشاء سلطاتٍ لتوقف هذه الجرائم ضد القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان. ويمكن قراءتها أيضاً كردّة فعلٍ لتصريحات البرهان عن نيّته تشكيل حكومته. غير أن قيام حكومتين في السودان سوف يعني من الناحية العملية انشطار السودان إلى دولتين (على الأقل) فاشلتين وغير معترفٍ بأيٍ منهما، مما سيزيد الوضع السوداني تعقيداً وتشابكاً وتدهوراً.
23
رغم هذه الصورة القاتمة (أو، في حقيقة الأمر، بسبب هذه الصورة القاتمة) فلا بد من العمل الدؤوب لإخراج بلادنا من هذا النفق الطويل المظلم. ويبدأ هذا العمل بتكثيف جهودنا واستخدام كافة إمكانياتنا (خصوصاً المحظوظين مِنّا الذين يقيمون في دول الغرب) لحثِّ الحكومات الغربية والمجتمع الدولي ومنظماته، والضغوط عليهم، كي يتخذوا إجراءاتٍ أكثر صرامةً وفعاليةً لتُرغِمَ الجنرالين المتخاصمين على إنهاء الحرب، ولتُوقفَ اللجوء والنزوح والموت والقتل العشوائي اليومي والدمار.
كما لا بد من العمل الجماعي المكثّف بين أوساطنا لدرء المجاعة التي تحاصر الآن نصف سكان البلاد، والتصدّي على وجه السرعة للأمراض المعدية - وآخرها الكوليرا - المنتشرة بسبب اكتظاظ معسكرات اللاجئين والنازحين والأمطار والسيول، وانعدام أبسط مكونات الصرف الصحي، والغياب التام لسلطة مركزية لتواجه هذه الطوارئ. ويشمل هذا العمل الجماعي إرسال المساهمات (عينيةً كانت أو نقديةً) لمنظمات المجتمع المدني التي تعمل تحت ظروفٍ صعبةٍ وقاسية هذه الأيام في السودان، والاتصال المنتظم والمباشر بالمنظمات الدولية العاملة في المجالات الإنسانية وحثّها، والعمل معها، على مساعدة شعب السودان في محنه وكوارثه ومآسيه المتزايدة يوماً بعد يوم.
***************************
* أعتذر عن طول المقال، فتداخل وتشابك وتسارع الوقائع والتطورات جعلت من الصعب تجزئة المقال إلى مقالين.
** رئيس مجلس جامعة الخرطوم
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوات المسلحة السودانیة وقوات الدعم السریع الولایات المتحدة الأمریکیة الحرکة الإسلامیة السودانیة للقوات المسلحة السودانیة الأعمال العدائیة الحرب فی السودان انقلاب 25 أکتوبر الجیش السودانی حکومة السودان اتفاق المنامة على إعلان جدة فی هذا المقال والامتناع عن الامتناع عن اجتماع جنیف على البرهان من الطرفین نوفمبر 2023 هذه الحرب حکومة فی أغسطس 2024 المقال ب فی الحرب لا بد من لم یتم غیر أن بما فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
السلالية في تركيبة الدعم السريع: رسالتي دي شيروها تصل نائب القائد وحميدتي ذاتو
السلالية في تركيبة الدعم السريع: رسالتي دي شيروها تصل نائب القائد وحميدتي ذاتو
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
(اتفق لطائفة من القوى التي كانت من وراء ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 أن “الدعم السريع” هي جيش ثانٍ في يومنا ولا بد لأية تسوية للحرب أن تأخذ حقيقتها هذه بالاعتبار. وهذا منها بخلاف ما اتفق لهم خلال مقاومتهم دولة الإنقاذ وثورتهم حين عدوه ميليشيات “تنحل ولا تحكم دولة”. وقضى اتفاقهم الإطاري للإصلاح الأمني والعسكري عند مغرب حكومتهم الانتقالية بدمجه في الجيش. وطالما راجعت هذه القوى موقفها من “الدعم السريع” فعدتها جيشاً ثانياً لا ميليشيا، صح لها أن تقف من كثب على تراكيبه المهنية والاجتماعية، بما في ذلك المؤسسة الاقتصادية التي بيده، في الاتفاق الوطني الذي يبشرون به بعد وقف إطلاق النار. فكثير منهم منزعج جداً للميليشيات والحركات العسكرية التي تقاتل مع الجيش ويخشون يوماً كريهاً منها على استقرار البلاد. وصح بالمثل أن يقفوا على “السلالية” المستفحلة في “الدعم السريع” التي كشف هذا المقال عنها لاستصحابها في تسكينهم له كجيش ثانٍ في الدولة الوطنية الحديثة المنتظرة).
أثار الصحافي عثمان فضل الله منذ 2023 مسألة متعلقة بطبيعة قوات “الدعم السريع” وتراكيبها قلت إثارتها في الخطاب حولها. فقال فضل الله إن الوضع في الحرب اقترب من الانفلات، وذكر للجيش عيوبه من هذه الجهة، لكنه قال إن دلائل هذا الانفلات أوضح ما تكون في “الدعم السريع”. فتركيبة هذه القوات، بحسب قوله، اختلفت اليوم عنها في الـ15 من أبريل يوم نشوب الحرب القائمة في السودان. حين كانت قوة شبه نظامية بقانون، لكنها انتهت في يومنا إلى تحالف من ست ميليشيات، بل واستصحبت جماعة مستنفرة معروفة بـ”أم باغة” تقاتل لأجل الغنيمة. كذلك فإن بينها اليوم طلاب غنيمة آخرين مستنفرين من قبلها عرفوا بـ”الكسابة” (جمع كاسب). فلم تعد “الدعم السريع”، بحسب فضل الله، جيشاً موحداً وإنما مجموعات عسكرية يرغب قادة “الدعم” في التنسيق بينها، لكن “المؤشرات جميعها ترجح احتمالية تفككها وتحولها إلى عصابات تهاجم المدن من أجل السلب والنهب في ظل الضعف البائن على الأجهزة الأمنية والعسكرية”.
وفرت وقائع أخيرة في أوساط قوات “الدعم السريع” نافذة لنظرة أخرى لطبيعة “الدعم السريع”. وأسفرت بفضل هذه الوقائع عن تكوينات مغرقة في القبائلية لم تلطف منها 25 شهراً من الحرب. وهذه الوقائع هي معركة أم صميمة في كردفان في هذا الشهر التي خسر “الدعم السريع” فيها البلدة بكلفة فادحة وسط منسوبيه من شعب المسيرية من البقارة. أما الواقعة الأخرى فهي حملة “الدعم السريع” لمحاربة الظواهر السالبة في حاضرته مدينة نيالا في دارفور. وساءت أشياء منها منسوبيه من شعب الفلاتة من أهل جنوب دارفور فعرضوا بهويتهم القبلية. أما الواقعة الثالثة فهي هجوم جماعة قيل إنها منسوبة لـ”الدعم السريع” على شعب دار حامد من سكان شمال كردفان عند مدينة الأبيض. فنهب المهاجمون قرية شق النوم وما حولها وأحرقوا بيوتها وقتلوا نحو 300 شخص. وبالطبع ساء ذلك منسوبي “الدعم السريع” من دار حامد وظاهروا بهويتهم القبلية.
تواترت اللايفات من منسوبي “الدعم السريع” من المسيرية بجنوب كردفان بعد خسارة أم صميمة وعرضوا لتظلمهم من “الدعم السريع” على بينة من هويتهم القبلية. فطغت الشكوى من أن كردفان ناقصة في عتاد الحرب حتى إن أحد “اللايفاتية” قال إنهم فاتحوا قائد ثاني “الدعم السريع” عبدالرحيم دقلو بالأمر حين التقوا به في نيروبي على أيام مؤتمر نيروبي في فبراير (شباط) الماضي للتحضير لقيام حكومة موازية في مناطق سيطرة “الدعم السريع”، فقال لهم عبدالرحيم “أبشروا”، ولكن لا حياة لمن تنادي. وقال إن قيادة الدعم ترسل لهم في كردفان قوى إسناد من دارفور بكامل عتادها إلا أنها لا تغشى الوغى في حين تتوعد بغزو الإقليم الشمالي.
وبؤس تسليح المسيرية قديم حتى إن القائد جلحة، الذي قتل بمسيرة في الخرطوم في يناير الماضي، كان يقول إنه كان “يقلع” السلاح والسيارات قلعاً من الجيش و”الدعم السريع” معاً. وقال سافنا، قائد آخر من مسيرية كردفان، إنه كان كذلك يستولي عنوة على المركبات بل يملأها غازاً من بعض ذهب عثر عليه لأنه لم يكن له مرتب حتى. وبلغ بهم سوء الإعداد في قولهم إن أفراد قوتهم حاربوا وهم ينتعلون “شباشب” لا الأحذية العسكرية.
واستدعى حرج خسارة أم صميمة خروج القائد البارز قجة من شعب المسيرية بقضية جماعاتهم في “الدعم السريع” بقوة مع سعة. فوجه رسالته لحميدتي وأخيه عبدالرحيم مذكراً بأرتال شهدائهم للقضية. وقال إنه لا يؤمن بالقبلية، لكن مكره للحديث عنها. فمهما قلنا عنها سلباً فهي لا تزال العامل الذي من وراء نجاح قضيتهم. ثم وجه حديثه لمنسوبي المسيرية في “الدعم السريع” في كل جبهات القتال للوحدة لكي يثأروا لشهدائهم إذ سقط 50 منهم فقط في معركة أم صميمة. وقال بعد تعديد قادة المسيرية الشهداء إنهم سيقاتلون الكيزان حتى آخر مسيري. وأكد خلوه من الشك في القبائل التي قاتلت معهم جنباً لجنب بولاء وفروسية ولا مطعن. ولأنه ليس بالإمكان جمع مسيرية “الدعم السريع” في مؤتمر عام في يومه فهو يوجه عنهم رسالة للقائد العام ونائبه بما حملته له 35 مجموعة منهم عن نقصهم في عتاد الحرب. وجاؤوا له بالشكوى لأنه بمنزلة القيادة فيهم. وقال إنهم لا يطلبون غير تزويدهم بالعتاد لأداء واجبهم في الميدان حتى الموت على أكمل وجه. فهم يريدون من قيادة “الدعم السريع” أن تزودهم بالسلاح الثقيل من منظومات إلى مدافع 25 إلى مدافع 14 ونصف وأجهزة التشويش، ولتسألهم بعد ذلك إن خذلوها. ونفى العنصرية عن نفسه، بل عرض الأمر بوجهه القبلي لإحسان القتال من أجل القضية التي نزفوا شهداء عدداً من أجلها.
ومع تبرؤ قجة عن الطعن في فروسية غيرهم في الحرب إلا أن كثراً دونه رتبة حملوا على الرزيقات، بخاصة جماعة حميدتي، بغير مواربة. فقال أحدهم إنهم هم من قاتلوا دون غيرهم وبذلوا الشهداء، 489 منهم، في بلدة الخوي وأم صميمة وحتى مدينة نيالا التي هي عاصمة “الدعم السريع” في دارفور. وتساءل أين كان قادة بالاسم من الرزيقات حين كانوا يكتوون هم بالحرب ولا يزالون. بل تجد من عزى في شهيد قائد أخير لهم هو التاج يوسف محمود قولنجنق واتهم قادة من الرزيقات بالاسم قال إنهما من وفرا للجيش إحداثيات أصابت موضع الاجتماع الذي كان انعقد بينهم. وطلب من القيادة أن يخضع القائدان لتحقيق قال إنه عاجل غير آجل. وزاد قائلاً إن قلبهم محروق على قولنجنق وثأره يكون في هزيمة الجيش في مدينة الأبيض، حاضرة كردفان، وولاية النيل الأبيض.
وعاد قائد آخر إلى بؤس تسليحهم بقوله إنه أحصى 1500 مركبة للرزيقات موصولة بالواي فاي “تتحاوم” في الأرجاء بينما هو وجنده، 1750، بلا سيارات في حمى القتال. وشكا آخر من عدم تعزية القائد العام لهم في شهدائهم. وانتقد مجموعات الرزيقات في نيالا التي تحظي بعناية “الدعم السريع” وهم خارج ميدان المعركة الدائرة في كردفان يعانون نقصاً في الطعام والبنزين. وسأل “من أين لي ملء تنك السيارة؟ أنت لم تعطني مرتباً”. واستنكر طريقة القيادة في ترضية خاطر كل من خرج بلايف يشكو حاله. وسأل “هل تحولت حربنا إلى الوسائط؟ هل لم يبق لنا سوى الشحذة من فوق منصاتها؟”. وقال إنهم لا يشحذون من بشر إلا من رب العالمين، وإن الروح بلغت الحلقوم ولن يصمتوا بعد هذا. وجاء أخيراً من قال إن القضية التي يقاتلون من أجلها هي قضيتهم بغض النظر عن “الدعم السريع”، وإن “الدعم السريع” لو قرر أن يتنصل منها فسيحاربونه كما يفعلون مع الجيش.
وخرج جماعة من منسوبي شعب الفلاتة بجنوب دارفور بهويتهم القبائلية بعد حملة نظمتها قيادة “الدعم السريع” في بدايات هذا الشهر لمحاربة الظواهر السالبة في مدينة نيالا. فصدر الأمر بألا يوجد عسكري بزيه وكدموله وسلاحه وسيارته العسكرية في سوق المدينة. وبدا أن قيادة “الدعم السريع” استجابت لتجار السوق الذين اشتكوا من الإتاوات التي يفرضها عليهم عسكريون من “الدعم السريع”، أو في لباسه. وبجانب هذا منعت الحملة بيع السلاح والمخدرات.
وحدث أن تعرض لواء بـ”الدعم السريع” من الفلاتة، وهو ابن زعيم فيهم أيضاً، إلى معاملة قاسية من فريق من فرق الظواهر السالبة انتهت إلى جلده في عرض الفضاء. وجاء مرافق له في لايف وحكى الواقعة وهو في غاية الغضب لإهانة الضابط العظيم ابن قبيلته. فلعن الظواهر السالبة ذاتها التي خولت ضرب ضابط زعيم ما كان لأحد أن يمد عليه أصبعاً من قبل. وقال إنه لا يشك في أن تلك الواقعة كانت مقصودة أراد بها الرزيقات في نيالا الإساءة للفلاتة في شخص الضابط. فاحتج أن الحملة لم توقف السيارة لتسأل عن هوية من فيها، بل امتدت يد بعضهم إلى قطع غيار السيارة وأخذوها. وحين احتج الضابط وسأل: هل هذه حملة ظاهر سالبة أم حملة حرامية؟ كان ما كان.
وزاد بأن الضابط الذي أهانه الرزيقات لازم المعارك جميعها ولم يتأخر عن واحدة. وقال لمن تقصدوا أهله بأنهم ليسوا أشرف منهم في حرب بذلوا قصاراهم فيها بضحايا وجرحى لم يحظوا بعلاج بعد. وعاد إلى تقصد الفلاتة ورجع إليهم بـ”العجم” مقابل العرب وقال إنهم إن صمتوا عما حاق بهم من حملة الظواهر كتبهم التاريخ جبناء إلى جنى الجنى. وقال إن بوسعهم كفلاتة إسقاط نيالا المدينة نفسها في يوم واحد. وقال إن “الدعم السريع” لم يفقد الخرطوم إلا لأن المتنفذين فيه لا يقيمون وزناً لغيرهم. وجاء جماعة من منتسبي الفلاتة في “الدعم السريع” من المجموعة 110 لينادوا كل من فيها لمغادرة مقدمات ميادين القتال والعودة إلى تلس، حاضرة الفلاتة، لأن ما تعرض له الضابط العظيم “عنصرية عديل” لا يرضون بها.
وأخرج منسوبو “الدعم السريع” من شعب دار حامد، شمال مدينة شمال الأبيض في شمال كردفان، هويتهم القبلية في ملابسات انتهاكات واسعة قامت بها قوات من “الدعم السريع” على قراهم كما تقدم. وجاء مدثر شمين منهم على لايف ليستنكر خلو ديارهم من الحماية التي تتمتع بها نيالا ومدن آمنة غيرها في دارفور. وحز في نفسه أن ينهب المتفلتون “بنات عمه” ويوسعوا أهله قتلاً بقوة مدججة بالدواشكي والمدافع وهو وجماعته مرابطون في ثغور “الدعم السريع”. وقال إنه إذا كان الخيار بين قبيلته و”الدعم السريع” فقبيلته أولى. وسيحارب “الدعم السريع” بكاكيه وسلاحه هو نفسه. ونفى أن يكون الهجوم على أهله من “الدعم السريع”، ولكن أخذ عليه غياب الحماية منها عنهم. وحيا القائد حميدتي وقال إنه من وحد القبائل. ونسب الهجوم إلى من أرادوا الفتنة بين دار حامد “والدعم السريع”، وهذا مناهم ولن يحصل.
وخرجت هوية منتسبي “الدعم السريع” من السلامات، وهم من شعب البقارة، لمناسبة بتر رجل قائد منهم هو الليبي. فظهر اللايفاتي فرانكو ليحييه ويكفر له كمدخل لتظلم السلامات. فالقادة منهم، في قوله، لا يحظون بسيارات مصفحة مثل غيرهم. وحكى عن اضطرارهم إلى تأجير عربة ثلاجة في أم درمان لنقل قائد مصاب منهم لأن أصحاب العربات من غير السلامات بخلوا بها عليهم. ومن تكرم “الدعم السريع” منهم عليه بسيارة كانت خربة. وعرض لثباتهم في الحرب دون غيرهم. فجاء بذكر قائد من الرزيقات لم يغش موضعاً حاراً من الحرب إلا غادره إلى موقع خلفي. ثم شكا من إهمال جرحاهم حتى تعفنت جراحهم. ثم عرج على الحكومة التي يزمع “الدعم السريع” تكوينها واحتج على خلوها من سلامي منهم مع أنهم أشجع من سائر غيرهم. وطلب تخصيص وزارة الدفاع لهم، بل قال إنه كان من المفروض أن يكون للسلامات المركز الثاني بعد حميدتي لسابقتهم في “الدعم السريع”.
ثم ظهر لايفاتي آخر منهم احتج على عبدالرحيم دقلو لإهمال جرحاهم وعلاجهم في نيالا في أحسن الحالات في حين يبعثون بجرحى الرزيقات إلى الإمارات العربية المتحدة لتلقي العلاج. وجاء ثالث يحتج على تهميشهم وحرمانهم من عربات للقتال وليطلب في آخر كلمته من الأفراد من السلامات في “الدعم السريع” الانسحاب من كل المواقع المتقدمة.
وكشف متحدث من قبيلة المحاميد وهم من رزيقات شمال دارفور عن هويته القبلية في معرض ما انكشف له عن عنصرية “الدعم السريع” أيضاً وقال إنه كمن كتب عليهم أن يكونوا في مقدم الحرب بينما يتراخى (تلميحاً للماهرية وهم الخاصة من الرزيقات في الدعم السريع) وسماها عنصرية. وإذا وضعوهم في الالتفافات، أي في جانب من الحرب، كثرت الاتصالات بهم أن أفزعونا لأن العدو غلبهم. واشتكى أن العربات تذهب لمن لم يقاتل ولم يتدرب حتى. وقاتل المحاميد في قولهم من الـ14 من أبريل ودفعوا ثمن بنزين من جيوبهم.
اتفق لطائفة من القوى التي كانت من وراء ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 أن “الدعم السريع” هي جيش ثانٍ في يومنا ولا بد لأية تسوية للحرب أن تأخذ حقيقتها هذه بالاعتبار. وهذا منها بخلاف ما اتفق لهم خلال مقاومتهم دولة الإنقاذ وثورتهم حين عدوه ميليشيات “تنحل ولا تحكم دولة”. وقضى اتفاقهم الإطاري للإصلاح الأمني والعسكري عند مغرب حكومتهم الانتقالية بدمجه في الجيش. وطالما راجعت هذه القوى موقفها من “الدعم السريع” فعدتها جيشاً ثانياً لا ميليشيا، صح لها أن تقف من كثب على تراكيبه المهنية والاجتماعية، بما في ذلك المؤسسة الاقتصادية التي بيده، في الاتفاق الوطني الذي يبشرون به بعد وقف إطلاق النار. فكثير منهم منزعج جداً للميليشيات والحركات العسكرية التي تقاتل مع الجيش ويخشون يوماً كريهاً منها على استقرار البلاد. وصح بالمثل أن يقفوا على “السلالية” المستفحلة في “الدعم السريع” التي كشف هذا المقال عنها لاستصحابها في تسكينهم له كجيش ثانٍ في الدولة الوطنية الحديثة المنتظرة.
عبد الله علي ابراهيم
عبد الله علي إبراهيم