قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن القرآن الكريم نزل بلغة العرب، وظل محتفظًا بلغته إلى يومنا هذا، وهذا الاحتفاظ جعله مرجعًا لكل من حاول أن يترجمه إلى لغة أخرى، ولقد ترجم منذ العصور الأولى خاصة ما ورد منه في رسائل النبي ﷺ إلى الملوك والأكاسرة والقياصرة؛ حيث وردت بعض الآيات في هذه الرسائل فترجمت إلى لغات المرسل إليه أثناء تلاوتها عليهم، والآن ترجم القرآن إلى أكثر من مائة وثلاثين لغة، بعضها ترجم مرة واحدة، وبعضها ترجم أكثر من مائتين وخمسين ترجمة كما هو الحال في اللغة الإنجليزية مثلا، وكثير منها ترجم مرات عديدة، وفي كل الأحوال يبقى النص القرآني هو المرجع.

وأضاف “جمعة”، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الترجمة قد تكون سيئة النية وقد تكون من نص آخر غير العربية (كترجمة شوراكي إلى الفرنسية والترجمة إلى الأسبانية ..... إلخ) وقد تكون من شخص يجهل إحدى اللغتين أو اللغة المترجم إليها، وقد تكون ترجمة مذهبية أو طائفية أو شارحة لرأي المترجم. وفي كل الأحوال قد تكون مفككة وركيكة التركيب، وقد تكون بليغة راقية الأسلوب، ولكن يبقى الأصل العربي ليرفع النزاع ويمثل الإسلام تمثيلاً حقيقيًّا من تحريف أو تخريف، وهذه مزية تفرد بها القرآن عن سائر الكتب المقدسة.

فقد نقل القرآن بالأسانيد المتصلة المتكاثرة التي بلغت حد التواتر الإسنادي والجملي، ولقد أورد ابن الجزري في كتابه (النشر في القراءات العشر) أكثر من ألف سند من عصره (القرن التاسع الهجري) إلى القراء العشرة وهم قد نقلوا القرآن ممثلين عن مدن بأكملها كلها يقرأ كما كانوا يقرءون، وهذا ما يسمى بالتواتر الجملي؛ فلأن الناس جميعا يقرءون القرآن في مدينة معينة بهذه الطريقة وبهذا الأداء فكان هؤلاء القراء مجرد مندوبين عنهم وممثلين لقراءتهم، وحافظين لطريقتهم في التلاوة، وارتضاهم أهل كل مدينة لما رأوا فيهم مزيد الاهتمام وتمام العلم، فشهدوا لهم جميعا بذلك، فهناك ابن كثير (القارئ وليس المفسر) في مكة، وهناك نافع وأبو جعفر في المدينة المنورة، وهناك عاصم والكسائي وحمزة في الكوفة، ويعقوب وأبو عمرو بن العلاء في البصرة، وابن عامر في الشام، وخلف في بغداد وهؤلاء العشرة يروُون قرآنا واحدًا وطريقة كل واحد في القراءة تفسر القرآن تفسيرًا يجعله واسعًا قادرًا على أن يكون مصدرًا للهداية إلى يوم الدين مع تغير الأحوال وتطور العصور.

واهتم نقلة كتاب الله سواء عن طريق الكتاب أو التلقي بأدق معايير التوثيق في الأرض، والتي ابتكرها المسلمون أنفسهم، فاهتموا بالنقل على مستوى اللفظ والشكل والحركة، والأداء الصوتي في صورة أعجزت وبهرت كل من اطلع على كيفية نقل القرآن الكريم، وقد أنشأ المسلمون العلوم وابتكروها حتى في طريقة قراءة القرآن وبرزت علوم القراءات والتجويد لأداء ذلك الغرض.

والقرآن ما زال بين أيدينا قرآنا واحدًا، وامتلأت كتب التاريخ والأخبار بمن قرأه قراءة خاطئة أو تعمد تحريفه، وظل القرآن كما هو لا يتزحزح ولا يتغير ولا توجد فيه نسخ كثيرة، ولا يحتار المسلم بين نسخة وأخرى ولا يحتاج إلى أن يتخير منها عدة نسخ، بل هو قرآن واحد من طنجة إلى جاكرتا ومن غانا إلى فرغانة. وكان جديرًا بعد كل هذا أن يتغير لكنه لم يكن كذلك، إنه محفوظ في الواقع المعيش، ويحلو لبعض الناس أن تحشر هذه المخالفات من كتب التاريخ وهي مذكورة لتبين للناس أجمعين وفي كل العالم أن هذا الكلام من الحجارة التي ألقيت على القرآن أثناء مسيرته لم تؤثر فيه، وأنه تعرض لكثير من الضجيج ولكثير من الهجمات، فكان جبلاً شامخًا، ليس من حول المسلمين وقوتهم؛ فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله، بل بحفظ الله له كما وعد سبحانه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة القران الكريم ترجمة القران الكريم وقد تکون

إقرأ أيضاً:

ما لك عند الله وماذا عليك؟.. علي جمعة يوضح

كشف الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك عن  ماذا للعبد عند الله وماذا عليه. 

ماذا عليك في قِبَلِ الله؟

وقال "جمعة" عليك الطاعة، والفروض، والواجبات، ومطلوبٌ منك أداء السنن، والرواتب، والنوافل.

فما لك عند الله؟

واضاف: أما ماذا لك عند الله فلا شيء! فأنت مُفلس، لأن هذه الأعمال إنما هي في مقابلة بعض المنن التي مَنَّ الله بها عليك.

يا مسكين! اعرف نفسك، وقف عند حدِّك!

فتعلم أن الجناية عليك حُجَّة، والطاعة عليك مِنَّة؛ فأنت مَدينٌ في الجناية، مَدينٌ في الطاعة.

وتابع: تظن أن الطاعة التي فعلتها هي سبب دخولك الجنة، ولكن اتضح، كما قال رسول الله ﷺ:«لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ».

سورة تفتح خلايا المخ لكل من يقرأها بفضل بركتهادعاء لطلاب الثانوية العامة بالنجاح .. 15 كلمة للأمهات لا تردفاكهة أوصى النبي بتناولها .. تحميك من السحردعاء زيارة قبر النبي.. ردد هذه الكلمات في المسجد النبوي

قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضلٍ ورحمةٍ».

وحذرت من قول: يا رب، أنت الذي كتبتَ عليّ الطاعة، وأنت الذي كتبتَ عليّ المعصية. فالأمر ليس كذلك؛ فالجناية التي كُتبت عليك حُجَّةٌ عليك، لا معذرةٌ لك. كُتبت عليك لتعتذر، فتقول: "سامحني، اغفر لي"، لتُثبِت افتقارك إليه، لا لتتكبر.

وقال : اعلم أن كل طاعة رضيتَها من نفسك، وفرحتَ بها، فهي عليك؛ لأنها تحتاج إلى شكر، والشكر يحتاج إلى شكر، والشكر يحتاج إلى شكر... وهكذا أبدًا.

واعلم أن كل معصيةٍ عيَّرتَ بها أخاك، مردودةٌ إليك؛ لأنك بتعييرك له قد برَّأتَ نفسك، وتبرئتك لنفسك كِبْر، فربما يغفر الله له، ويؤاخذك بها.

فيكون هو الذي فعل المعصية، فأورثته ندمًا وتوبةً صادقة، وتكون أنت قد تكبرت عليه، فأُخِذتَ بها، فكانت مردودةً إليك.

وأشار إلى أنه ينبغي أن تعرف الذي لك، والذي عليك؛ ولو تخليت عن هذا الميزان، ضاع واجب وقتك، وتَاهَتْ بك السُّبُل.

طباعة شارك ماذا عليك في قِبَلِ الله علي جمعة ما لك عند الله الله الأزهر

مقالات مشابهة

  • عبد الكريم الجاسر: وجود ريال مدريد حافز كبير للهلال في كأس العالم للأندية.. فيديو
  • ما لك عند الله وماذا عليك؟.. علي جمعة يوضح
  • الشباب والرياضة بالغربية تطلق البرنامج التدريبي لتعلم لغة الإشارة
  • برلماني: مبادرة مصر معاكم تُترجم التزام الدولة تجاه أسر الشهداء
  • الإجازة في تلاوة القرآن الكريم.. التحديات والفوائد وأهميتها في التعليم الإسلامي
  • رئاسة الشؤون الدينية تحتفي بالفائزين بمسابقة القرآن الكريم لحجاج بيت الله الحرام
  • بدء التسجيل في الدورة الصيفية لحفظ القرآن الكريم والمتون العلمية بالمسجد النبوي
  • "التربية" تعلن نتائج النسخة الـ49 من مسابقة القرآن الكريم
  • الداخلية أولا وظفار ثانيا وشمال الباطنة ثالثا في النسخة 49 من مسابقة القرآن الكريم
  • مفتي الهند يفتتح العام الدراسي لأكاديمية القرآن الكريم