رغم التوقيت الحرج الذي جاءت فيه الضربة الجوية الإسرائيلية لإيران، الأسبوع الماضي يمكن القول: إنه ليس بالإمكان معرفة نوايا نتنياهو الحقيقية حيال الموقف النهائي من النظام الإيراني، وما إذا كان الرجل يريد تدمير المشروع النووي الإيراني، أو حتى إسقاط النظام هناك باغتيال بعض رموزه، أو حتى ما إذا كانت هناك ضربة إسرائيلية أخرى لإيران من عدمها، قبل أن تتكشف نتائج الانتخابات الأمريكية في الخامس من شهر نوفمبر القادم.

فنتنياهو ظل باستمرار يماطل في الموافقة على كل مبادرات إنهاء الحرب في سبيل الوصول إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية. هو بطبيعة الحال يتمنى أن يكون الفوز في هذه الانتخابات حليفا لترامب، نظرا لسياسات ترامب المختلفة عن سياسات الديمقراطيين في التعامل مع النظام الإيراني، لا سيما في ظل ما راج مؤخرا في أوساط حملة ترامب الانتخابية في التحذير من عملية اغتيال محتملة لترامب على يد عملاء للنظام الإيراني في أمريكا.

كما أن ما يرشح من أخبار في إسرائيل بإمكانية أن تكون هناك ضربة جوية أخرى لإيران بعد نتائج الانتخابات الأمريكية، ردا على محاولة اغتيال نتنياهو عبر طائرة مسيّرة استهدفت منزل نتنياهو، قبل أيام، يتماهى تماما -في حال فوز ترامب- مع التصور الذي يقوم على فكرة توحيد العدو الذي يريد اغتيال كل من الرئيس الأمريكي المحتمل دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبالتالي يمكن القول إن احتمال الضربة الأخرى لإيران لا يزال احتمالا قائما، خصوصا إذا ما أضفنا إلى ذلك تعليق رحلات بعض شركات الطيران العالمية مثل «لوفتهانزا» الألمانية وغيرها إلى يوم 30 نوفمبر.

والسؤال الذي يفرض نفسه: هل يمكن القول إن جميع الخطوط الحمراء يمكن تجاوزها من طرف نتنياهو، بما في ذلك ضرب المشروع النووي الإيراني؟

من واقع ضغط الإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية، سيبدو واضحا أنها نجحت في لجم نتنياهو عن التهور في القيام بتجاوزات خطيرة في إيران مثل ضرب المشروع النووي الإيراني، لكن مع ذلك، ومن واقع تصرفات نتنياهو الهوجاء في الاندفاع نحو مصالحه السياسية الضيقة، سيبدو -نظريا على الأقل- ثمة احتمال قائم للقيام بخطوات مجنونة كضرب المشروع النووي، في حال فوز ترامب بالانتخابات -ولو كان هذا الاحتمال يبدو احتمالا مستبعدا لكنه ممكن.

تحرُّز الولايات المتحدة من ضرب المشروع النووي الإيراني أو حتى فكرة إسقاط النظام من قبل إسرائيل، يصب في جدوى مصالح استراتيجية أمريكية وإقليمية ودولية كبرى وهو أمر قد لا تسمح به الولايات المتحدة نظرا للأضرار الخطيرة التي يمكن أن تنجم عنه في منطقة الشرق الأوسط.

لكن الأخطر من ضرب المشروع النووي الإيراني بالنسبة لإسرائيل (في تقديرنا وتقدير كثير من المحللين) هو مشكلة الديموغرافيا الفلسطينية، فهذه المشكلة هي الهم التاريخي المؤرق لإسرائيل، ولهذا يمكن القول إن في تعنت نتنياهو أمام أي مبادرة لإنهاء الحرب -حتى بعد الانتخابات الأمريكية- ما يصب في مصلحة هذا الخيار الخطير.

كل من الأردن وجمهورية مصر العربية تدركان خطورة ونتائج تنفيذ الحل الإسرائيلي لهاجس الديموغرافيا الفلسطينية، لأن الدولتين تعرفان أن حلا مثل هذا سيكون على حساب الأراضي المصرية والأردنية.

كما أن في ما يسمى بخطة «الجنرالات» في إسرائيل، وهي خطة قديمة تستهدف الاستيطان في قطاع غزة عبر تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وتهجير فلسطيني الضفة إلى الأردن، قد يفسر الكثير من نوايا نتنياهو، خصوصا بعد إجماع الكنيست الإسرائيلي على عدم قيام دولة فلسطينية.

في تقديرنا إن هاجس الديموغرافيا الفلسطينية في إسرائيل هو الهم الأكبر بالنسبة لمخططات نتنياهو واليمين الديني الحاكم في إسرائيل، وهو أكبر حتى من ضرب المشروع النووي الإيراني. فإذا كانت فكرة ضرب المشروع النووي الإيراني، وحتى إسقاط النظام الإيراني؛ فكرة لا يمكن أن تتم إلا وفق موجهات استراتيجية أمريكية وتوافقات دولية، فيمكن القول إن مشكلة الديموغرافيا الفلسطينية هي مشكلة خاصة بإسرائيل.

في نهاية فيلم «ميونخ» الذي أخرجه المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرج عن «عملية ميونخ» يجيب عميل الموساد «إفرايم» بطل الفيلم ردا على سؤال الأخير: «هل إذا انتهينا من هذه المهمة سينتهي كل شيء؟»: «إذا عاش هؤلاء الرجال فالإسرائيليون سيموتون».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الانتخابات الأمریکیة فی إسرائیل

إقرأ أيضاً:

معاريف: إسرائيل تتحدث عن إسقاط النظام الإيراني.. ليس النووي فقط

أكدت صحيفة "معاريف" العبرية، أنّ الأوساط العسكرية والسياسية في تل أبيب تتحدث عن إسقاط النظام الإيراني، وليس تدمير البرنامج النووي فقط خلال العمليات العسكرية المتواصلة ضد طهران.

وذكرت الصحيفة في مقال كتبته آنا بارسكي أن "إسرائيل تشن حملة واسعة النطاق ضد النظام الإيراني، بعد أن اتضح أن طهران في المراحل الأكثر تقدما في سباقها للحصول على أسلحة نووية".

ونقلت عن مصادر أمنية، إن "إيران على بُعد بضعة أشهر من امتلاك قنبلة نووية، في الوقت الذي تُسرّع فيه برامج التخصيب والأسلحة، إلى جانب إنتاج عشرات الآلاف من الصواريخ الباليستية - وهو هدفٌ كانت تقديرات الاستخبارات ستُحققه خلال بضع سنوات".

وأفادت بأن "تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية تشير إلى أن هذا التسارع كان بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بشبكة الفروع العسكرية الإيرانية في المنطقة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. وأدركت طهران أنها أصبحت بلا غطاء الحماية الذي توفره لها وكلائها، وقررت دفع البرنامج النووي بوتيرة متسارعة، انطلاقا من شعورها بالانكشاف وفقدان الردع".

وبحسب مصادر أمنية رفيعة المستوى، سجل الجيش الإسرائيلي منذ بدء عملية "الأسد الصاعد" سلسلة من الإنجازات المهمة: إخراج مفاعل نطنز من الخدمة، وتدمير منشأة التحويل في أصفهان، والقضاء على الفريق العلمي رفيع المستوى للبرنامج النووي - وهو هجوم يتطلب عقودًا من إعادة التدريب. إضافةً إلى ذلك، لا تزال الهجمات مستمرة على منشآت نووية أخرى في جميع أنحاء إيران.



وبحسب "معاريف"، في مجال الصواريخ الباليستية، نجح الجيش لإسرائيلي في تدمير مواقع إنتاج، وإتلاف العديد من منصات إطلاق الصواريخ، والقضاء على مراكز معلومات استراتيجية. كما سُجِّل إنجازٌ استثنائي على الصعيد العسكري والسياسي، إذ تم القضاء على غالبية قيادات الجيش الإيراني، ما أدى إلى زعزعة استقرار القيادة السياسية في طهران.

ولفتت إلى أنه "منذ الليلة الماضية، تحلق طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في سماء طهران، وتقصف أهدافًا للنظام الإيراني. ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين كبار، سُجِّلت إصابات مباشرة في مقرات ومكاتب حكومية وبنى تحتية وطنية حيوية. وشُوهدت ألسنة اللهب في مناطق عديدة من طهران، ما دفع المدنيين إلى الفرار من المدينة".

وشددت على أن "الهدف المعلن لإسرائيل، وفقًا لمصدر سياسي رفيع المستوى، هو إزالة التهديد الوجودي الذي يشكله نظام آيات الله علي خامنئي، وتأجيله لسنوات طويلة. ورغم المساعدات الدفاعية الأمريكية والعلاقات الوثيقة مع إدارة ترامب، يُصرّح المسؤولون الإسرائيليون بوضوح: "هل ستنضم الولايات المتحدة؟ هذا قرارهم. إسرائيل تقوم بدورها، وستواصل بذل كل ما في وسعها لإزالة هذا التهديد".

وبحسب المصادر نفسها، حتى لو تم تدمير البرنامجين النووي والصاروخي بالكامل، فإن ذلك لا يضمن عدم سعي إيران لإعادة إحياءهما. وصرح مصدر سياسي قائلاً: "الشيء الوحيد الذي سيضمن زوال التهديد تمامًا هو تغيير النظام في طهران".

ونوهت "معاريف" إلى أن إسرائيل تواصل العملية الآن، دون أي توقف في الأفق، وترفض في هذه المرحلة التطرق إلى إمكانية وقف إطلاق النار. وأوضح مصدر سياسي: "هناك أهداف أخرى كثيرة. ليس هذا وقت التوقف".

وختمت: "أما بالنسبة لتصريح الرئيس ترامب بأن السلام بين إسرائيل وإيران يمكن تحقيقه بسهولة، فبحسب مصدر سياسي، فإن الشرط الإسرائيلي واضح للغاية: إذا وافقت إيران على تفكيك برنامجها النووي وتخصيب اليورانيوم في اتفاق سياسي، وهو اتفاق استسلام، فستوافق إسرائيل على ذلك. لكننا لا نتوقع حدوث ذلك حاليًا".

مقالات مشابهة

  • معاريف: إسرائيل تتحدث عن إسقاط النظام الإيراني.. ليس النووي فقط
  • أردوغان: بات واضحا أن هدف إسرائيل ليس البرنامج النووي الإيراني
  • نتنياهو: نواصل تدمير أهداف متعلقة بالبرنامج النووي الإيراني
  • نتنياهو يدعو لاغتيا.ل المرشد الإيراني ويروج الأكاذيب عن العلاقات الإيرانية الأمريكية
  • نتنياهو: نتجه للقضاء على التهديد النووي والصاروخي الإيراني
  • إيران أم إسرائيل.. من منهما لديها مخاوف التهديد الوجودي؟
  • أحمد موسى: إسرائيل لم تعد تستهدف البرنامج النووي الإيراني فقط
  • عاجل| ترامب لشبكة أيه بي سي: من الممكن أن نتدخل لمساعدة إسرائيل للقضاء على البرنامج النووي الإيراني
  • سفير إسرائيل: البرنامج النووي الإيراني تراجع لكن التحدي لم ينتهِ بعد
  • هل تستطيع إسرائيل حقا تدمير البرنامج النووي الإيراني؟