منتدى «تريندز» السنوي الرابع يناقش جذور العنف لجماعة الإخوان المسلمين
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأكد باحثون وخبراء ومختصون من دول عدة، أن ظاهرة التطرف الإسلاموي لا يمكن فهمها دون النظر في التنظير الفكري الذي يقوم عليه الإسلام السياسي، ولا يمكن القضاء على هذا التطرف دون معالجة الفكر الذي يُنشر عنه.
جاء ذلك، في المنتدى السنوي الرابع حول الإسلام السياسي، الذي نظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات في قاعة «تريندز» الكبرى في مقره بأبوظبي، تحت عنوان «الإخوان المسلمون والعنف»، وذلك بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء من مختلف أنحاء العالم.
ودعا نحو 18 باحثاً وأكاديمياً من دولة الإمارات، وفرنسا، والمغرب، وتونس، وألمانيا، وكندا، إلى حوارٍ فكريٍّ موسَّع بين الغرب والعالم العربي، لفهم أعمق لهذه الظاهرة، ولمواجهتها بأساليب متعددة الأبعاد.
وشدّد المتحدثون في توصيات المنتدى على أهمية إدانة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله، ورفض المعايير المزدوجة في دراسة هذه الظاهرة، والتأكيد على عدم ربط الإرهاب بأي دين أو جنسية، مطالبين بإعادة تعريف الإرهاب ليشمل ليس فقط من يمارس العنف، بل أيضاً من ينظّر له ويبرره ويدعمه.
وشدَّد الخبراء والباحثون على ضرورة التصدي للاستخدام السياسي للإرهاب، ورفض استغلاله وسيلة لتحقيق أهداف جيوسياسية، مؤكدين في الوقت نفسه الحاجة إلى حوار بين الأكاديميات الغربية والعربية لفهم أعمق لظاهرة التطرف والعنف الإسلاموي، وأهمية تعزيز فهم الأسباب الفكرية التي تبرر العنف وتطوير مقاربات فكرية وعملية لمواجهة الأيديولوجيات المتطرفة بفعالية.
حلقة وصل فكرية
وافتتحت أعمال المنتدى بكلمة ترحيبية للدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، الذي أكد أهمية المنتدى في تحليل وتفكيك خطابات جماعات الإسلام السياسي، ودراسة التحديات التي تشكلها هذه الجماعات على المجتمعات والدول الوطنية.
وأشار إلى أن المنتدى جاء بهدف تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة، هي، تحليل الأسس الأيديولوجية للتطرف المؤدي إلى العنف لدى الإخوان المسلمين، من خلال دراسات لحالات متعددة، وإظهار الروابط الفكرية والعملياتية بين الإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية، وتسليط الضوء على الطبيعة الهجينة لجماعة الإخوان المسلمين، وما يمثله ذلك من تحدياتٍ على مستوى الفهم والمجابهة.
وأوضح أن مشاركة باحثين من دول متعدّدة، مثل فرنسا، والمغرب، وتونس، وألمانيا، في المنتدى، يعزّز دوره كحلقة وصل بين مركز «تريندز» ومراكز البحث العالمية، بهدف مواجهة الأفكار المتطرفة، وعلى رأسها أفكار جماعة الإخوان المسلمين، التي تروّج للانقسام بين أبناء الوطن الواحد، مشدداً على أهمية مواجهة هذه الأفكار بنشر مفاهيم الوسطية والاعتدال والتسامح والعيش المشترك.
قضية جوهرية
وفي الكلمة الرئيسة للمنتدى، أكدت الدكتورة خديجة فرحان الحميد، مدير إدارة شؤون الطلبة أكاديمية ربدان، أن الحديث عن جماعة الإخوان، وعلاقتها بالعنف ليس مجرد نقاش فكري، بل هو موضوع يلامس جوهر استقرار المجتمعات وأمنها، ويطرح تساؤلات حيوية حول الدور الذي تؤديه الأيديولوجيات في تشكيل السلوكيات والممارسات السياسية والاجتماعية.
تفكيك الأفكار
عقب ذلك، بدأت فعاليات المنتدى بعقد الجلسة الأولى تحت عنوان، «الأسس الأيديولوجية للتطرف المؤدي إلى العنف لدى الإخوان المسلمين»، حيث اتفق البروفيسور مهند خورشيد، عميد المعهد العالي للدراسات الإسلامية جامعة مونستر بألمانيا، خلال مداخلة عبر الاتصال المرئي، مع مقاربة مركز تريندز للبحوث والاستشارات في تناول ظاهرة التطرف المؤدي للعنف باسم الدين، والتي تقوم على، تفكيك الأفكار المؤسِّسة لتلك الظاهرة وهكذا تفكيك الأفكار المتعاطفة معها، وتسليط الضوء على الأنماط الأخرى من التدين التي لا تعادي الدولة الوطنية، ولا مبادئ التسامح والتعايش.
نهج هجين
عقب ذلك، عُقدت الجلسة النقاشية الثانية تحت عنوان «عنف الإخوان المسلمين: دراسة حالة»، وأدارها عبدالله الخاجة، الباحث في «تريندز»، وقدّم فيها الدكتور رالف ثيلي، رئيس مبادرة الدفاع الأوروبي في ألمانيا مداخلة مهمة، تناول فيها الهجوم الإرهابي الأخير في مدينة زولينغن، مشيراً إلى أن هذا الحادث يُظهر بشكلٍ مقلق مخاطر «الإسلاموية» في ألمانيا وأوروبا، مؤكداً أن هذه المخاطر لا تزال قائمة، وأن الأعمال الإرهابية لها سياق مرتبط بتغيرات النظام العالمي، حيث يسعى بعض الفاعلين في التيار الإسلامي السياسي لاستغلال الاضطرابات العالمية لتحقيق مصالحهم، وفقاً لتفسير راديكالي للإسلام.
العنف المخفي
من جانبه، أوضح الدكتور عمرو الشوبكي، العضو السابق في البرلمان المصري، أنه إذا قارنا أدبيات جماعة الإخوان المسلمين فيما يتعلق بمسألة العنف، وتحديداً كتابات مؤسسها حسن البنا بشكلٍ خاص، يمكننا وصف عنف الجماعة بأنه العنف «المخفي» أي أنه يظهر بين السطور، وفي ثنايا عرض جوانب أخرى في فكر الجماعة.
وأشار إلى أن مستوى التربية العقائدي «للأخ الجهادي» كان نواة التنظيم الخاص للجماعة، التي اعتنقت العنف فكراً وممارسة، وكان أساس التنظيم المسلح في منتصف الستينيات حتى أعمال العنف التي شهدتها البلاد على يد مجموعات من عناصر الجماعة.
أما حمد الحوسني، الباحث في الإسلام السياسي بـ«تريندز» فتناول في مداخلته تاريخ العنف لدى جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها، حيث كشف عن زيف ادعاءات الجماعة برفضها العنف.
وذكر أن فكر الإخوان أسَّس لأفكار تنظيمات إرهابية مثل «القاعدة»، و«داعش»، الذين خرجوا من عباءة هذا الفكر المتطرف.
تخادم الأفكار
وعقب استراحة قصيرة، عقدت الجلسة النقاشية الثالثة تحت عنوان «الروابط الفكرية والعملياتية بين الإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية»، وأدارتها نورة الحبسي، مديرة إدارة النشر العلمي بـ«تريندز»، وتحدث فيها السيد عمر البشير الترابي، رئيس التحرير بمركز المسبار للدراسات والبحوث، واستعرض فيها كيف يمثل تبرير الإرهاب نفسه شكلاً من أشكال العنف، حيث يدعم الخطاب المتطرف اللجوء إلى العنف لتحقيق الأهداف السياسية والدينية.
وركز في مداخلته على الإرهاب كتمرد على فكرة الدولة الوطنية وعنصر التقاء بين الإخوان وغيرهم.
كيان واحد
من جانبها، ذكرت الدكتورة زينب التوجاني، أستاذة في الحضارة العربية الإسلامية بجامعة منوبة التونسية، أن الإسلاموية تُبنى على عنف تأسيسي يتمثل في اعتبار المجتمع الذي نشأت فيه «جاهلية»، و«تكفير» المسلم المختلف قبل الآخر غير المسلم، وبذلك فإن أيديولوجية التكفير هذه تمثل أسس الفكر الجهادي المتوحش الذي يمضي بالفكرة إلى أقصاها ليحارب المختلف عنه ويستأصله.
مقاربات
ناقش الدكتور وائل صالح، الخبير في الإسلام السياسي بمركز «تريندز»، ومدير مكتبه في مونتريال، في ورقة بحثية المقاربات الأكاديمية الغربية لدراسة ظاهرة التطرف والعنف المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين.
وبيّن كيف أن هذه المقاربات تترجم إلى ممارسات منهجية تتعلق بدراسة الإسلاموية المتطرفة، مشيراً إلى ضرورة إيجاد مقاربة معرفية جديدة أكثر وعياً ودقة لفهم أسباب العنف الذي يمارسه الإسلامويون.
تحول المفاهيم
سعت الدكتورة ريتا فرج، باحثة وعضوة في هيئة التحرير مركز المسبار للدراسات والبحوث في مداخلتها، إلى مناقشة والإضاءة على التحويلات الضخمة في المفاهيم الإسلامية الكلاسيكية التي قام بها الإسلامويون، خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، وتسليط الضوء على المخاطر الناجمة عنها على مستوى الوعي الجمعي العربي، والانقلاب على الدولة الوطنية والإسلام الوسطي.
الروابط الفكرية والتنظيمية
توقف السيد منتصر حمادة، الباحث بمركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، عند القواسم المشتركة في شقيها النظري والعملي بين الفصائل الحركية الإسلاموية بخصوص اللجوء إلى العنف أو الإرهاب أو التطرّف العنيف، وقال إن التجربة الميدانية لجماعة الإخوان المسلمين، قبل وبعد منعطف أحداث 2011، أكدت تورط بعض أعضائها في أعمال عنف.
إشكالية العلاقة
طرح الدكتور فريد بن بلقاسم، الأستاذ المشارك بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بجامعة تونس المنار، في مداخلته إشكالية العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية في وجهيها، الفكريّ المتّصل بالأطروحات والمفاهيم، والتنظيمي المتّصل بأشكال التنظيم، وديناميكيات الممارسة في الواقع.
المظلة الفكرية
في مداخلته بالجلسة الثالثة، أكد علي بكر، الخبير في الإسلام السياسي بمركز تريندز للبحوث والاستشارات أن جماعة الإخوان المسلمين تُعد المظلة الفكرية والعباءة التنظيمية التي خرجت من تحتها معظم التنظيمات الإرهابية الموجودة حالياً على الساحة الدولية، وذلك بالنظر لمجموعة من الروابط الفكرية التي كرستها جماعة الإخوان المسلمين، وتبنتها من بعدها التنظيمات الإرهابية، وأسَّست عليها بناءها الفكري.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: تريندز مركز تريندز للبحوث والاستشارات مركز تريندز جماعة الإخوان جماعة الإخوان الإرهابية الإخوان المسلمين جماعة الإخوان المسلمين الإخوان المسلمون الإخوان محمد العلي مرکز تریندز للبحوث والاستشارات جماعة الإخوان المسلمین الإسلام السیاسی إلى العنف تحت عنوان
إقرأ أيضاً:
ما يقال عند المرور على مقابر المسلمين.. اتبع سنة النبي وافعل هذه الأمور
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما الذي ينبغي أن يقال عند المرور على مقابر المسلمين؟ خصوصا إنني أمرُّ على المقابر كثيرًا لقربها من الطريق في بلدتي، فأرجو من فضيلتكم بيان الأذكار أو الأدعية التي تُقال عند المرور على مقابر المسلمين؟ وهل هذا خاص بالرجال؟
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: يُسن أن يقول المارُّ بالمقابر: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ"، وأن يدعو لهم بما يشاء من الرحمة والمغفرة وغير ذلك، وكذا يجوز له قراءة سورة الفاتحة، أو "قل هو الله أحد"، وهبة ثواب ذلك لمن في المقبرة، إذ الأمر في هذا واسع، ويستوي في ذلك الرجال والنساء.
حث الشرع الشريف على الدعاء للأموات
واشارت الى أن الشرع الشريف ندب إلى الدعاء للأموات، وقد دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ [الحشر: 10]، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا صلى على جنازة قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، والحاكم.
وقد أجمع العلماء على أن الدعاء ينفع الموتى ويصل إليهم ثوابه، ينظر: "الأذكار" للإمام النووي (ص: 164، ط. دار الفكر)، و"عمدة القاري" للإمام العيني (3/ 119، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"شرح متن الرسالة" للإمام زروق (1/ 434، ط. دار الكتب العلمية).
ما يقال عند المرور على مقابر المسلمين
من السنة أن الإنسان إذا أتى قبورًا أو مرَّ عليها أن يُسلِّم على أهلها؛ لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى المقبرة، فقال: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» رواه مسلم.
ويدلَّ هذا الحديث على استحباب التسليم على أهل القبور.
قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني في "النوادر والزيادات" (1/ 655-656، ط. دار الغرب الإسلامي): [يَدُلُّ على التسليم على أهل القبور، ما جاء من السنة، في السَّلام على النبي عليه الصلاة والسَّلام، وأبي بكر، وعمر، مقبورين،، وقد آتى النبي صلى الله عليه وسلم قبور شهداء أحد، فسلم عليهم ودعا لهم] اهـ.
وهذا الاستحباب ليس خاصًّا بالزائر وحسب، بل إنه يشمل المار بالمقابر أيضًا، فيستحب له أن يسلم ويقول الدعاء السابق، وأن يدعو لهم بما يريد.
قال الإمام الروياني في "بحر المذهب" (2/ 602، ط. دار الكتب العلمية): [يستحب إذا اجتاز بالمقبرة أن يسلم على أهلها فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون] اهـ.
وأمر الدعاء للموتى عند المرور بمقابرهم واسع، فكما يجوز بالوارد المأثور يجوز أيضًا بشيء آخر غيره، فقد جاء عن الحسن البصري قوله: "مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ رَبَّ الْأَجْسَادِ الْبَالِيَةِ، وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنَ الدُّنْيَا وَهِيَ بِكَ مُؤْمِنَةٌ، أَدْخِلْ عَلَيْهَا رَوْحًا مِنْ عِنْدِكَ وَسَلَامًا) اسْتَغْفَرَ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ مَاتَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ" رواه ابن أبي شيبة في "المصنف".
كما يجوز لمن يمر بالمقابر قراءة "الفاتحة"، أو "قل هو الله أحد" إحدى عشرة مرة، بل ورد عن السلف أن ذلك سبب لمغفرة ذنوب للقائل بعدد من في الجبانة.
فعن أم عفيف النهدية رضي الله عنها قالت: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين بايع النساء، فأخذ عليهن ألا تُحَدِّثْنَ الرَّجُل إلا مَحْرَمًا، وأَمَرَنَا أن نقرأ على مَيِّتِنا بفاتحةِ الكتاب" رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، وحديث أم شريك رضي الله عنها قالت: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ نَقْرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" رواه ابن ماجه.
وقال العلامة الجمل في "حاشيته على شرح المنهج" (2/ 210، ط. دار الفكر): [(فائدة) ورد عن السلف أن من قرأ سورة الإخلاص إحدى عشرة مرة وأهدى ثوابها لجبانة غفر له ذنوب بعدد الموتى فيها، وروى السلف عن علي رضي الله تعالى عنه أنه يعطى من الأجر بعدد الأموات] اهـ.
ويستوي في ذلك الرجال والنساء، فيجوز للمرأة أن تدعو إذا مرت بالمقابر، والأصل في ذلك ما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قلت: كيف أقول لهم -تعني الأموات- يا رسول الله؟ قال: «قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ» رواه مسلم.
فهذا يتوجه للمرأة التي تزور القبر، فلم يرد فرقٌ بين الرجل والمرأة في الدعاء الذي يُدعى به عند القبر.
قال العلامة ملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (4/ 1255، ط. دار الفكر) معقبًا على بعض الأحاديث التي تبيح زيارة القبور: [فهذه الأحاديث بتعليلاتها تدل على أن النساء كالرجال في حكم الزيارة، إذا زرن بالشروط المعتبرة في حقهن] اهـ، ومعنى أنهن كالرجال في أصل الفعل، فهن أيضًا كالرجال فيما يترتب على هذا الفعل.
وأكدت بناءً على ذلك: أنه يُسن أن يقول المارُّ بالمقابر: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ"، وأن يدعو لهم بما يشاء من الرحمة والمغفرة وغير ذلك، وكذا يجوز له قراءة سورة الفاتحة، أو "قل هو الله أحد"، وهبة ثواب ذلك لمن في المقبرة، إذ الأمر في هذا واسع، ويستوي في ذلك الرجال والنساء.