الأمم المتحدة: المجاعة و الكوليرا وحمى الضنك تضرب السودان الموبوء بالعنف والحرب
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
مع استمرار الحرب في تدمير المدن والبلدات السودانية ودفع نظام الرعاية الصحية إلى الانهيار، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا) من ارتفاع حالات الكوليرا وحمى الضنك، فيما تبقى مستويات الجوع “فوق عتبة المجاعة”.
الخرطوم _ التغيير
وكانت الأوتشا قد أفادت بوقوع أكثر من 28,000 حالة إصابة بالكوليرا و836 حالة وفاة في 11 ولاية بين 22 يوليو و28 أكتوبر، وأكدت أن العدد الفعلي للأشخاص المصابين بالمرض قد يكون أعلى بسبب عدم الإبلاغ.
تفاقم التفشي الحالي للكوليرا بعد موسم أمطار غزير وغير عادي تسبب في فيضانات في أنحاء السودان، مما لوث مصادر المياه. وأطلقت وزارة الصحة السودانية والمنظمات الإنسانية حملة تطعيم في أكتوبر تهدف إلى تحصين حوالي 1.4 مليون شخص. وتعد كسلا الولاية الأكثر تضررا حيث سجلت 6868 حالة إصابة و198 حالة وفاة، تليها ولايتا القضارف والجزيرة والولاية الشمالية.
كما كان ارتفاع حالات حمى الضنك في السودان شديدا بشكل خاص في ولايتي كسلا والخرطوم. فبحلول 28 تشرين أكتوبر، تم الإبلاغ عن 4544 حالة و12 حالة وفاة مرتبطة بحمى الضنك، نصفها في ولاية كسلا وحدها.
ويأتي هذا التطور في الوقت الذي واصلت فيه الفرق الإنسانية الأممية وشركاؤها التحذير من الجوع الذي يهدد الحياة في أجزاء من السودان، وخاصة في الفاشر بولاية شمال دارفور، حيث شهدت المدينة الوحيدة في الولاية التي لا تزال تسيطر عليها الحكومة بعضا من أعنف الاشتباكات منذ بدء الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في أبريل الماضي.
خطر المجاعة يتزايدوقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن الإعمال العدائية أدت إلى “تأخير أو منع تسليم الإمدادات التجارية والإنسانية” إلى المناطق ذات الاحتياجات الماسة. واستشهد بمنظمة أطباء بلا حدود التي أكدت أن معدلات سوء التغذية الحاد “تظل أعلى من عتبة المجاعة (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) في مخيم زمزم للنازحين داخليا”.
وقد تم تأكيد ظروف المجاعة في مخيم زمزم في أغسطس. وبينما تظل البيانات محدودة بالنسبة لمخيمي أبو شوك والسلام للنازحين القريبين من الفاشر، أفادت الأوتشا بحركة نزوح مدنية كبيرة بعيدا عن هذين المخيمين نحو مخيم زمزم بسبب القتال العنيف.
إلا أن الخدمات الحيوية في مخيم زمزم مهددة، بما في ذلك علاج سوء التغذية الحاد لنحو 5000 طفل، حيث اضطرت منظمة أطباء بلا حدود إلى إيقافه في 10 من تشرين أكتوبر “لأن أطراف النزاع منعت منذ شهور تسليم الغذاء والأدوية وغيرها من الإمدادات الأساسية”.
كما عبر العاملون الإنسانيون أيضا عن قلقهم المتزايد إزاء انعدام الأمن الغذائي الحاد الشديد الذي يحدث بين المجتمعات النازحة داخليا في المناطق المحاصرة في الدلنج وربما كادوقلي في ولاية جنوب كردفان.
إغلاق 80 في المائة من المرافق الصحيةلا يزال نظام الرعاية الصحية في السودان مثقلا بالأعباء. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن ما يصل إلى 80 في المائة من المرافق الصحية في مناطق النزاع – بما في ذلك في ولايات الجزيرة وكردفان ودارفور والخرطوم – إما تعمل بالكاد أو مغلقة.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن “هذا الانهيار يعيق برامج تطعيم الأطفال ويسرع من انتشار الأمراض التي يمكن الوقاية منها، مما يثير المخاوف بشأن تفش محتمل واسع النطاق”.
تعرض الطواقم والمراكز الطبية للهجوماشتد تأثير العنف على المرافق الصحية، حيث تم الإبلاغ عن 116 حادثة منذ اندلاع الأعمال العدائية في 15 أبريل 2023، مما أسفر عن مقتل 188 شخصا وإصابة 140 آخرين. وقد وثقت منصة مراقبة الهجمات على الرعاية الصحية التابعة لمنظمة الصحة العالمية حوادث واسعة النطاق من العنف والنهب والترهيب أثرت على الطواقم والمرافق الطبية وسيارات الإسعاف والمرضى.
في مواجهة الأزمة الإنسانية الهائلة في السودان التي أدت إلى نزوح أكثر من 11 مليون شخص داخل البلاد ودفعت حوالي ثلاثة ملايين عبر حدودها، يواصل العاملون الإنسانيون توسيع نطاق استجابتهم في جميع أنحاء البلاد والوصول إلى 12.6 مليون شخص.
الوسومأوتشا الأمم المتحدة الجوعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أوتشا الأمم المتحدة الجوع
إقرأ أيضاً:
رغم اعتراض حكومة الخرطوم .. الأمم المتحدة تمدد ولاية بعثة تقصي الحقائق في السودان
جدد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولاية بعثة تقصي الحقائق في السودان لعام إضافي، في قرار اعتمد أمس الإثنين وأثار اعتراضاً مباشراً من الحكومة السودانية.
الخرطوم ـــ التغيير
ويعتبر هذا التمديد هو الثاني للمهمة التي أُنشئت في 11 أكتوبر 2023 للتحقيق في جميع انتهاكات حقوق الإنسان وأسبابها الجذرية المرتبطة بالنزاع المستمر، بما في ذلك الانتهاكات المرتكبة ضد اللاجئين.
و قُدِّم مشروع القرار، الذي نال تأييد 24 دولة مقابل رفض 11 دولة (من ضمنها السودان) وامتناع 12 دولة عن التصويت (من بينها الجزائر)، من قِبل دول أوروبية رائدة مثل بريطانيا وألمانيا وإسبانيا وهولندا. وقد أكد المجلس في بيانه على أن البعثة ستستمر في عملها لعام إضافي، مع التأكيد على ضرورة أن تتكامل جهودها مع آليات المساءلة الوطنية والتحقيقات الإقليمية.
اتهامات بجرائم حرب وإدانات دولية
أعرب المجلس عن قلقه الشديد إزاء استنتاجات البعثة، التي وجدت «أسباباً معقولة للاعتقاد» بأن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ارتكبا انتهاكات للقانون الدولي «قد ترقى إلى جرائم حرب»، وأن قوات الدعم السريع ارتكبت أيضاً «جرائم ضد الإنسانية». وعلى ضوء هذه الاستنتاجات، أدان القرار استمرار النزاع بين الطرفين، مجدداً دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار وإقامة آلية مستقلة لمراقبته، وإصلاح البنية التحتية، والتوصل إلى حل تفاوضي شامل. واستنكر المجلس بحدة تصاعد العنف في الفاشر بولاية شمال دارفور، مستذكراً بشكل خاص الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين، داعياً إلى حماية المدنيين بشكل عاجل.
كما حثّ مجلس حقوق الإنسان الأمم المتحدة، بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي، على التعجيل بالنظر في الخيارات المتاحة لتعزيز حماية المدنيين، مشدداً على التزام السودان بالعمل وفقاً للقانون الدولي الإنساني لحماية سكانه من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية. كما أدان القرار كل صور التدخل الخارجي التي تؤجج الصراع، وطالب باحترام ودعم سيادة السودان وسلامة أراضيه، مؤكداً على أهمية وقف الدعم المادي لطرفي الحرب. وتشمل ولاية البعثة جمع وتحليل أدلة الانتهاكات وتحديد المسؤولين وتقديم التوصيات لضمان المساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب.
رفض الخرطوم وترحيب قوى المعارضة
في المقابل، أعرب مندوب السودان الدائم في جنيف، عن رفضه للقرار في بيان قدمه أمام المجلس، حيث اعتبر أن مقدمي القرار «تعاموا عن الحقائق الماثلة على الأرض»، مشيراً إلى أن بلاده تستضيف مكتباً كاملاً لمفوضية حقوق الإنسان وتتعاون مع الخبراء الدوليين. كما أوضح أن القرار ساوى بين الجيش، الذي «يقوم بواجبه الدستوري في الدفاع عن السودان»، و«الميليشيا المتمرّدة» رغم فظائعها. واعتبر المندوب أن تمديد ولاية البعثة يمثل «تعدّيًا على سيادة الدولة ومؤسساتها، وتطاولًا على النظام العدلي في السودان، وتشكيكًا في كفاءة وقدرة ونزاهة قضائه». في الجهة المقابلة، رحبت قوى سودانية عدة، من بينها «التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة – صمود» وحزب التجمع الاتحادي ومجموعة «محامو الطوارئ»، بقرار تمديد ولاية البعثة لعام إضافي.