عربي21:
2025-05-09@20:06:34 GMT

الثمن الباهظ لغارات الاحتلال على سوريا

تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT

سُئلَ رئيس النظام السوري بشار الأسد، في آخر ظهور إعلامي له على شبكة سكاي نيوز عربية، عن موقف نظامه من تكرار الغارات الإسرائيلية على سوريا، حتى في وقت الإعداد للمقابلة الصحفية كانت طائرات الاحتلال تشن غارات على محيط العاصمة دمشق، وبعدها بخمسة أيام عاود الاحتلال عدوانه على أهداف يقال إنها مواقع للنظام ولحلفائه من المليشيات الإيرانية، كان جواب الأسد أن الغارات ستستمر طالما نظامه يُفشل مخططات "الإرهابيين" الذين يحاربهم.



حسم الأسد معادلة استمرار العدوان الاسرائيلي على سوريا، وعدم الرد عليه منذ زمن بعيد، مع إدراك السوريين وعدوهم الإسرائيلي بهذا الحسم، فيما مهزلة النظام في تكرار أسباب العدوان بأن جيشه يحقق انتصارات على الأرض، وأدت لقتل مليون سوري وتهجير نصف الشعب، وأعادت سوريا وشعبها تحت خط الفقر والتدمير الممنهج لعقود طويلة قادمة.. "الغارات ستستمر لأن إسرائيل عدو"، هكذا أضاف الأسد، ولأنه عدو فإن النظام يفضل وصف جيشه "الآن" بأنه في حالة حرب ليس مع العدو الاسرائيلي إنما مع الشعب السوري.

لم يكذب الأسد في تحديد عدوه وأولوياته، وسلوك النظام طيلة خمسة عقود وتعريته بالثورة السورية من مسألة "المقاومة والممانعة"، حيث أسقطت كل ذرائعه وحديثه النازل على مسامع السوريين والعرب بمهزلة اجترار أجوبة فقدانه جرأة الرد على العدو المحتل لأرضٍ سورية منذ 55 عاما ويكرر اعتداءاته على السيادة السورية
لم يكذب الأسد في تحديد عدوه وأولوياته، وسلوك النظام طيلة خمسة عقود وتعريته بالثورة السورية من مسألة "المقاومة والممانعة"، حيث أسقطت كل ذرائعه وحديثه النازل على مسامع السوريين والعرب بمهزلة اجترار أجوبة فقدانه جرأة الرد على العدو المحتل لأرضٍ سورية منذ 55 عاما ويكرر اعتداءاته على السيادة السورية.

تعايش النظام مع الغارات الإسرائيلية، نابع من إدراك عدم استهدافه وإضعاف بنيته الأمنية الباطشة والمحققة لـ"انتصاراتها" على الشعب السوري، وهي تؤمن له بروباغندا موجهة لحاضنته المتهالكة تحت وقع أزمات كثيرة من الإفقار الى السحق الأمني.. هذا التعايش وهذه الرسائل التي يعرفها الاحتلال من مواقف وسلوك النظام تعني أن لا خطط لديه ولجيشه ولمؤسسته الأمنية للرد على الغارات ومواجهة العدو، فكل الخطط التي يكشف النظام عنها هي لسير وحداته العسكرية وأرتاله المتجهة للشمال والجنوب، مع خطط حلفائه على الأرض من الإيرانيين والروس، فهم مشغولون بضرب ما تبقى من حواضر وأرياف المدن السورية ونهب أملاك السوريين، لأن استعانة الأسد بحلفائه تم لغرض بعيد كلياً عن مقاومة العدو ومخططاته وكنس الاحتلال عن الأرض، بل لمعاقبة الشعب عن ذنب اقترفه بالتطلع للحرية والكرامة والمواطنة، وتلك قصة لها وقائع وشواهد كثيرة وطافحة بمخازٍ وعارٍ لم تعد أية شعارات تنفع لرقع اهترائها.

استحضار نظام بشار الأسد لمنادب يقيمها بنفسه مع إعلام محوره، بعد كل غارة إسرائيلية، وربط العدوان ومخططات الاحتلال مع ما يجري في سوريا لتبرير استخدام النظام لآلته القمعية واستعانته بقوتي احتلال روسي وإيراني لتمكينه من إعادة بسط سيطرته، واعتبار السيطرة نجاحاً، يعني في نهاية الأمر أن الإرباك والمأزق الذي غرق فيه النظام وحلفاؤه لا نجاة منه، إلا في حالة واحدة تحدث عنها الأسد نفسه، إذا استطاع إعادة بسط سيطرته وقمعه، عندها تتوقف غارات الاحتلال الاسرائيلي.

استباحة الجغرافيا السورية بالعدوان الإسرائيلي ستتواصل، ليس لأن إسرائيل عدو فقط، بل لأن في سوريا نظاما يتبادل استثماراته في بنك أهداف "صهيوني"، بوجوده وسلوكه وبنيته الحاكمة، لمحو ذاكرة جماعية أثبتت دوماً أنها قادرة على العطاء ومقاومة المحتل والطاغية، وهي مدركة أن الثمن باهظ لا محالة. وما خلّفه هذا السلوك يحقق رغبات صهيونية
لن يغفر التاريخ لنظامٍ فرّطَ بأرضه وسيادته وارتكب مذابح وجرائم بحق الشعب السوري، لصالح بقائه في كرسي الحكم، ولأجل الأخير قايض وجود الاحتلال وعدوانه بهذه المعادلة الممسك بها كثير من الطغاة في المنطقة العربية، لكن يبقى النموذج هو نظام الأسد من الأب للابن في سوريا، بقمع وقتل روح مقاومة الاحتلال والرد عليه بإشاعة القمع والقهر وسحق الحريات وقتل المواطنة، ثم إحداث التدمير الشامل للمجتمع، والإتيان بادعاء أكاذيب وتلفيقات وتبريرات ومزاعم الرد على العدوان التي كانت بزمان ومكان مناسبين ثم انخفضت لبيان تصدي الدفاعات الجوية إلى الإقرار باستمرار الغارات، وقد أصبحت "اعتيادية" وشبه أسبوعية ومكثفة وبتنسيق مع الحليف الروسي؛ داعم وجود وبقاء الأسد.

استباحة الجغرافيا السورية بالعدوان الإسرائيلي ستتواصل، ليس لأن إسرائيل عدو فقط، بل لأن في سوريا نظاما يتبادل استثماراته في بنك أهداف "صهيوني"، بوجوده وسلوكه وبنيته الحاكمة، لمحو ذاكرة جماعية أثبتت دوماً أنها قادرة على العطاء ومقاومة المحتل والطاغية، وهي مدركة أن الثمن باهظ لا محالة. وما خلّفه هذا السلوك يحقق رغبات صهيونية إن كان في التحطيم والقمع الشامل، أو في المآلات المفجعة لقضيا الحرية والتحرر والمواطنة ومواجهة الاحتلال في سوريا.

وما نود قوله أخيراً، أن غارات الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه على سوريا ما كان له أن يحقق أهدافه ويمتلك مقومات نجاحها واتساعها لولا سياسة الذل واليأس التي يسعى النظام مع الاحتلال لتكريسها في واقعٍ عربي.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد الغارات الإسرائيلية سوريا القمعية سوريا الأسد إسرائيل قمع مجازر مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على سوریا فی سوریا

إقرأ أيضاً:

باحثان أميركيان: هل تتجه إسرائيل وتركيا نحو التصادم في سوريا؟

نشرت مجلة فورين أفيرز الأميركية مقالا لاثنين من الباحثين عن طبيعة التنافس بين إسرائيل وتركيا ومحاولاتهما التأثير على النظام الجديد في سوريا بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وعمّا إذا كانتا تتجهان نحو التصادم لانتزاع النفوذ هناك.

واستهل مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط بمعهد واشنطن، ديفيد ماكوفسكي، والباحثة المساعدة في المعهد نفسه سيمون سعيد مهر، مقالهما المشترك بالتذكير، أن النظام الجديد في دمشق ورث بلدا دمرته الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاما، وتولى الزعيم أحمد الشرع قيادة بلاده، في حين تأمل القوى الأجنبية في توجيه سياساته.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع إيطالي: أميركا توافق على بيع برنامج تجسس بحري للهندlist 2 of 2فايننشال تايمز: صمت الغرب عن غزة مخزend of list

ومن تلك القوى -كما يقول الكاتبان- دولتان مجاورتان لسوريا، هما إسرائيل وتركيا، اللتان تستغلان الفراغ في السلطة لترسيخ أقدامهما هناك، وقد بدأتا فعلا في "التناطح".

وتريد تركيا مزيدا من النفوذ في سوريا حتى تتمكن من القضاء على أي أمل للأكراد في الحكم الذاتي، بينما ترغب إسرائيل في أن يكون لها، هي الأخرى، نفوذ مماثل، طبقا للمقال.

وعلى الرغم من أن تل أبيب وقعت اتفاقية فك الاشتباك مع سوريا بوساطة أميركية في عام 1974 عقب حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، إلا أن نظام الأسد المخلوع تحالف تحالفا وثيقا في العقود الأخيرة مع إيران، خصم إسرائيل اللدود.

إعلان تهافت إسرائيلي

ونظرا إلى هذا العداء المستمر منذ عقود، رأى القادة الإسرائيليون في الإطاحة بنظام الأسد مكسبا إستراتيجيا غير متوقع، وهم اليوم يتهافتون على الاستفادة من ذلك بإقامة منطقة عازلة ومناطق نفوذ غير رسمية في جنوب سوريا، وذلك لشعورهم بالقلق من الوجود التركي وخشيتهم من أن تشجع أنقرة النظام السوري الجديد على إيواء المسلحين المناهضين لإسرائيل، وفق تقدير ماكوفسكي وسيمون.

ولتركيا تاريخ من العداء لإسرائيل، وعلى الرغم مما ينتاب إسرائيل من مخاوف على أمنها، إلا أن الكاتبين ينصحانها، أن تبذل ما في وسعها لتجنب المواجهة العسكرية مع تركيا، وأن تحرص على ألا تضحي بعلاقتها مع أنقرة بتبني موقف عسكري متشدد في سوريا، خاصة وأن سمعتها الدولية "في الحضيض" بسبب حروبها في المنطقة، وأن آخر ما تحتاجه هو عدو جديد.

ولا تقف مخاوف إسرائيل عند هذا الحد. فالمقال يشير إلى أن أكثر ما تخاف منه تل أبيب هو أن تبرم أنقرة اتفاقا دفاعيا مع سوريا من شأنه أن يزيد نفوذها -الذي يتركز حاليا في الشمال- ليشمل بقية أنحاء البلاد.

ووفق المقال، فقد ظهرت مدرستان فكريتان متنافستان في إسرائيل عن كيفية إدارة العلاقات مع النظام السوري الجديد، حيث تضم المجموعة الأولى مسؤولين إسرائيليين ممن كانوا يعتقدون أنه على إسرائيل أن تحاول العمل مع الشرع قبل أن تعتبره عدوا.

وعلى الجانب الآخر، هناك مجموعة من المسؤولين ترى أنه من غير المرجح أن تنشأ حكومة سورية معتدلة ومركزية بقيادة إسلامية سنية، ومن ثم فإن على إسرائيل أن تهيئ نفسها للعداء بإقامة مناطق نفوذ غير رسمية.

الخوف من تكرار طوفان الأقصى

ومن وجهة نظر كاتبي المقال، فإن أحد دوافع إسرائيل من التوغل داخل سوريا وإقامة مناطق عازلة هناك، هو رغبتها في تفادي تكرار الأخطاء التي بلغت ذروتها في الهجمات المدمرة التي وقعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إعلان

ومما يخشاه الإسرائيليون أيضا، أن يغيّر الشرع لهجته المهادنة بعد أن تتحسن أوضاع بلاده الاقتصادية المتردية. ومع ذلك، فإن ماكوفسكي وزميلته ينصحان المسؤولين في دولة الاحتلال بضرورة أن يوازنوا بين الاعتبارات الأمنية والإستراتيجية طويلة الأمد.

ويعتبر المقال أن علاقة إسرائيل بالحكومة السورية الجديدة أمر بالغ الأهمية، ولكن الأكثر إلحاحا -في رأي ماكوفسكي وسيمون- هو علاقتها بتركيا، وذلك لأن كلا البلدين حليف للولايات المتحدة ولديهما قدرات عسكرية قوية.

صياغة نظام إقليمي جديد

وشدد الباحثان على ضرورة أن يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إثناء أردوغان عن نشر منظومات الدفاع الجوية في سوريا، وأن يساعد إسرائيل وتركيا على إيجاد السبل الكفيلة بتجنب الدخول في نزاع بينهما، وأن يتعاونا معا لمواجهة النفوذ الإيراني وتهريب الأسلحة.

ودعا الاثنان إسرائيل إلى استخدام قنواتها العسكرية والاستخبارية للتواصل مع تركيا وقنواتها الخلفية للتحدث إلى السوريين.

ويخلص ماكوفسكي وزميلته في مقالهما إلى أن النظام الجديد في سوريا لم يرسخ أقدامه بعد، وأن مواقفه السياسية تبدو مرنة حتى الآن.

ويختتمان: "على إسرائيل وتركيا أن تسعيا، بعد إضعاف عدوّهما المشترك، إيران إلى صياغة نظام إقليمي جديد يفيد الطرفين ويجنبهما التصادم".

مقالات مشابهة

  • إرث الطائفية.. سلاح يهدد مساعي السوريين لبناء دولتهم
  • مراقب إخوان سوريا علي البيانوني الأسبق يروي تفاصيل تجربته في سجون الأسد
  • رويترز: واشنطن توافق على التمويل القطري للرواتب في سوريا
  • الرئيس ماكرون: اعتداءات إسرائيل على الأراضي السورية ممارسة سيئة وانتهاك لسيادة ووحدة سوريا
  • الرئيس الشرع: سوريا ليست على هامش الخريطة اليوم واقتصادها مرتبط بالاقتصاد العالمي ويجب رفع العقوبات المفروضة عليها جراء ممارسات النظام البائد وليس هناك أي مبرر لبقائها لأنها ستكون عقوبات على الشعب
  • الشرع يلتقي في باريس قيصر الشاهد على جرائم نظام الأسد
  • باحثان أميركيان: هل تتجه إسرائيل وتركيا نحو التصادم في سوريا؟
  • سوريا ومحاولات الخروج من النفق المظلم.. والأطراف الرافضة لذلك!
  • السلطات السورية تقبض على طبيب متهم بقتل وتعذيب المعتقلين في عهد الأسد
  • سوريا بعد الأسد.. هل تتحول ساحة الصراع إلى مواجهة تركية-إسرائيلية؟