لجريدة عمان:
2025-08-16@15:28:12 GMT

تجاهل الديمقراطيون غزة فأسقطوا حزبهم

تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT

ترجمة - أحمد شافعي -

خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، كان الصحفـيون الذين يحاولون تقدير الأثر الانتخابي لحرب إسرائيل فـي غزة كثيرا ما يركزون على الناخبين العرب والمسلمين، وبخاصة فـي ولاية ميشيجن -وذلك مفهوم- ففـي مدينة ديبون ذات الأغلبية العربية الأمريكية بالولاية التي دعمت جو بايدن فـي عام 2020، تشير النتائج إلى أن دونالد ترامب تفوق على هاريس بقرابة ست نقاط مئوية.

غير أن النظر إلى تداعيات غزة السياسية من خلال عدسة الهوية وحدها يهمل شيئا أساسيا. فعلى مدار السنة الماضية، كان ذبح إسرائيل للفلسطينيين وتجويعها لهم ـ بتمويل من دافعي الضرائب الأمريكيين وبث مباشر على وسائل التواصل الاجتماعي ـ قد أدى إلى إحدى أعظم موجات النشاط التقدمي على مدى جيل كامل. فكثير من الأمريكيين الذين هبوا للعمل بسبب تواطؤ حكومتهم فـي تدمير غزة لم يكن لهم رابط شخصي بفلسطين أو بإسرائيل. وشأن كثير من الأمريكيين الذين احتجوا من قبل على نظام الفصل العنصري فـي جنوب إفريقيا أو على حرب فـيتنام، لم يكن دافعهم عرقيا أو دينيا وإنما كان أخلاقيا.

واحتدم الغضب بصفة خاصة فـي أوساط الأمريكيين السود والشباب. ففـي ربيع هذا العام، رأينا أن عدد المخيمات التي أقيمت تضامنا مع الشعب الفلسطيني تجاوز مائة كلية. وفـي فبراير، وصف مجلس أساقفة الكنيسة الأسقفـية الميثودية الإفريقية، وهي واحدة من أبرز الجماعات السوداء فـي البلاد، الحرب فـي غزة بأنها «إبادة جماعية» وطالب إدارة بايدن-هاريس بالتوقف عن تمويلها. وفـي يونيو حثت الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين على إيقاف شحنات السلاح أيضا. وتبين لاستطلاع رأي أجرته شبكة «سي بي إس» فـي يونيو أنه فـي حين أيد معظم الناخبين الذين تزيد أعمارهم عن خمسة وستين عاما مبيعات الأسلحة لإسرائيل، عارضها الناخبون الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاما بنسبة تزيد عن ثلاثة إلى واحد. وبينما فضل 56% فقط من الناخبين البيض قطع الأسلحة، كانت النسبة بين الناخبين السود 75%.

قد تفسر أرقام استطلاعات رأي ما قبل الانتخابات بعض الذي رأيناه فـي ليلة الثلاثاء. فكامالا هاريس أصغر فـي السن من جو بايدن بكثير. ولكن أوائل استطلاعات رأي الخارجين من التصويت مما أجرته شبكة «سي إن إن»، وصحيفة واشنطن بوست، وفوكس نيوز، ووكالة أسوشيتد برس - تشير إلى أنها عانت من انخفاض حاد بين الناخبين الذين تقل أعمارهم عن تسعة وعشرين عاما مقارنة بنتيجة الرئيس بايدن فـي عام 2020. وهاريس سوداء، ومع ذلك، وفقا لشبكة «سي إن إن» وصحيفة واشنطن بوست، فقد كان أداؤها أسوأ قليلا من أداء الرئيس بايدن بين الناخبين السود. ويشير أحد استطلاعات رأي الخارجين من التصويت من فوكس نيوز ووكالة أسوشيتد برس، إلى أنها كانت أسوأ بكثير.

من المؤكد أن الكثير من الناخبين الشباب والسود كانوا غير راضين عن الاقتصاد. وربما انجذب بعضهم إلى رسالة ترامب المتعلقة بالهجرة. وربما عزف آخرون عن التصويت لامرأة. ولكن هذه الديناميكيات الواسعة لا تطرح تفسيرا كاملا لضعف أداء هاريس، لأنها فـي ما يبدو فقدت أرضية أقل بكثير بين الناخبين الأكبر سنا والبيض فحصتها من الناخبين البيض تعادل حصة الرئيس بايدن. وبين الناخبين الذين تزيد أعمارهم على خمسة وستين عاما، اكتسبت أرضا بالفعل.

وهو ما يعيدنا إلى دعم هاريس لحرب إسرائيل فـي غزة.

برغم الأدلة الساحقة على أن أكثر ناخبي الحزب الديمقراطي تفانيا أرادوا إيقاف مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، استمرت إدارة بايدن فـي إرسال الأسلحة، حتى بعد أن وسع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرب إلى لبنان. ولم يقتصر أمر هاريس على أنها لم تنفصل عن سياسة الرئيس بايدن، بل لقد بذلت جهدا لإشعار الناخبين المهتمين بحقوق الفلسطينيين أنهم ليسوا موضع ترحيب. فعندما قاطع ناشطون مناهضون للحرب خطابا لها فـي أغسطس، قالت هاريس بحدة: «إذا كنتم تريدون فوز دونالد ترامب، فقولوا ذلك». وفـي المؤتمر الوطني الديمقراطي، رفضت حملتها نداء من الناشطين للسماح لأمريكي فلسطيني بالتحدث على المنصة الرئيسية. وقبل أيام قليلة من الانتخابات، قال بيل كلينتون وكيل هاريس لحشد فـي ميشيجان إن حماس أرغمت إسرائيل على قتل المدنيين الفلسطينيين باستعمالها لهم دروعا بشرية.

أتاح ذلك كله فرصة لترامب. فوفقا لصحيفة التايمز، تبين لحملة ترامب أن الناخبين المترددين فـي الولايات المتأرجحة كانوا أرجح احتمالا بنحو ستة أمثال لأن يكونوا مدفوعين بالحرب فـي غزة بالمقارنة بالناخبين الآخرين فـي الولايات المتأرجحة. وقد استمالهم ترامب. وتعهد بمساعدة «الشرق الأوسط على العودة إلى السلام الحقيقي» وانتقد النائبة الجمهورية السابقة ليز تشيني التي اختارتها هاريس فـي حملتها، ووصفها بأنها من «صقور الحرب المتطرفـين». ومثل ريتشارد نيكسون، الذي لقي قبولا لدى الناخبين المناهضين للحرب فـي عام 1968 بوعده «بنهاية مشرفة للحرب فـي فـيتنام»، صوّر ترامب نفسه ـ مهما افتقر التصوير إلى الصدق ـ باعتباره مرشح السلام. منذ أشهر الآن، كان المعلقون المقربون من حركة حقوق الفلسطينيين يخشون هذا السيناريو بالضبط. ففـي أغسطس، حذر المحلل الفلسطيني الأمريكي يوسف منير من أنه «ما لم تتخذ هاريس خطوات للانفصال عن سياسة بايدن تجاه إسرائيل، فإن القضية التي ساعدت فـي إضعاف جو بايدن الضعيف بالفعل لدى قاعدته ستكون هي نفسها القضية التي قد تضع عقبات كبيرة فـي طريق هاريس إلى النصر».

ولكن المتحمسين لحقوق الفلسطينيين نادرا ما يشغلون مناصب مؤثرة فـي الحملات الديمقراطية. فعلى مدى عقود من الزمان، تعامل ساسة الحزب ونشطاؤه مع النضال من أجل الحرية الفلسطينية باعتباره من جملة المحرمات. ودرجوا على عزله عن التزامهم المعلن بحقوق الإنسان، حتى فـي خضم ما يسميه باحثون بارزون (إبادة جماعية)، رأت هاريس أن الحكمة تقتضي أن تخوض الحملة مع تشيني بدلا من نائبة مثل رشيدة طليب. وبرغم الأدلة الساحقة، لم تستطع حملتها أن ترى أن الناخبين التقدميين ما عادوا يتقبلون استثناء فلسطين.

ما من طريق للمضي قدما إلا طريق واحد. وبرغم أن الأمر سوف يتطلب شجارا شرسا داخل الحزب، فإن الديمقراطيين - الذين يزعمون احترام المساواة بين البشر والقانون الدولي - يجب أن يبدأوا فـي المواءمة بين سياساتهم بشأن إسرائيل وفلسطين وبين هذه المبادئ الأعم. وفـي هذا العصر الجديد، الذي أصبح فـيه دعم الحرية الفلسطينية محوريا بالنسبة لما يعنيه أن يكون المرء تقدميا، فإن الاستثناء الفلسطيني ليس فقط غير أخلاقي، بل إنه كارثي من الناحية السياسية.

لقد كان الفلسطينيون فـي غزة وخارجها، لفترة طويلة، هم الذين يدفعون ثمن هذا الاستثناء من حياتهم. والآن يدفع الأمريكيون الثمن أيضا. وقد يكلفنا الثمن حريتنا.

بيتر بينارت من كتاب الرأي فـي نيويورك تايمز وأستاذ بمدرسة نيومارك للصحافة فـي جامعة مدينة نيويورك ومحرر فـي مجلة (جويش كارانتس).

خدمة نيويورك تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بین الناخبین الرئیس بایدن فـی غزة

إقرأ أيضاً:

مسؤولان سابقان في إدارة بايدن: الجيش الإسرائيلي لم يقدّم أدلة على أن حماس تستولي على المساعدات

أكد مسؤولان سابقان في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، جاك لو وديفيد ساترفيلد، في مقال مشترك نشرته مجلة "فورين أفيرز"، أن كلاً من الجيش الإسرائيلي والأمم المتحدة لم يقدّما أي أدلة، أن حركة حماس تستولي على المساعدات الممولة من الولايات المتحدة. اعلان

كشف مسؤولان بارزان سابقان في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن الجيش الإسرائيلي لم يقدّم لهما في أي وقت أدلة، أو حتى ادّعى بشكل غير علني، أن حركة حماس كانت تستولي بشكل مباشر على المساعدات الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة.

وأوضح جاك لو، الذي شغل منصب السفير الأميركي لدى إسرائيل، وديفيد ساترفيلد، الذي عمل مبعوثاً أميركياً لشؤون القضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، في مقال مشترك نُشر في مجلة "فورين أفيرز"، أن "لا الجيش الإسرائيلي ولا الأمم المتحدة قد شاركا معنا أدلة أو ادعوا لنا في الجلسات الخاصة أن حماس كانت تستولي جسدياً على السلع الممولة من الولايات المتحدة والمقدمة عبر برنامج الأغذية العالمي أو المنظمات الدولية غير الحكومية".

وأضاف المسؤولان: "لم يكن هناك أي دليل على استيلاء كبير من جانب حماس على أي مساعدات رئيسية ممولة من الأمم المتحدة أو منظمات غير حكومية".

ادعاءات لتبرير إنشاء مؤسسة إنسانية

في المقابل، أصرت إسرائيل على عكس ذلك، واستخدمت مزاعم "الاستيلاء الواسع والمنهجي" من قبل حماس كمبرر لإنشاء "المؤسسة الإنسانية لغزة" المثيرة للجدل في أيار/مايو الماضي.

وقدمت إسرائيل أدلة وصفت بأنها "قصصية"، تضمنت مقاطع فيديو لمسلحين تقول إنهم عناصر من حماس استولوا على شاحنات مساعدات. غير أن صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت الشهر الماضي عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين كبيرين قولهما إن حماس تقوم بسرقة بعض المساعدات، لكن لا يوجد دليل على أنها مشكلة ممنهجة.

ووصلت إلى النتيجة نفسها دراسة داخلية صادرة في حزيران/يونيو عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، غير أن بعض المعيّنين السياسيين في وزارة الخارجية الأميركية عارضوا هذه الدراسة بعدما تسربت إلى الإعلام. صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلت عن مصدر مطلع أن هؤلاء المسؤولين الأميركيين اعتمدوا على معلومات قدمها لهم الإسرائيليون.

لو وساترفيلد: حماس فرضت ضرائب وابتزت المساعدات

وأوضح لو وساترفيلد أن "حماس وجدت طرقاً لفرض الضرائب والابتزاز، وبدرجة معينة الاستيلاء على المساعدات، بما في ذلك المساعدات القادمة من مصر التي تولت إدارتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني"، وهو ما سبق أن أشار إليه ساترفيلد في مقابلة مع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الشهر الماضي.

وأشارا إلى أنه خلال السنة الأولى من الحرب، سمحت إسرائيل لعناصر الشرطة التابعة لحماس بتأمين قوافل المساعدات لمنع اللصوص من نهب الشاحنات، لكنها خلصت في كانون الثاني/يناير 2024 إلى أن الحركة استغلت هذا الدور للحفاظ على سيطرتها، وبدأت باستهداف عناصرها، ما أدى إلى صعود عصابات إجرامية وعمليات نهب.

وبين التقرير أن إسرائيل لجأت بدايةً إلى التعاقد مع شركات خاصة لتأمين القوافل، لكنها اكتشفت لاحقاً أن هذه الشركات تعمل أيضاً مع حماس والعصابات، فأنهت هذا الترتيب.

Related الأمم المتحدة: 1760 قتيلاً في غزة أثناء انتظار المساعدات والكارثة الإنسانية تتفاقم31 قتيلاً في 24 ساعة.. تشييع فلسطينيين قتلوا خلال انتظارهم المساعدات في غزةغزة تسجل 4 وفيات جديدة بسبب الجوع و100 منظمة دولية تتهم إسرائيل بعرقلة طلبات إدخال المساعدات نتنياهو طلب إنشاء رصيف بحري لغزة

كما كشف المسؤولان أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو من طلب من الرئيس الأميركي جو بايدن إنشاء رصيف بحري مؤقت قبالة سواحل غزة للمساعدة في إيصال المساعدات، في وقت كانت تُنظر فيه إلى المشروع على أنه مبادرة أميركية خالصة.

ورغم أن لو وساترفيلد أشارا إلى أن الرصيف ساهم في إطعام نحو 450 ألف فلسطيني في غزة، إلا أنه اعتُبر فشلاً باهظ التكلفة بعدما انهار عدة مرات وأُغلق نهائياً بعد أقل من شهر على تشغيله.

ومع ذلك، أوضحا أن إسرائيل وافقت في المقابل على فتح ميناء أشدود أمام تدفق المساعدات، وهو تنازل بقي قائماً حتى بعد توقف عمل الرصيف العائم.

دور غالانت في تسهيل دخول المساعدات

وتحدث لو وساترفيلد أيضاً عن الدور المحوري لوزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، الذي اعتُبر قناة أساسية اعتمدت عليها واشنطن لتوسيع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، متجاوزاً معارضة شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتطرف.

وساعد غالانت على إقناع بقية الحكومة بالسماح بدخول المساعدات مباشرة من إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم في مطلع 2024، بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة.

ورأى لو وساترفيلد أن المتابعة الدقيقة للوضع الإنساني على أعلى المستويات في الإدارة الأميركية ساعدت على تجنب المجاعة الجماعية التي تحذر منها الآن منظمات الإغاثة في غزة، مشيرين إلى أن "حتى بايدن كان يتابع يومياً عدد الشاحنات".

لكن المسؤولين السابقين أضافا أن "إدارة جديدة في واشنطن كانت في ذلك الوقت أقل انخراطاً في تفاصيل إيصال المساعدات، وبدأت بتفكيك بنية المساعدات الأميركية على مستوى العالم".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • حادث وادي الحراش.. نداء للمواطنين الذين ساهموا بعمليات الإنقاذ
  • مسؤولان سابقان في إدارة بايدن: الجيش الإسرائيلي لم يقدّم أدلة على أن حماس تستولي على المساعدات
  • صورة الجنود الكولمبيين الذين يحتمون بالمسجد الكبير في الفاشر
  • خصخصة الألم .. تجاهل العلاج وتعطيل القرارات أبرز شكاوى مرضى "هرمل"
  • موظف يمني سابق في السفارة الأمريكية يصاب بجلطة في القاهرة وسط تجاهل لمطالبه
  • دراسة : الأزواج الذين يقضون أوقاتهم في النميمة أكثر سعادة
  • إعلام عبري: ارتفاع أعداد الجنود الإسرائيليين الذين انتحروا منذ بداية العام إلى 18
  • «انتظروا مفاجآت في الأيام القادمة».. مصطفى بكري: الذين يتآمرون من خلف الستار يومهم سيأتي
  • ترمب يلغي أمرا كان أصدره بايدن بشأن المنافسة في الاقتصاد الأميركي
  • الكشف عن سبب تجاهل والدة رونالدو وشقيقتيه أنباء زواجه