فاطمة الرميحي: المهرجانات السينمائية ... صرخة إبداع تقاوم الصمت وتُحيي صوت المهمّشين
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
(عمان): أكدت فاطمة حسن الرميحي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام ومديرة مهرجان أجيال السينمائي 2024، خلال لقاء صحفي على هامش مهرجان أجيال السينمائي 2024، الذي يعقد في الدوحة أن المهرجانات السينمائية أصبحت تمثل منصة للتعبير عن القضايا الإنسانية والاجتماعية في عالم تغلب عليه حالة من الصمت والتجاهل.
وأشارت الرميحي إلى أن المهرجانات السينمائية أصبحت "صوت الناس في عالم يسوده الصمت"، مضيفة أن التزام مؤسسة الدوحة للأفلام يتجاوز حدود الترفيه، حيث تتيح الأفلام المعروضة في المهرجانات فرصة لطرح القضايا المهمة وإحداث تأثير اجتماعي إيجابي. ولفتت إلى أن المهرجان يتميز بمنصة تتيح للجمهور التعبير عن آرائهم بحرية ومناقشة القضايا الإنسانية، وهو أمر نادر في المهرجانات السينمائية الأخرى.
وأكدت فاطمة الرميحي أن مؤسسة الدوحة للأفلام تستعد لحقبة جديدة في 2025 مع مهرجان الدوحة للأفلام، الذي يمثل توسعاً طبيعياً لمهرجان أجيال السينمائي، مع الحفاظ على نفس الرسالة والبرامج. وأوضحت: "ما نتطلع إليه هو المرحلة التالية من المهرجان ومن صناعتنا السينمائية. لقد عملنا على مدار 14 عاماً لإنشاء نظام بيئي حيوي أثبت فعاليته، ونعمل باستمرار على تطويره بما يتماشى مع احتياجات الصناعة الناشئة".
تحدثت الرميحي عن دور الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس الأمناء بمؤسسة الدوحة للأفلام، في دعم المبادرات السينمائية الإبداعية، مشيرة إلى أنها تمثل قوة دافعة لتحويل الأفكار إلى مشاريع مستدامة. وأكدت أن المؤسسة تواصل دعمها للمواهب المحلية من خلال برامج مثل "صنع في قطر"، الذي تطور من كونه منصة لعرض الأفلام المحلية إلى دعم المشاريع التي تُنتج في قطر أو يتم تطويرها فيها.
وأشادت فاطمة الرميحي بفيلم "إلى أبناء الوطن"، الذي أخرجته صانعتا الأفلام القطريتان أمل المفتاح وروضة آل ثاني، مشيرة إلى أنه استغرق أربع سنوات من العمل، وهو مثال حي على ما يمكن تحقيقه عند منح الثقة والدعم للمواهب الإبداعية. وأوضحت أن المؤسسة تعمل حالياً على دعم مشاريع جديدة ضمن برنامج "صنع في قطر"، تحمل قصصاً محلية وعالمية متنوعة.
وأثنت على تجربة نادي أجيال السينمائي في طنجة بالمغرب، مشيرة إلى أن الشراكات الإقليمية جزء أساسي من استراتيجية المؤسسة لتوسيع نطاق تأثيرها وتعزيز التبادل الثقافي. وأكدت أن دعم السينما الفلسطينية يظل ركناً أساسياً من جهود المؤسسة، مشددة على أن ما يتم تقديمه لإبراز أصوات الفلسطينيين للعالم لا يمكن أن يكون كافياً في ظل معاناتهم المستمرة.
وفي سياق التأثير العالمي لمؤسسة الدوحة للأفلام، استشهدت الرميحي بدراسة أجرتها جامعة السوربون أظهرت أن قطر تحتل مركزاً ريادياً في دعم صانعات الأفلام على المستوى العالمي. ولفتت إلى أن نسبة النساء المخرجات في العالم العربي تصل إلى 27% مقارنة بـ 9% فقط في الغرب، مما يثبت أن الفرص الإبداعية في العالم العربي تقدم نموذجاً مختلفاً عن التصورات السائدة.
واختتمت فاطمة الرميحي تصريحها بالتأكيد على أن التأثير الذي تتركه مؤسسة الدوحة للأفلام أصبح عالمياً، وأنها ستواصل العمل لدعم المواهب الإبداعية، خاصة الأصوات غير الممثلة، لتعزيز التنوع والابتكار في عالم السينما.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المهرجانات السینمائیة أجیال السینمائی الدوحة للأفلام إلى أن
إقرأ أيضاً:
في حضرة الكرامة نام الإقليم
هند الحمدانية
تتراقص الصواريخ فوق رؤوسنا
ويضحك القتلة من خلف الستار
نحصي القتلى...
ونحصي عدد القنوات ...
ونسأل: هل الحرب نار..
أم دخانٌ للفُرجة؟
تحفر غزة مجدها بين أنقاضها
ويصعد المقاومون من رحم الحصار
ونتدثر نحن بصمتنا
نبدل القناة...
ونورثُ أبناءنا عار السؤال:
متى نملك القرار؟
في حياة الأمم لحظات تتكشف فيها الحقائق، ويسقط الزيف، وتتجلى أمام النَّاس صورة أوطانهم كما هي، لا كما كانوا يتوهمون، هي هذه الأيام التي تعبث فينا ونحن في أوج هذا الصراع المُتصاعد بين إيران وإسرائيل؛ إذ يبدو فيها الإقليم كمن نُزعت عنه ثيابه فظهر عاريًا من قراره، هشًا يتردد بين الخوف والخذلان، لا يدري أهي حرب حقيقية تُدار من حوله أم مسرحية رُتبت من أجل إرهابه؟! والكارثة ليست في الأحداث ذاتها؛ بل في هذا العجز الذي سكن النفوس حتى صار مألوفًا، وهذا الصمت الذي اتُخِذَ عقيدة وفضيلة.
وإنني لأنظر اليوم في مجريات هذه الحرب التي لطالما توجسنا من اندلاعها، فأرى في كل ضربة وصاروخ رسالة إلى من يتوهمون أنَّ المال حِصن، وأن التحالفات دِرع، فإذا هم عُراةٌ من القوة، مجردون من القرار، يسيرون في ركاب غيرهم، يلعبون دور المُتفرج منتظرين النتيجة ليصفقوا للفائز أو ليواكبوا الغالب.
فما أشد أن يرى العربي وطنه رهينةً، لا يملك من أمره شيئًا إلّا ما يُملى عليه، ولا من قراره سوى ما يُوزَّع عليه من فتات الإرادة، وما أشد على القلب أن تصبح مجرد مُتفرِّج على مسرح يصنعه العدو ويصفق له الجاهل ويُبرِّرُه الخائف الجبان.
لقد باتت بعض دول الإقليم في موقع المُتفرِّج المُرتبك، تتساءل شعوبها في المجالس والدواوين: "هل ما بين إيران وإسرائيل حرب حقيقية، أم مسرحية تتقاسم أدوارها أجهزة الاستخبارات العسكرية؟"، وفي كلا الحالين نحن الخاسر الأكبر، فإن كانت مسرحية فهدفها إخافتنا، وإن كانت حربًا فويلٌ لنا من تداعياتها.
أما المسجد الأقصى.. ذلك الحرم الذي كانت تُشد إليه الرحال، وتسيل من أجله دماء الأولياء والصالحين، فصار اليوم صورة باهتةً في شريط أخبار يمضي كالماء فوق الحجر، لا يحرك في الصدور وجيبًا ولا في الجيوش زحفًا، ولا في القرار روحًا تُبعثر السكون وتُحيي الضمير العربي المُحتضِر.
العجب كل العجب، أن تظل غزة تلك البقعة الصغيرة التي لا تملك من خزائن الأرض شيئًا محاصرةً بين البحر والسياج، تقاتل وحدها عمَّا تبقى من نخوة العرب وتحمل وحدها عبء الكرامة المكسورة، تناضل بما بقي لها من حجارةٍ يتيمة، وتُشيع أبناءها العزل إلى قبورٍ جماعية ضيقة، وتبحث بين شظاياها عن موتٍ يتكرر. في غزة وحدها يحفر الفتية في جوف الأرض أنفاقهم، لا هربًا من الموت؛ بل بحثا عن حياة تليق بأحلامهم، يتنفسون الحصار كأنهم خلقوا لامتحان الصبر، ويقتاتون خيانة الأخ والقريب كمن اعتاد أن يكون وحده في ساحة الخُذلان، ويمضون بأقدامٍ حافية على دربٍ تعلموا أن الشرف فيه لا يُشترى ولا يُورث، هناك تحت الأرض تمسي الحياة سؤالًا عن معنى أن تبقى إنسانًا حين يتنازل الجميع عن إنسانيتهم، وعن سِر الكرامة، حين تُصبح عملةً نادرة في سوق الأوطان.
لقد آنَ أنْ نُقر بحقيقة مُرة، طالما تهربنا من مواجهتها، وهي أنَّ البلدان التي امتلأت خزائنها بالأموال، لم تعرف كيف تُقيم لنفسها كيانًا مُستقلًا يعتمد على سواعد أبنائه، فهُم ما زرعوا قوتهم، ولا أنتجوا دواءهم ولا صنعوا سلاحهم، فأصبحوا ألعوبة في يد من يملكون الغذاء والسلاح والإعلام، يتوهمون أنَّهم آمنون في قصورهم وبيوتهم، وأن ما يحدث من حولهم لن يصل إليهم ما دامت خزائنهم عامرة، وتحالفاتهم قائمة، وعلاقاتهم بالقوى الكبرى وثيقة، ونسوا أو تناسوا أنَّ الأمان لا يصنعه المال ولا تُحققه المعاهدات، ولا تمنحه الابتسامات في اللقاءات الثنائية، إنما الأمان يصنع بأيدٍ تصون الأرض والعرض، وبقلوب لا تخضع إلا لله، وبعقول تملك القرار قبل أن تطلب الإذن.
وإني لأتساءل، كما يتساءل كل من بقيت في صدره نفحةٌ من نخوة وغيرة: ما الذي سوف نتركه للأجيال القادمة وأولادنا من بعدنا، إذا كنَّا الآن لا نملك من أمرنا شيئًا؟ أي عار هذا الذي سنُوَرِّثه لأبنائنا؟! وأي ميراث هذا الذي سيحمله أولادنا على كواهلهم؟! ميراثٌ من الصمت والخوف والانقياد، فنحن قومٌ استطابوا الذُل وتوارثوه، يوصي به الجد لحفيده: أن الزم الصمت ولا تجهر بالحق؛ فالموت في الكلمة، والحياة في التبعية، فأي حياة تلك؟ وأي كرامة؟ وكيف يكون مصير الأبناء في أرض تحكمها يد الأجنبي وتدار فيها الأرزاق والمصالح من وراء البحار، وهل ترضى كرامة إنسان أن يرى أبناءه وأحفاده يكبرون في ظل ذلٍ صنعه آباؤهم بسكوتهم وخوفهم وطاعتهم العمياء؟
إنَّ التاريخ لا يرحم من وقف متفرجًا على اغتصاب أرضه، ولا يعذُر من كان له صوتٌ فصمت، وكان له سلاحٌ فركنه، وكان له قرارٌ فسلمه لغيره.
وغدًا- وإن طال الصمت العربي- سَيُسأَل الجميع: أين كنتم حين سُلب الأقصى وسُفك دم أهل غزة، وتحولت بلادكم إلى ملعبٍ للآخرين؟
فيا عرب، من لا يملك قراره لن يملك مصيره، ومن لا يزرع سيأكل من فُتات موائد الآخرين، ومن لا يُدافع عن عرضه وأرضه، سيأتي عليه زمان يُباع ويُشترى.
وسيبقى المسجد الأقصى يُناديكم، وستبقى غزة تُذكِّركُم أن الشجاعة لا تُقاس بعدد القصور، ولا بعقود النفط، ولا بحجم الاستثمارات؛ بل تُقاس بما يبقى في الأرض بعد أن يذهب المال والجاه، وسيبقى التاريخ شاهدًا على الجميع المقاومين والشجعان والخونة والمُتخاذلين.
رابط مختصر