السياحة الداخلية تكسب الرهان
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
توجَّهتُ كالعادة مع أي إجازة أسبوعية أو مناسبيَّة إلى البلد لقضاء أيامها بين الأهل والأصدقاء وفي أجواء أسرية هادئة بعيدًا عن صخب الحياة ووتيرتها المتناهية في السرعة وضجيج الانشغال، مُستعيدًا الطاقة لبدايةٍ جديدةٍ وبتركيز عالٍ يُساعد على تقديم أفضل أداء وجهد ممكن في العمل.. وأثناء رحلتي- التي تستغرق ساعتين بالعادة- تفاجأت بالعديد من التوقفات في الطريق السريع نتيجةً للزحام الشديد، وكنتُ أظن في البداية أنَّ السبب يعود لوقوع حادث مروري- لا قدر الله- أو نقطة تفتيش على الطريق.
تكررت الوقفات، وفي كل مرة لا أجد سببًا سوى العدد الكبير من السيارات التي تسير في الطريق أو رتل من الشاحنات التي تسببت في تكدس السيارات الكثيرة خلفها، والحقيقة أنَّ عدد السيارات كبير جدًا لدرجة غير معتادة حتى في إجازات الأعياد. وفي طريقي مررت بأحد المواقع السياحية الوطنية الثقافية الحديثة، وذُهِلتُ من عدد السيارات المتوقفة هناك؛ لدرجة أن أصحابها استخدموا الباحات المُحيطة بالمبنى كمواقف من شدة الزحام، وهذه المناظر تبعث على الراحة والسعادة عندما نشاهد هذا النشاط السياحي الداخلي.
صورٌ متعددةٌ نقلتها لنا وسائل التواصل الاجتماعي خلال أيام إجازة العيد الوطني الرابع والخمسين المجيد، مشاهد من كل ولاية تكتظ بالزوار الذين توافدوا لمشاهدة معالم وطنهم والاستمتاع بطبيعتها المتنوعة والخلابة. اكتظت ولاية نزوى وحارتها الشهيرة التي عبرت سمعتها الحدود وصيت سوقها التقليدي وصل مسامع القاصي والداني، وتجمهرت الجموع لمشاهدة (رونات) رمال بدية والاستمتاع برمالها الذهبية ولسعة برودتها وممارسة نشاطات متعددة ومتنوعة فيها، كما امتلأت ثوارة نخل بالجموع التي قدمت لتشاهد روعة المياه الساخنة المنسابة من تحت الجبال والعيون التي تنفجر عذوبة.
في كل محافظة من محافظات الوطن العزيز مناطق سياحية بعضها معروف ومكتشف وبعضها مازال ينتظر، وقبل أسبوعين دعاني أحد الأصدقاء لزيارته في ولاية الخابورة وتوجهنا إلى وادي شافان، لقد أذهلتني تلك الطبيعة الجبلية الساحرة ومنظر المياه التي تنساب وسط الجبال، وقد تغلغلنا إلى عمق المنطقة وأنا في طريقي أتساءل لماذا لم أزر هذه المنطقة من قبل، وهل وحدي الذي لم يكتشف هذا المكان أم هناك غيري ممن لا يعرف ما تختزنه هذه البلاد من أماكن غاية في السحر والجمال؟ وكم من مكان جميل لم نصل له بعد، رغم أني من هواة السياحة الداخلية.
ما شاهدناه في الإجازة الماضية أمر يدعونا للوقوف وقراءة المؤشرات بدقة وتحليل الأرقام التي رصدت، فقد أبلغني زميل لي أنه حاول حجز نزل أو فندق في ولاية نزوى خلال هذه الأيام ولم يجد غرفًا شاغرة، كما إن نسبة الإشغال في الفنادق والشقق والاستراحات في عموم البلاد بلغت أعلى نسب لها، وهذه مؤشرات مُبشِّرة بانتعاش السياحة الداخلية ويجب البناء عليها من أجل تعظيم الاستفادة من القطاع السياحي الذي يعد أحد قاطرات التنويع الاقتصادي ومولداً لفرص العمل التي سوف تساهم في حل قضية الباحثين عن عمل.
يجب أن نعمل على تشجيع السياحة الداخلية من خلال توفير البنية التحتية المناسبة وتوفير الخدمات الأساسية في كل المواقع السياحية، وخلق التنافسية التي تساهم في زيادة العرض وتلبي كمية الطلب المتزايد يومًا بعد يوم، يجب علينا النظر لهذا الملف بشيء من الجدية والحرص على الدفع بالمؤسسات والشركات الناشئة إلى الاستثمار فيه وابتكار المشاريع التي تساهم في تجويد القطاع السياحي وتنهض به، ويجب أن نولي مساءلة الترويج عناية خاصة، حيث إن تنوع البيئات في بلادنا العزيزة يمنحنا فرصة تنويع أشكال السياحة ويجعل السائح قادرًا على اختيار ما يرغب فيه، ولذلك من المهم أن يعرف السائح ما لدينا، وهذه مسؤولية تقع على عاتق المؤسسة المختصة بالسياحة.
لا بُد من تعظيم الاستفادة من القطاع السياحي إن كنا ننشد التنويع الاقتصادي ونرغب في تحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040" وعلينا أن ندرك معنى استثمار الفرص المتاحة واستغلالها بالشكل الأمثل وأن نحول هذا القطاع إلى إحدى ركائز الدخل القومي وأن ندفع به نحو زيادة نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وما شهدناه خلال الأيام الماضية بمثابة مؤشر على إمكانية تحقيق ذلك، إذا ما استطعنا استثمار الفرص المتاحة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل تصبح تركيا مركزاً لصناعة السيارات في أوروبا؟ الأرقام تُجيب
سجل قطاع السيارات التركي أعلى قيمة صادرات في تاريخه خلال الفترة من يناير حتى مايو، حيث بلغت 16 ملياراً و581 مليوناً و107 آلاف دولار. وخلال هذه الفترة، جاءت ألمانيا في صدارة الدول المستوردة بقيمة 2.6 مليار دولار، تلتها فرنسا بـ1.8 مليار دولار، والمملكة المتحدة بـ1.7 مليار دولار، ثم إسبانيا بـ1.5 مليار دولار، وإيطاليا بـ1.3 مليار دولار.
ولا تزال السياسات الحمائية التي تنتهجها الإدارة الأمريكية تمثل مصدراً للغموض على الصعيد العالمي، خاصة في ظل تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أشار الأسبوع الماضي إلى أنه فرض رسوماً جمركية بنسبة 25% على السيارات المستوردة لحماية العاملين في القطاع داخل بلاده، مؤكداً أن هذه الخطوة ساهمت في زيادة الاستثمارات والإنتاج داخل الولايات المتحدة. وأضاف ترامب أنه قد يرفع هذه الرسوم في المستقبل القريب قائلاً: “كلما ارتفعت الرسوم، زادت احتمالية إنشاء مصنع هنا.”
وفي ظل هذه التطورات، يبرز صعود قطاع السيارات التركي بوضوح. ووفقاً لبيانات مجلس المصدرين الأتراك (TİM)، حقق القطاع رقماً قياسياً في صادراته خلال الفترة من يناير إلى مايو من العام الحالي، بلغت قيمتها 16 ملياراً و581 مليوناً و107 آلاف دولار.
وقد سجلت صادرات قطاع السيارات خلال هذه الفترة زيادة بنسبة 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وشكلت 17.2% من إجمالي صادرات تركيا.
وبلغ إجمالي صادرات تركيا خلال نفس الفترة 110 مليارات و947 مليوناً و201 ألف دولار، بزيادة سنوية قدرها 3.5%. كما سجلت صادرات شهر مايو وحده ارتفاعاً بنسبة 2.7% لتصل إلى 24 ملياراً و834.2 مليون دولار.
– ألمانيا في الصدارة
احتلت ألمانيا المرتبة الأولى بين الدول المستوردة للسيارات التركية خلال الفترة من يناير إلى مايو بقيمة 2.6 مليار دولار، تلتها فرنسا بـ1.8 مليار دولار، ثم المملكة المتحدة بـ1.7 مليار دولار، وإسبانيا بـ1.5 مليار دولار، وإيطاليا بـ1.3 مليار دولار.
كما تصدرت ألمانيا قائمة الدول التي شهدت أكبر زيادة في قيمة الواردات من السيارات التركية، حيث ارتفعت صادرات القطاع إليها بمقدار 528.9 مليون دولار. وتلتها إسبانيا بزيادة قدرها 460.8 مليون دولار، وسلوفينيا بـ354.6 مليون دولار، ورومانيا بـ178.1 مليون دولار، وبلجيكا بـ149.6 مليون دولار.
اقرأ أيضاتحذير إيراني صارم لأميركا: تجاوز الخط الأحمر يعني الرد بلا…
الأربعاء 18 يونيو 2025وبلغت صادرات السيارات إلى سلوفينيا 913.1 مليون دولار، وإلى رومانيا 601.7 مليون دولار، وإلى بلجيكا 699.8 مليون دولار.