بغداد اليوم - واشنطن

أكد عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي مهدي عفيفي، اليوم الأربعاء (11 كانون الأول 2024)، أن ما يحدث الان في المنطقة هو إعادة رسم لخارطة الشرق الأوسط والتوازنات.

وقال عفيفي في حديث لـ "بغداد اليوم"، "بواقعية شديدة، الولايات المتحدة الامريكية كدولة عظمى لديها اهتمام خاص بمناطق الشرق الأوسط وفي جميع انحاء العالم وهي دائما على تواصل مع جميع الأطراف لان المصلحة العامة تقتضي بان يكون هناك تواصل حتى مع الأطراف المعادية للولايات المتحدة الامريكية"، مبينا ان "تعامل واشنطن مع من كانت تسميهم إرهابيين هو ما اسميه البراغماتية حيث سبق لها في أفغانستان ان تعاملت مع طالبان الذين كانوا اعدائها بعد تسلمهم الحكم في أفغانستان".

وأضاف ان "التعامل مع الامر الواقع هو يعني خصائص النظام  الامريكي سواء كان ديمقراطيا او جمهوريا على اعتبار انهما لا يختلفان بالقضايا المصيرية الا في بعض التفاصيل الصغيرة جدا لكن في الخطوط العريضة هي ترسم منذ  عقود طويلة"، لافتا الى انه "من الطبيعي  ان يكون هنالك دور من الولايات الامريكية في دعم إسرائيل وهو ما رأيناه من دعم  اعمى لها في احتلالها وضربها غزة والجنوب  اللبناني والفصائل في العراق وسوريا"، مشددا على أن "ما يحدث الان هو إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط وإعادة التوازنات حتى يكون هناك إعادة لما كان يسمى من الاتفاقات الابراهيمية  وما نراه في سوريا اكبر دليل على ما يمكن ان يحدث".

وتابع: "رأينا انسحاب  ايران بشكل كبير من اي معادلة في سوريا بل على العكس  بالأمس كان هناك  يعني تأييد إيراني لما يسمى باختيار الشعب السوري والدول الأخرى مثل روسيا رفعت دعمها التي رفعت دعمها عن نظام بشار الأسد  وهي الان  تحاول ان تتواصل مع  المجموعات الجديدة القديمة في سوريا "، مشيرا الى ان "إسرائيل استغلت الفرصة وقامت بالفعل بتدمير كل  ما يملكه  الجيش السوري سواء كان في القطع البحرية او الطائرات او الذخائر بحيث لا تستطيع سوريا في اي وقت من الأوقات بالوقت القريب من ان تمثل تهديدا لاسرائيل كما تزعم".

واكد ان "الوضع حاليا هو محاولة تحييد سوريا بالكامل وتركها فيما يحدث داخليا"، منوها الى انه "بحال لم تكن واشنطن موافقة ضمنيا او على دراية بما حصل في سوريا لما راينا التواجد الامريكي في سوريا خلال الاحداث وتاييد جبهة تحرير الشام، كما رأينا ان الدول الاوروبية وعلى رأسها بريطانيا تقول انها بصدد رفع  جبهة تحرير الشام وبعض الفصائل الاخرى من قوائم الارهاب".

وبين ان "الولايات المتحدة الامريكية ستنظر في خلال الأشهر القادمة ماذا سيحدث على ارض الواقع وكما قال وزير خارجيتها الحالي انتوني بلينكين نحن نراقب ما يحدث في سوريا وسيتم معه البناء على معطيات الواقع السوري"، مشددا على ان "أمريكا ليست بسيطة فلديها من الأقمار الصناعية والأجهزة التي تستطيع ان تعرف بها ما يحدث على ارض الواقع بالضبط ولديها أيضا المخابرات الامريكية او الاذرع الامريكية مثل إسرائيل".

وبشان حديث قائد الثورة الإيراني علي خامنئي بشان تورط واشنطن وتل ابيب في احداث سوريا، أكد عفيفي أن "كلام خامنئي فيه شيء من الصحة وكما ذكرت ان الإدارة الامريكية لا يخفى عليها ما يحدث واعتقد ان هناك نوع من الموافقة او التنسيق بشكل ما حتى ولو بطريقة غير مباشرة"، مشددا على أنه "بعد  الدروس التي تعلمتها الولايات المتحدة الامريكية اعتقد ان تكرار سيناريو احداث 2014 سيكون  بعيد المنال وان الولايات المتحدة الامريكية لا تريد خاصة تحت الإدارة الامريكية الجديدة الزج نفسها في اي صراعات او حروب أخرى بل هناك تأكيد على محاولة  التركيز على المصلحة الامريكية الداخلية اولا وعلى القوى المنافسة الحقيقية للولايات المتحدة الامريكية مثل الصين وروسيا ".

وشدد عفيفي على أن "الولايات المتحدة الامريكية تعتبر العراق حليفا طالما هناك التزام بالاتفاقات التوافقات الامريكية العراقية"، منوها إلى أنها "لا تريد فتح  يعني صراعات أخرى في المنطقة"، مستدركا بالقول "لكن لابد ان نعلم ان إسرائيل لديها طموحات كبيرة ولابد من الحذر بما قد تقوم به إسرائيل لانها عندما تتحرك  تكون هي المتحرك الأول وتدعمها الولايات المتحدة الامريكية في كل ما تقوم به".

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الامریکیة الشرق الأوسط فی سوریا ما یحدث

إقرأ أيضاً:

هل نجحت إسرائيل في صياغة الشرق الأوسط؟

سؤالان كبيران فجرهما وقف الحرب بين تل أبيب وطهران: من انتصر في الحرب، وهل حققت تل أبيب هدفها بإعادة صياغة الشرق الأوسط؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطاب «النصر» عدد إنجازات الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب(تقويض البرنامج النووي، والقضاء على القدرات الصاروخية وتصفية قيادات الحرس الثوري وعلماء الذرة المشرفين على المشروع النووي) بينما نفت طهران وقوع أضرار مؤثرة على برنامجها النووي، وأكدت نقلها كمية اليورانيوم العالية التخصيب (400 كليو غرام) إلى منطقة آمنة غير معلنة، وأنها ستستأنف برنامجها النووي، ولن ترضخ للضغوط الأمريكية، وأنها لم تستعمل كل قدراتها الصاروخية، ولم تخرج أنواعا أخرى من الصواريخ الفرط الصوتية المتقدمة التي تمتلك طاقة تدميرية كبيرة، وأن تل أبيب انهزمت لأنها دعت عبر واشنطن إلى وقف إطلاق النار من جهة واحدة.

واشنطن نسجت لغة مثيرة للتساؤل، تجمع بين الانتشاء وتمجيد دورها في تدمير البرنامج النووي، وفي الآن ذاته، الحديث عن التعايش مع النظام القائم، والدعوة للتفاوض معه لتأمين سلام دائم في الشرق الأوسط، بينما أكد معارضو الرئيس الأمريكي من الديمقراطيين، وحتى من الجمهوريين استنادا إلى تقرير استخباراتي مسرب، رواية طهران، واعتبروا أن الضربة الأمريكية للمواقع النووية لم تكن لها ضرورة، وأنها كانت مجرد إرضاء شكلي لتل أبيب حتى يخفف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من ضغط اللوبي الصهيوني عليه، ويعود مجددا لشعاره: « أمريكا أولا».

في الواقع، وبعيدا عن الاعتبارات العاطفية والإيديولوجية، يتطلب تقييم هذه الحرب استحضار الأهداف المعلنة، والواقع الميداني، أي خسائر الحرب في الجانبين معا، ثم مستقبل الشرق الأوسط بعد الحرب، وتموقع كل طرف فيها.

على مستوى الأهداف، خاضت تل أبيب حربها ضد طهران لتدمير البرنامج النووي، وبرنامجها الصاروخي، وللقضاء على النظام الإيراني، بينما رفعت طهران هدف إفشال مخطط تل أبيب، واستنزافها عسكريا حتى تندم على قرارها شن الحرب عليها.

لحد الآن، وبناء على تضارب الروايات، لا تملك أي جهة تقييما دقيقا لآثار الضربات على المنشآت النووية الإيرانية، بما يجعل تقييم أهداف تل أبيب وطهران بهذا الشأن أمرا صعبا.

المعطى الثاني، المتعلق بالبرنامج، أي العلماء النوويون الذين اغتالتهم إسرائيل، يمثل في الواقع خسارة كبيرة لطهران، لكنها لا تعني إعدام المعرفة النووية لاستئناف البرنامج النووي. إيران تقول إن هؤلاء العلماء، ورثوا المعرفة لجيل كامل من الشباب في الجامعات الإيرانية، بما يعوض خسارة فقدانهم، وقد اتخذت بعد وقف الحرب، قرارا بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورفضت الخضوع للضغط بخصوص وقف التخصيب وهي إلى الآن غير مقيدة بشرط الجلوس إلى طاولة المفاوضات حول هذا البرنامج. ولذلك، يميل التقييم للاعتقاد بأن المشروع الإيراني، لم يُدمر، وأن هناك إمكانية لاستئنافه، لكن ذلك يحتاج لجهد وزمن إضافي، مما يعني في المحصلة تعطيله لبضعة شهور، وهو ما يشكل كسبا تكتيكيا لإسرائيل. ما يؤكد عدم يقين رئيس الوزراء الإسرائيلي بتحقق هدف تدمير البرنامج النووي أنه قال في خطاب «النصر»: «إذا عادت إيران لاستئناف برنامجها النووي، فستقوم تل أبيب بتدميره».

أما الهدف المتعلق بتدمير البرنامج الصاروخي الإيراني، فالظاهر أن تل ابيب فشلت في ذلك، بدليل أن منظوماتها المتطورة للدفاع الجوي، لم تستطع اعتراض الصواريخ الفرط الصوتية الإيرانية، وأنه رغم الرقابة الشديدة التي فرضها الجيش على وسائل الإعلام لمنعها من نشر المواقع التي استهدفتها هذه الصواريخ، فإن المعطيات القليلة التي نشرت تفيد بأن الضربات الصاروخية الإيرانية، أصابت بدقة الأهداف الاستراتيجية التي وجهت لها.

وأما الهدف الثالث، المتعلق بإسقاط النظام، فقد رفعته تل أبيب مع النشوة بإنجازها الكبير في اليوم الأول من الهجوم، وأنها سرعان ما انتبهت لصعوبة تحقيق هذا الهدف، بعدما التفت مختلف النخب الإيرانية، بما في ذلك المعارضة، في مظاهرات كبيرة بطهران، حول النظام لصد العدوان الإسرائيلي والأمريكي. فأدركت واشنطن، أن هناك خطورة كبيرة من الرهان على استهداف رأس النظام (مرشد الثورة) معتبرة أن إسقاط النظام سيؤدي إلى الفوضى، مما جعل تل أبيب تعدل أهدافها، وتكتفي بما عسكري منها.
الاستراتيجية الإيرانية، بنيت على منطق الدفاع، وعلى التناسب،
في المستوى الثاني، سيكون من الصعب الخروج بتقييم موضوعي دقيق حول خسائر الحرب بين الطرفين، لأن هذه المهمة تتطلب تحديد الأهداف التي تم ضربها، وتقييم أثرها على الاقتصادين الإسرائيلي والإيراني، والحصول على معلومات دقيقة تتعلق بكلفة الحرب على كل طرف.

الاستراتيجية الإيرانية، بنيت على منطق الدفاع، وعلى التناسب، أي الدفاع بأسلوب ضربة في مقابل أخرى، وهدف استراتيجي مقابل هدف آخر من نفس المستوى ونفس الأثر.

ولذلك، رتبت تكتيكاتها الحربية وفقا لمبدأ الصبر الاستراتيجي، مستثمرة في ذلك واقع الإنهاك الذي يعرفه الجيش الإسرائيلي من جهة، والمواطنون الإسرائيليون من جهة أخرى، من جراء خوضهم لحروب في عدة جبهات لمدة ثلاثين شهرا، وهو ما نجحت فيه طهران بإقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه، فقد أكد في أكثر من تصريح بأن إسرائيل كانت منهكة وأنه نجح في إنقاذها. أما الاستراتيجية الإسرائيلية، فقد بنيت على الأهداف الثلاثة السابقة، فتفاجأت من الهجمات الإيرانية، وسعة تدميرها ودقة استهدافها، فعدلت لغتها تجاه تغيير النظام، وصارت تقول بأن هذا الهدف يمكن أن يكون نتيجة للحرب، وأن على الشعب الإيراني أن يستكمل المهمة.

في الواقع لا أحد من الطرفين نجح نجاحا كليا في تحقيق أهدافه، فإذا كانت تل أبيب قد نجحت في التعطيل الجزئي للبرنامج النووي والقضاء على جزء مهم من القيادة العسكرية والعلمية، فإن كبرياءها العسكري تعرض لنكسة كبيرة، من جراء عدم القدرة على حماية جوها من الصواريخ الإيرانية الشديدة التدمير.

في الجواب عن السؤال المرتبط بأثر الحرب على الشرق الأوسط، واقع الأمر يؤكد بأن طهران فقدت استراتيجيا ما تسميه إسرائيل بـ«ممرها الحيوي الأول»، أي من طهران إلى بيروت عبر سوريا بعد إسقاط الرئيس السوري السابق بشار الأسد وإضعاف حزب الله، وإجبار لبنان على توقيع اتفاق يقطع الطريق أمام عدة حزب الله للعودة إلى أدواره السابقة في منطقة الجنوب.

تمثل نجاح إيران في هذه المعركة في ممارسة الردع واستراتيجية الإنهاك لوقف الحرب، وفي ضمان بقاء نظامها، في حين، فقدت جزءا كبيرا من فعالية محاورها باستثناء محور اليمن.

هجومها على قاعدة «العديد» بقطر وما ترتب عنها من مواقف عربية وخليجية منددة، بدد جهدا دبلوماسيا واستراتيجيا كبيرا بذلته طهران في السنوات الأخيرة لإصلاح وتقوية علاقتها بالدول العربية والخليجية، لكن هذه الضربة، أعادت عقارب الساعة إلى الوراء، أي إلى لحظة تعاظم فيها الشعور العربي والخليجي بالتهديد الإيراني الجدي عليها.

تل أبيب بشرت بإعادة صياغة الشرق الأوسط، بشكل تقضي فيه على محور الشر، وتقود محور السلام، بما يعني تطبيعا شاملا مع دول المنطقة التي لم تلتحق بالاتفاقات الإبراهيمية، لكن الواقع، يؤكد بأن هذه الرؤية لا تزال بعيدة، فحروبها المتتالية على لبنان، سوريا، واليمن، والعراق، وإيران، وقبل ذلك الإبادة التي مارستها على غزة، ساهم في خلق مخاوف عربية كبيرة من مخططات التهجير التي تستهدف مصر والأردن، هذا فضلا عن نظرة تل أبيب لما يحدث في سوريا.

على مستوى غزة، يبدو أن الضغط الأمريكي لإنهاء الحرب، واستعمال الرئيس الأمريكي لجدل الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، وفي الآن ذاته دعمه للخروج بسلام من المحاكمة، فضلا عن حاجة نتنياهو إلى عدم تبديد ما يدعي تحقيقه من أهداف في إيران، يبدو أن كل ذلك يدفع لإنهاء هذا الملف بدون تحقيق أي هدف عسكري أو سياسي إسرائيلي بغزة سوى ما كان من التدمير والإبادة.

في المحصلة، تتجه منطقة الشرق الأوسط إلى لحظة استقرار مؤقت، تسوده معادلة توازن جديدة، تلعب فيها إيران التي تم إضعاف محاورها الإقليمية، دورا في إحداث التوازن ضد طموحات تركيا في المنطقة، وتجعل الدول العربية، وبالأخص الخليجية، أشد ارتباطا بالحليف الأمريكي، الذي يضمن لها الحماية دائما من عدو محتمل.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • هل نجحت إسرائيل في صياغة الشرق الأوسط؟
  • قطاع السلع الفاخرة يعلق آمالا كبيرة على الشرق الأوسط رغم غيوم الصراعات
  • المبعوث الأمريكي إلى سوريا: لم نسقط نظام الأسد بل الشعب هو من فعل
  • عاجل | ارتفاع إسعار النفط مع تراجع المخزونات وترقب الشرق الأوسط
  • ضياء رشوان: الشرق الأوسط لا يُدار بالخوف.. وإيران ومصر دول كبرى لا يمكن تهميشها
  • ماذا يريد نتنياهو من «مشروع تغيير الشرق الأوسط» ؟
  • الدعم الأمريكي لإسرائيل| تورط مباشر وأبعاد استراتيجية في المواجهة مع إيران.. ماذا يحدث؟
  • عاجل- الرئيس الإيراني يشيد بمواقف مصر الرشيدة وجهودها في استعادة استقرار الشرق الأوسط
  • عاجل| الرئاسة الأوكرانية: زلينسكي يتلقى ترامب اليوم على هامش قمة الناتو
  • بعد إعلان ترامب نهاية الحرب.. كيف يمكن أن تُغير 14 قنبلة الشرق الأوسط؟