موقع النيلين:
2025-05-23@03:02:46 GMT

وفي الخرطوم والقاهرة كانت لهم أيام

تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT

من حق الصغار سنا وتحربة أن يتحدثوا كيف شاؤوا في السياسة والفكر والفقة والاجتماع، ولكن من حق الكبار أن يقيّموا هذه الآراء، يلغوا بعضها ويصححوا بعضها، ويلقوا أغلبها في سلة المهملات، خاصة بعد أن أتاحت السوشيال ميديا لكل من هب ودب أن يقول ما يشاء ويملأ الدنيا ضجيجا وعواءً، اذا تناوله الكبار من أهل المعرفة بكلمة نقد واحدة .

ومن الصغار الكبار الراحل معاوية نور الناقد والقاص والشاعر والمفكر والمترجم الذي مات دون الثلاثين، بعد أن ترك دراسة الطب لدراسة الأدب وكان على صغر سنه من جلساء العقاد وقد قيل بأنه لا أحد كان يناقش العقاد بإنجليزية رصينة غير معاوية، والذي للأسف لا يعرف عنه هذا الجيل لا قليل ولا مثير من عبقريته الفذة مع أنه إحدى المنارات السودانية السامقة التي يتوجب علينا الاحتفاء بها ليل نهار.

وهذه دعوة لكتابة السيرة الفكرية لهذا العبقري الشاب الذي احتفت به القاهرة وبيروت بمنابرها وصحفها ومجلاتها.

وعندما زار العقاد السودان طلب من اصدقائه أن يذهبوا به إلى قبر معاوية نور حين قال كلمته الشهيرة (كان معاوية قامة مفردة في تاريخ الفكر العربي) ترحم عليه وقرأ أمام الجميع مرثيته المؤثرة عند قبر صديقه في الفكر، رغم البون الشاسع في العمر والتجربة.

وللجبار العقاد لطائف مع أهل السودان ومع معاوية ومما يحكى عنه حين نفى نفسه إلى السودان لعامين خوف ملاحقة المخابرات الأنجليزية، وقد أصبحت وجباته الكسرة السودانية ( الفيتريته) وقد افتقد الخبز المصري الأفرنجي الطازج واضطر لالتهامها رغم أن الرجل كان ممعوداً، قال لأصدقائه بالسودان ممازحاً يقول العرب ( إن الحر الفتى يموت بالسيف أو بغيره وعلى طول اطلاعي لم أعرف بغيره هذه إلا بعد أن أكلت الكسرة السودانية)

ومما يرويه العقاد الذي كتب مجموعة من مؤلفاته بالسودان ومن بينها عبقرية عمر: أنني ما طلبت من السودانيين مرجعاً إلا كان بعد ساعات أمامي، بل أن الشعراء السودانيين أقاموا له ليلة شعرية كبرى بنادي الخريجين في الأربعينات وتباروا في مدحه، وبعد أن قرأ الاستاذ محمود الفضلي قصيدته أنشد بعدها بصوته الفخيم رائعة العقاد ( أبعدا نرجي أم نرجي تلاقيا) فأجهش العقاد بالبكاء المر وهو يودع السودانيين عائدا للقاهرة، فعلقت حضارة السودان في مقال شهير حول تلك الليلة اسمته( دموع الجبار)

وقد روت إحدى الصحف المصرية واصفة جداله مع معاوية نور (أن العقاد كان له منضدة مشهورة في قهوة بالينيرا في مصر الجديدة ويجلس معه الفتى السوداني معاوية نور وهو أديب سوداني شاب متضلع في اللغة الانجليزية والأدب الغربي، وفي تلك الجلسة تناول معاوية بنقد لاذع تجربة الكاتب الكبير والمفكر توماس كارليل، وقد كان العقاد من أكبر المعجبين والمدافعين عن أفكار كارليل فاحتمد النقاش بينهما. فأنبه العقاد ببضع كلمات فقال الفتى ألا يحق لي أن انتقد توماس كارليل؟

قال العقاد: نعم يحق لك أن تنتقده، ويجوز لك أن تمشي على يديك بدلا عن رجليك، ولكن هذا لا يمنع الناس من أن يضحكوا عليك)

ودارت الأيام حتى أظلنا زمان لا يصغي فيه الكبار للصغار ولا يحترم الصغار انتقادات الكبار، بل أظلنا زمان أصبح فيه الملايين من جنوب الوادي وشماله لا يعرفون شيئاً عن العقاد ولا كارليل ولا معاوية نور، لكنهم يعرفون كيف يمشون على ايديهم ورؤوسهم إلى الأرض متجاهلين ضحكات السخرية.

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: بعد أن

إقرأ أيضاً:

بعد الخرطوم.. السودان يعلن خلو ولاية النيل الأبيض من (الدعم السريع)

الخرطوم - أعلنت السلطات السودانية، مساء الثلاثاء، عن خلو ولاية النيل الأبيض (جنوب) من قوات الدعم السريع بعد استعادة السيطرة على محافظة أم رمتة شمال غربي الولاية.

جاء ذلك في تصريحات لحاكم ولاية النيل الأبيض قمر الدين محمد فضل، بعد ساعات من إعلان الجيش السوداني اكتمال "تطهير" ولاية الخرطوم وسط البلاد من قوات الدعم السريع.

ويخوض الجيش و"الدعم السريع" منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

وقال حاكم ولاية النيل الأبيض إن الولاية باتت خالية من قوات الدعم السريع، وفق وكالة الأنباء السودانية الرسمية.

وهنأ محمد فضل "قوات الجيش ومواطني الولاية بتحرير محافظة أم رمتة من مليشيا الدعم السريع الإرهابية وعودتها إلى حضن الوطن، وإعلان ولاية النيل الأبيض خالية من مليشيا الدعم السريع".

وأوضح أن "تحرير محافظة أم رمتة يجيئ بالتزامن مع الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والقوات المشتركة في كافة محاور العمليات"، وفق ذات المصدر.

وبث عناصر من الجيش السوداني مقاطع فيديو أعلنوا من خلالها سيطرتهم على قرى النيل الأبيض و"تدمير بقايا قوات الدعم السريع".

وظهر قائد ميداني للجيش في مقطع فيديو وهو يعلن "تطهير ولاية النيل الأبيض بالكامل، وتطهير قرى العلقة والشيخ الصديق وأبوحليف، وكل المناطق بالنيل الأبيض".

وحتى الساعة 20:30 (ت.غ) لم يصدر أي تعليق من قوات الدعم السريع بشأن تقدم الجيش بولاية النيل الأبيض.

وخلال الأيام القليلة الماضية، شهدت مناطق غرب نهر النيل الأبيض بولاية النيل الأبيض المتاخمة لولاية الخرطوم شمالا، وولاية شمال كردفان من الناحية الشرقية، اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع.

ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" في ولايات السودان لصالح الجيش، وتمددت انتصارات الأخير، لتشمل الخرطوم وولاية النيل الأبيض.

وفي الولايات الـ16 الأخرى، لم تعد "الدعم السريع" تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور الخمس.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تقرر فرض عقوبات على السودان والخرطوم تتهمها بالابتزاز
  • هل تُمهّد استعادة الخرطوم الطريق لنهاية الحرب في السودان؟
  • وهل يعود “قطار الغرب” التائه في الأرجاء؟!
  • الذي يحكم الخرطوم يحكم السودان، فهي قلب السودان ومركز ثقله السياسي
  • لاتزال أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية في حيرة من أمرها بخصوص السودان
  • بعد الخرطوم.. السودان يعلن خلو ولاية النيل الأبيض من (الدعم السريع)
  • القذائف غير المنفجرة.. أفخاخ الموت في الخرطوم
  • تحرير الخرطوم.. آخر تطورات الأوضاع في السودان
  • الجيش السوداني يعلن اكتمال السيطرة على الخرطوم
  • السودان.. اكتشاف جثث متحللة بأم درمان والجيش يشدد قبضته على الخرطوم