سودانايل:
2025-06-17@09:58:33 GMT

غانا: مسار الديمقراطية وتحديات المستقبل

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

محمد تورشين*

تُعد غانا إحدى أبرز الدول الإفريقية التي نجحت في تحقيق انتقال ديمقراطي مستقر وترسيخ التداول السلمي للسلطة. منذ استقلالها عن الاستعمار البريطاني عام 1957، مرت البلاد بتحولات سياسية عميقة، تضمنت فترات من عدم الاستقرار السياسي بسبب الانقلابات العسكرية، قبل أن تدخل حقبة جديدة من الديمقراطية المستدامة مع إقرار دستور الجمهورية الرابعة عام 1992.

ومنذ ذلك الحين، شهدت البلاد ثماني عمليات انتخابية منتظمة وتناوبًا سلميًا على السلطة بين الحزبين الرئيسيين: "المؤتمر الوطني الديمقراطي" (NDC) و"الحزب الوطني الجديد" (NPP)، ما جعلها نموذجًا إفريقيًا في الاستقرار السياسي.

التحديات الاقتصادية وتأثيرها على الاستقرار

رغم الإنجازات السياسية، تواجه غانا تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة قد تهدد استقرارها. في مقدمة هذه التحديات، تأتي البطالة التي وصلت إلى معدلات مقلقة تجاوزت 14% من قوة العمل، ما أدى إلى حالة من السخط الشعبي، خاصة بين الشباب. يمثل هذا الوضع ضغطًا متزايدًا على الحكومة الجديدة، حيث أظهرت استطلاعات الرأي مثل تقارير "جلوبال إنفو أناليتكس" و"أفرو باروميتر" أن أغلبية الشعب تطالب باتخاذ إجراءات عاجلة لخلق فرص عمل وتحسين الظروف المعيشية. الفقر أيضًا يمثل عائقًا كبيرًا أمام التنمية والاستقرار. على الرغم من النمو الاقتصادي الذي حققته البلاد في السنوات الأخيرة، إلا أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء تزداد اتساعًا، ما يزيد من التحديات الاجتماعية. تحتاج الحكومة إلى تعزيز سياسات التوزيع العادل للموارد، ودعم القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة لتوفير فرص عمل مستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية. إلى جانب ذلك، تعاني البلاد من ارتفاع الدين العام الذي يضغط على الميزانية الوطنية ويحدّ من قدرة الحكومة على تنفيذ مشروعات تنموية ضرورية. يتطلب هذا الوضع اعتماد إصلاحات اقتصادية جذرية تهدف إلى تقليل الاعتماد على القروض الخارجية، مع التركيز على تعزيز الإنتاج المحلي والصادرات. لا تزال البنية التحتية في غانا غير متطورة بالشكل الكافي لدعم الطموحات الاقتصادية للبلاد. هناك حاجة ماسة إلى تحسين شبكات النقل والطاقة والمياه، خاصة في المناطق الريفية، لتسهيل الوصول إلى الخدمات وتعزيز النشاط الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، يعاني قطاعا التعليم والرعاية الصحية من تحديات كبيرة تتطلب تدخلًا حكوميًا عاجلًا. تحسين هذه القطاعات سيكون له تأثير مباشر على تحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزيز الإنتاجية.

غانا ودورها في محاربة الإرهاب في غرب إفريقيا

في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة غرب إفريقيا، تلعب غانا دورًا حيويًا في تعزيز الأمن الإقليمي. وعلى الرغم من أنها لم تشهد هجمات إرهابية كبيرة على أراضيها حتى الآن، إلا أنها تدرك خطورة انتشار الجماعات الإرهابية في البلدان المجاورة مثل بوركينا فاسو ومالي.تعمل غانا على تعزيز قدراتها الأمنية والعسكرية من خلال التعاون مع الشركاء الدوليين، مثل الأمم المتحدة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس). بالإضافة إلى ذلك، تساهم غانا في عمليات حفظ السلام الإقليمية وتبذل جهودًا لتأمين حدودها الشمالية من تسلل الجماعات الإرهابية. ومع ذلك، لا يقتصر دور غانا في مكافحة الإرهاب على الجانب الأمني فقط، بل يمتد إلى معالجة الأسباب الجذرية التي تغذي التطرف، مثل الفقر، والبطالة، وضعف الخدمات العامة. إن تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، خاصة في المناطق الحدودية، يُعد عاملًا رئيسيًا في منع انتشار الفكر المتطرف والحفاظ على استقرار البلاد والمنطقة.
ختاما يمكن القول بأن غانا تقف على مفترق طرق. نجاحها في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز دورها الإقليمي في محاربة الإرهاب، سيحدد مستقبلها كدولة مستقرة وديمقراطية في إفريقيا. ورغم التحديات الكبيرة، فإن إرثها السياسي الراسخ، إلى جانب التزامها بالإصلاحات، يمنحها فرصة حقيقية لتعزيز مكانتها كقوة ديمقراطية واقتصادية في القارة. إن الجمع بين الاستقرار السياسي، ومعالجة القضايا الاقتصادية، وتعزيز الأمن، سيُسهم في خلق بيئة مواتية للتنمية المستدامة، ما يجعل غانا نموذجًا يُحتذى به للدول الإفريقية الأخرى.

* باحث وكاتب سوداني ، متخصص بالشأن المحلي والشؤون الإفريقية

mohamedtorshin@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مصرع 22 شخصًا جراء الأمطار الغزيرة بجمهورية الكونغو الديمقراطية

لقي 19 شخصًا على الأقل مصرعهم في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، جراء فيضانات أعقبت الأمطار الغزيرة.

وأوضح وزير الداخلية الإقليمي، تييري كابويا، أن الحصيلة المؤقتة للقتلى بلغت 19 شخصا: 17 منهم في بلدة نجاليما شمال غرب، واثنان في ليمبا وسط، وأكثر من 500 منزل غمرتها المياه في بلدة ماتيتي وسط. كما أفاد بوقوع أضرار مادية جسيمة وحدوث تضرر للطرق.

أورد ذلك راديو فرنسا الدولي، مشيرا إلى أن هذه الأمطار الغزيرة تأتي في الوقت الذي تشهد فيه العاصمة موسم جفاف لأكثر من أسبوعين.

واعتبر أوجستين تاجيسابو، المسئول بالمركز الوطني للأرصاد الجوية في ميتلسات الوكالة الكونغولية للأرصاد الجوية والاستشعار عن بُعد عبر الأقمار الصناعية، ان ما حدث يشكل ظاهرة استثنائية، مضيفا ان هذه الظاهرة النادرة تعود إلى اضطراب مناخي، لا سيما بسبب موسم جفاف قصير.

وتراقب وكالة الأرصاد الجوية هذه الظاهرة عن كثب، لأنه كلما زادت قوة تدفق الرياح، زاد خطر هطول الأمطار طوال الموسم، على حد قوله.

وفي برازافيل، عاصمة جمهورية الكونغو، أسفر هذا الطقس القاسي غير المتوقع عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل.

اقرأ أيضاًالسلطات الأسترالية: 16 ألف شخص حاصرتهم الأمطار الغزيرة جنوب شرق البلاد

بوتوريكو تعلن مقتل شخصين جراء الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة

مقالات مشابهة

  • خبراء دوليون يناقشون ثقافة الاستشراف الاستراتيجي في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية
  • 11 مليار دولار خسائر دولة غانا من تهريب الذهب في 5 سنوات
  • الصمغ العربي السوداني: تأثير الحرب وتحديات القيمة المضافة
  • مصرع 29 شخصاً جراء الأمطار الغزيرة في الكونغو الديمقراطية
  • باراك يعلّق على إنجازات وتحديات الحرب مع إيران ويدعو لعزل نتنياهو
  • تحقيق غاني بحق 12 مسؤولا سابقا بتهم اختلاسات بملايين الدولارات
  • ولي العهد يترأس اجتماع المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل
  • ملايين يحتجون ضد ترامب دفاعًا عن الديمقراطية والمهاجرين
  • مصرع 22 شخصًا جراء الأمطار الغزيرة بجمهورية الكونغو الديمقراطية
  • 10 أطعمة فعالة لتنقية الدم وتعزيز صحتك طبيعيًا