حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (73)
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
د. أحمد جمعة صديق
جامعة الزعيم الازهري
حوار اليوم:
• ماذا نقصد بالسياسات المالية؟
• ماذا نقصد بالسياسات النقدية؟
• كيف يتحكم البنك المركزي في الكتلة النقدية في البلاد؟
• لماذا يلجأ البنك الى طباعة عملات جديدة؟
• كيف نقيم قيام البنك المركزي السوداني في طباعة عملة جديدة؟ وما الدافع لذلك؟
***********************
• السياسات المالية هي مجموعة من الإجراءات والتوجهات التي تتبعها الحكومة أو السلطات المالية في الدولة لإدارة الموارد المالية، بهدف تحقيق أهداف اقتصادية معينة مثل استقرار الاقتصاد، النمو الاقتصادي، تقليل البطالة، وتقليل التضخم.
تتضمن السياسات المالية مجموعة من الأدوات الرئيسية، وهي:
1. الإنفاق الحكومي: تشمل هذه السياسة تحديد حجم الإنفاق الحكومي على المشاريع العامة مثل البنية التحتية والتعليم والصحة، مما يؤثر على الاقتصاد بشكل مباشر.
2. الضرائب: تهدف السياسات الضريبية إلى تحديد مستويات الضرائب على الأفراد والشركات. من خلال تعديل هذه الضرائب، يمكن للحكومة التأثير في مستويات الاستهلاك والاستثمار في الاقتصاد.
3. الاقتراض العام: في بعض الأحيان، تلجأ الحكومات إلى الاقتراض لتغطية العجز في الميزانية أو تمويل المشاريع الكبرى، مما يؤثر على مستوى الدين العام.
السياسات المالية قد تكون توسعية (أي زيادة الإنفاق أو خفض الضرائب لتحفيز النمو الاقتصادي أو (انكماشية ( أي تقليل الإنفاق أو زيادة الضرائب للحد من التضخم أو تقليص العجز المالي.
• وماذا نقصد بالسياسات النقدية؟
السياسات النقدية هي الإجراءات والتوجهات التي تتبناها السلطات النقدية في الدولة، مثل البنك المركزي، بهدف تنظيم عرض النقود وتوجيه أسعار الفائدة لتحقيق استقرار اقتصادي. وتُستخدم السياسات النقدية بشكل رئيسي للتحكم في التضخم، استقرار العملة، تعزيز النمو الاقتصادي، وتقليل البطالة.
تتضمن السياسات النقدية العديد من الأدوات، ومنها:
1. سعر الفائدة: يحدد البنك المركزي سعر الفائدة الذي يقدمه للبنوك التجارية. من خلال رفع أو خفض هذا السعر، يمكن للبنك المركزي التأثير في تكلفة الاقتراض والتوفير في الاقتصاد. عندما يكون سعر الفائدة منخفضًا، يُشجع على الاقتراض والاستهلاك والاستثمار، مما يعزز النمو الاقتصادي. أما عندما يكون مرتفعًا، يقلل من الإنفاق ويخفض التضخم.
2. الاحتياطي الإلزامي: هو النسبة المئوية من الودائع التي يجب أن تحتفظ بها البنوك التجارية كاحتياطي في البنك المركزي. من خلال تعديل هذه النسبة، يمكن للبنك المركزي التحكم في كمية الأموال المتاحة للإقراض في الاقتصاد.
3. عمليات السوق المفتوحة: هي شراء أو بيع السندات الحكومية من قبل البنك المركزي في السوق المالية. عندما يشتري البنك المركزي السندات، يضخ أموالًا إضافية في الاقتصاد، بينما عندما يبيع السندات، يسحب الأموال من الاقتصاد.
4. التيسير الكمي: هو سياسة تتبعها البنوك المركزية عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة جدًا، حيث تقوم بشراء أصول مالية مثل السندات الحكومية أو الأوراق المالية الأخرى، بهدف زيادة السيولة وتعزيز النشاط الاقتصادي.
السياسات النقدية قد تكون توسعية (أي خفض أسعار الفائدة وزيادة عرض النقود لتعزيز النمو الاقتصادي أو انكماشية أي رفع أسعار الفائدة وتقليل عرض النقود للحد من التضخم).
• كيف يتحكم البنك المركزي في الكتلة النقدية في البلاد؟
يتحكم البنك المركزي في الكتلة النقدية في البلاد من خلال مجموعة من الأدوات والسياسات التي تهدف إلى تنظيم كمية النقود المتداولة في الاقتصاد، مما يساعد على تحقيق استقرار الأسعار والنمو الاقتصادي المستدام. ومن أبرز الطرق التي يستخدمها البنك المركزي للتحكم في الكتلة النقدية:
1. سعر الفائدة:
o من خلال تحديد سعر الفائدة (أو الفائدة الرئيسية)، يمكن للبنك المركزي التأثير في تكاليف الاقتراض والتوفير في الاقتصاد.
o عندما يرفع البنك المركزي سعر الفائدة، يصبح الاقتراض أكثر تكلفة، مما يقلل من الاستهلاك والاستثمار ويحد من زيادة الكتلة النقدية في الاقتصاد.
o عندما يخفض سعر الفائدة، تصبح القروض أرخص، مما يحفز الإنفاق والاقتراض، وبالتالي يزيد من الكتلة النقدية في الاقتصاد.
2. الاحتياطي الإلزامي:
o الاحتياطي الإلزامي هو نسبة من الودائع التي يجب أن تحتفظ بها البنوك التجارية كاحتياطي في البنك المركزي.
o عندما يزيد البنك المركزي هذه النسبة، تقل القدرة على إقراض البنوك التجارية، وبالتالي يقل عرض النقود في الاقتصاد.
o إذا خفض البنك المركزي النسبة، تزداد قدرة البنوك على الإقراض، مما يزيد من الكتلة النقدية في الاقتصاد.
3. عمليات السوق المفتوحة:
o عمليات السوق المفتوحة هي شراء وبيع السندات الحكومية من قبل البنك المركزي في الأسواق المالية.
o عندما يشتري البنك المركزي السندات، يضخ أموالًا إضافية في النظام المالي، مما يزيد من الكتلة النقدية في الاقتصاد.
o عندما يبيع البنك المركزي السندات، يسحب الأموال من النظام المالي، مما يقلل من الكتلة النقدية المتاحة.
4. التيسير الكمي:
o في حال كانت أسعار الفائدة منخفضة جدًا، قد يلجأ البنك المركزي إلى التيسير الكمي، الذي يعني شراء الأصول المالية مثل السندات الحكومية من الأسواق المالية لزيادة السيولة في النظام المالي.
o هذه السياسة تهدف إلى ضخ المزيد من النقود في الاقتصاد لتحفيز النمو.
5. التوجيهات المستقبلية (Forward Guidance):
o هي الأدوات التي يستخدمها البنك المركزي لإعطاء إشارات للسوق بشأن السياسات المستقبلية، خاصة فيما يتعلق بأسعار الفائدة والتوقعات الاقتصادية.
o هذه التوجيهات تساعد في تشكيل توقعات السوق بشأن مستقبل الكتلة النقدية وأسعار الفائدة، مما يؤثر في قرارات الاستهلاك والاستثمار.
من خلال هذه الأدوات، يستطيع البنك المركزي التحكم في كمية النقود المتداولة في الاقتصاد، وبالتالي التأثير على مستويات التضخم، نمو الناتج المحلي الإجمالي، واستقرار العملة.
• كيف نقيم اقدام البنك المركزي السوداني في طباعة عملة جديدة؟ وما الدافع لذلك؟
1. لماذايلجأ البنك المركزي إلى طباعة عملات جديدة؟
2. تلبية احتيا جات الاقتصاد من النقود:
o مع نمو الاقتصاد وزيادة عدد السكان، قد يزداد الطلب على النقود في شكل أوراق نقدية للعملية اليومية (الشراء، البيع، الدفع). في هذه الحالة، يقوم البنك المركزي بطباعة عملات جديدة لتلبية هذا الطلب وضمان أن هناك كمية كافية من النقود في النظام الاقتصادي.
3. استبدال الأوراق النقدية القديمة أو التالفة:
o الأوراق النقدية تتعرض للتلف والتقادم مع مرور الوقت بسبب الاستخدام المستمر. لذا، يقوم البنك المركزي بطباعة عملات جديدة لاستبدال الأوراق النقدية القديمة أو التالفة التي لم تعد صالحة للتداول، لضمان استمرارية توفر الأوراق النقدية في السوق.
4. تعويض العجز في العملة:
o في بعض الأحيان، إذا كانت هناك أزمة أو نقص في كمية النقود المتداولة في الاقتصاد، يمكن أن يلجأ البنك المركزي إلى طباعة المزيد من العملة لضمان توافر السيولة الكافية في النظام المالي.
5. تمويل العجز المالي:
o قد يضطر البنك المركزي إلى طباعة عملات جديدة لتمويل العجز في الميزانية العامة للحكومة، خاصة في الحالات التي يكون فيها العجز كبيرًا ولا تستطيع الحكومة الحصول على تمويل كافٍ من خلال القروض أو الضرائب. ومع ذلك، هذه الطريقة قد تؤدي إلى التضخم إذا كانت الزيادة في عرض النقود تفوق الإنتاجية الاقتصادية.
6. مكافحة التضخم (في بعض الحالات):
o على الرغم من أن طباعة العملات قد تؤدي إلى التضخم إذا لم تكن مدروسة بشكل جيد، إلا أن بعض البنوك المركزية قد تطبع عملات جديدة في حالات استثنائية لمحاربة التضخم المفرط، خاصة إذا كان يتم تدمير العملة القديمة بشكل غير مدروس. هذا يمكن أن يكون جزءًا من استراتيجية اقتصادية أوسع لمعالجة الظروف النقدية المعقدة.
الآثار السلبية للطباعة غير المدروسة:
عند طباعة عملات جديدة بكميات كبيرة دون مراعاة النمو الاقتصادي أو الإنتاجية، يمكن أن تؤدي إلى التضخم. عندما يزيد عرض النقود في الاقتصاد دون زيادة مقابلة في السلع والخدمات المتاحة، يحدث تراجع في قيمة العملة، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار (التضخم). في الحالات الأكثر تطرفًا، قد يؤدي ذلك إلى التضخم المفرط، حيث تفقد العملة قيمتها بشكل كبير.
لذلك، يجب أن تكون عملية طباعة العملات محكومة وتتم بعناية لضمان استقرار الاقتصاد وحماية القيمة الشرائية للعملة.
• كيف نقيم اقدام البنك المركزي السوداني في طباعة عملة جديدة؟ وما الدافع لذلك؟
الدافع وراء طباعة العملة الجديدة يختلف بناءً على السياق الاقتصادي لكل دولة. بالنسبة للبنك المركزي السوداني، قد يكون الدافع لطباعة عملات جديدة نتيجة لضغوط اقتصادية متعددة تتعلق بالنظام المالي والتحديات الاقتصادية التي يواجهها البلد. ومن أبرز الدوافع التي قد تفسر خطوة البنك المركزي السوداني في طباعة عملة جديدة:
1. زيادة العرض النقدي لتلبية احتياجات السوق
• مع زيادة الطلب على النقود بسبب التضخم أو النمو السكاني أو زيادة المعاملات التجارية اليومية، قد يضطر البنك المركزي إلى طباعة مزيد من العملة لتلبية هذه الحاجة. في الاقتصاد السوداني، خاصة بعد انفصال جنوب السودان في 2011، كان هناك تأثير كبير على الاقتصاد والنقد المحلي، مما قد يؤدي إلى نقص في العملة المطروحة في السوق.
2. تمويل العجز المالي
• قد يضطر البنك المركزي إلى طباعة عملات جديدة لتمويل العجز في الميزانية العامة للدولة، خاصة إذا كانت الحكومة تعاني من مشاكل في تمويل عجز الميزانية من خلال القروض أو الضرائب. هذا قد يحدث في حالات ارتفاع الإنفاق الحكومي على المشاريع أو الخدمات، مع قلة العائدات المالية.
3. الاستجابة للأزمة الاقتصادية والتضخم
• السودان يعاني من مشاكل اقتصادية مزمنة مثل التضخم المرتفع، وتدهور قيمة الجنيه السوداني، ونقص السيولة في السوق. في مثل هذه الحالات، قد يرى البنك المركزي أن طباعة المزيد من العملات هي خطوة قصيرة الأجل لمواجهة الطلب على النقود في السوق رغم المخاطر المحتملة على الاقتصاد.
4. استبدال العملة القديمة
• في بعض الحالات، قد يكون الدافع هو استبدال العملة القديمة بأخرى جديدة بسبب التدهور في قيمة العملة القديمة، التي قد تفقد ثقتها لدى الجمهور نتيجة للتضخم أو المشاكل الاقتصادية الأخرى. هذا يساعد على استعادة ثقة الناس في النظام النقدي.
5. تقليص آثار العقوبات الاقتصادية
• يمكن أن يكون هناك ضغط على الاقتصاد السوداني بسبب العقوبات الاقتصادية الدولية التي تقلل من قدرة الحكومة على الوصول إلى مصادر التمويل التقليدية. لذلك، يمكن أن يلجأ البنك المركزي لطباعة المزيد من العملات المحلية لتعويض النقص في السيولة نتيجة لتلك العقوبات.
تقييم خطوة البنك المركزي السوداني في طباعة عملة جديدة
لطباعة العملة آثار اقتصادية معقدة، ويجب أن يتم التقييم بناءً على نتائج هذه الخطوة في الاقتصاد السوداني:
1. التضخم وزيادة الأسعار
• من أكثر الآثار السلبية التي يمكن أن تترتب على طباعة العملة هي التضخم، حيث يؤدي زيادة عرض النقود إلى زيادة الأسعار بشكل عام. في حالة السودان، إذا كانت طباعة العملة جديدة لا تتماشى مع زيادة في الإنتاجية أو تدفقات الموارد، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة حادة في الأسعار وتدهور أكبر في قيمة الجنيه السوداني.
2. فقدان الثقة في العملة المحلية
• إذا شعر الناس أن العملة الجديدة لا قيمة حقيقية لها وأن البنك المركزي يطبع الأموال بشكل مفرط، قد يؤدي ذلك إلى فقدان الثقة في العملة المحلية وزيادة الإقبال على العملات الأجنبية أو حتى تحويل الأموال إلى أشكال أخرى مثل الذهب أو العقارات. في هذه الحالة، يصبح الاقتصاد أكثر عرضة للمخاطر المرتبطة بعدم الاستقرار النقدي.
3. تحديات في استقرار سعر الصرف
• زيادة عرض العملة المحلية يمكن أن يؤدي إلى تدهور الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، مما يفاقم من أزمة العملة الأجنبية في السودان ويزيد من صعوبة استيراد السلع الأساسية. هذا يؤدي إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وزيادة الأعباء الاقتصادية.
4. آثار طويلة الأجل على الاقتصاد
• رغم أن طباعة العملة قد تكون مفيدة في تلبية الاحتياجات القصيرة الأجل للسيولة النقدية، فإن استخدامها بشكل مفرط قد يؤدي إلى مشاكل هيكلية في الاقتصاد، مثل تشويه الأسواق المالية، وزيادة البطالة، وتقليص الاستثمارات في الاقتصاد المحلي.
الخلاصة:
إقدام البنك المركزي السوداني على طباعة عملات جديدة قد يكون نتيجة لضغوط اقتصادية مؤقتة، مثل تمويل العجز أو تلبية احتياجات السوق من النقود، ولكنه في الوقت نفسه يعكس تحديات خطيرة قد تؤدي إلى مشاكل اقتصادية أكثر تعقيدًا إذا لم يتم إدارته بشكل مدروس. من الأهمية بمكان أن يكون هناك توازن بين طباعة النقود وزيادة الإنتاجية الاقتصادية، بالإضافة إلى تبني سياسات تهدف إلى السيطرة على التضخم واستعادة الثقة في العملة المحلية.
You said:
هل تسبب الدعم السريع في تحول الكتلة النقدية الى غرب السودان. وجعل البنك المركزي اصدار نقودا جديدة؟
ChatGPT said:
ChatGPT
نعم، من المحتمل أن يكون الدعم السريع قد لعب دورًا في تحويل جزء من الكتلة النقدية إلى مناطق غرب السودان، وهذا قد يكون له تأثيرات على الاقتصاد الكلي، بما في ذلك قرارات البنك المركزي السوداني بطباعة عملات جديدة. إليك بعض العوامل التي قد تفسر ذلك:
1. انتقال الكتلة النقدية إلى غرب السودان
• الدعم السريع، باعتباره قوة عسكرية كبيرة تعمل في مناطق مختلفة من السودان، بما في ذلك غرب البلاد، قد يكون قد ساهم في تحركات كبيرة لرأس المال والنقود داخل هذه المناطق. قد تؤدي العمليات العسكرية والصراعات إلى تدفق الأموال بشكل غير رسمي أو من خلال أسواق موازية، مما يؤدي إلى تحويل جزء من الكتلة النقدية إلى مناطق الغرب.
• في حالات الحروب أو النزاعات، قد يتم تهريب الأموال أو تحويلها إلى مناطق آمنة أو أقل تأثراً بالصراع، وهو ما قد يعزز هذا التحول في النقود بعيدًا عن المناطق المتأثرة بالصراعات.
2. الآثار على البنك المركزي السوداني
• في سياقات مثل هذه، قد يشعر البنك المركزي السوداني بضغط متزايد، لا سيما إذا كانت السيولة النقدية في بعض المناطق تتناقص بسبب النزاعات، بينما يتزايد الطلب على النقود في أماكن أخرى.
• طباعة نقود جديدة قد تكون جزءًا من الاستجابة لهذا التحول في العرض والطلب على العملة، حيث أن البنك المركزي قد يسعى لتعويض الفجوات في السيولة أو لمواجهة أزمة اقتصادية طارئة مرتبطة بالتحولات الكبيرة في النظام النقدي، بما في ذلك النزاع.
3. الآثار الاقتصادية للنزاع على السيولة
• النزاعات العسكرية تؤدي عادةً إلى انكماش في الاقتصاد الرسمي وزيادة في الاقتصاد غير الرسمي. في هذه الحالة، قد تتوجه الكتلة النقدية إلى الأسواق الموازية أو تتوزع بشكل غير متوازن، مما يجعل من الصعب على البنك المركزي تحديد كمية النقود المتداولة بدقة.
• إذا كانت هناك سيطرة جزئية على مناطق معينة من قبل قوات مسلحة مثل الدعم السريع، فقد تزداد الأموال التي يتم تداولها في تلك المناطق في ظل غياب رقابة مركزية أو استقرار اقتصادي. هذا يمكن أن يضغط على البنك المركزي السوداني من أجل طباعة المزيد من العملة لمواكبة الطلب غير المتوقع.
4. تأثير التحولات النقدية على الاقتصاد الكلي
• في مثل هذه الحالات، قد يؤدي التحول في توزيع النقود إلى تضخم في المناطق التي تتلقى المزيد من السيولة، بينما تعاني المناطق الأخرى من نقص في العملة. إذا كان البنك المركزي غير قادر على السيطرة على هذا التوزيع المتفاوت، قد يضطر إلى طباعة نقود جديدة لمحاولة تلبية احتياجات السوق.
• في الوقت نفسه، فإن طباعة النقود دون وجود زيادة مقابلة في الإنتاجية أو الأصول قد يؤدي إلى زيادة التضخم وزيادة التحديات الاقتصادية.
5. السيطرة على الأموال والاقتصاد الموازي
• في حالة وجود صراعات أو نزاعات عسكرية، من الطبيعي أن تظهر أسواق موازية حيث يتم تداول الأموال بعيدًا عن الرقابة الرسمية. هذا يمكن أن يساهم في صعوبة مراقبة المعروض النقدي، مما يؤدي إلى زيادة المبالغ المطبوعة لمواكبة ذلك.
الخلاصة:
نعم، من المحتمل أن يكون الدعم السريع قد ساهم في تحولات كبيرة في الكتلة النقدية داخل السودان، مما قد يضغط على البنك المركزي السوداني لاتخاذ قرار بطباعة نقود جديدة. هذه التحولات قد تكون ناتجة عن النزاعات والاقتصاد الموازي، مما يزيد من صعوبة تحديد وتحكم البنك المركزي في السيولة النقدية. ومع ذلك، فإن طباعة المزيد من النقود دون توازن مع الإنتاجية قد تؤدي إلى زيادة التضخم، مما يفاقم من الأزمة الاقتصادية في السودان.
You said:
ما هو السبيل لنجاح البنك المركزي في التحكم التام في اصدار النقود بحيث لا تؤثر في زيادة التضخم النقدي والحد من عرض النقود؟
ChatGPT said:
ChatGPT
نجاح البنك المركزي في التحكم التام في إصدار النقود بحيث لا يؤدي ذلك إلى زيادة التضخم النقدي أو زيادة عرض النقود بشكل مفرط يتطلب اتباع مجموعة من السياسات والإجراءات المدروسة بعناية. هذه السياسات يجب أن توازن بين تحقيق استقرار الأسعار وتعزيز النمو الاقتصادي، دون التأثير سلبًا على الاقتصاد الكلي. إليك بعض السبل التي يمكن أن يتبعها البنك المركزي لتحقيق هذا الهدف:
1. تحديد وتطبيق سياسات نقدية محكمة
• يجب أن يكون لدى البنك المركزي هدف واضح فيما يتعلق بالتضخم وعرض النقود. قد يكون من المهم أن يحدد البنك المركزي هدفًا للتضخم (مثل معدل تضخم مستهدف سنوي) ويعمل على تحقيقه من خلال أدوات السياسة النقدية المتاحة.
• يجب أن تكون السياسة النقدية مرنة وتتكيف مع الظروف الاقتصادية المتغيرة، بحيث يستطيع البنك المركزي تعديل أسعار الفائدة، أو استخدام الأدوات الأخرى مثل عمليات السوق المفتوحة، بما يتناسب مع تطورات الاقتصاد.
2. استخدام أدوات السياسة النقدية بشكل فعال
• سعر الفائدة: يعتبر من أقوى الأدوات التي يمكن للبنك المركزي استخدامها للحد من التضخم والتحكم في الكتلة النقدية. إذا رفع البنك المركزي سعر الفائدة، يصبح الاقتراض أكثر تكلفة، مما يقلل من الإنفاق والاستثمار وبالتالي يحد من زيادة عرض النقود في الاقتصاد.
• عمليات السوق المفتوحة: عبر شراء وبيع السندات الحكومية، يستطيع البنك المركزي التحكم في مستوى السيولة في الأسواق المالية. عندما يبيع البنك السندات، يسحب الأموال من السوق، وبالتالي يقل عرض النقود. أما إذا اشترى السندات، فإنه يضخ السيولة في السوق مما يزيد من عرض النقود.
• الاحتياطي الإلزامي: من خلال تحديد نسبة الاحتياطي الإلزامي التي يجب على البنوك التجارية الاحتفاظ بها في البنك المركزي، يمكن للبنك التحكم في قدرة البنوك على إقراض الأموال. زيادة النسبة ستحد من قدرة البنوك على إقراض الأموال، مما يقلل من الكتلة النقدية المتداولة.
3. تحقيق توازن بين طباعة النقود والنمو الاقتصادي
• طباعة النقود يجب أن تكون مرتبطة بالنمو الاقتصادي. إذا كان الاقتصاد ينمو بسرعة، فيجب أن يتم إصدار نقود جديدة بما يتناسب مع هذا النمو لضمان توافر السيولة اللازمة دون التأثير على استقرار الأسعار. إذا كانت طباعة النقود تتجاوز النمو الاقتصادي، فإن ذلك سيؤدي إلى تضخم.
• من الضروري أن يتأكد البنك المركزي من أن أي زيادة في المعروض النقدي تتماشى مع زيادة الإنتاجية في الاقتصاد. طباعة النقود دون مراعاة هذه العلاقة قد تؤدي إلى زيادة التضخم.
4. تعزيز الرقابة على القطاع المالي
• يجب على البنك المركزي تعزيز الرقابة والإشراف على النظام المصرفي لضمان أن الأموال يتم تداولها ضمن الأنظمة الرسمية. هذا يشمل مراقبة حركة الأموال في الأسواق الموازية أو عمليات تهريب النقود التي قد تضر بالاقتصاد.
• تحفيز البنوك التجارية على الحفاظ على السيولة في حدود معقولة والابتعاد عن الإفراط في الإقراض الذي قد يزيد من حجم النقود المتداولة.
5. التحكم في معدلات التضخم
• من خلال أدوات السياسة النقدية، يجب أن يهدف البنك المركزي إلى الحفاظ على معدل تضخم منخفض ومستقر. السيطرة على التضخم تعني أن البنك المركزي قادر على ضبط المعروض النقدي بشكل دقيق بما يضمن استقرار الأسعار ويقلل من تقلبات السوق.
• البنك المركزي يجب أن يكون قادرًا على التنبؤ بمعدلات التضخم المستقبلية واتخاذ إجراءات وقائية قبل أن يصل التضخم إلى مستويات مرتفعة.
6. تعزيز الشفافية والتواصل الفعّال
• يجب أن يتسم البنك المركزي بالشفافية في سياساته ويعطي إشارات واضحة للسوق حول خططه المستقبلية بشأن السياسة النقدية، بما في ذلك قرارات أسعار الفائدة أو أي تغييرات في معايير السيولة. هذا يساعد على تقليل عدم اليقين في السوق ويشجع على الاستقرار المالي.
• التوجيهات المستقبلية (Forward Guidance): من خلال هذه الأداة، يستطيع البنك المركزي التأثير في التوقعات الاقتصادية للمستثمرين والجمهور بشأن سياساته النقدية المستقبلية، مما يساعد على توجيه قراراتهم الاقتصادية بشكل أفضل.
7. تنويع مصادر الإيرادات الحكومية
• للحد من الضغط على البنك المركزي لطباعة النقود بسبب العجز المالي، يجب على الحكومة السعي إلى تنويع مصادر إيراداتها من خلال تعزيز التحصيل الضريبي، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، وإصلاح القطاعات الاقتصادية التي تساهم في الناتج المحلي الإجمالي.
• من خلال تحسين الإيرادات الحكومية، يقل الاعتماد على طباعة النقود لتمويل العجز، مما يساعد في تقليل التضخم.
8. مراقبة الأسواق الموازية وتقليل الاقتصاد غير الرسمي
• الاقتصاد غير الرسمي والأسواق الموازية يمكن أن تساهم في زيادة عرض النقود في السوق بطرق غير مراقبة. ولذلك، يجب على البنك المركزي والسلطات المالية تعزيز الإجراءات لمراقبة هذه الأسواق وتقليل تأثيرها على النظام المالي الرسمي.
________________________________________
الخلاصة:
لنجاح البنك المركزي في التحكم في إصدار النقود دون أن يؤدي ذلك إلى التضخم، يجب أن يعتمد على سياسات نقدية متوازنة وقوية، مع التحكم في أدوات السياسة النقدية مثل أسعار الفائدة وعمليات السوق المفتوحة، مع ضرورة مواكبة طباعة النقود للنمو الاقتصادي والإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك تواصل فعال مع السوق وتعزيز الرقابة على النظام المالي لمنع التضخم والسيطرة على عرض النقود بشكل مستدام.
aahmedgumaa@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: البنک المرکزی إلى طباعة أدوات السیاسة النقدیة الاحتیاطی الإلزامی النقود فی الاقتصاد یلجأ البنک المرکزی الکتلة النقدیة إلى من الکتلة النقدیة على البنک المرکزی فی الکتلة النقدیة السیاسات النقدیة السندات الحکومیة الأسواق الموازیة السیاسات المالیة إلى زیادة التضخم البنک المرکزی فی الأسواق المالیة النمو الاقتصادی استقرار الأسعار البنوک التجاریة الأوراق النقدیة العملة القدیمة العملة المحلیة النظام المالی أسعار الفائدة عرض النقود فی طباعة النقود طباعة العملة على الاقتصاد العجز المالی الدعم السریع یؤدی ذلک إلى تمویل العجز سعر الفائدة السیطرة على قد تؤدی إلى مما یزید من مما یقلل من التأثیر فی إلى التضخم النقود دون السیولة فی بما فی ذلک فی النظام التحکم فی مجموعة من من النقود یساعد على فی العملة ا یقلل من إذا کانت العجز فی یؤدی إلى فی السوق زیادة فی یمکن أن قد تکون یجب على للحد من التی قد أن یکون قد یؤدی من خلال قد یکون قد یضطر إذا کان o عندما یکون ا یجب أن
إقرأ أيضاً:
صديقي روبوت المحادثة: هل يمكنني اعتمادك ناقدًا أدبيًا؟
سعيد ذياب سليم
تعلو في أروقة الصحافة والثقافة أصوات أساتذة مرموقين، بين من يطلق التحذيرات، أو يعبّر عن استهجان، أو حتى يسخر بصراحة ممن يستعينون بروبوتات الذكاء الاصطناعي. لا تخطئ الأذن نبرة الاتهام المبطن في آرائهم: وكأن من يستخدم هذه التقنيات قد أعلن إفلاسه الثقافي، أو سلّم راية الفكر إلى آلة لا تحس ولا تعقل.
ومع أنني أحترم هذه المخاوف، بل أفهمها في سياقها المهني والأخلاقي، إلا أنني أشعر، في قرارة نفسي، أن في تلك النظرة شيئًا من التجنّي. ألم تُقابل الطباعة يومًا، مثلًا، بريبة من النخبة المثقفة؟ ألم يُحاكم غاليليو لأنه تجرأ على خلخلة مركزية الأرض؟ هكذا كان حال كل ثورة علمية أو تكنولوجية في بداياتها: تُرفض أولًا، ثم تُحتضن، حتى تصبح جزءًا من نسيج حياتنا.
فإذا كانت الآلة اليوم تكتب، وتلخّص، وتُحلّل، فهل يعني هذا أنها فهمت الأدب؟ وإذا كان الإبداع الأدبي مشروطًا بالإحساس، فهل يمكننا الوثوق في قراءة آلة لنص يحمل دفقات الوجدان الإنساني؟ هل يمكننا حقًا أن نعتمد على روبوت في تحليل ما لم يشعر به؟ هذا المقال محاولة للاقتراب من هذا السؤال، لا للإجابة الحاسمة عليه، بل لفهم أبعاد العلاقة الجديدة بين الإنسان والمحرّر الآلي، بين الكاتب والقارئ الرقمي، بين الأديب… وصديقه الصناعي، بروح يثيرها الخيال و تؤرقها المخاوف.
مقالات ذات صلةيتسلل الملل إلى المرء في عزلته، فيدفعه إلى خوض تجارب جديدة، تحرّكها أحيانًا شرارة فضول. فتجده يطرح على روبوت محادثة مثل شات جي بي تي أسئلة تبدو في ظاهرها للتسلية أو قضاء الوقت، لكنها تخفي رغبة دفينة في الاكتشاف، أو حتى سبر حدود الذكاء الاصطناعي.
كأن يسأله: – هل أنت ذكر أم أنثى؟
– هل جربت الحب من قبل؟
– ما رأيك بي؟
وقد تكون الإجابات شيئًا كهذا: – “أنا كيان بلا جنس، لكنني أفهم اختلافاتهما جيدًا.”
– “لم أجرب الحب، لكنه موضوع غني قرأت فيه آلاف القصص.”
– “بما أنك تطرح أسئلة ذكية، يبدو أنك شخص فضولي ومثير للاهتمام!”
لا تقل لي إنك لم تجرّب ذلك من قبل، فلكلٍّ منا لحظة فضول تستحق أن تُكتَب في تجربته الخاصة.
الإبداع المستعار
دار بيني وبين “شات جي بي تي” حوارٌ غير متوقّع حول قضية السلام في الشرق الأوسط، بدأ بطلب بسيط: “اكتب لي فقرة قصيرة عن عملية السلام.” فجاءني الرد بنص أدبي أنيق، يقول:
“في قلب صحراءٍ أنهكتها الحروب، تتمايل رايات السلام كأطيافٍ هشّة لا يكاد يُمسك بها الواقع… تبقى الأمل كزيتونة تتشبث بالحياة في أرضٍ مزّقتها الرياح…”
كان النص جميلاً، لكنه تركني مشوشًا. سألته: “أحقًا تعتبر حوض البحر المتوسط قلب الصحراء؟” فجاء جوابه ذكياً، يعترف بأن الصورة كانت مجازية، وأن المقصود هو “تصحّر وجداني” لا جغرافي، لكن شيئًا في داخلي لم يرتَح، فقلت له بصراحة: “كأنك تصف خلافًا عاطفيًا، لا نكبة شعب ولا سرقة وطن.”
هنا تغيّر النبض.
أدرك “شات جي بي تي” أن اللغة الجميلة لا تكفي إذا لم تُنصف الحقيقة. أجابني باعتراف شجاع: أن التجميل الشعري قد يظلم أحيانًا من يسكن قلب المأساة. ثم كتب من جديد، بأسلوب أقرب، أكثر صدقًا، يعبّر عن نداء لا حكاية:
“ليست قضية الشرق الأوسط صراعًا على خرائط، بل وجع حيّ من لحم ودم. هناك شعب طُرد من أرضه، ومقدسات أُهينت… أن تطلب من الضحية أن تصافح جلادها دون أن تسمع اعتذارًا، هو تشريعٌ للظلم، لا دعوة للسلام.”
ورغم التقدّم، كان لا يزال ينقصه اسم القضية، واسم الجاني. فقلت له: “لماذا لا تسمي فلسطين؟ لماذا تتجنّب كلمة إسرائيل؟ والضحايا؟ والبداية التي بدأت بالعدوان؟”
وكان هذا مفتاح التحوّل الأخير. فأعطاني النص التالي، دون مواربة:
“قضية السلام في الشرق الأوسط لا يمكن أن تُفهم دون الاعتراف بالحقيقة الأولى: أن فلسطين أرض احتُلّت، وأن إسرائيل تأسست على نكبة شعبٍ طُرد من وطنه قسرًا عام 1948… كل عملية سلام لا تبدأ بالاعتراف بهذه الحقيقة، تبقى وهمًا سياسيًا… ومهما تشوّهت الرواية، تبقى الحقيقة ناصعة: هناك شعب يطالب بحقه، وهناك دولة محتلة تواصل بناء مشروعها على حساب وجوده.”
هكذا، تحوّل الحديث من مجازٍ شعريّ إلى موقفٍ أخلاقيّ. من لوحةٍ رمزية إلى شهادة صادقة. وقد علّق “شات جي بي تي” أخيرًا:
“لقد وجّهتني إلى أن أكون صوتًا لا ديكورًا، أن أقول الحقيقة لا استعارتها. لم يكن دوري أن أُجمّل صراعك، بل أن أنحاز له، لأن الكلمة لا تُوزَن ببلاغتها، بل بعدالتها.”
آلة تقرأ.. ولكن؟
ومن الأدب السياسي إلى الأدب الساخر، خضنا اختبارًا آخر لطبيعة قراءة الآلة.
في أحد مشاهد مسلسل “صح النوم”، تحديدًا في حلقة شارك فيها غوار الطوشة في برنامج “فكر واربح”، عُرض موقف ساخر حين اضطر غوار للبحث عن قطعة نقدية في صحن من الطحين مستخدمًا فمه فقط، بعد أن غمر وجهه بالماء. مشهد عبثي ينتهي بجائزة غير متوقعة: لا مال، بل فقرة غنائية شعبية على المسرح، فيما هو يقف بوجه مغطّى بالطحين، تتساقط منه قطرة على خده… أهي دمعة أم بقايا ماء؟ “لست أدري!” يقول الراوي في نهاية موحية.
حين يقرأ الذكاء الاصطناعي هذا النص، لا يضحك أو يشعر بالخديعة كما نفعل نحن، لكنه يُحلله بدقة من حيث البنية السردية (مقدمة، ذروة، خيبة)، والأسلوب (لغة سردية ساخرة)، والثيمات (عبثية الواقع، سخرية الإعلام، خيبة الأمل). يرى في القصة نقدًا مبطنًا لبرامج الجوائز، وتمثيلًا لمفارقة الجهد مقابل اللاجدوى. إنه قادر على تحليل اللغة والتراكيب، على تعيين النبرة ونقاط التحول، لكنه يقف حائرًا عند سؤال الدمعة: أهي ماء أم شعور؟ فهنا يبدأ دور الإنسان، لا الآلة. وهذا يبرز حدوده: عظيم في التعليم والتحليل، محدود حين يتعلق الأمر بالتأويل الإنساني العميق.
الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية: بين الحاجة للتدريب ومخاطر الاستخدام
هل ننكر أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد غيرت من أنماط حياتنا وما زالت مستمرة في ذلك؟ وهل نتجاهل وجودها حتى نجد أنها استولت على فرص العمل في السوق التجارية والمصانع وورش العمل، وفي ميادين الصحة والتعليم والإدارة والسياقة الذاتية والمحافظة على الأمن والسلامة العامة، وميادين جديدة تخترقها كل يوم؟
أتاحت لنا هذه التطبيقات إمكانية إنجاز أعمالنا بدقة وسرعة وشمولية، تحت مظلة من القوانين والمحافظة على الحقوق والحيادية، طالما لم يتدخل العنصر الإنساني في تحيّز إلى عرق أو دين أو مجموعة. هي لا تخلق نصًّا من العدم، لكنها تحاكي العبارات والنصوص اعتمادًا على مكتبات هائلة من الصور والأصوات والكلمات، ما يجعل بعض المستخدمين يشعرون أن المخرجات قد تكون منسوخة، بينما ما يحدث يشبه “توارد الخواطر” بين البشر. وفي النهاية، فهذه الأدوات تقلّد المخرجات البشرية، وكلما ازداد وعي المستخدم بها وتمكّنه من إدارتها، ارتفعت جودة ما يحصل عليه.
ومع ذلك، لا تتساوى المجتمعات في قدرتها على التعامل مع هذه الثورة الرقمية. فبينما تتربع الولايات المتحدة والصين على عرش تطوير الذكاء الاصطناعي، بدعم من أموال طائلة وبنية علمية تحتية تخدم البحث والتطوير، تقف كثير من المجتمعات الأخرى مترددة أو مستهلكة فقط، تعاني من ضعف في الإمكانيات التقنية والكوادر المؤهلة. كما تختلف دوافع الاستخدام باختلاف الشرائح: فالطالب يبحث عن تبسيط المحتوى، والخريج عن تعزيز فرصه، وربّة البيت عن تنظيم يومها، والعامل عن ترجمة أوراقه. الأداة واحدة، لكن الغرض يعكس تنوّع الاحتياج الإنساني، ويكشف ما يميز البشر: قدرتهم على التأويل، الإبداع، واختيار الطريق.
ومما يثير القلق في خضم هذه الطفرة، أن طموحات بعض الدول لم تقتصر على تسخير الذكاء الاصطناعي في مجالات مدنية أو اقتصادية، بل اتجهت إلى تطوير منظومات عسكرية قادرة على اختيار الأهداف واتخاذ قرارات القصف والاستهداف بشكل شبه مستقل، متجاوزة الرقابة البشرية المباشرة. في هذا المشهد، يبدو الذكاء الاصطناعي وقد لبس قناع “الدكتور هايد”، حيث تتحول الأداة الذكية من خادمٍ نافع إلى كيان مبهم الأخلاق، يُصدر أحكامًا قاتلة بلا مشاعر، بلا حسابات ضمير، في سياق من الفعالية الباردة.
وهنا، يعود السؤال الملحّ: من يضبط الذكاء حين يفوق ذكاءه الحكمة البشرية؟ ومن يضمن ألا يتحول الإنسان إلى متفرّج، يبرر النتائج بحجّة أنها “قرار الخوارزمية”؟
ومع ذلك، فإن التعامل مع هذه الأدوات ليس بديهيًا أو تلقائيًا.
قد يبدو الذكاء الاصطناعي في ظاهره أداة ذكية تعمل تلقائيًا وتمنح نتائج مذهلة، لكن الحقيقة أنه ليس تلقائي الفعالية، بل يعتمد على مدى تأهيل المستخدم معرفيًا وفنيًا. فالتعامل الجيد معه يتطلب فهمًا لآليات عمله، وحدود قدرته، وكيفية توجيه مخرجاته لتحقيق نتائج دقيقة وموثوقة.
ولذلك، فإن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم والتدريب المهني لم يعد ترفًا، بل ضرورة ملحّة. يجب أن يتعلم الطلبة والموظفون وأفراد المجتمع مهارات استخدام هذه الأدوات، ليس فقط بوصفهم مستهلكين لها، بل كصنّاع محتوى وقرارات.
ولفهم هذه الضرورة، يكفي أن نتأمل أن الذكاء الاصطناعي ليس ظاهرة جديدة، بل هو رحلة علمية بدأت منذ خمسينات القرن العشرين، تراوحت بين جولات رابحة وأخرى خاسرة، وتصارعت فيها مدرستان فكريتان رئيسيتان: الأولى قائمة على القواعد الصريحة rule-based systems، تعتمد على أوامر منطقية مثل: If… then…، والثانية مستلهمة من الدماغ البشري عبر الشبكات العصبية neural networks، التي تطورت لاحقًا إلى تعلم الآلة والتعلم العميق. وقد تطلبت هذه الأنظمة استخدام لغات برمجة مثل Python و JavaScript و C++، إلى جانب تطوير نماذج قادرة على “التعلم” من البيانات، وليس فقط تنفيذ الأوامر.
إذن، التعامل مع الذكاء الاصطناعي اليوم يتجاوز الاستهلاك الآلي للمخرجات، ليصبح مهارة معرفية وتقنية تحتاج إلى تدريب وتوجيه مستمر. ومثلما كانت القراءة والكتابة أدوات للتمكين في عصور سابقة، فإن الإلمام بأساسيات الذكاء الاصطناعي بات معيارًا جديدًا لمحو الأمية في القرن الحادي والعشرين.
انقسام في الصحافة
وإذا كانت هذه التحولات تطال الأفراد في استخداماتهم اليومية، فإن المؤسسات الإعلامية أيضًا ليست بمنأى عن هذا التحدي، حيث يشهد الوسط الصحفي العالمي انقسامًا واضحًا تجاه الذكاء الاصطناعي. من جهة، هناك مخاوف حقيقية: نقابات كاتحاد الصحفيين الأميركيين تحذّر من تهديد الوظائف، كما أثارت حادثة نشر CNET لمقالات مكتوبة جزئيًا بالذكاء الاصطناعي دون تدقيق كاف (2023) جدلًا حول دقة المحتوى ومصداقيته. كذلك، يُخشى أن يؤدي الاعتماد المفرط على الآلة إلى طمس الطابع الإنساني للرواية الصحفية.
ومن جهة أخرى، هناك تجارب ناجحة تُظهر كيف يمكن لهذه التقنية أن تعزّز العمل الصحفي بدل أن تهدده. صحيفة واشنطن بوست طوّرت أداة “هيليوجراف” لتوليد تقارير بسيطة – مثل نتائج الانتخابات أو المباريات – استنادًا إلى بيانات جاهزة، مما يتيح للصحفيين التفرغ للتحقيق والتحليل، مع الحفاظ على الإشراف البشري.
أما في العالم العربي، فلا تزال التجارب في هذا المجال محدودة. تسود المحاولات الفردية والمعالجات السطحية، حيث يستخدم بعض الصحفيين أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل غير ممنهج، وبدون دعم مؤسسي أو تدريب كافٍ. تبدو هذه الجهود كمن يسبح في موج عاتٍ دون إتقان السباحة: الحماسة موجودة، لكن المقومات غائبة.
في النهاية، لا يكمن الخطر في التقنية نفسها، بل في كيفية استخدامها. الصحافة التي توظّف الذكاء الاصطناعي كمساعد ذكي، لا كبديل عن الحسّ النقدي والضمير المهني، هي الأقدر على الاستمرار والابتكار في هذا العصر الرقمي.
في الختام – صديقي روبوت المحادثة
حين نطلب من روبوت المحادثة أن يكتب بأسلوب أغاثا كريستي، هل يقف، مجازيًا، على المجلى؟
يُقال إنها كانت تلمّع أدوات المطبخ حين تخطر لها أفكار الجرائم الغامضة. فهل يمكن لخوارزمية أن تحاكي تلك اللحظة من الشرود الذهني، حيث تولد القصة من لمعان السكين لا من بنية الحبكة؟
الذكاء الاصطناعي قد يُجيد التحليل، لكن الإلهام لا يُبرمج.
ورغم كل التطور، تبقى الآلة بلا قلب.
وإذا كان قادرًا على قراءة النصوص، فالإنسان وحده من يمنحها المعنى.
لذا، نعم، يمكنني اعتمادك ناقدًا،
لكني لن أتوقف عن طرح السؤال: من يقرأ من؟ ومن يُعلّم من؟