ما الهدف من تحذير خامنئي دولا إقليمية من مصير سوريا؟
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
طهران- في ظل التقديرات السياسية حول تلقي محور المقاومة بقيادة إيران ضربة موجعة إثر سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، وقدرة تطورات الشرق الأوسط على إعادة صياغة نظام إقليمي ورسم موازين القوة، تأتي المواقف الإيرانية الرسمية مختلفة حيال تداعيات الوضع الجديد في سوريا.
ورغم أن قرار الحكومة الإيرانية الحالية كان مفاجئا في عدم التحرك العسكري لحماية حليفها قبيل مغادرته دمشق إلى روسيا، فإن المتابع للشأن الإيراني يجد في تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي أجوبة وافية للتساؤلات حول موقف طهران حيال الحكم الجديد بدمشق.
سبق أن حمّل المرشد الإيراني الأعلى مستشاره للشؤون السياسية علي لاريجاني رسالة خاصة إلى بشار الأسد قبيل الإطاحة به، وجه فيها أصابع الاتهام مباشرة إلى واشنطن وتل أبيب بالتخطيط لما حدث في سوريا، كما اتهم دولة جارة لسوريا لم يسمها بأنها لعبت دورا واضحا في إسقاط نظام المخلوع.
وفي تصريحه الأخير مطلع العام الجديد، اعتبر خامنئي أن سوريا تتعرض للاحتلال من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ودول إقليمية، وتوعد "الذين اعتدوا على سوريا" بأنهم "سيجبرون يوما ما على التراجع أمام قوة شبابها"، محذرا في الوقت نفسه دولا إقليمية –دون تسميتها- من "مصير مثل مصير سوريا".
إعلانوخلال إحياء ذكرى اغتيال القائد السابق لفيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، أضاف خامنئي أنه" إذا أخطأت بعض الدول وأخرجت عوامل الثبات والقوة مثل الشباب المؤمن من الساحة، فسيكون مصيرها مثل سوريا، يتلاعب بأرضها الكيان الصهيوني وأميركا"، مشيرا إلى أن الصمود والعزة الوطنية لهما أسباب وركائز يجب التمسك بها وحفظها.
وإذ إن خامنئي لم يشر إلى دولة محددة لدى تحذيره بعض الأطراف الإقليمية من مصير مشابه لما حدث في سوريا، أثار خطابه الأخير تكهنات كثيرة في الأوساط الإعلامية داخل إيران وخارجها، لكن الأوساط السياسية في طهران تكاد تجمع على أن استخدام المرشد الأعلى صفة "المؤمن" لشباب تلك الدول يدل على مخاطبته بعض دول محور المقاومة دون غيرها.
رسائل مبطنةيشير الباحث السياسي علي رضا تقوي نيا إلى تفاقم الضغوط الغربية على السلطات العراقية من أجل "حل تنظيم الحشد الشعبي وتحييده عن محور المقاومة وجبهة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي"، موضحا أن كلام المرشد الإيراني "كان موجها للجارة الغربية".
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد تقوي نيا أن سياق تصريحات خامنئي يستذكر أحداث 2014 وسيطرة "تنظيم الدولة الإسلامية" على مساحات شاسعة من العراق، قبل أن تتمكن قوات الحشد الشعبي من تحريرها، مؤكدا أن "المرشد الإيراني يجعل تلك الأحداث واقعا حيا أمام أعين القادة العراقيين، ويحذرهم من مغبّة إقصاء قوة الحشد الشعبي الوطنية".
وتابع أنه عقب القبول بالهدنة في لبنان والإطاحة بنظام بشار الأسد "الذي كان يمثل همزة وصل في محور المقاومة الممتد من طهران فبغداد ثم دمشق وصولا إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، تشير بعض التقديرات إلى أن المحور الصهيوأميركي والدول الحليفة له يفكرون بتكرار السيناريو في العراق بعد نزع سلاح الحشد الشعبي، ذلك لأنهم يرون في قوته سدا منيعا أمام مخططاتهم"، على حد وصفه.
إعلانولدى إشارته إلى أن تحذيرات خامنئي لم تأت من فراغ، يستذكر الباحث الإيراني تصريحات المرشد الأعلى عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد إذ قال فيها إنه "يمتلك أدلة لا تقبل الشك في أن ما حدث في سوريا تم التخطيط له في غرفة عمليات أميركية وإسرائيلية"، ويرى تقوي نيا أن التحذير الإيراني يدل على استشعارها خطرا قد ينعكس سلبا على أمن حدودها.
وفي السياق، يكشف الشيخ أحمد سالك، عضو مجمع رجال الدين المناضلين، عن طرد النظام السوري السابق نحو 30 ألفا من قوات التعبئة الشعبية التي انضمت إلى الجيش النظامي إبان الحرب مع الجماعات المسلحة، مؤكدا -في تصريحات صحفية- أنه "بعد إقصاء الشباب السوري المؤمن ونزع سلاحه فإنه من الطبيعي أن يعجز الجيش العلماني عن مقاومة التجاوزات الأجنبية".
من ناحيته، يقرأ السفير الإيراني السابق في لبنان والأردن أحمد دستمالجيان مواقف المرشد الأعلى حيال تطورات المنطقة في سياق "فضح مخططات أعداء الأمة الإسلامية وضمان عناصر قوتها"، موضحا أن تحذير خامنئي لا يقتصر على العراق بل يتجاوزه إلى لبنان وسائر الدول المنضوية تحت عباءة محور المقاومة، لأنها تتعرض هذه الأيام إلى ضغوط كبيرة لوضع سلاحها جانبا".
وفي حديثه للجزيرة نت، يستذكر دستمالجيان تصريحات سابقة لوزير خارجية إيران عباس عراقجي قال فيها إن "من يعتقدون بتحقيق انتصارات في سوريا، عليهم التمهل في الحكم، فالتطورات المستقبلية كثيرة".
ويضيف أنه "في ظل احتلال أجزاء من الأراضي السورية بعد الإطاحة بالنظام السابق، والقصف الإسرائيلي المتواصل على البنى التحتية ومناطق التسلح الإستراتيجية، فإن تشكيل مقاومة وطنية سيصبح أمرا لا بد منه، ذلك لأنه أينما يكون احتلال ستكون هناك مقاومة لمواجهته".
إعلانورأى أن دبلوماسية بلاده كانت "سباقة في التأكيد على ضمان وحدة سوريا وسيادتها الوطنية وسلامة أراضيها"، كما حذرت من التدخل الأجنبي وطالبت أن يكون تقرير مصير بلاد الشام بيد أبنائها، معربا عن أسفه لما وصفه "بدخول أطراف إقليمية ودولية على خط تقسيم الكعكة السورية على حساب مصلحة شعبها".
وخلص الدبلوماسي الإيراني السابق إلى أن الحكام الجدد في دمشق سيجدون أنفسهم أمام مطالب الشعب السوري بضرورة التحرك لتحرير أراضيه وصيانة ثرواته الوطنية، موضحا أن المطالب الشعبية بمنع الأطراف الأجنبية من تحويل بلاد الشام إلى ساحة لتصفية الحسابات بينهم سترسم علامات استفهام كبيرة حول قدرة نظام الحكم الجديد على الدفاع عن استقلال سوريا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات محور المقاومة المرشد الأعلى الحشد الشعبی بشار الأسد فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
رغم إطلاق النار.. مئات الغزيين يخاطرون بحياتهم للحصول على المساعدات عبر محور «زكيم»
رصد مراسل «القاهرة الإخبارية» في قطاع غزة، يوسف أبو كويك، مشاهد مؤلمة من المحور الشمالي الغربي للقطاع المعروف بمحور زكيم، حيث بدأ، صباح اليوم، تدفق عدد من الشاحنات المحمّلة بالمساعدات الإنسانية، في ظل جهود دولية تقودها مصر لتخفيف حدة الحصار المفروض على غزة، وتداعيات الأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك.
وأفاد المراسل، بأن مئات المواطنين توافدوا إلى المنطقة، أملاً في الحصول على بعض أكياس الدقيق وقليل من الأرز، غير أن إطلاق نار مفاجئ من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي أوقع أكثر من 20 إصابة وما يزيد على 5 شهداء، بحسب شهود عيان كانوا في الموقع.
وطالب المواطنون الغزيون بأن تُسلَّم المساعدات إلى المؤسسات الدولية المعنية داخل القطاع، لضمان توزيعها بشكل عادل وآمن، بعيدًا عن المخاطرة بأرواح المدنيين في مشهد لا يليق بكرامة الإنسان، خصوصًا في ظل أزمة إنسانية خانقة.
وختم المراسل تقريره بالإشارة إلى أن الكثير من الأهالي باتوا يراهنون على وصول الشاحنات إلى المراكز المعتمدة التابعة للمؤسسات الدولية، بدلًا من اضطرارهم للوصول إلى أقصى شمال غرب مدينة غزة وسط أخطار حقيقية على حياتهم.
اقرأ أيضاًترامب: سكان غزة يعانون من الجوع ولو كنا مكانهم لمتنا جوعا
ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة لـ59821 شهيدًا و144851 مصابًا
مستشفيات قطاع غزة تسجل 6 حالات وفاة جديدة بسبب المجاعة