فائض إنتاج الفراولة يكتسح أسواق اليمن
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
شمسان بوست / العربي الجديد:
كل صباح، يحرص بدر الوافي على شرب كوب من الفراولة في محل العصير المجاور لمنزله في حي صينة بمدينة تعز جنوب غربي اليمن، حيث بات عصيرها ينافس العصائر الأخرى، حتى أن هناك محلات متخصصة فقط ببيع عصير الفراولة نتيجة الإقبال المتزايد عليه.
ويقول بدر الوافي لـ”العربي الجديد” هذه الأيام هناك ألذ فراولة يمكن أن تتذوقها، وهي طبيعية خالية من الأسمدة الكيميائية، فهي صحية ومفيدة للجسم وطعمها لذيذ وسعرها معقول، وهي متوفرة وتملأ الأسواق بعد أن تم الاهتمام بزراعتها في عدة مناطق في صنعاء وذمار واستطاعت تغذية السوق المحلي بالكامل”.
وباتت الأسواق المحلية مليئة بهذه الفاكهة المحلية بعد أن كان يتم استيرادها من الخارج، وهو ما ساهم أيضا بانخفاض أسعارها، حيث يبلغ سعر الكيلو الواحد منها في أسواق المحافظات الواقعة في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا ستة آلاف ريال أو ما يساوي 2.9 دولار، وفي المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة الحوثيين 1500 ريال أي ما يساوي 2.8 دولار.
ويقول صالح الريمي، صاحب محل لبيع الخضروات والفواكه، لـ”العربي الجديد” إن هناك إقبالاً كبيراً على شرائها، ويومياً أبيع ما بين 15 و20 كيلوغراماً يومياً، على عكس الفراولة التي كان يتم استيرادها من الخارج وكنت أبيع منها أقل من ربع هذه الكمية”. ويضيف أن هذه الفاكهة اليمنية مميزة من حيث لذتها مقارنة بالمستوردة، وهي مفيدة لصحة الجسم نتيجة احتوائها على العناصر المهمة مثل الفيتامينات والكالسيوم والحديد والفوسفور.
بدوره، المزارع صالح علي، قال لـ”العربي الجديد” كثير من المزارعين توجهوا خلال السنوات الأخيرة لزراعة هذا المنتج، فهو محصول بستاني يتم زراعته بسهولة، ولا يحتاج أسمدة كيميائية، كما أن لها مردودا ماليا ممتازا يجعلها خيارا مناسبا للمزارعين خاصة في ظل تزايد الطلب عليها”. ويضيف صالح، هناك طرق مختلفة لزراعة الفراولة، منها طريقة البذور، وهذه الطريقة تحتاج وقتا أطول لجني المحصول، وهناك طريقة الشتلة المحمية وهذه أنسب وأسهل حيث يتم جني المحصول فيها بشكل أسرع، ولهذا فالمزارعون في صنعاء يتبعون المحمية، وهو ما ضاعف من حجم المحصول في السوق”.
ويؤكد صالح، في البداية نصحني البعض أن أزرعها خصوصا أن الظروف المناخية مناسبة لهذه الفاكهة، وكنت مترددا هل ستنجح تجربة زراعة الفراولة؟ وهل سأجني مردودا ماديا مناسبا؟ وحين نجحت التجربة توجه الكثير من المزارعين هنا في بلاد الروس لزراعة الفراولة بمبادرة ذاتية من المزارعين أنفسهم في ظل غياب دور الجهات الحكومية ممثلة بوزارة الزراعة”.
وخلال السنوات الأخيرة تضاعف إنتاج محصول فاكهة الفراولة بشكل كبير، وبات يغطي احتياجات السوق اليمنية، حيث تزرع الفراولة بشكل كبير في عدد من المحافظات على رأسها صنعاء وتحديدا في مناطق بلاد الروس وسنحان وخولان وبني مطر والحيمتين وهمدان وبني حشيش، كما تزرع في محافظة ذمار وسط اليمن في مناطق آنس وعنس وقاع جهران، بالإضافة إلى محافظة حجة شمال اليمن.
وعلى الرغم من أن محصول الفراولة نجح في تغذية السوق المحلية، وإيصالها إلى مرحلة الاكتفاء بعد أن كان يتم استيراد الفراولة من دول خارجية على رأسها مصر إلا أن تجربة زراعة الفراولة في اليمن لا تزال غير منظمة كونها جاءت بمبادرة من المزارعين أنفسهم.
وتُعد الفراولة في اليمن من المنتجات الزراعية النقدية الجديدة التي تضاف إلى سلسلة المحاصيل الزراعية في اليمن، وذلك بعد اتخاذ قرار من قبل وزارة الزراعة بحكومة صنعاء بوقف استيراد الفراولة من الخارج، حيث ازداد اهتمام المزارعين بهذا المحصول الذي تفوق في جودته على الفراولة المستوردة، وساهم في تحقيق عوائد مالية للمزارعين، كما ساهم في خلق العديد من فرص العمل. ومنذ ثلاث سنوات اهتم المزارعون اليمنيون بزراعة الفراولة، وزاد من زراعتها سهولة زراعتها والمردود المالي الكبير لزراعتها، بالإضافة إلى توافق ظروف زراعتها مع المناخ المعتدل في معظم مناطق اليمن.
كما تُعتبر الفراولة من النباتات المعرشة وتزرع في فصل الربيع في المناطق المعتدلة والرطبة، كما يمكن أن تزرع في أواخر الصيف وفصل الشتاء، وتحتاج إلى تربة جيدة التصرف وخالية من الحشائش والأملاح، أي تربة متعادلة تقريباً من 6.5، إضافة إلى كمية كبيرة من المياه لريها، وتعتبر الأراضي الرملية أو الصفراء أفضل الأراضي لهذا المحصول سهل النمو، وفي الجانب الاقتصادي تعد الفراولة محصولا مربحاً وقليل التكاليف. ولا توجد إحصاءات رسمية بالكميات التي يتم إنتاجها سنويا حيث أن انتاج الفراولة يتم حتى الآن بمجهود ذاتي من المزارعين في ظل غياب الخطط والاستراتيجيات الحكومية المنظمة لزراعة هذا المحصول.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: العربی الجدید من المزارعین
إقرأ أيضاً:
المزارع العماني في "النجد" مُجبر على دفن المحصول.. وهيمنة التجّار الأجانب تقضي على أحلام أبناء الوطن
الرؤية- سارة العبرية
يُطالب عددٌ من المواطنين والمزارعين في منطقة النجد بولاية ثمريت في محافظة ظفار، الجهات المسؤولة بوضع خطط متكاملة لتحسين أوضاع المزارع والمزارعين، مشيرين إلى أن جهودهم الذاتية في استصلاح الأراضي وزراعة المحاصيل في ظل الظروف المناخية القاسية لا تجد المقابل المادي المناسب عند بيع المحاصيل، وهو ما يُؤثر على جهود تعزيز الأمن الغذائي في سلطنة عُمان.
وقال خالد بن عامر فاضل مزارع في منطقة النجد بمحافظة ظفار، إن أبرز مشكلة يعاني منها المزارع والمستثمر الزراعي في سلطنة عُمان هي تسويق المنتجات الزراعية، مشيرا إلى أن سوق الخضار المحلي يخضع لسيطرة شبه تامة من قِبل التجار الأجانب، مضيفاً: "للأسف، التجار المسيطرون على استقبال الخضار في السلطنة هم من غير العمانيين، وهم من يحددون الأسعار، بينما تقف الجهات المعنية موقف المتفرج، والأسواق المركزية الكبرى مثل اللولو ونستو لا يستقبلون المنتجات إلا من هؤلاء التجار، وإذا نزلنا منتجاتنا إلى السوق فنُجبر على بيعها بالسعر الذي يفرضونه".
وأوضح فاضل أن هذا الوضع يخلق خسائر كبيرة للمزارعين، إذ إنه في بعض الأحيان يصل المحصول إلى 10 أطنان من البطيخ أو الطماطم على سبيل المثال، ليتفاجأ جميع المزارعين بأنَّ السعر المعروض لا يتجاوز 100 بيسة للكيلو، مبينا: "لا توجد لدينا أماكن تخزين مناسبة حاليًا في محافظة ظفار، ما يضطرنا إلى بيع المحصول بالخسارة أو التخلص منه".
وبيّن: "في بعض مواسم الطماطم، أحفر حُفرة وأدفن المحصول؛ لأنَّ بيعه في السوق يكون أقل من تكلفة الإنتاج، فسعر الكرتون الذي يحتوي على أكثر من 10 كيلوجرامات طماطم أحيانًا لا يتجاوز 300 بيسة، بينما التكلفة الفعلية للنقل والإنتاج أعلى من ذلك بكثير".
وانتقد فاضل غياب الإشراف والدعم الحكومي للمزارعين قائلاً: "لا يوجد خبير أو جهة حكومية نلجأ لها لحل مشاكل التسويق أو التسعير، ولا نشعر بأي دعم فعلي من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، باستثناء دعم محدود للقمح فقط"، لافتاً إلى أنَّ المزارعين يعانون من ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج مثل الكهرباء والأسمدة، دون وجود جهة تتابع هذه القضايا بجدية.
وفي حديثه عن تجربة مزارعي منطقة النجد، قال فاضل: "مزارع نجد قامت بجهود شباب عمانيين عملوا في ظروف قاسية، وسط صحراء تتجاوز درجات الحرارة فيها 50 درجة مئوية، ومع ذلك حققوا نجاحات نفتخر بها، وهؤلاء الشباب يستحقون التكريم والدعم، لأنهم أثبتوا أن لديهم القدرة على توفير مُعظم احتياجات السلطنة الزراعية؛ بل ويمكنهم التصدير إلى دول الخليج".
ودعا فاضل إلى وجود توجه حقيقي من الحكومة لدعم الزراعة، قائلاً: "إذا لم يكن هناك توجه جاد من وزارة الثروة الزراعية ومجلس الوزراء، فستظل المعاناة قائمة في نهاية كل موسم". مشددا على أهمية تطبيق نظام التعاقدات الزراعية، لتوفير كميات محددة بأسعار معلومة، مما يضمن استقرار الإنتاج".
ووجّه فاضل رسالة إلى المؤسسات الحكومية والعسكرية في السلطنة، قائلاً: "لماذا تعتمدون على المستورد؟ نحن كمزارعين مستعدون لتوفير كل احتياجاتكم من المنتجات المحلية وبالأسعار نفسها، وكل ما نحتاجه هو دعم فعلي واهتمام جاد؛ لأنَّ مزارع نجد هي مستقبل الأمن الغذائي الوطني، وكما يُقال: "من لا يملك غذاءه لا يملك قراره".
من جهته، قال أحمد بن محمد الكثيري رئيس تحرير صحيفة عرب ميديا الإلكترونية، إن قضية مزارع النجد والمزارعين في تلك المنطقة ليست جديدة؛ بل تعود إلى السبعينيات والثمانينيات، حيث أُحيل الملف حينها إلى الجهات المعنية بغية الوصول إلى حل بشأن تمليك الأراضي الزراعية، موضحا أن كثيراً من الأراضي في النجد تعود ملكيتها للمواطنين منذ عقود طويلة، وبعضها ورثها الأهالي جيلاً بعد جيل، باعتبارها أراضي قبلية ضمن نسيج المجتمع المحلي.
ويتابع قائلا: "المزارعون شرعوا في استثمار هذه الأراضي، وضخّوا أموالهم الخاصة دون أي دعم حكومي يُذكر، خصوصًا في ما يتعلق بحفر الآبار وتكاليف التشغيل، وتمكنوا مع الوقت من تحقيق إنتاج زراعي ناجح، حيث وصلت محاصيلهم -مثل البطيخ والشمّام والقمح- إلى أسواق خارجية، منها الخليجية، كما أن 70% من المزارع في نجد يديرها مواطنون لا يمتلكون صكوك تملك رسمية، ويخوضون حاليًا حوارًا مع الحكومة من أجل الاعتراف بملكيتهم، لكن بدلًا من تمليكهم الأراضي، تم طرح نظام جديد يعتمد على الانتفاع أو الاستثمار، حيث يُفرض على الفدان الواحد رسوم سنوية تصل إلى 150 ريالًا، أي ما يعادل 5000 ريال في السنة للمزارع التي يزرع 100 فدان، وهو ما يعتبره البعض عبئًا ماليًا إضافيًا على المزارعين الذين يعانون أصلًا من ارتفاع تكاليف التشغيل.
وانتقد الكثيري ارتفاع فواتير الكهرباء على المزارعين، مشيرًا إلى أن المبالغ الشهرية التي تُدفع تعادل تقريبًا صافي الربح المفترض، متسائلا: "منذ توقيع عقد الانتفاع، أين الربح؟ كيف يستطيع المزارع الاستمرار في ظل هذه التكاليف الباهظة؟". كما أكد أن الزراعة بخاصة في المناطق الموسمية، عُرضة للخسارة بسبب عوامل مناخية بسيطة مثل الرياح أو حرارة الشمس، ما يجعل الإنتاج غير مضمون، في حين أن المصاريف ثابتة وعالية.
وأوضح الكثيري أن المزارعين حالياً يعيشون فترة "مُهلة" تمتد لثلاث سنوات ما بين توقيع العقد وبدء سداد الرسوم، لكن مع مرور العامين القادمين، فكثيرين منهم سيضطرون للتوقف لأنهم غير قادرين على مواكبة الأعباء المالية.
وقال: "اليوم المزارع لا يُعامل كمالك وإنما كمستثمر، رغم أنه يزرع ليؤمن قوته اليومي ويشغّل أبناءه في مراحل الإنتاج والحصاد والتوزيع"، مضيفا: "الغالبية يبيعون إنتاجهم داخل ولاياتهم ومحافظاتهم، ولا تصل منتجاتهم إلى أسواق مثل مسقط بسبب غياب الدعم في مجالات النقل واللوجستيات، وعلى سبيل المثال هناك مزارع واجه خسارة كبيرة مؤخرًا في محصول البصل، إذ باع محصوله بسعر يقل عن تكلفة النقل، واضطر إلى توزيع المحصول مجانًا في الشارع بعدما عجز عن تسويقه في السوق المحلي".
وبيّن الكثيري أن استمرار هذا الوضع لا يشجع على الاستثمار الزراعي؛ بل يؤدي إلى الإحباط، حيث إن ما يقارب 50% من المزارعين في المنطقة توقفوا بالفعل بسبب ضعف الجدوى الاقتصادية.
وشدد الكثيري على ضرورة معالجة ثلاث قضايا محورية: التوزيع، والتصدير، والتصنيع، مشيرًا إلى أن "مثلث النجاح" يتمثل في التمليك، والدعم، والتسويق، كما أن تحقيق الأمن الغذائي المحلي مسؤولية دولة في المقام الأول، وليس المواطن فقط، ولذلك يجب تدخل الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الثروة الزراعية لضمان استدامة القطاع الزراعي، ودعم المزارع المحلي بما يمكّنه من الإسهام الفعّال في هذا الملف الحيوي.
وفي السياق، قال المحلل السياسي علي بن مسعود المعشني، إنه لا يمكن النهوض بقطاع الزراعة في سلطنة عُمان وتحقيق مستوى معقول من الأمن الغذائي دون اتخاذ خطوات جادة تبدأ بإنشاء شركة أو هيئة مختصة بتسويق المنتجات الزراعية، تضمن وصولها إلى الأسواق بكفاءة وعدالة، مؤكدا ضرورة حماية المنتجات الزراعية العُمانية من المنافسة الخارجية، لا سيما في مواسمها، بما يتيح لها فرصة عادلة للنمو والبقاء في السوق.
وأضاف أن المنتجات العُمانية ذات الجودة العالية والإنتاج المستدام يجب أن تحظى بحماية دائمة، مع إمكانية السماح بدخول مثيلاتها من الخارج لكن مع فرض رسوم أعلى، تشجع المستهلك على تفضيل المنتج الوطني وتدعم المزارعين المحليين، لافتا إلى أهمية استحداث معاهد زراعية متخصصة على غرار معاهد التدريب المهني، تتولى تأهيل مخرجات الدبلوم العام للعمل في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والدواجن، عبر برامج عملية متطورة، مع منح الخريجين قروضاً ميسرة لتمكينهم من بدء مشاريعهم بعد التخرج.
وبيّن المعشني: "من الضروري أيضًا ربط هذه الشهادات بمؤسسات أكاديمية جامعية، بحيث تتيح للراغبين استكمال دراستهم للحصول على مؤهلات جامعية عليا في تخصصات الزراعة والثروة الحيوانية، للاسهام في بناء كوادر وطنية متخصصة وقادرة على النهوض بالقطاع الزراعي بصورة شاملة".