دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أفاد باحثون في علوم البحار استكشفوا أعماقًا سحيقة أنّهم اكتشفوا نظامًا بيئيًا مذهلاً في أعماق البحار، يضم كائنات حية كيميائية التركيب، تتغذى على الغازات المتسربة من شقوق قاع المحيط.

وفقًا لدراسة جديدة، كشفت البعثة عن ميكروبات مُنتجة للميثان ولافقاريات بحرية تعيش في ظروف قاسية لا تصلها أشعة الشمس.

لم يتبقَّ لعالمة الكيمياء الجيولوجية، منغران دو، سوى 30 دقيقة في مهمتها داخل الغواصة، عندما قررت استكشاف امتداد أخير من الخنادق الواقعة بين روسيا وألاسكا، على عمق يتراوح بين 5،800 و9،500 متر تحت سطح المحيط فيما يُسمى منطقة "هادال" (Hadal Zone).

أفاد علماء درسوا منطقة "هادال" بين روسيا وألاسكا أنّهم اكتشفوا أعمق نظام بيئي معروف، قادر على دعم الحياة بدون ضوء الشمس.Credit: Institute of Deep-sea Science and Engineering/Chinese Academy of Sciences (IDSSE, CAS)

وذكرت دو أنّها بدأت تلاحظ "مخلوقات مذهلة"، ضمنًا أنواع مختلفة من المحار والديدان الأنبوبية التي لم تُسجَّل قط على هذا العمق تحت السطح.

ما عثرت عليه دو صدفة هو امتداد يبلغ طوله حوالي 2،500 كيلومتر وصفه فريقها بأنه أعمق نظام بيئي معروف للكائنات الحية التي تستخدم مركب الميثان الكيميائي عوض ضوء الشمس للبقاء على قيد الحياة.

ودو هي المؤلفة الرئيسية المشاركة لدراسة نُشرت في 30 يوليو/ تموز في مجلة "Nature". 

تتكون منطقة "هادال" بشكلٍ أساسي من خنادق وأحواض محيطية، وهي من أعمق البيئات وأقلها استكشافًا على وجه الأرض. 

مجموعة من الديدان الأنبوبية والرخويات الصغيرة (البقع البيضاء) في عمق يتجاوز 9 آلاف متر. Credit: Institute of Deep-sea Science and Engineering/Chinese Academy of Sciences (IDSSE, CAS)

أوضحت دو، الأستاذة والباحثة في معهد علوم وهندسة أعماق البحار التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، أنّ "الحياة في هذه الأعماق تحتاج إلى حيل للبقاء والازدهار ".

تكمن إحدى تلك الحيل في البكتيريا التي تطورت لتعيش داخل المحار والديدان الأنبوبية، بحسب الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA). 

تُحوّل البكتيريا غازَي الميثان وكبريتيد الهيدروجين من مناطق التسربات الباردة، وهي شقوق في قاع البحر تُسرّب هذه المركبات على شكل سوائل، إلى طاقة وغذاء يُمكن للحيوان المُضيف استخدامه، ما يُتيح للكائنات الحية العيش رُغم انعدام ضوء الشمس.

نظام بيئي في الأعماق مدعوم بالميثان لاحظ العلماء أنواعًا غير معروفة سابقًا في خنادق "هادال".Credit: Institute of Deep-sea Science and Engineering/Chinese Academy of Sciences (IDSSE, CAS)

بعد تحليل عينات الرواسب التي جُمعت من البعثة، صرّحت دو وفريقها بأنهم اكتشفوا تركيزات عالية من الميثان. 

كان الاكتشاف مُفاجئًا، لأن رواسب أعماق البحار عادةً ما تحتوي على تركيزات منخفضة جدًا من هذا المركب.

افترض العلماء أن الميكروبات التي تعيش في هذا النظام البيئي تُحوّل المواد العضوية في الرواسب إلى ثاني أكسيد الكربون، من ثم ثاني أكسيد الكربون إلى ميثان، وهذه قدرة لم يعلم الباحثون أن الميكروبات تمتلكها.

وقالت دو إنّ البكتيريا التي تعيش داخل المحار والديدان الأنبوبية تستخدم هذا الميثان بعد ذلك في عملية التخليق الكيميائي للبقاء على قيد الحياة.

وكان هناك اكتشاف آخر أيضًا. 

اعتقد العلماء سابقًا أن المجتمعات الناجمة عن التخليق الكيميائي تعتمد على المواد العضوية، مثل تلك الموجودة في الكائنات الميتة والجسيمات المنجرفة من الكائنات الحية، التي سقطت من سطح المحيط إلى قاعه. 

لكن يدلّ هذا الاكتشاف إلى أنّ هذه الميكروبات المنتجة للميثان تُنشئ أيضًا مصدرًا محليًا للجزيئات العضوية التي يمكن للكائنات الحية الأكبر حجمًا، مثل المحار، استخدامها كغذاء وطاقة.

يُعد الميثان جزءًا من دورة الكربون بما أنّه مركب يحتوي على الكربون. لذا، يشير هذا الاكتشاف أيضًا إلى أن خنادق "هادال" تلعب دورًا أكثر أهمية في تلك الدورة ما كان يُعتقد سابقًا، بحسب ما أوضحت دو.

أبحاث إضافية بشأن النظم البيئية لأعماق البحار

المجتمعات الناجمة عن التخليق الكيميائي بحد ذاتها ليست جديدة في المشهد العلمي، فقد أشارت أبحاث سابقة إلى إمكانية ازدهارها في مثل هذه الأعماق السحيقة، بحسب جوانا ويستون، العالمة البيئية المختصة بأعماق المحيطات في معهد "Woods Hole" لعلوم المحيطات فبماساتشوستس، .

ومع أنّها غير مشاركة في الدراسة الجديدة، إلا أنّها أعربت عن إعجابها بشأن نطاق الاكتشاف الأخير، كما صرحت لـCNN.

في عصرٍ يشهد فقدانًا واسع النطاق للتنوع البيولوجي، تُسلّط هذه النتيجة الضوء على أهمية التكنولوجيا الجديدة القادرة على تحمّل الضغط العالي في بيئات أعماق البحار لتوثيق الكائنات الحية غير المكتشفة، وفقًا لما ذكرته ويستون، وهي عضوة في فريقٍ يستكشف أعماق البحار قبالة سواحل الأرجنتين.

وأضافت أنه رُغم أن خنادق "هادال" نائية، إلا أنها ليست معزولة تمامًا.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: البيئة أعماق البحار ضوء الشمس نظام بیئی أعماق ا

إقرأ أيضاً:

جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق

قال رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، إن اللحظة التي يمر بها لبنان حاليًا دقيقة وخطيرة ومؤلمة ودموية، معربًا عن أسفه لعدم تمكن القوى السياسية من منع البلاد من الوصول إلى هذه المرحلة الحساسة.

وأوضح جعجع، في لقاء خاص مع أحمد سنجاب مراسل قناة "القاهرة الإخبارية"، أن الوضع الراهن يمكن أن يتجه نحو مزيد من التدهور إذا لم يتم التعامل معه بمسؤولية وجدية.

تسبب قرحة.. حسام موافي يحذر من خطورة جرثومة المعدة وطرق نقلها هل يحق للزوج منع زوجته من العمل أو التعليم؟.. حسام موافي يعلق

وأكد جعجع أن المشهد اللبناني يقف على مفترق طرق، مشددًا على أن إمكانية إنقاذ الوضع لا تزال ممكنة إذا تم التصرف بشكل سليم، مضيفا أن القوى السياسية مطالَبة بالتحرك بوعي، بدل الاستسلام لدوامة الأزمات التي تتفاقم يومًا بعد يوم.

وأشار إلى أن الأزمة الحالية ليست قدرًا محتومًا، بل نتيجة تراكمات سياسية وأمنية كان يمكن تفاديها لو توفرت الإرادة الحقيقية لإدارة الخلافات بفاعلية، لافتا إلى أن استمرار التردد أو المكابرة سيجعل البلاد أكثر عرضة للانهيارات.
 

مقالات مشابهة

  • جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق
  • إسرائيل وسياسات قضم المحيط الجغرافي
  • كيف يعيش نازحو طولكرم بعد 10 أشهر من تهجيرهم؟
  • تقرير أممي يحذر من ارتفاع انبعاثات الميثان العالمية
  • الدولة البوسعيدية.. إرثٌ راسخٌ في أعماق التاريخ وعطاءٌ مُتجددٌ في مسيرة النهضة
  • سعيد النقبي: استدامة الحياة البحرية مسؤولية مجتمعية
  • ابتكار مذهل.. روبوت بحجم حبة رمل قادر على السباحة داخل عروق الإنسان!
  • ويتكوف يلتقي وفدا من حماس برئاسة الحية الأربعاء في تركيا
  • «الذكاء الاصطناعي» في مواجهة المناخ.. أداة تمكينية أم تهديد بيئي؟
  • قرار وزاري بتشكيل لجان التصالح في مخالفات قانون الثروة المائية الحية