د. ليلى الضو ابوشمال
يقول سبحانه وتعالى( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) صدق الله العظيم
إن الله سبحانه وتعالى يعلم ولا نعلم ، فالنفس البشرية بحدود علمها البسيط والله بعلمه الواسع الممتد قد جعل الخير والشر في هذا الكون يسعى بين الناس إلى أن تقوم الساعة، ولو أرادها خيرا فقط لفعل ولو أرادها شرا لفعل.
كيف لا وهو الذي لبى نداء الله بنية الجهاد في سبيله وبنية نشره للحق والدفاع عن الأعراض وتثبيت قيم الدين من الذين انتهكوا أعراض النساء واستباحوا ممتلكات غيرهم ، وسرقوا ونهبوا وارتكبوا كل الموبقات والمحرمات لم يمنعهم من فعل ذلك دين ولا أخلاق ولا شيم ولا أعراف، وحين تصدى هؤلاء الرجال ببسالة وفراسة لهؤلاء الأوباش لابد وأن يكون وعد الله لهم بسخاء فهو المعطي وهو المجيب وما أجمل عطاياه واوسع هباته.
جانب آخر لهذا القتال الذي نحسبه شرا و نقول كما قال المولى عساه يكون خيرا فإنه من خلال حربنا التي دامت لقرابة العامين ورغم كل المعاناة التي عاشها الشعب المكلوم الا أنه لابد وأن نقر ونعترف بأنها علمت هذا الشعب دروسا في الوطنية كانت تنقصهم ، وما كان لهذا الدرس أن يستوعبه هذا الشعب عبر الدروس والمناهج والدورات التدريبية الا إذا جاء عبر هذا الألم والمعاناة والقسوة التي عاشها خلالها هذين العامين ، فخرج عدد كبير من ديارهم إلى بلاد مفارقين وطنهم ، وهناك عرفوا قيمة الأرض والوطن ، وآخرون لم يتمكنوا من الخروج عاشوا نازحين من مدينة لمدينة، ومن قرية لقرية من ولاية لولاية وهناك تعلموا كيف يكون دارك هو أمانك وحصنك ، حينها عرف الشعب أن ثمن الخبز الذي زاد جنيها ماكان ليعترض عليه فقد كان الحال أفضل مما صرنا إليه،، وفي كل الأحوال هو خير من عدو يتهجم عليك في عقر دارك يغتصب زوجتك وابنتك و أختك ويطردك من بيتك ذليلا عندها لابد أن نكون قد تعلمنا كيف نحمي أوطاننا والوطن الذي نحميه هو أهلنا بكل ما فيهم من سماحة وبساطة وطيبة ونقاء سريرة
والدرس الذي يستفاد منه ولا ينسى هو الدرس الغالي الذي لا يكون الا بحجم القساوة التي تعيشها فيه وما أقسى وما أمر علينا مما حدث لنا.
إن بدايات التصحيح الإقرار بالفعل وأسوأ أفعالنا أننا لم نكن نحب بلادنا ولا نحب بعضنا ولا حتى نحب أنفسنا ، ولو كنا نعرف معنى الحب لعرفنا طعم الكره ، لكننا الآن تعلمنا الحب من ذاك الكره الذي تجرعناه و عشناه وعايشناه فكان الدرس بليغا.
بعد أن تنتهي هذه المعركة هنالك معارك كثيرة أخرى تنتظرنا منها ،، معركة مع النفس ومراجعتها وتقويمها ، ومعركة مع من نختلف معهم في الرأي ذاك الخلاف الذي يجب الا يفسد للود قضية ، ومعركة مع قياداتنا التي لا نحترمها ولا نعينها وانما دوما ننتقدها وننقص من شأنها ونقلل من حجم جهودها ونحمل لها السياط ولا نقومها ومعركة مع أولئك الذين يسمونهم (المطبلاتية) الذين يمدحون في غير مكان المدح ويرفعون شأن من لا شأن لهم،،معركتنا القادمة معركة بقاء بقوة ،،معركة تلاحم،،معركة تكوين وحدة ،،معركة تحدي أن هذه الأرض وليعش سوداننا علما بين الأمم
ان معركة الكرامة مضت منها الحلقة الأولى وتنزل بقية الحلقات تباعا أبطالها أبناء هذا الشعب الصامد.
leila.eldoow@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: معرکة مع
إقرأ أيضاً:
لأول مرة في تاريخ السودان، تتعرض الدولة لاستهداف بهذا الشكل الواضح
ظاهريًا قد يبدو للبعض أن حلف الدعم السريع ومجموعات قحت يستفيدون من دعم الإمارات، كحليف (في الواقع مشغل) قوي يملك المال والنفوذ.
ولكن في الحقيقة، فإن الإمارات باستخدامها لهم بهذا الشكل قد أنهت مستقبلهم السياسي في السودان.
صحيح أن السودان عرف معارضة الخارج وتلقي الدعم أو التحالف مع دول لها عداء معه، ولكن كل الحروب السابقة كانت إلى حد كبير حروبًا بين جيوش، ولم تكن ضد الشعب السوداني بشكل مباشر. وصحيح أن تحالف التجمع الوطني قد استهدف أنبوب النفط تقريبًا في نهاية التسعينيات، وكان ذلك عملًا جبانًا، ولكن الإعلام في ذلك الوقت لم يكن مثل الإعلام اليوم.
الحرب الحالية هي حرب ضد الدولة، ضد البُنى الأساسية والخدمات، وضد المواطن نفسه، الذي تضرر منها بشكل مباشر. يحدث ذلك في ظل تغطية إعلامية قوية، ومع تطور وسائط التواصل والإعلام. المواطن السوداني لا يتلقى المعلومة من الدولة وإعلامها وحسب، بل يتابع الفضائيات، وتصله أخبار الصحف العالمية، ويتابع تحليلات من كتّاب ومحللين وصنّاع محتوى من داخل الوطن العربي وخارجه. فدعم الإمارات لهذه الحرب ضد السودان حقيقة عالمية، ويتلقاها المواطن السوداني على أنها حقيقة عالمية وليست مجرد رواية حكومية.
حلف الجنجويد وقحت يتجاهل هذه الحقيقة ويحاول نفيها أحيانًا، لكنه أيضًا يؤكدها ويعززها في أذهان الناس أكثر.
لأول مرة في تاريخ السودان، تتعرض الدولة لاستهداف بهذا الشكل الواضح: تدمير متعمد للمنشآت الحيوية، واستهداف المواطنين بأسلحة حديثة، وقتل وتشريد واغتصاب ومعاناة. كل ذلك يحدث، وهناك مجموعات من السودانيين متورطة فيه، لكنها تعيش في أوهام بأنها تستطيع أن تجعل الشعب يتقبل كل هذا طوعًا أو كرهًا!
لا شك أن أملهم الوحيد هو هزيمة كل الشعب السوداني وربما محوه من الوجود، ولكن في ظل انتصار هذا الشعب ووجوده على أرضه، لا مستقبل لهؤلاء الخونة الذين عملوا كأدوات في أيدي الأعداء.
فما يحدث للسودان وللشعب السوداني من عدوان واستهداف ليس شيئًا يمكن نسيانه مهما طال الزمن، ومن وقفوا ضد شعبهم لا يمكن نسيانهم.
وما يجري ليس مجرد صراع سياسي ولا حتى حرب داخلية، بل عدوان على الدولة وتهديد لوجودها، حدثٌ نادر تمر به الدول والشعوب، ويبقى معلمًا بارزًا في تاريخها، بل يدخل في تشكيل هويتها.
فهذه الحرب، عندما تنظر إلى قوة الجنجويد، والدعم الإماراتي، والمرتزقة، وتآمر دول في الإقليم ودول كبرى، واحتلال العاصمة، وما تلا ذلك من أحداث مروعة على امتداد السودان من إبادة وقتل وتشريد وإذلال وتخريب، ثم بعد كل هذا يأتي انتصار الشعب السوداني وملاحمه التي لا تحصى ولا تعد، بطولات وتضحيات الآلاف من الرجال والنساء وكل هذا الصخب الذي هو، بكل واقعيته، وبسبب هذه الواقعية، أكبر من أسطورة. ولذلك، فإن الخونة لن يكونوا إلا جزءًا تافهًا لا يُذكر ضمن هذا الحدث، لأن الحيز الأكبر سيكون للبطولات والانتصارات، ولكنه مع ذلك لا يُنسى. فالتاريخ يخلد الأبطال كأبطال والخونة كخونة، وهذا هو الدور الوحيد المتبقي للجنجويد وحلفاءهم في تاريخ السودان لا أكثر.
حليم عباس