بوابة الوفد:
2025-10-19@13:16:20 GMT

الأدب والفن بين الدمار والإبداع

تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT

فى إحدى الأمسيات، كنت أنا وبعض الأصدقاء نناقش تأثير الحرب الاسرائيلية المدمرة على أهل غزة. فتساءلنا عن أهوال المجازر هناك وحجم الألم الذى قد نرى أثره فى الأدب والفن القادم. فى خضم الحديث، تذكرنا تأثير الحروب عبر التاريخ على الفن والأدب، وكيف أن المآسى الكبرى أفرزت أعمالًا خالدة. ومن بين تلك اللحظات التاريخية، دار الحديث عن حركة «فن وحرية» فى مصر وتأثير السريالية فى فرنسا.

فى أعقاب الحرب العالمية الأولى، كانت فرنسا تعيش حالة من الصدمة الجماعية، مما دفع الفنانين والأدباء إلى البحث عن أساليب تعبيرية جديدة تتجاوز المألوف. ظهر فى هذا السياق أندريه بريتون، الذى عُرف بلقب «أبوالسريالية»، ليقود حركة فنية وأدبية تهدف إلى تحرير الخيال من قيود الواقع. استخدمت السريالية أحلامًا وصورًا رمزية لتجسِّد مشاعر الألم والمعاناة التى ولَّدتها الحرب

فى القاهرة، وفى خضم التحولات السياسية والاجتماعية فى أواخر الثلاثينيات، وُلِدت جماعة «فن وحرية» لتكون صدى للسريالية فى مصر. فى عام 1938، أصدرت الجماعة بيانها الأول «عاشت الفنون المنحطة»، معلنة تمردها على الفن التقليدى الذى كان خاضعًا لسلطة الصالونات الرسمية والنخب البرجوازية.

تألفت الحركة من شخصيات مصرية بارزة مثل رمسيس يونان، كامل التلمسانى، وجورج حنين. رأى هؤلاء الفن كأداة لتحرير الإنسان وكسر القيود التى فرضتها الظروف السياسية والاجتماعية. جاءت أعمالهم الفنية والأدبية لتصور الإنسان ككيان ممزق، يعانى من واقع قاسٍ فرضته الاستعمار والفقر.

فى لوحاتهم وأعمالهم الأدبية، استخدم أعضاء جماعة «فن وحرية» الرموز السريالية لتجسيد الدمار الذى أحاط بهم خلال الحرب العالمية الثانية. جسّدت لوحاتهم الموت والحطام، لكنها حملت أيضًا رؤى قيامة جديدة من قلب الخراب. على غرار السرياليين فى فرنسا، رأى هؤلاء الفن وسيلة لكشف الحقائق القاسية عن الفجوة الطبقية والاضطهاد الاجتماعى. دفع رمسيس يونان ثمن مواقفه بالسجن والنفى، لكنه ظل وفيًا لفنه وأصدر كتابات وترجمات مهدت الطريق أمام الأجيال القادمة. وبرع كامل التلمسانى فى التعبيرية والتكعيبية، وقدم أعمالًا تركز على قضايا اجتماعية مثل تسليع الجسد ومعاناة الطبقات المهمشة. أمّا جورج حنين، الشاعر السريالى، فقد ساهم فى نشر الفكر السريالى فى مصر من خلال أعماله الأدبية ومقالاته الجريئة.

لاشك أنّ تجربة «فن وحرية» أظهرت الفن قادرا على أن يكون سلاحًا فى وجه الظلم والاستبداد، كما أن المأساة يمكن أن تكون شرارة للإبداع الذى يخلّد لحظات الألم، ويمنح الضحايا صوتًا يعبر عن معاناتهم.

فى غزة اليوم، كما فى مصر وفرنسا سابقًا، قد يولد من بين الأنقاض جيل جديد من المبدعين يستطيع أن يحول الحطام إلى لوحات أدبية وفنية، تُعبّر عن آلامهم وآمالهم، وتقف شاهداً على مأساة غزة وصمود أهلها البواسل.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأصدقاء الحرب الإسرائيلية المدمرة أهل غزة فى مصر

إقرأ أيضاً:

العربي للدراسات: غياب الردع الدولي جعل إسرائيل "تسيء الأدب مع محيطها"


قال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة تحمل أهدافًا خبيثة تتجاوز استهداف حزب الله أو مواقع محددة في لبنان، مشيرًا إلى أن ما تقوم به إسرائيل هو محاولة مقصودة لزعزعة استقرار الدولة اللبنانية والتضييق على مؤسساتها.

الهلال الأحمر بسيناء: 700 ألف ساعة عمل لخدمة غزة منذ 7 أكتوبر إبراهيم عيسى يهاجم "نفاق" المتعاطفين مع حماس ويتساءل: كم مريض نفسي في غزة؟ (فيديو)


وأوضح غباشي في مداخلة هاتفية لبرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم،  أن إسرائيل تمارس سياستها العدوانية تجاه لبنان وسوريا وقطاع غزة وفق رؤية وجودية تعتبر فيها الصراع مع محيطها العربي مسألة بقاء لا مواقف سياسية، لافتًا إلى أن إسرائيل تعيش ما يُعرف بلعنة العقد الثامن، حيث لم تعمّر أي دولة يهودية في التاريخ أكثر من ثمانين عامًا، وهو ما يثير داخلها هاجس الخوف من الزوال ويدفعها إلى تصعيد دائم ضد جيرانها.
وأضاف نائب رئيس المركز العربي أن الكيان الإسرائيلي تجاوز كل القوانين والقرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، والذي يلزم بوقف الأعمال العدائية، ومع ذلك تواصل إسرائيل استخدام القوة المفرطة بذريعة تأمين حدودها الداخلية، في حين أن تلك المبررات أصبحت مجرد حجج للاستهلاك المحلي ولتبرير العدوان المتكرر على الدول المجاورة.
وشدد غباشي على أن غياب الردع الدولي الحقيقي شجع إسرائيل على التمادي في انتهاكاتها، قائلاً: "من أمن العقاب أساء الأدب، وإسرائيل اليوم أمنت العقاب، فأساءت الأدب مع محيطها الإقليمي كله".

وأشار إلى أن المجتمع الدولي بات يقف عاجزًا أمام خروقات إسرائيل المتكررة، في ظل غياب إرادة حقيقية لتطبيق القانون الدولي أو تفعيل دور محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، مما جعل إسرائيل تتصرف كدولة فوق القانون، غير عابئة بقرارات الأمم المتحدة ولا بمعايير العدالة الدولية.
 

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي يشدد على دور الإعلام والفن في توعية الرأي العام
  • ياسر جلال: أفخر بتمثيل الفنانين داخل مجلس الشيوخ ومصلحة المواطن المصري في المقام الأول
  • ياسر جلال: الفن والثقافة ركيزتان لأي نهضة حقيقية.. والفنانون تحت قبة البرلمان انعكاس للتحضّر
  • رحيل الأديب المصري رؤوف مسعد بعد مسيرة حافلة بالإبداع والمغامرة الفكرية
  • العربي للدراسات: غياب الردع الدولي جعل إسرائيل "تسيء الأدب مع محيطها"
  • غدًا.. «بيت مصر» في فرنسا يستضيف الملتقى الدولي للكتاب العربي
  • تعويضات ما بعد الحرب.. محاكمة «نتنياهو»!
  • ندوة عن أحمد شمس الدين الحجاجي في معرض الأقصر للكتاب
  • خلال افتتاح معرض التمكين والإبداع 2025 في كتارا.. خبراء: الإبداع لا تحدّه الإعاقة والفن لغة الأمل ورسالة التمكين
  • أﺣﻤﺪ ﻧﺒﻴﻞ: »اﻟﺒﺎﻧﺘﻮﻣﺎﻳﻢ« ﻏﻴّﺮ ﺣﻴﺎﺗﻰ