يشكل الفحص المبكر ركيزة أساسية في منظومة الرعاية الصحية، لما له من دور حاسم في الحفاظ على صحة الأفراد والارتقاء بجودة حياتهم. ولم يعد الأمر مسؤولية فردية فحسب، بل غدت المؤسسات الصحية شريكًا محوريًا في تعزيز ثقافة الفحص من خلال توفير الخدمات اللازمة وبرامج التوعية المستمرة التي تسهم في بناء مجتمع واعٍ بأهمية الكشف المبكر ودوره في الوقاية والعلاج.

وقالت الدكتورة حليمة بنت محمد البلوشية طبيبة بقسم الطوارئ في مستشفى عبري في حديثها لـ"عُمان": إن الاستثمار في الصحة يبدأ من الوعي بأهمية الفحص المبكر، مشيرة إلى أن هذا الفحص يُعدّ أداة وقائية فعّالة تسهم في الحد من انتشار الأمراض المزمنة والوقاية من مضاعفاتها".

وأضافت : "من أبرز الأمراض المزمنة التي يمكن اكتشافها من خلال الفحص المبكر داء السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والشرايين، وارتفاع الكولسترول، بالإضافة إلى أمراض الكبد والكلى المزمنة، وبعض أنواع السرطانات مثل سرطان الثدي والقولون".

وأوضحت أن ما يميز هذه الأمراض هو أنها تبدأ بصمت ودون أعراض واضحة، مما يجعل الفحص المبكر ضرورة صحية ملحّة، ويُعدّ الكشف المبكر المفتاح الأساسي للوقاية والسيطرة على الأمراض قبل تفاقمها، فكلما تم التشخيص في مراحل مبكرة، كانت الفرص أكبر للسيطرة على المرض ومنع مضاعفاته.

وأشارت إلى أن الفحص لا يقتصر على اكتشاف المرض فقط، بل يشمل التدخل العلاجي المبكر بخطط فعّالة تقلل من معدلات الوفيات، وتُحسّن من فرص الشفاء، وتسهم في رفع جودة الحياة للأفراد والمجتمع على حدّ سواء.

ودعت الدكتورة حليمة بنت محمد البلوشية جميع الأفراد ولا سيما من تجاوزوا سن الأربعين أو ممن لديهم تاريخ عائلي مع الأمراض المزمنة، إلى ضرورة إجراء الفحوصات الدورية السنوية، مؤكدة أن الوقاية تبدأ من الوعي. وقالت: "من المهم اتباع نمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة وممارسة النشاط البدني، إلا أن ذلك لا يُغني عن الفحص المبكر، فحتى الأشخاص الأصحاء قد يحملون عوامل خطر خفية، لذا فإن الفحص المبكر يُعد استثمارًا حقيقيًا في صحتك المستقبلية".

وأضافت أن الوعي الصحي يشكل حجر الأساس في بناء ثقافة وقائية، مشيرة إلى أن التوعية تسهم في تغيير السلوك المجتمعي نحو الاهتمام بالكشف المبكر. وأوضحت قائلة: "عندما يدرك الأفراد أن الفحص قد ينقذ حياتهم، يصبحون أكثر التزامًا بالعادات الصحية، مثل ممارسة الرياضة المنتظمة، وتناول الغذاء المتوازن، وإجراء الفحوصات الدورية".

وتحدثت عن أبرز العقبات التي تعيق الإقبال على الفحص المبكر، مشيرة إلى أن ضعف الوعي الصحي، والخوف من النتائج، وضيق الوقت تشكل أهم التحديات، إضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن غياب الأعراض يعني تمام الصحة، فضلاً عن محدودية الخدمات الصحية في بعض المناطق، مما يجعل الوصول إلى الفحوصات المبكرة أكثر صعوبة.

وأكدت أن الفحص المبكر ليس ترفًا، بل ضرورة للحفاظ على الصحة العامة، مشددة على أن تبني المجتمع لهذه الثقافة الوقائية يسهم في خفض معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة وتحسين جودة الحياة.

وقالت الدكتورة حليمة: "إن تحسين وصول خدمات الفحص المبكر، خاصة في المناطق النائية يتطلب دعم العيادات المتنقلة، وتوسيع خدمات الرعاية الصحية الأولية، وتنظيم حملات توعية ميدانية، بالإضافة إلى ذلك، فإن التحول الرقمي في القطاع الصحي يسهم بشكل كبير في تسهيل المواعيد والمتابعة عن بُعد".

مشيرة إلى أن الكشف المبكر يساعد في وضع خطة علاجية فعّالة، مما يمكّن المريض من الحفاظ على نمط حياة طبيعي ويقلل من احتمالية حدوث مضاعفات خطيرة، المرضى الذين يُشخّصون مبكرًا يكونون أكثر قدرة على التكيف النفسي وتقبّل العلاج، وغالبًا ما يحتفظون بحياتهم الاجتماعية والنفسية بشكل أفضل.

وأكدت البلوشية أن المرضى الذين يُشخّصون في مراحل متأخرة قد يعانون من صدمة نفسية وخوف من المضاعفات، مما يؤثر سلبًا على توازنهم النفسي والاجتماعي، وينبغي وضع برامج وطنية منظمة للفحص المبكر تشمل الفئات الأكثر عرضة، مع حملات توعية واسعة النطاق، ويجب أيضًا دعم الأبحاث التي تقيم فعالية هذه البرامج لضمان استدامتها، والمؤسسات الصحية يمكن أن تعزز الفحص المبكر من خلال الحملات الإعلامية، الأيام المفتوحة للفحوصات المجانية، ودمج الفحوصات ضمن الزيارات الروتينية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأمراض المزمنة الفحص المبکر مشیرة إلى أن

إقرأ أيضاً:

منسقية النازحين: تكاتف الجهود قاد للسيطرة على الكوليرا بكفاءة عالية

منسقية النازحين واللاجئين أعلنت التزامها بمواصلة العمل في التصدي لبقية التحديات الصحية التي تهدد حياة النازحين “الملاريا، سوء التغذية، السل والدرن”.

الخرطوم: التغيير

أكدت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين، أن تكاتف الجهود بين المنسقية والسلطات المحلية والمنظمات الإنسانية وغرف الطوارئ والمتطوعين المحليين والمجتمع المدني، بجانب الدعم الإعلامي من الصحفيين ووسائل الإعلام الدولية، أثمر عن السيطرة على وباء الكوليرا بكفاءة عالية.

وقالت إن ذلك كان جهداً وطنياً وإنسانياً مخلصاً يستحق الإشادة والتقدير.

وأصدر الناطق الرسمي باسم المنسقية آدم رجال اليوم الجمعة، بياناً صحفياً حول التعامل مع وباء الكوليرا، أشار فيه إلى أن إقليم دارفور شهد تدهوراً صحياً حاداً فاق حدود الاحتمال حيث تفشى وباء الكوليرا على نطاق واسع مخلفاً مئات الضحايا في مناطق النزوح ومخيمات دارفور.

وقالت المنسقية إن الأزمة تفاقمت بسبب نقص الإمدادات الطبية والمحاليل الوريدية والكلور إلى جانب ضعف البنية التحتية الصحية وانهيار النظام الصحي في معظم المناطق مما جعل آلاف الأسر تواجه الخطر بإمكانات محدودة وظروف قاسية.

وأضافت أنه مع ذلك، فإن تكاتف الجهود أثمر عن السيطرة على الوباء بكفاءة عالية.

وتوجهت المنسقية بالشكر والعرفان لكل من ساهم وقدم تضحيات جسيمة في سبيل حماية الأرواح ومكافحة هذا الوباء القاتل.

وأكدت التزامها بمواصلة العمل في التصدي لبقية التحديات الصحية التي تهدد حياة النازحين وعلى رأسها الملاريا وسوء التغذية ومرض السل والدرن، مشيرة إلى أنهما خطران يهددان النساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة في بلدٍ أنهكته الحرب وأثقلته المجاعة.

ودعت المنسقية المنظمات الإنسانية والطبية إلى مضاعفة جهودها لإعادة بناء النظام الصحي السوداني بما يليق بكرامة الإنسان وذلك عبر توسيع نطاق مراكز الرعاية الصحية الأولية وتوفير مصادر مياه الشرب النظيفة والآمنة في جميع مناطق النزوح.

وعبرت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين، عن إيمانها بأن العمل المشترك والمسؤولية الجماعية هما السبيل الوحيد لحماية الأرواح وصون كرامة الإنسان في هذه الظروف القاسية.

الوسومالإمدادات الطبية الحرب الدرن السل الكوليرا الملاريا المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين المنظمات الإنسانية المنظمات الطبية دارفور

مقالات مشابهة

  • شفاء الأورمان تنظم ندوتين حول أهمية الكشف المبكر لسرطان الثدى بالأقصر
  • سرطان الثدي: ارتفاع عالمي في الإصابات وتحذيرات من إهمال الفحص المبكر
  • فحص دم جديد يكشف 50 نوعاً من السرطان
  • هل يحارب البروكلي الأمراض المزمنة ويعزز الجمال؟
  • للسيطرة على السوق السوداء.. الداخلية تضبط 8 أطنان دقيق مدعم
  • نواب استذكروا 17 تشرين: تحية للحظة الوعي التي جمعت اللبنانيين
  • للسيطرة الأمنية.. الداخلية تضبط 70 متهمًا بحيازة أسلحة نارية
  • منسقية النازحين: تكاتف الجهود قاد للسيطرة على الكوليرا بكفاءة عالية
  • محمود الخطيب: وفاة العامري فاروق أجبرني على الاستمرار في رئاسة الأهلي