تُجمعُ التوقعات المتفائلة على إمكانية حدوث تطور عسكري هام لتغيير الواقع الذي فرضه انقلاب 21 أيلول/ سبتمبر 2014، وأطاح بأهم تحول سياسي ديمقراطي سياسي في تاريخ اليمن، على ضوء جملة من المؤشرات تشمل فيما تشمل تحركات ميدانية لافتة، والحديث عن تحديد الساحات المرشحة للمواجهات المقبلة، فيما تتجه الأنظار إلى المملكة العربية السعودية التي تُمسك بقرار الحرب والسلم وتكرس ما يمكن وصفه بالشلل غير المسبوق للإرادة السياسية لقادة الشرعية اليمنية.



كانت السعودية قد اتخذت خطوات متقدمة نحو إنجاز صفقة تسوية للحرب مع الانقلابيين الحوثيين، بضغط عدائي من الإدارة الأمريكية السابقة، دفع بالرياض إلى القيام بمناورة هي الأخطر، لتسوية قضية في جغرافيا تندرج ضمن أولوياتها الأمنية والجيوسياسية، واضطرت إلى تنفيذها مرغمة تحت طائلة فقدان الشراكة مع الولايات المتحدة، التي غضت الطرف عن الانفلات الخطير لعيار إيران تجاه المملكة خصوصا عام 2019.

كل شيء يبدو اليوم متاحا أمام لإنجاز تسوية مشرفة للحرب في اليمن، إن تم ذلك على أسس أخوية ودينية وأخلاقية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب اليمني الجار، والتعامل الصادق معه ومع دولته، والاستعداد الكامل لشراكة طويلة الأمد تسمح بطي عقود من التعايش القلق والجوار المتربص.

كل شيء يبدو اليوم متاحا أمام لإنجاز تسوية مشرفة للحرب في اليمن، إن تم ذلك على أسس أخوية ودينية وأخلاقية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب اليمني الجار، والتعامل الصادق معه ومع دولته، والاستعداد الكامل لشراكة طويلة الأمد تسمح بطي عقود من التعايش القلق والجوار المتربص
لا يوجد أهم ولا أغلى من بناء الثقة وتعزيزها مع الشعب اليمني واعتبارها واحدة من أهم العوامل التي تدفع باتجاه تسوية الأرضية وإنهاء الحرب، حتى مع وجود العامل الإضافي الإيجابي ذي الأهمية البالغة والمتمثل في التحول الحاد في الموقف الأمريكي تجاه اليمن؛ من رعاية ودعم لمشروع الانقلاب الحوثي الطائفي المرتبط بالأجندة الإيرانية، إلى استهداف هذا المشروع البغيض وتقويض أسسه العسكرية والمادية والتخلي عن دوره الطائفي، الذي كان قد عزز الارتياح الغربي واستجلب دعمه السخي لتقويض عملية ديمقراطية ناجحة في اليمن، وغض الطرف عن إدخال اليمنيين في أتون حرب أتت على ما بقي لهذا البلد من مقدرات وأدخلته في دائرة الحاجة والبؤس والشقاء المعيشي.

إنهاء الحرب في اليمن لن يكون بالأدوات السياسية، أو من خلال الاستمرار في تقديم العروض السخية لجماعة الحوثي، لسبب بسيط للغاية وهو أن التسوية السياسية لن تنتزع من الحوثيين تنازلات جوهرية يعتقدون أنهم احتفظوا بها بالحرب، وبالتالي لن تسمح بإقامة سلطة شراكة حقيقية تُنهي حالة التوتر والشعور بالغبن لدى معظم اليمنيين.

كما أن الاستمرار في تقديم التنازلات لن يسمح بالتأكيد في استعادة الدولة اليمنية وصيانة مركزها القانوني والسيادي، لأن المبدأ الذي سيسمح باستيعاب مشروع الانقلاب الحوثي الطائفي، سيفسح المجال كذلك لمشروع الانفصال الذي لا يقل سوءا ولا غدرا ولا ضررا بالدولة اليمنية وسيادتها وقابليتها للحياة.

الحل العسكري هو الطريق الأمثل لاستعادة اليمن، والحفاظ على كيانه، وهذا الحل يستند إلى إرادة وأدوات وإمكانيات متاحة، وبإمكانه التعاطي بكفاءة وتفوق على التحدي العسكري الذي يمثله الحوثيون، استنادا إلى مقدراتهم التي استحوذوا عليها منذ العام 2014، إلى جانب الدعم السخي الذي حصلوا عليه من إيران ومن شبكة إقليمية ودولية نشطة ساهمت في استمرار خطوط الإمداد بالأسلحة الحديثة إلى هذه الجماعة.

في عمليتي "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" للتحالف العربي، وبينما كانت دولتاه الرئيسيتان منسجمتين إلى حد ما، واجه التحالف معارضة شديدة، من الدوائر الغربية التي استطاعت أن تؤثر على قرار الحكومات، ووصل الأمر إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية أنهت تعاونها اللوجستي مع أهم شريك لها في الوطن العربي وهي السعودية، وتمت شيطنة التحالف العربي إلى حد كبير وأُدرج في اللوائح السوداء للأمم المتحدة ومنها لائحة قاتلي الأطفال، التي رأينا كيف أنها أُغلقت تماما خلال حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في غزة.

أي عمل عسكري قد يستهدف جماعة الحوثي لن يواجه التحديات نفسها، ولا المستوى نفسه من المعارضة لا من الدوائر الغربية المؤثرة ولا من الحكومات. لكن التحدي الحقيقي الذي يساهم في حرمان الشعب اليمني من إنهاء هذا الفصل المأساوي من الحرب للأسف؛ يكمن في صلب الشراكة الملتبسة بين دولتي التحالف السابقتين؛ السعودية والإمارات
أما اليوم فإن أي عمل عسكري قد يستهدف جماعة الحوثي لن يواجه التحديات نفسها، ولا المستوى نفسه من المعارضة لا من الدوائر الغربية المؤثرة ولا من الحكومات. لكن التحدي الحقيقي الذي يساهم في حرمان الشعب اليمني من إنهاء هذا الفصل المأساوي من الحرب للأسف؛ يكمن في صلب الشراكة الملتبسة بين دولتي التحالف السابقتين؛ السعودية والإمارات اللتين وصلتا إلى مفترق طرق حاد، ولم يعد يجمعهما سوى الإرث المشترك للحرب في اليمن والذي يتمثل في التواجد المادي العسكري والشركاء المحليين التابعين وخصوصا الجماعات المسلحة خارج وزارتي الدفاع والداخلية، وهي القوات التي تعيق استعادة الدولة اليمنية لعافيتها ونفوذها وسيادتها، وتحرف مسار المواجهة باتجاهات سيئة أكثرها سوءا القبول بالانقلاب الحوثي والدفع باليمن نحو التفكك.

لا شيء يقف أمام إنهاء الحرب في اليمن واستعادة السلام والاستقرار والتعافي الضروري لأكبر شعوب الجزيرة العربية سوى هذا التغول المأساوي على القرار السيادي اليمني، من جانب من أشقائنا الذين حملت مهمتهم العسكرية في بلدنا من 23 آذار/ مارس 2015 اسما يفيض بالنبل، هو "تحالف دعم الشرعية".

ومع ذلك ستظل الآمال معقودة على المملكة العربية السعودية، فهي الطرف الإقليمي الذي وضع السلطة الشرعية تحت نفوذه الكامل، في حين يفرض قدرُ الجغرافيا خيارَ التعايش الحتمي معها، هذا القدر الذي اتكأ خلال العقود الماضية على فائض قوة مالية وعسكرية لصالح السعودية، كان حصاده مرّا على البلدين، مما يحتم إعادة النظر في التعايش والشراكة والنظرة الحصيفة للمستقبل، مع الاتكاء على أساس متين من الشعور بالأخوّة والاحترام المتبادل والمصير المشترك.

x.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمن السعودية الحوثيين السعودية اليمن الحوثي سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الیمنی إنهاء الحرب فی الیمن

إقرأ أيضاً:

توكل كرمان: إيران خرجت منتصرة في الحرب مع إسرائيل كما خرج الحوثي منتصراً في الحرب مع أمريكا

قالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، إن إيران في تقديرها خرجت منتصرة في الحرب مع إسرائيل، كما خرجت جماعة الحوثي منتصرة في الحرب مع أمريكا.

 

وأضافت كرمان -في منشور لها على فيسبوك- "أنا لا أحتفي هنا بانتصار إيران ولا بانتصار الحوثي، بل أراهما تماما كالمشروع الإسرائيلي، يحملان خطراً بالغاً على المنطقة".

 

وتابعت "سبق أن أدنتُ العدوان الإسرائيلي على إيران، ومن هذا المنطلق أرحب بوقف إطلاق النار".

 

 

وأردفت "أعلم أن الحرب على إيران ليست بسبب غزة، وأن دفاعها وردها على الهجمات الإسرائيلية ليس من أجل غزة، بل من أجل برنامجها النووي والصاروخي".

 

وختمت كرمان منشورها بالقول "قلوبنا مع غزة التي تتلقى كل هذا التوحش وحرب الإبادة ومجازر التطهير العرقي وحيدة ومنفردة، ومع كفاح ونضال الفلسطينيين في سبيل الحرية والاستقلال".

 

وفي وقت سابق اليوم أعلنت وسائل إعلام إيرانية، بدء سريان وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 

وذكرت وكالة "فارس" للأنباء، المقرّبة من الحرس الثوري الإيراني، أن وقف إطلاق النار بدء اعتبارًا من الساعة 07:30 بالتوقيت المحلي (04:00 ت. غ.). وأضافت أن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار جاء إثر "خسائر ألحقتها الصواريخ الإيرانية بالصهاينة".

 

وصباح الثلاثاء، أعلن ترامب بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وذلك بعد ساعات من إعلانه توصل طهران وتل أبيب التوصل إلى اتفاق كامل على وقف تام وشامل لإطلاق النار.

 

ومنتصف ليل الاثنين/ الثلاثاء، أعلن ترامب عن "التوصل إلى اتفاق كامل بين إسرائيل وإيران على وقف تام وشامل لإطلاق النار"، على أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ في غضون 6 ساعات تقريبا من لحظة إعلانه، مضيفا أن وقف إطلاق النار يدوم أولا لمدة 12 ساعة ثم "ستعتبر الحرب منتهية رسميا".

 

وفي 13 يونيو/ حزيران الجاري، شنت إسرائيل بدعم أمريكي عدوانا على إيران استمر 12 يوما، شمل مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، وأسفر عن 606 قتلى و5 آلاف و332 مصابا، وفق وزارة الصحة الإيرانية.


مقالات مشابهة

  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: حان وقت إنهاء الحرب فى غزة
  • السيد القائد يدعو أبناء اليمن للخروج المليوني يوم غدٍ الجمعة بالعاصمة صنعاء والمحافظات
  • منظمة دولية تفتح سجل التعذيب في اليمن ومليشيا الحوثي تتصدر المشهد بتوحش وتدعو الأمم المتحدة الى زيارة سجون الحوثيين
  •  لماذا حظرت أمريكا واتساب وما البدائل التي قدمتها؟ (ترجمة خاصة)
  • الريال اليمني يترنح.. دعم مفقود وطباعة العملة تهدد بانفجار اقتصادي (تقرير)
  • توكل كرمان: إيران خرجت منتصرة في الحرب مع إسرائيل كما خرج الحوثي منتصراً في الحرب مع أمريكا
  • لماذا لا يشمل التعليم عن بعد مرحلة البكالوريوس في الجامعات السعودية؟
  • بيان ملتقى مشايخ ووجهاء اليمن بشأن القصف الإيراني الذي طال دولة قطر
  • العرباوي: نندد بالعدوان الوحشي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني
  • كيف تعاملت جماعة الحوثي في اليمن مع قصف إسرائيل وأمريكا لإيران؟ وما الدلالات؟ (تحليل)