انهيار خطة الاندماج.. نيسان تبحث عن بديل لـ هوندا
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
في تطور مفاجئ، يبدو أن نيسان وهوندا ألغتا خطط تشكيل شركة قابضة جديدة، وفقًا لتقارير متعددة، ما يشير إلى انهيار صفقة الاندماج.
ورغم عدم وجود إعلان رسمي حتى الآن، ذكرت وكالة "رويترز" أن الرئيس التنفيذي لشركة نيسان، ماكوتو أوشيدا، أبلغ نظيره في هوندا، توشيهيرو ميبي، بإنهاء المفاوضات بشأن الاندماج، وهو ما أثار الكثير من الجدل داخل قطاع صناعة السيارات.
لم تكتفِ نيسان بإيقاف المحادثات مع هوندا، بل بدأت تبحث عن شريك جديد في قطاع التكنولوجيا، ويُرجح أن يكون مقره الولايات المتحدة، وفقًا لتقرير نشرته "بلومبرج".
وعلى الرغم من أن نيسان لم تعلق رسميًا على هذه الأنباء، إلا أنها أكدت أن تفاصيل الشراكة مع هوندا سيتم الكشف عنها بحلول منتصف الشهر الجاري.
في الوقت الذي كانت نيسان تفضل محادثات الاندماج مع هوندا، أبدت شركة فوكسكون التايوانية اهتمامًا بشراء بعض حصص رينو في نيسان.
ومع ذلك، توقفت هذه المناقشات عندما اتضح أن نيسان تميل للتعاون مع هوندا. لكن تقرير "بلومبرج" يشير إلى أن فوكسكون لم تتخلَّ بعد عن فكرة الاستثمار في نيسان، ما يفتح المجال أمام احتمالات جديدة في مستقبل الشركة.
خلافات داخلية تهدد الاتفاقفي حين أن المفاوضات كانت تهدف إلى إنشاء ثالث أكبر شركة لصناعة السيارات عالميًا، فإن التقارير الأخيرة تكشف عن صراعات داخلية بين الشركتين.
ذكرت هيئة الإذاعة اليابانية "NHK" أن هوندا تسعى إلى جعل نيسان شركة تابعة لها، وهو ما يلقى معارضة قوية من مجلس إدارة نيسان، ما يجعل استمرار المفاوضات أمرًا غير مرجح.
أزمة نيسان المالية والتسريحات الوشيكة للعمالالعامل الزمني يلعب دورًا حاسمًا في مستقبل نيسان، إذ سبق أن نقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" عن مسؤولين تنفيذيين في نيسان أن الشركة لديها "12 إلى 14 شهرًا للبقاء على قيد الحياة".
ومع استمرار الضغوط المالية، أعلنت الشركة في نوفمبر 2024 عن خطط لتسريح 9000 موظف وتقليص قدرتها الإنتاجية العالمية بنسبة 20٪.
من المتوقع أن تعلن نيسان رسميًا انسحابها من مذكرة التفاهم قبل نشر نتائج أرباحها للربع الثالث الأسبوع المقبل.
وتتضمن مذكرة التفاهم، التي وُقعت في ديسمبر، بندًا يلزم الشركة بدفع 100 مليار ين (655 مليون دولار) كرسوم إلغاء ضخمة، لكن إذا تم الاتفاق على الانفصال بشكل متبادل، فقد تتجنب نيسان وهوندا دفع هذه المبالغ.
مع هذه التطورات، يبقى السؤال: هل ستتمكن نيسان من إيجاد شريك جديد في الوقت المناسب، أم أن أزمتها ستتفاقم مع مرور الأشهر القادمة؟.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سيارات هوندا سيارات نيسان اندماج هوندا ونيسان المزيد مع هوندا
إقرأ أيضاً:
إيران .. قراءة في صعود مشروع جيوسياسي بديل
«عمان»: منذ الثورة الإسلامية عام 1979، لم تكفّ إيران عن إثارة الحيرة في أروقة السياسة الدولية. دولة بقيت محاضرة بالعقوبات، لكنّها مع ذلك تمدّ ظلّها من شواطئ المتوسط إلى مضيق باب المندب. في كتابه الجديد، «صعود إيران ومنافستها مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط»، يقدم محسن ملاني قراءة دقيقة لما يمكن اعتباره أحد أكثر التحولات الجيوسياسية استعصاء على التفسير في العقود الأربعة الماضية: كيف نجحت إيران، رغم كل القيود، في إعادة رسم خرائط القوة في الشرق الأوسط؟
ينطلق ملاني من افتراض بسيط لكن إشكالي: أن إيران ليست مجرّد دولة، بل مشروع. ويقترح أن فهم هذا المشروع يتطلب تتبّع جذور القطيعة التي نشأت مع الولايات المتحدة، والتي لم تكن نتيجة تصادم لحظي، بل نتاج صراع سرديتين: سردية إمبراطورية عابرة للقارات، وسردية ثورية ترى في الهيمنة الغربية امتدادا للاستعمار. وبذلك، يتحوّل ملاني من تحليل الوقائع إلى تحليل البنية التي تنتجها، من تفسير السلوك إلى تفكيك الأسطورة.
قبل عام 1979، كانت طهران تُعتبر حليفًا نموذجيًا لواشنطن في مواجهة التمدد السوفييتي. لكن الثورة، كما يقول ملاني، لم تكتف بإسقاط النظام، بل أسقطت الرؤية الكونية المصاحبة له. وقد استبدلت إيران الشاهنية بالهوية «المستضعَفة»، وأعادت تعريف الجغرافيا السياسية للمنطقة من خلال بناء شبكات عابرة للدولة، تنظيمات مقاومة، وشبكات دعم أيديولوجي واقتصادي. وهكذا، برز مفهوم «محور المقاومة» ليس بوصفه خطابا تعبويا، ولكن كعقيدة إستراتيجية تتجاوز منطق الدولة التقليدية.
من أبرز ملامح الكتاب أن ملاني لا يسقط في الثنائية الأخلاقية المألوفة: إيران كدولة مارقة، أو كضحية. بل يسرد، بحذر شديد، كيف أن هذا الصعود لم يكن حتميًا، بل جاء نتيجة فراغات صنعتها الولايات المتحدة نفسها. فغزو العراق عام 2003، كما يبيّن المؤلف، لم يفتح المجال فقط لإزاحة نظام معادٍ لطهران، بل مهّد الأرضية لسيطرة إيرانية ناعمة على القرار السياسي الشيعي في بغداد. ومن هناك، بدأت إيران تُمسك بخيوط خارطة إقليمية جديدة، تصل إلى دمشق وبيروت وغزة وصنعاء.
غير أن هذا التمدد لم يكن بلا كلفة. يشير ملاني إلى أن إيران، رغم نجاحها في بناء نفوذ غير متماثل، تواجه تحديات وجودية متزايدة: اقتصاد منهك تحت وطأة العقوبات، احتجاجات اجتماعية متكررة، ومناخ إقليمي معادٍ بشكل متصاعد. وهو يذهب أبعد من ذلك حين يطرح سؤالًا محوريًا: هل تملك إيران القدرة على الاستمرار في هذه اللعبة، أم أن طبيعة استراتيجيتها ـ القائمة على شبكات غير رسمية ـ تحمل بذور انهيارها الذاتي؟
يتميز تحليل ملاني بقدرته على ربط المسارات المتوازية: كيف تتفاعل العقوبات مع الداخل الإيراني؟ كيف تقرأ إسرائيل دعم إيران لحماس وحزب الله؟ لماذا تشكل اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية تهديدا غير مباشر لهذا المشروع؟ وما هي حدود الدور الصيني والروسي في دعم طهران، دون تبنّي مشروعها بالكامل؟
الأهم ربما هو أن الكتاب لا يروّج لفكرة أن إيران تُهدِّد النظام الدولي، بل يطرح احتمالًا مقلقًا أكثر: أن إيران، على عكس ما يُقال، نجحت في صياغة «نظامها الدولي الصغير»، الذي ينافس على الشرعية والامتداد، دون أن يعلن حربًا صريحة. هذا ما يجعل الولايات المتحدة عاجزة عن الحسم، فلا الحرب الشاملة مجدية، ولا التهدئة ممكنة. إنها، بتعبير ملاني، «حرب باردة هجينة»، تخوضها إيران بعقلية الحصار والاختراق، وتردّ عليها واشنطن بالأدوات التقليدية ذاتها التي فشلت في كوبا وكوريا الشمالية.
في الفصل الأخير، يتطرق ملاني إلى البُعد الأخلاقي باعتباره معضلة لصنّاع القرار في الغرب. فالتعامل مع إيران كعدو أبدي يُنتج قصر نظر استراتيجي، لكنه أيضًا يُعمي عن تطورات داخلية في بنية النظام الإيراني: جيل جديد أكثر وعيًا، وصراع صامت بين دوائر الحكم، ومحاولات لتحديث الخطاب من الداخل. هل هذا كافٍ لإحداث تغيير؟ لا يجيب ملاني بوضوح، لكنه يلمّح إلى أن الجمود الحالي يحمل في طياته إمّا الانفجار أو إعادة التموضع.
ختامًا، يقدم «صعود إيران ومنافستها مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط» قراءة ضرورية لفهم عالم يُعاد ترتيبه على وقع التوازنات الهجينة واللاعبين غير الرسميين. لا يسعى محسن ملاني إلى تبرئة إيران ولا إلى إدانتها، بل إلى فهمها، وهو ما يجعل كتابه عملًا نادرًا في زمن الاصطفافات الجاهزة. إنه ليس كتابًا عن إيران فحسب، بل عن أمريكا أيضًا، عن كيف ترى ذاتها من خلال مرآة العدو.
ولا ينقص من هذا الكتاب قراءته في وقت شهدت فيه الأحداث الأخيرة من المواجهة بين إيران والغرب، بل على العكس يبدو الكتاب أكثر أهمية الآن لأنه يساعدنا في فهم إيران من الداخل.