عربي21:
2025-05-14@05:50:59 GMT

جدل عراقي بلا حدود!

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

الجَدَل هو النقاش والمحاجَّة، ويقال إنّ الأوامر العسكريَّة لاَ تَقْبَل الجَدَل، أيّ غير قابلة للأَخذ والرّدّ، وتَجادل المجتمعون: تخاصموا! والجدل لا علاقة له بالحوارات الموضوعيّة، وهو متغلغل في كلّ ما يُحيط بالإنسان من القضايا السياسيّة والدينيّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والرياضيّة وغيرها!

ومن أبرز سمات الجدل هي العصبية القائمة على نُصرة المواقف والآراء الشخصيّة والحزبيّة والعشائريّة ولو كانت بعيدة عن الصواب، وهذه النقاشات "الناريّة" تتحوّل، تدريجيّا، إلى حلبات مصارعة، فرديّة وجماعيّة، بعيدا عن العقل والمنطق!

والعراقيّون، كغيرهم من الناس، خاضوا في أوحال الجدل، وقد اختلفت رؤيتهم، قبل العام 2003 وبعده، على الكثير من القضايا الجوهريّة والثانويّة، وللأسف فإنّ غالبيّة جدالاتهم سقيمة، ولأجل الجدال فقط!

وأخطر الأنواع بينهم هي الجدالات الدينيّة، وبالذات حينما يُجادل المُجادِل بما يجهل من أحكام دقيقة، وبعضها يتعلّق بالتكفير والخروج من الدين!

والجدل الدينيّ بين غالبيّة العراقيّين مستمرّ حول قضايا وقعت قبل أكثر من 1400 سنة، وتتعلّق بالأجيال الإسلاميّة الأولى، ولهذا فَهُم في تناحر واضح وكأنّهم، بذواتهم، شاركوا في حيثيّات تلك الأحداث!

وحتّى الجهلة وصلوا لمرحلة الجرأة على الإفتاء والتكفير، وهذا أكبر دليل على الجهل المطبق، وبخصوص التخوّف من الفتوى قال ابن الصلاح: في كتابه "أدب المفتي والمستفتي" (1/74): "هَابَ الفتيا أكابِر العلماء العاملين وأفاضل السابقين، والخالفين، وكان أحدهم لا تمنعه شهرته بالأمانة، مِن أنّ يدفع بالجواب، أو يقول: لا أدري، أو يؤخّر الجواب إلى حين يدري"! فكيف بمَنْ لا يعرف أبجديّات اللغة العربيّة والدين والتاريخ؟

والجدل العراقيّ الآخر البارز هو جدل السياسيّين، الحاليّين والسابقين، فيما بينهم، وبالذّات في الإعلام، والبرامج الحواريّة، ومنصّة أكس!

وحينما نسمع كلام الساسة الذين قرّروا توجيه النقد المباشر لسياسيّين آخرين يتسارع للذهن بعض التساؤلات، ومنها: لماذا لم ينتقدوهم حينما كانوا داخل العمليّة السياسيّة؟ ولماذا يكون النقد بالتلميح وليس بالتصريح؟ ولماذا لا تُقدّم شكاوى عبر القنوات "القانونيّة الوطنيّة"، رغم أنّ غالبيّتها ستُقْبَر في طريق العدالة؟ لكنّ هذه الخطوات أفضل من مجرّد النقد والكلام غير المثمر

وهنالك منذ عدّة أشهر "موضة" جديدة في الإعلام العراقيّ بكافّة أشكاله تتمثّل بالكلام عن تغيير مرتقب، لدرجة أنّ أحدهم قال إنه بمجرّد دخول الرئيس ترامب للبيت الأبيض ستكون "ساعة الصفر للتغيير"، وبدأ يتحدّث عن خطّة تفصيليّة، وتبيّن لاحقا بأنّها مجرّد هواء في شبك!

والتغيير الخارجيّ، البعيد عن السواعد الشعبيّة، لا يحقّق أمنيات الشعوب المظلومة، وسنعود "لنفس الطاس ولنفس الحمّام"، كما يقول المثل الشعبيّ!

والجدل العراقيّ الأخطر الآخر يتمثّل بمناحرات بعض الشخصيّات المعارضة في الخارج، وآخرها قبل عشرة أيّام، حيث اتُّهِم أحد أكبر الشخصيّات المعارضة في واشنطن، من قبل معارض آخر، بأنّه ليس عراقيّا، وبأنّه ضابط في الحرس الثوريّ الإيرانيّ، وغيرها من الاتّهامات، وكأنّ الجدل والمناحرات ولدت وترعرعت في أرض العراق!

وممّا يدخل في الجدل هي النقاشات والأفكار والمشاريع السياسيّة الخياليّة، البعيدة عن الواقع، وهذه دلائل مخيفة على عدم فهم الواقع، ومعلوم بأنّه لا يمكن للمشاريع الوهميّة أن يُكتب لها النجاح!

وكذلك صرنا نرى ثلّة من الشباب تعشق الجدل، وبمجرّد أن انتمى أحدهم لأيّ حزب سياسيّ، أو التقط أحدهم صورة مع أيّ مسؤول، حتّى لو كان من المتّهمين بالإرهاب والفساد، يَتصوّر نفسه صار قياديا ويتكلّم بضمير "نحن" وينشر فعّالياته الشخصيّة العاديّة بصيغ التعظيم: "زرنا، والتقينا، وسافرنا، وحضرنا" وهكذا، وهؤلاء مساكين ضحايا "النفخ السياسيّ الفارغ" وبالمحصّلة سينفجرون على أنفسهم دون تحقيق أيّ مكسب حقيقيّ للوطن والناس!

وغالبيّة الجدل العراقيّ يفتقر للضوابط الموضوعيّة والأخلاقيّة وخصوصا في مواقع التواصل الاجتماعيّ، والتي أسمّيها: مواقع التناحر الاجتماعيّ، والغاية الأبرز من جدالهم هي الإثارة والحصول على ردود الأفعال والإعجابات العبثيّة!

ومن بين الجدالات المجتمعيّة الواضحة قضايا الاتّهامات المستمرّة بالإرهاب والخيانة لأطراف داخليّة وخارجيّة، والسرقات الكبرى لكبار المسؤولين، والأفعال الجدليّة، وآخرها ما فعله قبل أسبوع بعض عناصر الأمن، حيث ظهروا وهم يدوسون العلم السوريّ "الجديد" إلى جانب العلمين "الإسرائيليّ" والأمريكيّ ببغداد!

وهنالك قضايا أخرى نسمع بها في الطروحات والكتابات والخطابات الدينيّة والرسميّة ولكنّها هشّة في الميدان، وأبرزها العدالة الاجتماعيّة وحقوق الإنسان، والتعلّق بالقيم النبيلة وغيرها!

وآخر صور الجدل العراقيّ تمثّل بالجدل القانونيّ عبر إصدار المحكمة الاتّحاديّة، الثلاثاء الماضي، أمرا ولائيّا بإيقاف تنفيذ قوانين العفوّ العامّ، والأحوال الشخصيّة، وإعادة العقارات! وهذا يعني أنّ البرلمان في واد والمحكمة الاتّحاديّة في واد آخر!

وأكثريّة هذه الجدالات مقصودة ومدعومة من بعض السياسيّين، عبر جيوشهم الإلكترونيّة العلنيّة والسرّيّة، لإشغال الناس عن الواقع المضطرب!

وبعيدا عن الجدالات المركّبة فإنّ النقاشات الرصينة هي واحدة من أدوات التلاقح الفكريّ الإنسانيّ، ولهذا يفترض العمل على تنقية حوارات العراقيّين من الجدالات المريضة، والسعي لجعلها نقاشات رصينة ونبيلة، وقائمة على الاحترام والتقدير للمخالف، وبعيدة عن الطعن والاتّهامات الشخصيّة!

وهكذا يُمكن تهذيب الجدل بطرق إنسانيّة راقية ليرتقي إلى مصافّ النقاشات المثّمرة وليكون وسيلة للتبادل الفكريّ، وأداة قوّيّة لتطوير الإنسان والمجتمع والدولة!

x.

com/dr_jasemj67

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجدل النقد العراق العراق اعلام نقد سياسة اتهام مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجدل العراقی الشخصی ة

إقرأ أيضاً:

أطباء بلا حدود: إسرائيل تحول غزة مقبرة للفلسطينيين ومن يحاول مساعدتهم

#سواليف

حذّرت منظمة #أطباء_بلا_حدود من تحوّل قطاع #غزة إلى #مقبرة_جماعية للفلسطينيين ولمن يحاول تقديم المساعدة لهم.

وقالت المنظمة في بيان لكلير نيكوليه، رئيسة شؤون الطوارئ فيها، الثلاثاء: رغم شروع محكمة العدل الدولية في إجراءات استشارية بشأن التزامات إسرائيل كقوة #احتلال بتسهيل دخول المساعدات إلى #الفلسطينيين في #غزة، إلا أن هذا القرار سيستغرق وقتًا. وسكان غزة لا يملكون هذا الترف.

وشددت على أن انتظار أي مسار قانوني لإنهاء سياسة الخنق المتعمّد من إسرائيل لدخول المساعدات والغذاء والدواء إلى غزة سيحكم على مزيد من الفلسطينيين بالموت في وقت كان يمكن إنقاذهم، بينما يشاهد العالم بلا مبالاة من دون أن يحرّك ساكنًا لوقف هذه الوحشية العشوائية والمروعة.

مقالات ذات صلة لازاريني: إسرائيل تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية في غزة كسلاح حرب 2025/05/13

ونبهت إلى أن الوضع في قطاع غزة #كارثي على جميع المستويات، مبينة أن الحظر الكامل الذي فرضته السلطات الإسرائيلية على دخول المساعدات والإمدادات الإنسانية منذ الثاني من مارس/آذار يخلّف عواقب مميتة على المدنيين في غزة، ويقوّض قدرتنا كعاملين إنسانيين وطبيين على الاستجابة بشكل فعّال أو مجدٍ.

وأكدت أن سلطات الاحتلال لا تستخدم المساعدات كأداة للتفاوض فحسب، بل تستعملها كسلاح حرب ووسيلة عقاب جماعي لأكثر من مليوني شخص يعيشون في القطاع.

وأكدت أن فرق أطباء بلا حدود تشهد على نقص #الإمدادات_الطبية والغذائية.

وطالبت الدول أن تمارس ضغطًا أكبر على السلطات الإسرائيلية لرفع #الحصار والسماح بدخول #المساعدات على نطاق واسع إلى هذا القطاع المنكوب لتجنّب مزيد من #المعاناة و #الوفيات”.

مقالات مشابهة

  • برج العذراء.. حظك اليوم الأربعاء 14 مايو 2025: تجنب النقاشات العائلية
  • السوداني والمشهداني يتفقان بشأن خطاب القمة ودور عراقي لبناء غزة
  • أطباء بلا حدود: إسرائيل تحول غزة مقبرة للفلسطينيين ومن يحاول مساعدتهم
  • اعتقال عراقي مطلوب بـالنشرة الحمراء في تركيا
  • الحاج بحث وسفيرة السويد في سبل تطوير التّعاون في قطاع الاتّصالات
  • تحالف سياسي عراقي يرفض استقطاب مسؤولين حكوميين وبرلمانيين لخوض التنافس الانتخابي
  • بعثة الحج: تفويج 4300 حاج عراقي إلى الديار المقدسة
  • اندلاع حريق في منفذ عراقي حدودي مع إيران
  • للمشاركة بمنتدى اقتصادي.. بولندا ترفض منح تأشيرة لمسؤول عراقي
  • فهم حدود التضامن العربي مع غزة