الديمقراطية النيابية وإرهاصات النموذج الجديد
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
الديمقراطية اختفت من العالم عندما هزم المقدونيون الأثينيون عام 322 ق م وأيضاً قادت تجربة الأوربيون لتحرير سلطة الناس في الثورة الفرنسية إلى سفك الدماء ومزيدا من الاستبداد.
والديمقراطية هي آلية لتحرير سلطة الناس وجعل الشعب يحكم نفسه بنفسه ومن أجل نفسه، ويقول جون آدم ثاني رئيس للولايات المتحدة إن الديمقراطية لا تدوم طويلا فهي سرعان ما تُهدر وتستنزف وتقتل نفسها بنفسها، وبالرغم أن كثير من المفكرين يشاركون جون آدم هذه المخاوف إلا أنه لا بديل للديمقراطية إلا الاستبداد، وللديمقراطية مزايا كثيرة فهي تعزّز مبدأ المساواة بين الأفراد وتطلق العنان لمواهب كل المواطنين بدلا من تمييز قلة منهم وتغرس الاحترام للمؤسسات السياسية والرغبة في حمايتها ولكن للأسف الشديد الجماهير تتحرك بالعاطفة أكثر من العقل وبالمصالح الذاتية قصيرة المدى أكثر من المصالح العامة طويلة المدى، فالديمقراطية أصبحت في كثير من الديمقراطيات المتقدمة مثل الولايات المتحدة وغيرها ديمقراطية مسرحية حيث ترشح الناس أصحاب الخطب الرنانة والوعود المعسولة كما أنها قد تؤدي إلى استبداد الأغلبية على الأقلية وإهمال التخطيط على المدى البعيد وطحن الحرية الفردية، فالديمقراطية آلية قوية ولكنها غير مثالية في تطبيقاتها على الأرض، إنها تحتاج إلى التصميم بعناية من أجل تسخير الإبداع البشري ومراجعة الانحرافات الإنسانية والمحافظة على النظام بحيث يعمل بشكل جيد ويتجنب الانحراف والفساد.
فالديمقراطية في أمس الحاجة إلى الإصلاح في نظامها وآلياته المختلفة التي سببت في الفساد والتوجه للمصالح الخاصة على حساب الصالح العام، وما نراه اليوم هو أن الديمقراطيات تسير إلى الوراء حيث يوجد عدد أقل من الديمقراطيات في العالم مقارنة بسنة 2001، وتواجه الديمقراطية النيابية مصاعب كثيرة بعد الأزمات السياسية والمالية المتكررة في كثير من دول العالم والشعور بالقلق والفزع من الفوضى التي تخلقها حرياتهم الديمقراطية وكذلك الوعود الخادعة والآمال الضائعة التي وعدت بها والتناقض الصارخ بين توجهات الدولة وآراء الناس ومعتقداتهم وقيمهم ونلاحظ ذلك جليا في الولايات المتحدة في حرب فيتنام واكتساح أفغانستان وغزو العراق وتدمير سوريا وتشتيت اليمن ونهب ليبيا وتدمير الشعب الفلسطيني باسم الديمقراطية.
وفي كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ظهرت كثير من عيوب الديمقراطية النيابية والمتمثلة في الغرور والتكبر والأنانية والطموح الزائد عن حده فأمريكا تظهر بشكل واضح كثير من مشاكل الديمقراطية النيابية وعيوبها بينما الاتحاد الأوروبي يظهر القليل جدا من ميزاتها ومزاياها.
في الولايات المتحدة الديمقراطية فيها مسرحية تعكس صراع المصالح بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي وصراع المصالح بينهما بعيد كل البعد عن مصالح الدولة الأساسية، وإذا كان الصراع والتناطح والانقسام بينهما إيديولوجي
فإنهما يجمعهما السعي وراء الدولار، فالديمقراطية الأمريكية هي لعبة الأغنياء وأصحاب النفوذ لفوز مرشحهم ففي عام 2012 وصل الصرف على الانتخابات الأمريكية حوالي 6.3 مليار دولار وهذا يعطي انطباع قوي بأن الانتخابات الأمريكية قابلة للبيع والشراء وأن الأغنياء لهم قوة أكبر من الفقراء، وأن المصالح تتبادل والصفقات تجري على قدم وساق، هذا إلى جانب الغش السياسي الذي يتمثل في اللعب في الدوائر الانتخابية والاستعانة بجماعات المصلحة واتخاذ كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للفوز في الانتخابات، وما يحدث في الولايات المتحدة يتكرر بشكل أو آخر في أغلب الدول التي تطبق الديمقراطية النيابية.
أما الاتحاد الأوروبي فمشاكله أكثر عمقا فليس هناك أصلا كثير من الديمقراطية في أعمال الاتحاد وليس هناك آليات واضحة وفعالة، ورمزها للديمقراطية هو البرلمان وهو دوره غير واضح وليس له تأثير وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن إدخال اليورو 1999 لم يكن قرارا ديمقراطيا فقد اتُخِذ من قبل القادة الأوروبيين.
كل هذا مع المشاكل والفوضى التي تتعرض لها الناس والمصالح العامة للمجتمعات مع اصطدام الديمقراطيات الحالية بهذا القرن وعصر المعلومات المعرفة تُنبي بإرهاصهات لنموذج جديد للديمقراطية يتماشى مع التطور العلمي وعصر المعلومات والمعرفة لينتقل من الديمقراطية النيابية إلى الديمقراطية المباشرة والديمقراطية الإلكترونية التي تزيل فساد النيابة وتحقق الشفافية وتقترب من التطبيق الديمقراطي، وتنتقل من الاقتصاد الرأسمالي الذي ينخره الفساد والاستغلال إلى اقتصاد تكامل القطاعات حيث يتكامل السوق مع الدولة مع المجتمع ليزيد من الكفاءة والفعالية ويحقق العدالة والمسؤولية الاجتماعية وهذا ما يسعى له المشروع الحضاري النهضوي وسنتطرق له في موضوع آخر بإذنه تعالى.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الدیمقراطیة النیابیة الولایات المتحدة کثیر من
إقرأ أيضاً:
سلالة كوفيد مهيمنة في الصين تصل إلى الولايات المتحدة
صراحة نيوز ـ تم رصد سلالة جديدة شديدة العدوى من فيروس كوفيد-19 في عدد من الولايات الأمريكية بينها نيويورك. وأفادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بتسجيل إصابات بهذه السلالة المسماة “NB.1.81” في عدة ولايات أمريكية بينها نيويورك.
وظهرت السلالة الجديدة لأول مرة في الولايات المتحدة أواخر مارس الماضي بين مسافرين قادمين من الخارج عبر مطارات كاليفورنيا وواشنطن وفيرجينيا ونيويورك، مع تسجيل حالات إضافية في أوهايو ورود آيلاند وهاواي.
ورغم قلة الحالات التي لا تسمح بتتبع دقيق لانتشارها، يحذر خبراء من سرعة انتشارها مقارنة بالسلالات السائدة حالياً.
وأصبح هذا المتحور السلالة المهيمنة في الصين هذا العام، مما أدى إلى موجة إصابات واسعة في مختلف أنحاء آسيا. وفي هونغ كونغ، سجلت السلطات أعلى معدل إصابات منذ عام، مع زيادة كبيرة في حالات دخول المستشفيات، حيث بلغت الحالات الحرجة 81 حالة و30 وفاة خلال أربعة أسابيع، معظمها بين كبار السن فوق 65 عاما.
وبحسب بيانات رسمية، تضاعفت نسبة مراجعي الطوارئ المصابين بكوفيد في الصين القارية من 7.5% إلى أكثر من 16% خلال الشهر الماضي، كما ارتفعت نسبة المصابين في المستشفيات إلى أكثر من 6%. ومع ذلك، قللت السلطات الصينية من خطورة السلالة الجديدة، مؤكدة أنها لا تختلف عن المتحورات السابقة.
من جهتها، أشارت اختبارات المطارات الأمريكية إلى أن المصابين بالسلالة الجديدة قدموا من الصين واليابان وكوريا الجنوبية وفرنسا وتايلاند وهولندا وإسبانيا وفيتنام وتايوان. وتشبه أعراض هذه السلالة الأعراض المعروفة لكوفيد-19 مثل السعال والتهاب الحلق والحمى والإرهاق.
وأكد خبراء أن السلالة الجديدة تتمتع “بميزة نمو” تجعلها أكثر قابلية للانتقال، لكنها لا تبدو أكثر حدة من سابقاتها. وفي هونغ كونغ، حذر مسؤولون صحيون من أن الفيروس قد يكون تطور ليصبح أكثر قدرة على تجنب المناعة التي توفرها اللقاحات.
وجاءت هذه التطورات بالتزامن مع قرار إدارة ترامب تقييد جرعات التعزيز السنوية لكبار السن والفئات عالية الخطورة فقط، كما أوصت مراكز السيطرة على الأمراض بعدم إعطاء اللقاح للأطفال الأصحاء والنساء الحوامل