عين ليبيا:
2025-12-08@18:40:27 GMT

الديمقراطية النيابية وإرهاصات النموذج الجديد

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

الديمقراطية اختفت من العالم عندما هزم المقدونيون الأثينيون عام 322 ق م وأيضاً قادت تجربة الأوربيون لتحرير سلطة الناس في الثورة الفرنسية إلى سفك الدماء ومزيدا من الاستبداد.

والديمقراطية هي آلية لتحرير سلطة الناس وجعل الشعب يحكم نفسه بنفسه ومن أجل نفسه، ويقول جون آدم ثاني رئيس للولايات المتحدة إن الديمقراطية لا تدوم طويلا فهي سرعان ما تُهدر وتستنزف وتقتل نفسها بنفسها، وبالرغم أن كثير من المفكرين يشاركون جون آدم هذه المخاوف إلا أنه لا بديل للديمقراطية إلا الاستبداد، وللديمقراطية مزايا كثيرة فهي تعزّز مبدأ المساواة بين الأفراد وتطلق العنان لمواهب كل المواطنين بدلا من تمييز قلة منهم وتغرس الاحترام للمؤسسات السياسية والرغبة في حمايتها ولكن للأسف الشديد الجماهير تتحرك بالعاطفة أكثر من العقل وبالمصالح الذاتية قصيرة المدى أكثر من المصالح العامة طويلة المدى، فالديمقراطية أصبحت في كثير من الديمقراطيات المتقدمة مثل الولايات المتحدة وغيرها ديمقراطية مسرحية حيث ترشح الناس أصحاب الخطب الرنانة والوعود المعسولة كما أنها قد تؤدي إلى استبداد الأغلبية على الأقلية وإهمال التخطيط على المدى البعيد وطحن الحرية الفردية، فالديمقراطية آلية قوية ولكنها غير مثالية في تطبيقاتها على الأرض، إنها تحتاج إلى التصميم بعناية من أجل تسخير الإبداع البشري ومراجعة الانحرافات الإنسانية والمحافظة على النظام بحيث يعمل بشكل جيد ويتجنب الانحراف والفساد.

فالديمقراطية في أمس الحاجة إلى الإصلاح في نظامها وآلياته المختلفة التي سببت في الفساد والتوجه للمصالح الخاصة على حساب الصالح العام، وما نراه اليوم هو أن الديمقراطيات تسير إلى الوراء حيث يوجد عدد أقل من الديمقراطيات في العالم مقارنة بسنة 2001، وتواجه الديمقراطية النيابية مصاعب كثيرة بعد الأزمات السياسية والمالية المتكررة في كثير من دول العالم والشعور بالقلق والفزع من الفوضى التي تخلقها حرياتهم الديمقراطية وكذلك الوعود الخادعة والآمال الضائعة التي وعدت بها والتناقض الصارخ بين توجهات الدولة وآراء الناس ومعتقداتهم وقيمهم ونلاحظ ذلك جليا في الولايات المتحدة في حرب فيتنام واكتساح أفغانستان وغزو العراق وتدمير سوريا وتشتيت اليمن ونهب ليبيا وتدمير الشعب الفلسطيني باسم الديمقراطية.

وفي كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ظهرت كثير من عيوب الديمقراطية النيابية والمتمثلة في الغرور والتكبر والأنانية والطموح الزائد عن حده فأمريكا تظهر بشكل واضح كثير من مشاكل الديمقراطية النيابية وعيوبها بينما الاتحاد الأوروبي يظهر القليل جدا من ميزاتها ومزاياها.

في الولايات المتحدة الديمقراطية فيها مسرحية تعكس صراع المصالح بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي وصراع المصالح بينهما بعيد كل البعد عن مصالح الدولة الأساسية، وإذا كان الصراع والتناطح والانقسام بينهما إيديولوجي
فإنهما يجمعهما السعي وراء الدولار، فالديمقراطية الأمريكية هي لعبة الأغنياء وأصحاب النفوذ لفوز مرشحهم ففي عام 2012 وصل الصرف على الانتخابات الأمريكية حوالي 6.3 مليار دولار وهذا يعطي انطباع قوي بأن الانتخابات الأمريكية قابلة للبيع والشراء وأن الأغنياء لهم قوة أكبر من الفقراء، وأن المصالح تتبادل والصفقات تجري على قدم وساق، هذا إلى جانب الغش السياسي الذي يتمثل في اللعب في الدوائر الانتخابية والاستعانة بجماعات المصلحة واتخاذ كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للفوز في الانتخابات، وما يحدث في الولايات المتحدة يتكرر بشكل أو آخر في أغلب الدول التي تطبق الديمقراطية النيابية.

أما الاتحاد الأوروبي فمشاكله أكثر عمقا فليس هناك أصلا كثير من الديمقراطية في أعمال الاتحاد وليس هناك آليات واضحة وفعالة، ورمزها للديمقراطية هو البرلمان وهو دوره غير واضح وليس له تأثير وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن إدخال اليورو 1999 لم يكن قرارا ديمقراطيا فقد اتُخِذ من قبل القادة الأوروبيين.

كل هذا مع المشاكل والفوضى التي تتعرض لها الناس والمصالح العامة للمجتمعات مع اصطدام الديمقراطيات الحالية بهذا القرن وعصر المعلومات المعرفة تُنبي بإرهاصهات لنموذج جديد للديمقراطية يتماشى مع التطور العلمي وعصر المعلومات والمعرفة لينتقل من الديمقراطية النيابية إلى الديمقراطية المباشرة والديمقراطية الإلكترونية التي تزيل فساد النيابة وتحقق الشفافية وتقترب من التطبيق الديمقراطي، وتنتقل من الاقتصاد الرأسمالي الذي ينخره الفساد والاستغلال إلى اقتصاد تكامل القطاعات حيث يتكامل السوق مع الدولة مع المجتمع ليزيد من الكفاءة والفعالية ويحقق العدالة والمسؤولية الاجتماعية وهذا ما يسعى له المشروع الحضاري النهضوي وسنتطرق له في موضوع آخر بإذنه تعالى.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الدیمقراطیة النیابیة الولایات المتحدة کثیر من

إقرأ أيضاً:

أردوغان يحض مادورو على مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة

أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس السبت، مكالمة هاتفية مع نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، وحضه على مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة على وقع تصاعد مخاوف كاراكاس من تحرك عسكري أميركي.

وقال أردوغان لمادورو، بحسب بيان لمكتب الرئيس التركي، "من المهم إبقاء قنوات الحوار مفتوحة بين الولايات المتحدة وفنزويلا"، مبديا أمله بـ"احتواء التوتر في أقرب وقت ممكن".

وأكد أردوغان أن تركيا تتابع من كثب التطورات في المنطقة وترى أن "المشاكل يمكن حلها بالحوار".

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الفنزويلية في بيان إن الرئيس التركي أعرب عن "قلقه العميق إزاء التهديدات التي تواجه فنزويلا، وخاصة الانتشار العسكري والإجراءات المختلفة التي تهدف إلى تعطيل السلام والأمن في منطقة البحر الكاريبي".

وأضاف بيان الوزارة أن مادورو شرح بالتفصيل الطبيعة غير القانونية وغير المتكافئة وغير الضرورية وحتى الباهظة لهذه التهديدات.

وبحث الرئيسان أيضا التعليق الشامل للرحلات الجوية الدولية إلى فنزويلا بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي أنه يجب اعتبار المجال الجوي الفنزويلي "مغلقا".

والأربعاء أكد مادورو أنه أجرى مكالمة هاتفية "ودية" مع نظيره الأميركي قبل 10 أيام. وأقر ترامب الأحد بإجراء هذه المكالمة من دون الغوص في أي تفاصيل.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، استدعى ترامب كبار مسؤولي الأمن القومي لمناقشة قضية فنزويلا بعد أشهر من التوتر مع كاراكاس.

ويتهم ترامب مادورو بقيادة مجموعات تهريب مخدرات، لكن فنزويلا تنفي ذلك.

وتكثف واشنطن الضغط على كاراكاس عبر حشد عسكري في منطقة البحر الكاريبي، حيث نفذت أكثر من 20 ضربة استهدفت قوارب يشتبه في تورطها بتهريب المخدرات، مما تسبب بمقتل 87 شخصا على الأقل.

والشهر الماضي، أرسلت واشنطن أكبر حاملة طائرات في العالم إلى منطقة البحر الكاريبي، إلى جانب أسطول من القطع الحربية، وأعلنت إغلاق المجال الجوي الفنزويلي بشكل تام.

إعلان

ولتركيا علاقات وثيقة بفنزويلا، وقد زارها أردوغان في ديسمبر/كانون الأول 2018 لإعلان دعمه لمادورو بعد أن رفضت واشنطن وعدة دول أوروبية إعادة انتخابه على خلفية اتهامات بالتزوير.

وأورد العديد من المسؤولين الأميركيين أنه في حال أُجبر مادورو على التنحي فقد يلجأ إلى تركيا.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة الأمريكية والمجال الحيوي
  • زيلنسكي: محادثات أوكرانيا مع الولايات المتحدة حول خطة السلام “بنّاءة لكنها لم تكن سهلة”
  • من أوسلو إلى حرب غزة.. كيف انهار النموذج القديم للعلاقة الأمريكية–الإسرائيلية؟
  • ترحيل عشرات الإيرانيين والعرب على متن رحلة واحدة من الولايات المتحدة
  • سفير الولايات المتحدة الأمريكية الجديد يقدم أوراق اعتماده
  • أميركا أولًا… لا الديمقراطية
  • الولايات المتحدة تلمِّح بالانسحاب من حلف الناتو!
  • أردوغان يبحث مع مادورو التوترات مع الولايات المتحدة
  • أردوغان يحض مادورو على مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة: استمرار الحوار حول إنهاء الحرب في أوكرانيا